| إنَّ الحياة َ صِراعٌ | فيها الضّعيفُ يُداسْ |
| ما فَازَ في ماضِغيها | إلا شديدُ المراسْ |
| للخِبِّ فيها شجونٌ | فَكُنْ فتى الإحتراسْ |
| الكونُ كونُ شفاءٍ | الكونُ كونُ التباسْ |
| الكونُ كونُ اختلاقٍ | وضجّة ٌ واختلاسْ |
| السرور | والابتئاسْ |
| بين النوائبِ بونٌ | للنّاس فيه مزايا |
| البعضُ لم يدرِ إلا | البِلى ينادي البلايا |
| والبعضُ مَا ذَاقَ منها | سوى حقيرِ الرزايا |
| إنَّ الحياة َ سُبَاتٌ | سينقضي بالمنايا |
| وما الرُّؤى فيهِ إلاَّ | آمالُنَا، والخَطايا |
| فإن تيقّظَ كانتْ | بين الجفون بقايا |
| كلُّ البلايا…جميعاً | تفْنى ويحْيا السلامْ |
| والذلُّ سبُّهُ عارٍ | لا يرتضيهِ الكِرامْ |
| الفجر يسطع بعد الدّ | ُجى ، ويأتي الضِّياءْ |
| ويرقُدُ اللَّيْلُ قَسْراً | على مِهَادِ العَفَاءْ |
| وللشّعوب حياة ٌ | حِينا وحِينا فَنَاءْ |
| واليأْسُ موتٌ ولكنْ | موتٌ يثيرُ الشّقاءْ |
| والجِدُّ للشَّعْبِ روحٌ | تُوحِي إليهِ الهَناءْ |
| فإن تولَّتْ تصدَّت | حَيَاتُهُ لِلبَلاءْ |
ديوان
موقع الديوان شعر قصائد عربية مميزة Diwan الشعر العربي من العصر الجاهلي مرورا بالعصر العباسي و الأموي وصولا للعصر الحديث أشعار متنوعة.
سينية
| اختلاف النهار والليل ينسي | اذكرا لي الصبا وأيام أنسي |
| وصفا لي ملاوة من شباب | صورت من تصورات ومس |
| عصفت كالصبا اللعوب ومرت | سنة حـلوة ولذة خلس |
| وسلا مصر: هل سلا القلب عنها | أو أسا جرحه الزمان المؤسي |
| كلما مرت الـليالـي عليه | رق، والعهد فـي الليالي تقسي |
| مستطار إذا البواخر رنت | أول الليل، أو عوت بعد جرس |
| راهب في الضلوع للسفن فطن | كلما ثرن شاعهن بنقس |
| يا ابنة اليم، ما أبـوك بـخيل | ماله مولعاً بمنع وحبس |
| أحرام على بلابـله الدوح | حلال للطير من كل جنس؟ |
| كل دار أحق بالأهل إلا | في خبيث من المذاهب رجس |
| نفسي مرجل، وقلبي شراع | بهما في الدموع سيري وأرسي |
| واجعلي وجهك (الفنار) ومجراك | يـد (الثغر) بـين (رمل) و(مكس) |
| وطـني لو شغلت بالخلد عنه | نازعتني إليه في الخلد نفسي |
| وهـفا بالفؤاد في سلسبيل | ظمأ للسواد مـن (عين شمس) |
| شهد الله لم يغب عن جـفوني | شخصه ساعة ولم يخل حسي |
| يا فؤادي لكل أمر قرار | فيه يبدو وينجلي بعد لبس |
| عقلت لجة الأمور عقولاً | طالت الحوت طول سبح وغس |
| غرقت حيث لا يصاح بطاف | أو غريق، ولا يصاخ لحس |
| فلـك يكسف الشموس نـهـاراً | ويسوم البدور ليلة وكس |
| ومواقيت للأمور إذا ما | بلغتها الأمور صارت لعكس |
| دول كالرجال مرتهنـات | بقيام من الجدود وتعس |
