| الصّوْمُ وَالفِطْرُ وَالأعْيادُ وَالعُصُرُ | مُنيرَةٌ بكَ حتى الشّمسُ والقَمَرُ |
| تُرِي الأهِلّةَ وَجْهاً عَمَّ نَائِلُهُ | فَما يُخَصُّ بهِ من دُونِها البَشَرُ |
| ما الدّهرُ عندَكَ إلاّ رَوْضَةٌ أُنُفٌ | يا مَنْ شَمَائِلُهُ في دَهْرِهِ زَهَرُ |
| مَا يَنتَهي لكَ في أيّامِهِ كَرَمٌ | فَلا انْتَهَى لكَ في أعْوامِهِ عُمُرُ |
| فإنّ حَظّكَ من تَكرارِها شَرَفٌ | وَحَظَّ غَيرِكَ منها الشّيبُ والكِبَرُ |
ابو الطيب المتنبي
مجموعة مميزة من قصائد الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي أبيات شعر رائعة لابو الطيب المتنبي.
ذكر الصبي ومراتع الآرام
| ذِكَرُ الصّبَي وَمَرَاتِعِ الآرَامِ | جَلَبَتْ حِمامي قَبلَ وَقْتِ حِمامي |
| دِمَنٌ تَكاثَرَتِ الهُمُومُ عَليّ في | عَرَصَاتِها كَتَكاثُرِ اللُّوّامِ |
| وَكَأنّ كُلّ سَحَابَةٍ وَقَفَتْ بهَا | تَبكي بعَيْنيْ عُرْوَةَ بنِ حِزَامِ |
| وَلَطَالَمَا أفْنَيْتُ رِيقَ كَعَابِهَا | فِيهَا وَأفْنَتْ بالعِتابِ كَلامي |
| قَد كُنْتَ تَهْزَأُ بالفِراقِ مَجَانَةً | وَتَجُرّ ذَيْلَيْ شِرّةٍ وَعُرَامِ |
| لَيسَ القِبابُ على الرّكَابِ وَإنّمَا | هُنّ الحَيَاةُ تَرَحّلَتْ بسَلامِ |
| ليتَ الذي فَلَقَ النّوَى جعَل الحَصَى | لخِفافِهِنّ مَفَاصِلي وَعِظامي |
| مُتَلاحِظَينِ نَسُحُّ مَاءَ شُؤونِنَا | حَذَراً مِنَ الرُّقَبَاءِ في الأكْمَامِ |
| أرْوَاحُنَا انهَمَلَتْ وَعِشْنَا بَعدَهَا | من بَعدِ ما قَطَرَتْ على الأقدامِ |
| لَوْ كُنّ يَوْمَ جرَينَ كُنّ كصَبرِنَا | عندَ الرّحيلِ لَكُنّ غَيرَ سِجَامِ |
| لم يَتْرُكُوا لي صاحِباً إلاّ الأسَى | وَذَمِيلَ ذِعْلِبَةٍ كَفَحْلِ نَعَامِ |
| وَتَعَذُّرُ الأحْرارِ صَيّرَ ظَهْرَهَا | إلاّ إلَيْكَ عَليَّ ظَهْرَ حَرَامِ |
| أنتَ الغَريبَةُ في زَمَانٍ أهْلُهُ | وُلِدَتْ مَكارِمُهُمْ لغَيرِ تَمَامِ |
| أكْثَرْتَ من بَذْلِ النّوَالِ وَلم تزَلْ | عَلَماً على الإفْضالِ وَالإنْعَامِ |
| صَغّرْتَ كلّ كَبيرَةٍ وَكَبُرْتَ عَنْ | لَكَأنّهُ وَعَدَدْتَ سِنّ غُلامِ |
| وَرَفَلْتَ في حُلَلِ الثّنَاءِ وَإنّمَا | عَدَمُ الثّنَاءِ نِهَايَةُ الإعْدامِ |
| عَيْبٌ عَلَيكَ تُرَى بسَيفٍ في الوَغى | مَا يَصْنَعُ الصّمْصَامُ بالصّمصَامِ |
| إنْ كانَ مِثْلُكَ كانَ أوْ هُوَ كائِنٌ | فَبَرِئْتُ حِينَئِذٍ مِنَ الإسْلامِ |
