يا دار ماوية بالحائل

يَا دَارَ مَاوِيّة َ بِالحَائِلِفَالسَّهْبِ فَالخَبْتَينِ من عاقِل
صَمَّ صَدَاهَا وَعَفَا رَسْمُهَاوَاسْتَعجَمَت عن منطِقِ السائلِ
قولا لدودانَ عبيد العصاما غركم بالاسد الباسل
قد قرتِ العينانِ من مالكٍومن بني عمرو ومن كاهل
ومن بني غنم بن دودان إذنقذفُ أعلاهُم على السافل
نطعنهم سُلكى ومَخلوجَةًً كرََك لأمينِ على نابلِ
إذْ هُنّ أقسَاطٌ كَرِجْلِ الدَّبىأو كقطا كاظمة َ الناهلِ
حَتى تَرَكْنَاهُمْ لَدَى مَعْرَكٍأرْجُلُهْمْ كالخَشَبِ الشّائِلِ
حَلّتْ ليَ الخَمرُ وَكُنتُ أمْرَأًعَنْ شُرْبهَا في شُغُلٍ شَاغِلِ
فَاليَوْمَ أُسْقَى غَيرَ مُسْتَحْقِبٍإثماً من الله ولا واغلِ
قصيدة امرؤ القيس

حي الحمول بجانب العزل

حي الحمولَ بجانب العزلِ – إذ لا يلائمُ شكلها شكلي
ماذا يشكّ عليك من ظغن – إلا صباكَ وقلة ُ العقلِ
مَنّيْتِنا بِغَدٍ، وَبَعْدَ غَدٍ – حتى بخلت كأسوإ البخل
يا رُبَّ غانِيَة ٍ صَرَمْتُ حِبالَها – ومشيتُ متئداً على رسلي
لا أستقيدُ لمن دعا لصباً – قَسْراً، وَلا أُصْطادُ بِالخَتْلِ
وتنوفة ٍ حرداءَ مهلكة – جاورتها بنجائبٍ فتلِ
فَيَبِتنَ يَنْهَسْنَ الجَبُوبَ بِها – وَأبِيتُ مُرْتَفِقاً عَلى رَحْلِ
مُتَوَسِّداً عَضْباً، مَضَارِبه – في متنهِ كمدبة النمل
يُدْعى صَقِيلاً، وَهْوَ لَيْسَ لَهُ – عهدٌ بتمويه ولا صقل
عفتِ الديارُ فما بها أهلي – وَلَوتْ شَمُوسُ بَشاشَة َ البَذْلِ
نَظَرَتْ إلَيْكَ بَعَيْنِ جازِئَة – حَوْرَاءَ، حانِيَة على طِفْلِ
فلها مقلدُها ومقتلها – ولها عليهِ سرواة ُ الفضل
أقْبَلْتُ مُقْتَصِداً، وَرَاجَعَني – حلمي وسدد للتقى فعلي
وَالله أنْجَحُ ما طَلَبْتُ بِهِ – والبرّ خير حقيبة ِ الرحل
وَمِنَ الطّرِيقَة ِ جائِرٌ، وَهُدًى – قصدُ السبيل ومنه ذو دخل
إني لأصرمُ من يصارمني – وأجد وصلَ من ابتغى وصلي
وَأخِي إخاءٍ، ذِي مُحافَظَة – سهل الخليقة ماجدِ الأصل
حلوٍ إذا ما جئتُ قال ألا – في الرحبِ أنتَ ومنزل السهل
نازعتهُ كأس الصبوحِ ولم – أجهل مجدة َ عذرة الرجلِ
إني بحبلك واصلٌ حبلي – وَبِرِيش نَبْلِكَ رَائِش نبلي
ما لَمْ أجِدْكَ على هُدَى أثَرٍ – يَقْرُو مَقَصَّكَ قائِفٌ، قَبْلي
وَشَمائِلي ما قَدْ عَلِمْتَ، وَما – نَبَحَتْ كِلابُكَ طارِقاً مِثْلي
أبيات شاعر العصر الجاهلي امرؤ القيس الكندي