| وليال من كل ذات سوار | لطمت كل رب (روم) و(فرس) |
| سددت بالهلال قوساً وسلت | خنجراً ينفذان من كل ترس |
| حكمت في القرون (خوفو) و(دارا) | وعفت (وائلاً) وألوت (بعبس) |
| أين (مروان) في المشارق عرش | أموي وفي الـمغارب كرسي؟ |
| سقمت شمسهم فرد عليها | نورها كل ثاقب الرأي نطس |
| ثم غابت وكل شمس سوى هاتيك | تبلى، وتنطوي تحت رمس |
| وعظ (البحتري) إيـوان (كسرى) | شفتني القصور من (عبد شمس) |
| رب ليل سريت والبرق طرفي | وبساط طويت والريح عنسي |
| أنظم الشرق في (الجزيرة) بالغرب | وأطوي البلاد حزنـاً لدهس |
| في ديار من الخلائف درس | ومـنار من الطوائف طمس |
| وربى كالجنان في كنف الزيتون | خضر، وفي ذرا الكرم طلس |
| لم يرعـني سوى ثرى قرطبي | لمست فيه عبرة الدهر خمسي |
| يا وقى الله ما أصبح منه | وسقى صفوت الحيا ما أمسي |
| قرية لا تعد في الأرض كنت | تمسك الأرض أن تميد وترسي |
| غشيت ساحل المحيط وغطت | لجة الروم من شراع وقلس |
| ركب الدهر خاطري في ثراها | فأتى ذلك الحمى بــعد حدس |
| فتجلت لي القصور ومن فيها | من العز في منازل قعس |
| سنة من كرى وطيف أمـان | وصحا القلب مـن ضلال وهجس |
| وإذا الدار ما بها من أنيس | وإذا القوم ما لهم من محس |
| ورقيق من البيوت عتيق | جاوز الألف غير مذموم حرس |
| أثر من (محمد) وتراث | صار (للروح) ذي الولاء الأمس |
| بلغ النجم ذروة وتناهى | بين (ثهلان) في الأساس و(قدس) |
| مرمر تسبح النواظر فيه | ويطول المدى عليها فترسي |
| وسوار كأنها في استواء | ألفات الوزير في عرض طرس |
| فترة الدهر قد كست سطريها | ما اكتسى الهدب من فتور ونعس |
| ويحها! كم تزينت لعليم | واحد الدهر واستعدت لخمس |
| وكأن الرفيف في مسرح العين | ملاء مدنرات الدمقس |
| ومكان الكتاب يغريك رياً | ورده غائباً فتدنو للمس |
| صنعة (الداخل) المبارك في | الغرب وآل له ميامين شمس |
| من (لحمراء) جللت بغبار | الدهر كالجرح بين بـرء ونكس |
| كسنا البرق لو محا الضوء لحظاً | لمحتها العيون من طول قبس |
| حصن (غرناطة) ودار بني الأحمر | من غافل ويقظان ندس |
| جلل الثلج دونها رأس (شيرى) | فبدا منه في عـصائب برس |
| سرمد شيبه، ولم أر شيئاً | قبله يـرجى البقاء وينسي |
| مشت الحادثات في غرف (الحمراء) | مشي النعي في دار عرس |
| هتكت عزة الحجاب وفضت | سدة الباب من سمير وأنسي |
| عرصات تخلت الخيل عنها | واستراحت من احتراس وعس |
| ومغان على الليالي وضاء | لم تجد للعشي تكرار مس |
| لا ترى غير وافدين على التاريخ | ساعين في خشوع ونكس |
| نقلوا الطـرف في نضارة آس | من نقوش، وفي عصارة ورس |
| وقباب من لازورد وتبر | كالربى الشم بين ظل وشمس |