| مَلِكٌ زُهَتْ بِمَكَانِهِ أيّامُهُ | حتى افتَخَرْنَ بهِ على الأيّامِ |
| وَتَخالُهُ سَلَبَ الوَرَى مِن حِلْمِهِ | أحْلامَهُمْ فَهُمُ بِلا أحْلامِ |
| وَإذا امتَحَنْتَ تَكَشّفَتْ عَزَمَاتُهُ | عَن أوْحَدِيّ النّقْضِ وَالإبْرامِ |
| وَإذا سَألْتَ بَنَانَهُ عَنْ نَيْلِهِ | لم يَرْضَ بالدّنْيَا قَضاءَ ذِمَامِ |
| مَهْلاً ألا لِلّهِ ما صَنَعَ القَنَا | في عَمْرِو حَابِ وَضَبّةَ الأغْتَامِ |
| لمّا تَحَكّمَتِ الأسِنّةُ فِيهِمِ | جَارَتْ وَهُنّ يَجُرْنَ في الأحكامِ |
| فَتَرَكْتَهُمْ خَلَلَ البُيُوتِ كأنّما | غَضِبَتْ رُؤوسُهُمُ على الأجْسامِ |
| أحجارُ ناسٍ فَوْقَ أرْضٍ مِنْ دَمٍ | وَنُجُومُ بَيْضٍ في سَمَاءِ قَتَامِ |
| وَذِراعُ كُلّ أبي فُلانٍ كُنْيَةً | حَالَتْ فَصَاحِبُها أبُو الأيْتَامِ |
| عَهْدي بمَعْرَكَةِ الأميرِ وَخَيْلُهُ | في النّقْعِ مُحْجِمَةٌ عنِ الإحجامِ |
| صَلّى الإل?هُ عَلَيْكَ غَيرَ مُوَدَّعٍ | وَسَقَى ثَرَى أبَوَيْكَ صَوْبَ غَمَامِ |
| وَكَسَاكَ ثَوْبَ مَهَابَةٍ مِنْ عِنْدِهِ | وَأرَاكَ وَجهَ شَقيقِكَ القَمْقَامِ |
| فَلَقَدْ رَمَى بَلَدَ العَدُوّ بنَفْسِهِ | في رَوْقِ أرْعَنَ كالغِطَمّ لُهَامِ |
| قَوْمٌ تَفَرّسَتِ المَنَايَا فِيكُمُ | فرَأتْ لكُمْ في الحرْبِ صَبرَ كِرَامِ |
| تَالله مَا عَلِمَ امرُؤٌ لَوْلاكُمُ | كَيفَ السّخاءُ وَكَيفَ ضرْبُ الهَامِ |
جزى عربا أمست ببلبيس ربها
| جَزَى عَرَباً أمْسَتْ بِبُلْبَيْسَ رَبُّهَا | بمَسْعاتِهَا تَقرِرْ بذاكَ عُيُونُهَا |
| كَرَاكِرَ من قَيسِ بنِ عَيلانَ ساهراً | جُفُونُ ظُبَاها للعُلَى وَجُفُونُهَا |
| وَخَصّ بهِ عَبدَ العَزيزِ بنَ يُوسُفٍ | فَمَا هُوَ إلاّ غَيْثُهَا وَمَعِينُها |
| فَتًى زَانَ في عَيْنيَّ أقْصَى قَبِيلِهِ | وَكَمْ سَيّدٍ في حِلّةٍ لا يَزِينُهَا |
مغاني الشعب طيبا في المغاني
| مَغَاني الشِّعْبِ طِيباً في المَغَاني | بمَنْزِلَةِ الرّبيعِ منَ الزّمَانِ |
| وَلَكِنّ الفَتى العَرَبيّ فِيهَا | غَرِيبُ الوَجْهِ وَاليَدِ وَاللّسَانِ |
| مَلاعِبُ جِنّةٍ لَوْ سَارَ فِيهَا | سُلَيْمَانٌ لَسَارَ بتَرْجُمَانِ |
| طَبَتْ فُرْسَانَنَا وَالخَيلَ حتى | خَشِيتُ وَإنْ كَرُمنَ من الحِرَانِ |
| غَدَوْنَا تَنْفُضُ الأغْصَانُ فيهَا | على أعْرافِهَا مِثْلَ الجُمَانِ |
| فسِرْتُ وَقَدْ حَجَبنَ الحَرّ عني | وَجِئْنَ منَ الضّيَاءِ بمَا كَفَاني |