ألا أبلغا ذبيان عني رسالة

ألا أبلغا ذبيانَ عني رسالة ً ~ فقد أصبْحتْ، عن منَهجِ الحقّ، جائرهْ
أجِدَّكُمُ لن تَزْجُرُوا عن ظُلامَة ~ سفيهاً، ولن ترعوا لذي الودّ آصرهْ
فلو شَهِدَتْ سهْمٌ وأبناءُ مالِكٍ ~ فتعذرني منْ مرة َ المتناصرهْ
لجاؤوا بجمعٍ، لم يرَ الناسُ مثله ~ تَضاءلُ منه، بالعَشِيّ، قصائرَهْ
ليهنئْ لكم أن قد نفيتمْ بيوتنا ~ مندى عبيدانَ المحلئِ باقرهْ
وإني لألْقَى من ذوي الضِّغْنِ منهمُ ~ و ما أصبحتْ تشكو من الوجدِ ساهرهْ
كما لَقِيَتْ ذاتُ الصَّفا من حَليفِها ~ وما انفكّتِ الأمثالُ في النّاس سائرَهْ
فقالت له: أدعوكَ للعقلِ، وافياً ~ ولا تغسيني منك بالظلمِ بادرهْ
فلما توفي العقلَ، إلاّ أقلهُ ~ وجارتْ به نفسٌ، عن الحقّ جائرهْ
تذكرَ أني يجعلُ اللهُ جنة~ فيصبحَ ذا مالٍ، ويقتلَ واترهْ
فلما رأى أنْ ثمرَ اللهُ مالهُ ~ وأثّلَ موجوداً، وسَدّ مَفاقِرَهْ
أكَبّ على فَأسٍ يُحِدّ غُرابُهَا ~ مُذكَّرَة ٍ، منَ المعاوِلِ، باتِرَهْ
فقامَ لها منْ فوقِ جحرٍ مشيدٍ~ ليَقتُلَها، أو تُخطىء َ الكفُّ بادرَه
فلما وقاها اللهُ ضربة َ فأسهِ ~ وللبِرّ عَينٌ لا تُغَمِّضُ ناظِرَه
فقالَ: تعاليْ نجعلِ اللهَ بيننا~ على ما لنا، أو تنجزي ليَ آخرهْ
فقالتْ: يمينُ اللهِ أفعلُ، إنني ~ رأيتُكَ مَسْحوراً، يمينُكَ فاجرَهْ
أبى لي قبرٌ، لا يزالُ مقابلي ~ و ضربة ُ فأسٍ، فوقَ رأسي، فاقرهْ

أبلغ بني ذبيان أن لا أخا لهم

أبلغْ بني ذبيانَ أنْ لا أخا لهمْ ~ بعبسٍ إذا حلوا الدماخَ فأظلما
بجمعٍ، كلونِ الأعبلِ الجونِ لونهُ ~ ترى، في نواحيه، زهيراً وحذيما
همُ يردونَ الموتَ، عند لقائهِ ~ إذا كانَ وِرْدُ المَوتِ، لا بُدّ، أكرَمَا

أودع أمامة والتوديع تعذير

ودّعْ أُمامة َ، والتّوديعُ تَعْذيرُ ~ و ما وداعكَ منْ قفتْ به العيرُ
وما رأيتكَ إلاّ نظرة ً عرضت ~ يوْمَ النِّمارة  والمأمورُ مأمورُ
إنّ القُفولَ إلى حيَ، وإن بَعُدوا، ~ أمسَوْا، ودونَهُمُ ثَهْلانُ فالنِّيرُ
هل تبلغنيهمُ حرفٌ مصرمة ٌ ~ أجدُ الفقارِ، وإدلاجٌ وتهجيرُ
قد عُرّيتْ نصْفَ حولٍ أشهراً جُدُداً ~ يسفي، على رحلها، بالحيرة، المورُ
وقارَفَتْ، وَهْيَ لم تَجرَبْ، وباعَ لها ~ من الفصافصِ، بالنميّ، سفسيرُ
ليستْ ترى حَوْلَها إلْفاً، وراكِبُها ~ نشوانُ، في جَوّة ٍ الباغوثِ، مَخمورُ
تلقي الإوزينَ، في أكنافِ دارتها ~ بَيْضاً، وبينَ يدَيها التّبنُ مَنشورُ
لولا الهُمامُ الذي تُرْجى نَوافِلُهُ، ~ لَقالَ راكِبُها في عُصْبَة ٍ: سيرُوا
كأنها خاضِبٌ أظْلافَهُ، لَهِقٌ، ~ قهدُ الإهابِ، تربتهُ الزنابيرُ
أصاخَ مِنْ نَبَأة ٍ، أصغى لها أُذُناً ~ صماخها، بدخيسِ الروقِ، مستورُ
من حسّ أطلسَ، تسعى تحته شرعٌ ~ كأنّ أحناكها السفلى مآشيرُ
يقولُ راكِبُها الجِنّيّ، مُرْتَفِقاً: ~ هذا لكنّ، لحمُ الشاة ِ محجورُ