| وخطوط تكفلت للمعاني | ولألفاظها بأزيـن لبس |
| وترى مجلس السباع خلاء | مقفر القاع من ظباء وخنس |
| لا (الثريا) ولا جواري الثريا | يتنزلن فيه أقمار إنس |
| مرمر قامت الأسود عليه | كلة الظفر لينات المجس |
| تنثر الماء في الحياض جماناً | يـتنزى على ترائب ملس |
| آخر العهد بالجزيرة كانت | بعد عرك من الزمان وضرس |
| فتراها تقول: راية جيش | باد بالأمس بـين أسر وحـس |
| ومفاتيحها مقاليد ملك | باعها الوارث المضـيع ببخس |
| خرج القوم في كتائب صم | عن حفاظ كموكب الدفن خرس |
| ركبوا بالبحار نعشاً وكانت | تحت آبائهم هي العرش أمس |
| رب بان لهادم، وجموع | لمشت ومحسن لمخس |
| إمرة الناس همة لا تأنى | لجبــان ولا تسنى لجبس |
| يا دياراً نزلت كالخلد ظلاً | وجـنى دانياً وسلسال أنس |
| محسنات الفصول لا نـاجر فيها | بقيظ ولا جمادى بـقرس |
| لا تحش العيون فوق ربــاها | غير حور حو المراشف لعس |
| كسيت أفرخي بظلك ريشاً | وربا في رباك واشتد غرسي |
| هم بنو مصر لا الجميل لديهم | بمضاع ولا الصنيع بمنسي |
| من لسان على ثنائك وقف | وجنان على ولائك حبس |
| حسبهم هذه الطلول عظات | من جديد على الدهور ودرس |
| وإذا فاتك التفات إلى الماضي | فقد غاب عنك وجه التأسي |
الرأي قبل شجاعة الشجعان
| الرّأيُ قَبلَ شَجاعةِ الشّجْعانِ | هُوَ أوّلٌ وَهيَ المَحَلُّ الثّاني |
| فإذا همَا اجْتَمَعَا لنَفْسٍ حُرّةٍ | بَلَغَتْ مِنَ العَلْياءِ كلّ مكانِ |
| وَلَرُبّما طَعَنَ الفَتى أقْرَانَهُ | بالرّأيِ قَبْلَ تَطَاعُنِ الأقرانِ |
| لَوْلا العُقولُ لكانَ أدنَى ضَيغَمٍ | أدنَى إلى شَرَفٍ مِنَ الإنْسَانِ |
| وَلما تَفَاضَلَتِ النّفُوسُ وَدَبّرَتْ | أيدي الكُماةِ عَوَاليَ المُرّانِ |
| لَوْلا سَميُّ سُيُوفِهِ وَمَضَاؤهُ | لمّا سُلِلْنَ لَكُنّ كالأجْفانِ |
| خاضَ الحِمَامَ بهنّ حتى ما دُرَى | أمِنِ احتِقارٍ ذاكَ أمْ نِسْيَانِ |
| وَسَعَى فَقَصّرَ عن مَداهُ في العُلى | أهْلُ الزّمانِ وَأهْلُ كلّ زَمَانِ |
| تَخِذُوا المَجالِسَ في البُيُوتِ وَعندَه | أنّ السّرُوجَ مَجالِسُ الفِتيانِ |
| وَتَوَهّموا اللعِبَ الوَغى والطعنُ في الـ | ـهَيجاءِ غَيرُ الطّعْنِ في الميدانِ |
| قادَ الجِيَادَ إلى الطّعانِ وَلم يَقُدْ | إلاّ إلى العاداتِ وَالأوْطانِ |
| كُلَّ ابنِ سَابقَةٍ يُغيرُ بحُسْنِهِ | في قَلْبِ صاحِبِهِ عَلى الأحزانِ |
| إنْ خُلِّيَتْ رُبِطَتْ بآدابِ الوَغَى | فدُعاؤها يُغني عنِ الأرْسانِ |
| في جَحْفَلٍ سَتَرَ العُيُونَ غبارُهُ | فكأنّمَا يُبْصِرْنَ بالآذانِ |
| يَرْمي بهَا البَلَدَ البَعيدَ مُظَفَّرٌ | كُلُّ البَعيدِ لَهُ قَرِيبٌ دانِ |