| وَألْقَى الشّرْقُ مِنْهَا في ثِيَابي | دَنَانِيراً تَفِرّ مِنَ البَنَانِ |
| لهَا ثَمَرٌ تُشِيرُ إلَيْكَ مِنْهُ | بأشْرِبَةٍ وَقَفْنَ بِلا أوَانِ |
| وَأمْوَاهٌ تَصِلّ بهَا حَصَاهَا | صَليلَ الحَلْيِ في أيدي الغَوَاني |
| وَلَوْ كانَتْ دِمَشْقَ ثَنى عِنَاني | لَبِيقُ الثّرْدِ صِينيُّ الجِفَانِ |
| يَلَنْجُوجيُّ ما رُفِعَتْ لضَيْفٍ | بهِ النّيرانُ نَدّيُّ الدّخَانِ |
| تَحِلُّ بهِ عَلى قَلْبٍ شُجاعٍ | وَتَرْحَلُ منهُ عَن قَلبٍ جَبَانِ |
| مَنَازِلُ لمْ يَزَلْ منْهَا خَيَالٌ | يُشَيّعُني إلى النَّوْبَنْذَجَانِ |
| إذا غَنّى الحَمَامُ الوُرْقُ فيهَا | أجَابَتْهُ أغَانيُّ القِيانِ |
| وَمَنْ بالشِّعْبِ أحْوَجُ مِنْ حَمامٍ | إذا غَنّى وَنَاحَ إلى البَيَانِ |
| وَقَدْ يَتَقَارَبُ الوَصْفانِ جِدّاً | وَمَوْصُوفَاهُمَا مُتَبَاعِدانِ |
| يَقُولُ بشِعْبِ بَوّانٍ حِصَاني: | أعَنْ هَذا يُسَارُ إلى الطّعَانِ |
| أبُوكُمْ آدَمٌ سَنّ المَعَاصِي | وَعَلّمَكُمْ مُفَارَقَةَ الجِنَانِ |
| فَقُلتُ: إذا رَأيْتُ أبَا شُجاعٍ | سَلَوْتُ عَنِ العِبادِ وَذا المَكانِ |
| فَإنّ النّاسَ وَالدّنْيَا طَرِيقٌ | إلى مَنْ مَا لَهُ في النّاسِ ثَانِ |
| لَقد عَلّمتُ نَفسِي القَوْلَ فيهِمْ | كَتَعْليمِ الطّرَادِ بِلا سِنَانِ |
| بعَضْدِ الدّوْلَةِ امتَنَعَتْ وَعَزّتْ | وَلَيسَ لغَيرِ ذي عَضُدٍ يَدانِ |
| وَلا قَبضٌ على البِيضِ المَوَاضِي | وَلا حَطٌّ منَ السُّمْرِ اللّدَانِ |
| دَعَتْهُ بمَفْزَعِ الأعْضَاءِ مِنْهَا | لِيَوْمِ الحَرْبِ بِكْرٍ أوْ عَوَانِ |
| فَمَا يُسْمي كَفَنّاخُسْرَ مُسْمٍ | وَلا يَكْني كَفَنّاخُسرَ كَانِ |
| وَلا تُحْصَى فَضَائِلُهُ بظَنٍّ | وَلا الإخْبَارِ عَنْهُ وَلا العِيانِ |
| أُرُوضُ النّاسِ مِنْ تُرْبٍ وَخَوْفٍ | وَأرْضُ أبي شُجَاعٍ مِنْ أمَانِ |
| يُذِمّ على اللّصُوصِ لكُلّ تَجْرٍ | وَيَضْمَنُ للصّوَارِمِ كلَّ جَانِ |
| إذا طَلَبَتْ وَدائِعُهُمْ ثِقَاتٍ | دُفِعْنَ إلى المَحَاني وَالرِّعَانِ |
| فَبَاتَتْ فَوْقَهُنّ بِلا صِحابٍ | تَصِيحُ بمَنْ يَمُرُّ: ألا تَرَاني |
| رُقَاهُ كلُّ أبيَضَ مَشْرَفيٍّ | لِكُلّ أصَمَّ صِلٍّ أُفْعُوَانِ |
| وَمَا تُرْقَى لُهَاهُ مِنْ نَدَاهُ | وَلا المَالُ الكَريمُ مِنَ الهَوَانِ |
| حَمَى أطْرَافَ فارِسَ شَمّرِيٌّ | يَحُضّ على التّبَاقي بالتّفاني |