عفا ذو حسا من فرتنى فالفوارع

عفا ذو حُساً مِنْ فَرْتَنى، فالفوارعُ ~ فجنبا أريكٍ، فالتلاعُ الدوافعُ
فمجتمعُ الأشراجِ غيرِ رسمها ~ مصايفُ مرتْ، بعدنا، ومرابعُ
توَهّمْتُ آياتٍ لها، فَعَرَفْتُها ~ لِسِتّة ِ أعْوامٍ، وذا العامُ سابِعُ
رَمادٌ ككُحْلَ العينِ لأياً أُبينُهُ، ~ و نؤيٌ كجذمِ الحوض أثلمُ خاشعُ
كأنّ مجرّ الرامساتِ ذيولها ~ عليه، حصيرٌ، نمقتهُ الصوانعُ
على ظَهْرِ مِبْنَاة ٍ جَديدٍ سُيُورُها ~ يَطوفُ بها، وسْط اللّطيمة ِ، بائِع
فكَفْكفْتُ مني عَبْرَة ً، فرَدَدتُها ~ على النحرِ، منها مستهلٌّ ودامعُ
على حينَ عاتبتُ المَشيبَ على الصِّبا، ~ و قلتُ: ألما أصحُ والشيبُ وازعُ؟
وقد حالَ هَمٌ، دونَ ذلكَ، شاغلٌ ~ مكان الشغافِ، تبغيهِ الأصابعُ
وعيدُ أبي قابوسَ، في غيرِ كُنهِهِ، ~ أتاني، ودوني راكسٌ، فالضواجِعُ
فبتُّ كأني ساورتني ضيئلة ~  من الرُّقْشِ، في أنيابِها السُّمُّ ناقِعُ
يُسَهَّدُ، من لَيلِ التّمامِ، سَليمُها ~ لحليِ النساءِ، في يديهِ، قعاقعُ
تناذرَها الرّاقُون مِنْ سُمّها ~ تُطلّقُهُ طَورا، وطَوراً تُراجِعُ
أتاني، أبيتَ اللعنَ، أنكَ لمتني ~ وتلكَ التي تستكّ منها المسامعُ
مَقالة ُ أنْ قد قلت: سوفَ أنالُهُ ~ و ذلك، من تلقاءِ مثلكَ، رائعُ
لعمري، وما عمري عليّ بهينٍ ~ لقد نطقتْ بطلاً عليّ الأقارعُ
أقارِعُ عَوْفٍ، لا أحاوِلُ غيرَها ~ وُجُوهُ قُرُودٍ، تَبتَغي منَ تجادِعُ
أتاكَ امرُؤٌ مُسْتَبْطِنٌ ليَ بِغْضَة ً ~ له من عَدُوٍّ، مثل ذلك، شافِعُ
أتاكَ بقَوْلٍ هلهلِ النّسجِ، كاذبٍ ~ و لم يأتِ بالحقّ، الذي هو ناصعُ
أتاكَ بقَوْلٍ لم أكُنْ لأقولَهُ ~ و لو كبلتْ في ساعديّ الجوامعُ
حلَفْتُ، فلم أترُكْ لنَفسِكَ رِيبة ~ وهلْ يأثمَنْ ذو أُمة ٍ، وهوَ طائِعُ؟
بمصطحباتٍ من لصافٍ وثيرة ٍ ~ يَزُرْنَ إلالاً، سَيْرُهُنّ التّدافُعُ
سماماً تباري الريحَ، خوصاً عيونها ~ لَهُنّ رَذايا، بالطّريقِ، ودائِعُ
عليهِنّ شُعْثٌ عامِدونِ لحَجّهِمْ ~ فهنّ، كأطرافِ الحَنيّ، خواضِعُ
لكلفتني ذنبَ امرئٍ، وتركته ~ كذي العُرّ يُكوَى غيرُهُ، وهو راتعُ
فإن كنتُ، لا ذو الضغنِ عني مكذبٌ ~ ولا حلفي على البراءة ِ نافعُ
ولا أنا مأمُونٌ بشيءٍ أقُولُهُ ~ و أنتَ بأمرٍ، لا محالة َ، واقعُ
فإنّكَ كاللّيلِ الذي هو مُدْرِكي ~ وإنْ خِلْتُ أنّ المُنتأى عنك واسِعُ
خطاطيفُ حجنٌ في جبالٍ متينة ~ تمدّ بها أيدٍ إليكَ نوازعُ
أتوعدُ عبداً لم يخنكَ أمانة ~ وتتركُ عبداً ظالماً، وهوَ ظالعُ؟
وأنتَ ربيعٌ يُنعِشُ النّاسَ سَيبُهُ ~ وسيفٌ، أُعِيَرتْهُ المنيّة ُ، قاطِعُ
أبى اللهُ إلاّ عدلهُ ووفاءهُ ~ فلا النكرُ معروفٌ ولا العرفُ ضائعُ
وتسقى، إذا ما شئتَ، غيرَ مصردٍ ~ بزوراءَ، في حافاتها المسكُ كانعُ