| فكأنّ أرْجُلَهَا بتُرْبَةِ مَنْبِجٍ | يَطرَحنَ أيديَها بحِصْنِ الرّانِ |
| حتى عَبرْنَ بأرْسَنَاسَ سَوَابحاً | يَنْشُرْنَ فيهِ عَمَائِمَ الفُرْسانِ |
| يَقْمُصْنَ في مثلِ المُدَى من بارِدٍ | يَذَرُ الفُحُولَ وَهنّ كالخصْيانِ |
| وَالماءُ بَينَ عَجاجَتَينِ مُخَلِّصٌ | تَتَفَرّقانِ بِهِ وَتَلْتَقِيَانِ |
| رَكَضَ الأميرُ وَكاللُّجَينِ حَبَابُهُ | وَثَنى الأعِنّةَ وَهْوَ كالعِقيانِ |
| فَتَلَ الحِبالَ مِنَ الغَدائِرِ فوْقَهُ | وَبَنى السّفينَ لَهُ منَ الصّلْبانِ |
| وَحَشاهُ عادِيَةً بغَيرِ قَوَائِمٍ | عُقُمَ البطونِ حَوَالِكَ الألوَانِ |
| تأتي بما سَبَتِ الخُيُولُ كأنّهَا | تحتَ الحِسانِ مَرَابضُ الغِزْلانِ |
| بَحْرٌ تَعَوّدَ أنْ يُذِمّ لأهْلِهِ | من دَهْرِهِ وَطَوَارِقِ الحِدْثَانِ |
| فتَرَكْتَهُ وَإذا أذَمّ مِنَ الوَرَى | رَاعَاكَ وَاستَثنى بَني حَمدانِ |
| ألمُخْفِرِينَ بكُلّ أبيَضَ صَارِمٍ | ذِممَ الدّرُوعِ على ذوي التّيجانِ |
| مُتَصَعْلِكينَ على كَثَافَةِ مُلكِهم | مُتَوَاضِعِينَ على عَظيمِ الشّانِ |
| يَتَقَيّلُونَ ظِلالَ كُلّ مُطَهَّمٍ | أجَلِ الظّليمِ وَرِبْقَةِ السِّرْحانِ |
| خَضَعتْ لمُنصُلكَ المَناصِلُ عَنوَةً | وَأذَلّ دِينُكَ سَائِرَ الأدْيانِ |
| وَعلى الدّروبِ وَفي الرّجوعِ غضَاضَةٌ | وَالسّيرُ مُمْتَنِعٌ مِنَ الإمْكانِ |
| وَالطّرْقُ ضَيّقَةُ المَسَالِكِ بالقَنَا | وَالكُفْرُ مُجتَمعٌ على الإيمَانِ |
| نَظَرُوا إلى زُبَرِ الحَديدِ كأنّمَا | يَصْعَدْنَ بَينَ مَناكِبِ العِقْبانِ |
| وَفَوَارِسٍ يُحيي الحِمامُ نُفوسَها | فكأنّهَا لَيستْ مِنَ الحَيَوَانِ |
| مَا زِلتَ تَضرِبهُم دِرَاكاً في الذُّرَى | ضَرْباً كأنّ السّيفَ فيهِ اثْنانِ |
| خصّ الجَماجمَ وَالوُجوهَ كأنّمَا | جاءتْ إليكَ جُسُومُهمْ بأمانِ |
| فرَمَوْا بما يَرْمونَ عَنْهُ وَأدْبَرُوا | يَطَأونَ كُلّ حَنِيّةٍ مِرْنَانِ |
| يَغشاهُمُ مَطَرُ السّحاب مُفَصَّلاً | بمُهَنّدٍ وَمُثَقَّفٍ وَسِنَانِ |
| حُرِموا الذي أمَلُوا وَأدرَكَ منهُمُ | آمَالَهُ مَنْ عادَ بالحِرْمانِ |
| وَإذا الرّماحُ شَغَلنَ مُهجَةَ ثائِرٍ | شَغَلَتْهُ مُهْجَتُهُ عَنِ الإخْوَانِ |
| هَيهاتِ عاقَ عنِ العِوادِ قَوَاضِبٌ | كَثُرَ القَتيلُ بها وَقَلّ العَاني |
| وَمُهَذَّبٌ أمَرَ المَنَايَا فِيهِمِ | فأطَعْنَهُ في طاعَةِ الرّحْمانِ |
| قد سَوّدتْ شجرَ الجبالِ شُعُورُهم | فكأنّ فيهِ مُسِفّةَ الغِرْبانِ |
| وَجَرَى على الوَرَقِ النّجيعُ القَاني | فكأنّهُ النّارَنْجُ في الأغصانِ |