| بضَرْبٍ هَاجَ أطْرَابَ المَنَايَا | سِوَى ضَرْبِ المَثَالِثِ وَالمَثَاني |
| كأنّ دَمَ الجَماجِمِ في العَناصِي | كَسَا البُلدانَ رِيشَ الحَيقُطانِ |
| فَلَوْ طُرِحَتْ قُلُوبُ العِشْقِ فيها | لمَا خافَتْ مِنَ الحَدَقِ الحِسانِ |
| وَلم أرَ قَبْلَهُ شِبْلَيْ هِزَبْرٍ | كَشِبْلَيْهِ وَلا مُهْرَيْ رِهَانِ |
| أشَدَّ تَنَازُعاً لكَرِيمِ أصْلٍ | وَأشْبَهَ مَنظَراً بأبٍ هِجَانِ |
| وَأكثرَ في مَجَالِسِهِ استِمَاعاً | فُلانٌ دَقّ رُمْحاً في فُلانِ |
| وَأوّلُ رَأيَةٍ رَأيَا المَعَالي | فَقَدْ عَلِقَا بهَا قَبلَ الأوَانِ |
| وَأوّلُ لَفْظَةٍ فَهِمَا وَقَالا: | إغَاثَةُ صَارِخٍ أوْ فَكُّ عَانِ |
| وَكنْتَ الشّمسَ تَبهَرُ كلّ عَينٍ | فكَيفَ وَقَدْ بَدَتْ معَها اثنَتَانِ |
| فَعَاشَا عيشةَ القَمَرَينِ يُحْيَا | بضَوْئِهِمَا وَلا يَتَحَاسَدَانِ |
| وَلا مَلَكَا سِوَى مُلْكِ الأعَادي | وَلا وَرِثَا سِوَى مَنْ يَقْتُلانِ |
| وَكَانَ ابْنا عَدُوٍّ كَاثَرَاهُ | لَهُ يَاءَيْ حُرُوفِ أُنَيْسِيَانِ |
| دُعَاءٌ كالثّنَاءِ بِلا رِئَاءٍ | يُؤدّيهِ الجَنَانُ إلى الجَنَانِ |
| فَقد أصْبَحتَ منهُ في فِرِنْدٍ | وَأصْبَحَ منكَ في عَضْبٍ يَمَانِ |
| وَلَوْلا كَوْنُكُمْ في النّاسِ كانوا | هُرَاءً كالكَلامِ بِلا مَعَانِ |
أغلب الحيزين ما كنت فيه
| أغلَبُ الحَيّزَيْنِ ما كنتَ فِيهِ | وَوَليُّ النَّمَاءِ مَنْ تَنْمِيهِ |
| ذا الذي أنْتَ جَدُّهُ وَأبُوهُ | دِنْيَةً دونَ جَدّهِ وَأبيهِ |
ألناس ما لم يروك أشباه
| ألنّاسُ ما لم يَرَوْكَ أشْباهُ | والدّهْرُ لَفْظٌ وأنتَ مَعْناهُ |
| والجُودُ عَينٌ وأنْتَ ناظِرُها | والبأسُ باعٌ وأنتَ يُمْناهُ |
| أفْدي الذي كلُّ مَأزِقٍ حَرِجٍ | أغْبَرَ فُرْسانُهُ تَحَاماهُ |
| أعْلى قَنَاةِ الحُسَينِ أوْسَطُها | فيهِ وأعْلى الكَميّ رِجْلاهُ |
| تُنْشِدُ أثُوابُنا مَدائِحَهُ | بِألْسُنٍ ما لَهُنّ أفْواهُ |
| إذا مَرَرْنا على الأصَمّ بهَا | أغْنَتْهُ عَنْ مِسْمَعَيْهِ عَيْناهُ |
| سُبحانَ مَن خارَ للكَواكِبِ بالـ | ـبُعْدِ ولَوْ نُلْنَ كُنّ جَدواهُ |
| لَوْ كانَ ضَوْءُ الشّموسِ في يَده | لَصاعَهُ جُودُهُ وأفْنَاهُ |
| يا راحِلاً كُلُّ مَنْ يُوَدّعُهُ | مُوَدِّعٌ دينَهُ ودُنْيَاهُ |
| إنْ كانَ فيما نَراهُ مِنْ كَرَمٍ | فيكَ مَزيدٌ فَزادَكَ الله |