| إنّ السّيُوفَ معَ الذينَ قُلُوبُهُمْ | كقُلُوبهنّ إذا التَقَى الجَمعانِ |
| تَلْقَى الحُسامَ على جَرَاءَةِ حدّهِ | مثلَ الجَبانِ بكَفّ كلّ جَبَانِ |
| رَفعتْ بكَ العرَبُ العِمادَ وَصَيّرَتْ | قِمَمَ المُلُوكِ مَوَاقِدَ النّيرانِ |
| أنسابُ فَخرِهِمِ إلَيْكَ وَإنّمَا | أنْسَابُ أصْلِهِمِ إلى عَدْنَانِ |
| يا مَنْ يُقَتِّلُ مَنْ أرَادَ بسَيْفِهِ | أصْبَحتُ منْ قَتلاكَ بالإحْسانِ |
| فإذا رَأيتُكَ حارَ دونَكَ نَاظرِي | وَإذا مَدَحتُكَ حارَ فيكَ لِساني |
أبلى الهوى أسفا يوم النوى بدني
| أبْلى الهَوَى أسَفاً يَوْمَ النّوَى بَدَني | وَفَرّقَ الهَجْرُ بَيْنَ الجَفنِ وَالوَسَنِ |
| رُوحٌ تَرَدّدَ في مثلِ الخِلالِ إذا | أطَارَتِ الرّيحُ عنهُ الثّوْبَ لم يَبنِ |
| كَفَى بجِسْمي نُحُولاً أنّني رَجلٌ | لَوْلا مُخاطَبَتي إيّاكَ لمْ تَرَني |
قد علم البين منا البين أجفانا
| قَدْ عَلّمَ البَينُ مِنّا البَينَ أجْفانَا | تَدْمَى وألّفَ في ذا القَلبِ أحزانَا |
| أمّلْتُ ساعةَ ساروا كَشفَ مِعصَمِها | ليَلْبَثَ الحَيُّ دونَ السّيرِ حَيرانَا |
| ولوْ بَدَتْ لأتاهَتْهُمْ فَحَجّبَهَا | صَوْنٌ عُقُولَهُمُ من لحظِها صانَا |
| بالواخِداتِ وحاديها وبي قَمَرٌ | يَظَلُّ من وَخْدِها في الخِدرِ خَشيانَا |
| أمّا الثّيابُ فَتَعْرَى مِنْ مَحاسِنِهِ | إذا نَضاها ويَكسَى الحُسنَ عُرْيانَا |
| يَضُمّهُ المِسكُ ضَمَّ المُسْتَهامِ بهِ | حتى يَصيرَ على الأعكانِ أعكانَا |
| قد كنتُ أُشفِقُ من دَمعي على بصري | فاليَوْمَ كلُّ عزيزٍ بَعدَكمْ هَانَا |
| تُهدي البَوارِقُ أخلافَ المِياهِ لكُمْ | وللمُحِبّ مِنَ التّذكارِ نِيرانَا |
| إذا قَدِمْتُ على الأهوالِ شَيّعَني | قَلْبٌ إذا شِئْتُ أنْ أسلاكمُ خانَا |
| أبدو فيَسجُدُ مَنْ بالسّوءِ يذكُرُني | فَلا أُعاتِبُهُ صَفْحاً وإهْوَانَا |
| وهكَذا كُنتُ في أهْلي وفي وَطَني | إنّ النّفِيسَ غَريبٌ حَيثُمَا كَانَا |
| مُحَسَّدُ الفَضْلِ مكذوبٌ على أثَري | ألقَى الكَميَّ ويَلقاني إذا حَانَا |
| لا أشرَئِبّ إلى ما لم يَفُتْ طَمَعاً | ولا أبيتُ على ما فاتَ حَسرَانَا |
| ولا أُسَرّ بمَا غَيري الحَميدُ بهِ | ولَوْ حَمَلْتَ إليّ الدّهْرَ مَلآنَا |
| لا يَجْذِبَنّ رِكَابي نَحْوَهُ أحَدٌ | ما دُمتُ حَيّاً وما قَلقَلنَ كِيرانَا |
| لوِ استَطَعْتُ رَكبتُ النّاسَ كلّهمُ | إلى سَعيدِ بنِ عَبْدِالله بُعْرَانَا |
| فالعِيسُ أعْقَلُ مِنْ قَوْمٍ رَأيْتُهُمُ | عَمّا يَراهُ منَ الإحسانِ عُمْيانَا |
| ذاكَ الجَوادُ وإنْ قَلّ الجَوادُ لَهُ | ذاكَ الشّجاعُ وإنْ لم يرْضَ أقرانَا |
| ذاكَ المُعِدّ الذي تَقْنُو يَداهُ لَنَا | فَلَوْ أُصِيبَ بشيءٍ منهُ عَزّانَا |
| خَفّ الزّمانُ على أطْرافِ أُنْمُلِهِ | حتى تُوُهِّمنَ للأزْمانِ أزْمانَا |
| يَلْقَى الوَغَى والقَنَا والنّازِلاتِ بهِ | والسّيفَ والضّيفَ رَحبَ البال جذلانَا |
| تَخالُهُ من ذكاءِ القَلْبِ مُحْتَمِياً | ومن تَكَرّمِهِ والبِشْرِ نَشْوانَا |
| وتَسْحَبُ الحِبَرَ القَيْناتُ رافِلَةً | من جُودِهِ وتَجُرّ الخَيلُ أرْسَانَا |
| يُعْطي المُبَشِّرَ بالقُصّادِ قَبْلَهُمُ | كَمَنْ يُبَشّرُهُ بالمَاءِ عَطْشانَا |
| جَزَتْ بني الحَسَنِ الحُسنى فإنّهُمُ | في قَوْمِهِمْ مثلُهُمْ في الغُرّ عَدْنانَا |
| ما شَيّدَ الله مِنْ مَجْدٍ لسالِفِهِمْ | إلاّ ونَحْنُ نَراهُ فيهِمِ الآنَا |
| إنْ كوتبوا أوْ لُقوا أو حورِبوا وُجدوا | في الخَطّ واللّفظِ والهَيجاءِ فُرْسانَا |
| كأنّ ألسُنَهُمْ في النّطقِ قد جُعلَتْ | على رِماحِهِمِ في الطّعنِ خِرْصانَا |
| كأنّهُمْ يَرِدونَ المَوْتَ مِنْ ظَمَإٍ | أو يَنْشَقُونَ منَ الخطّيّ رَيحَانَا |
| الكائِنِينَ لِمَنْ أبْغي عَداوَتَهُ | أعدَى العِدى ولمن آخيتُ إخوانَا |
| خَلائِقٌ لوْ حَواها الزِّنْجُ لانْقَلَبوا | ظُمْيَ الشّفاهِ جِعادَ الشَّعرِ غُرّانَا |
| وأنْفُسٌ يَلْمَعِيّاتٌ تُحِبّهُمُ | لها اضطِراراً ولَوْ أقْصَوْكَ شَنآنَا |
| ألواضِحينَ أُبُوّاتٍ وأجْبِنَةً | ووالداتٍ وألْباباً وأذْهانَا |
| يا صائِدَ الجَحْفَلِ المَرْهوبِ جانِبُهُ | إنّ اللّيوثَ تَصيدُ النّاسَ أُحْدانَا |
| وواهِباً، كلُّ وَقْتٍ وقْتُ نَائِلِهِ | وإنّما يَهَبُ الوُهّابُ أحْيَانَا |
| أنتَ الذي سَبَكَ الأموالَ مَكْرُمَةً | ثمّ اتّخَذْتَ لها السُّؤَّالَ خُزّانَا |
| عَلَيْكَ منكَ إذا أُخليتَ مُرْتَقِبٌ | لم تأتِ في السّرّ ما لم تأتِ إعْلانَا |
| لا أسْتَزيدُكَ فيما فيكَ من كَرَمٍ | أنا الذي نامَ إنْ نَبّهْتُ يَقْظَانَا |
| فإنّ مِثْلَكَ باهَيْتُ الكِرامَ بِهِ | ورَدّ سُخْطاً على الأيّامِ رِضْوانَا |
| وأنْتَ أبعَدُهُمْ ذِكراً وأكْبَرُهُمْ | قَدْراً وأرْفَعُهُمْ في المَجدِ بُنْيَانَا |
| قد شَرّفَ الله أرْضاً أنْتَ ساكِنُها | وشَرّفَ النّاسَ إذْ سَوّاكَ إنْسانَا |
أمعفر الليث الهزبر بسوطه
| أَمُعَفِّرَ اللَيثِ الهِزَبرِ بِسَوطِهِ | لِمَنِ اِدَّخَرتَ الصارِمَ المَصقولا |
| وَقَعَت عَلى الأُردُنِّ مِنهُ بَلِيَّةٌ | نُضِدَت بِها هامُ الرِفاقِ تُلولا |
| وَردٌ إِذا وَرَدَ البُحَيرَةَ شارِباً | وَرَدَ الفُراتَ زَئيرُهُ وَالنيلا |
| مُتَخَضِّبٌ بِدَمِ الفَوارِسِ لابِسٌ | في غيلِهِ مِن لِبدَتَيهِ غيلا |
| ما قوبِلَت عَيناهُ إِلّا ظُنَّتا | تَحتَ الدُجى نارَ الفَريقِ حُلولا |
| في وَحدَةِ الرُهبانِ إِلّا أَنَّهُ | لا يَعرِفُ التَحريمَ وَالتَحليلا |
| يَطَءُ الثَرى مُتَرَفِّقاً مِن تيهِهِ | فَكَأَنَّهُ آسٍ يَجُسُّ عَليلا |
| وَيَرُدُّ عُفرَتَهُ إِلى يافوخِهِ | حَتّى تَصيرَ لِرَأسِهِ إِكليلا |
| وَتَظُنُّهُ مِمّا يُزَمجِرُ نَفسُهُ | عَنها لِشِدَّةِ غَيظِهِ مَشغولا |
| قَصَرَت مَخافَتُهُ الخُطى فَكَأَنَّما | رَكِبَ الكَمِيُّ جَوادَهُ مَشكولا |
| أَلقى فَريسَتَهُ وَبَربَرَ دونَها | وَقَرُبتَ قُرباً خالَهُ تَطفيلا |
| فَتَشابَهُ الخُلُقانِ في إِقدامِهِ | وَتَخالَفا في بَذلِكَ المَأكولا |
| أَسَدٌ يَرى عُضوَيهِ فيكَ كِلَيهِما | مَتناً أَزَلَّ وَساعِداً مَفتولا |
| في سَرجِ ظامِئَةِ الفُصوصِ طِمِرَّةٍ | يَأبى تَفَرُّدُها لَها التَمثيلا |
| نَيّالَةِ الطَلَباتِ لَولا أَنَّها | تُعطي مَكانَ لِجامِها ما نيلا |
| تَندى سَوالِفُها إِذا اِستَحضَرتَها | وَيُظَنَّ عَقدُ عِنانِها مَحلولا |
| ما زالَ يَجمَعُ نَفسَهُ في زَورِهِ | حَتّى حَسِبتَ العَرضَ مِنهُ الطولا |
| وَيَدُقُّ بِالصَدرِ الحِجارَ كَأَنَّهُ | يَبغي إِلى ما في الحَضيضِ سَبيلا |
| وَكَأَنَّهُ غَرَّتهُ عَينٌ فَاِدَّنى | لا يُبصِرُ الخَطبَ الجَليلَ جَليلا |
| أَنَفُ الكَريمِ مِنَ الدَنِيَّةِ تارِكٌ | في عَينِهِ العَدَدَ الكَثيرَ قَليلا |
| وَالعارُ مَضّاضٌ وَلَيسَ بِخائِفٍ | مِن حَتفِهِ مَن خافَ مِمّا قيلا |
| سَبَقَ اِلتِقاءَكَهُ بِوَثبَةِ هاجِمٍ | لَو لَم تُصادِمُهُ لَجازَكَ ميلا |
| خَذَلَتهُ قُوَّتُهُ وَقَد كافَحتَهُ | فَاِستَنصَرَ التَسليمَ وَالتَجديلا |
| قَبَضَت مَنِيَّتُهُ يَدَيهِ وَعُنقَهُ | فَكَأَنَّما صادَفتَهُ مَغلولا |
| سَمِعَ اِبنُ عَمَّتِهي بِهِ وَبِحالِهِ | فَنَجا يُهَروِلُ مِنكَ أَمسِ مَهولا |
| وَأَمَرُّ مِمّا فَرَّ مِنهُ فِرارُهُ | وَكَقَتلِهِ أَن لا يَموتَ قَتيلا |
| تَلَفُ الَّذي اِتَّخَذَ الجَراءَةَ خُلَّةً | وَعَظَ الَّذي اِتَّخَذَ الفِرارَ خَليلا |
| لَو كانَ عِلمُكَ بِالإِلَهِ مُقَسَّماً | في الناسِ ما بَعَثَ الإِلَهُ رَسولا |
| لَو كانَ لَفظُكَ فيهِمِ ما أَنزَلَ ال | قُرآنَ وَالتَوراةَ وَالإِنجيلا |
| لَو كانَ ما تُعطِيهِمِ مِن قَبلِ أَن | تُعطِيهِمِ لَم يَعرِفوا التَأميلا |
| فَلَقَد عُرِفتَ وَما عُرِفتَ حَقيقَةً | وَلَقَد جُهِلتَ وَما جُهِلتَ خُمولا |
| نَطَقَت بِسُؤدُدِكَ الحَمامُ تَغَنِّياً | وَبِما تُجَشِّمُها الجِيادُ صَهيلا |
| ما كُلُّ مَن طَلَبَ المَعالِيَ نافِذاً | فيها وَلا كُلُّ الرِجالِ فُحولا |