ستبلغ مدحة غراء عني

سَتَبْلُغُ مِدْحَةٌ غَرّاءُ عَنّي – بَبطنِ العِرْضِ سُفيانَ بن عمرِو
كَرِيمَ هَوَازِنٍ وَأمِيرَ قَوْمي – وَسَبْقاً بالمَكارِم كُلَّ مُجْرِ
فَلَسْتَ بِوَاجِدٍ قَوْماً إذا مَا – أجادُوا للوَفَاءِ كَأهْلِ حَجْرِ
هُمُ الأثْرَوْنَ وَالأعْلَوْنَ لَمّا – تَأمّرَتِ القَبَائِلُ كُلَّ أمْرِ
أبَوْا أنْ يَغْدِرُوا وَأبَى أبُوهُمْ – حَنِيفَةُ أنْ يُوَازَنَ يَوْمَ فَخْرِ
وَمَا تَدْعُو حَنِيفَةُ حِينَ تَلْقَى – إذا احْمَرّ الجِلادُ بِآلِ بَكْرِ
ولَكِنْ يَنْتَمُونَ إلى أبِيهِمْ – حَنِيفَةَ، يَوْمَ مَلْحَمَةٍ وَصَبرِ
وَلَوْ بِأُباضَ إذْ لاقَوْا جِلاداً – بأيْدي مِثْلِهِمْ وَسُيُوفُ كُفْرِ
لَذادُوا عَنْ حَرِيمِهِمِ بضَرْبٍ – كَأفْوَاهِ الأوَارِكِ، أيَّ هَبْرِ
ولَكِنْ جالَدُوا مَلَكاً كِرَاماً – هُمُ فَضّوا القَبَائِلَ يَوْمَ بَدْرِ
قصيدة للشاعر الفرزدق

أقول لصاحبي من التعزي

أقُولُ لِصَاحبَيّ مِن التّعَزّي – وقد نَكّبنَ أكثِبَةَ العُقارِ
أعِينَاني عَلى زَفَرَاتِ قلبٍ – يَحِنّ بِرَامَتَينِ إلى النَّوَارِ
إذا ذُكِرَتْ نَوَارُ لَهُ اسْتَهَلّت – مَدامِعُ مُسْبِلِ العَبَرَاتِ جَارِ
فَلَمْ أرَ مِثْلَ ما قَطَعَتْ إلَيْنَا – مِن الظُّلَمِ الحَنادِسِ وَالصّحارِي
تَخُوضُ فُرُوجَهُ حَتى أتَتْنَا – عَلى بُعْدِ المُنَاخِ مِنَ المَزَارِ
وَكَيْفَ وِصَالُ مُنقَطِعٍ طَرِيدٍ – يَغُورُ مَعَ النّجومِ إلى المَغَارِ
كَسَعْتُ ابنَ المَرَاغَةِ حِينَ وَلّى – إلى شَرّ القَبَائِلِ وَالدّيَارِ
إلى أهْلِ المَضَايِقِ مِنْ كُلَيْبٍ – كِلابٍ تَحْتَ أخْبِيَةٍ صِغَارِ
ألا قَبَحَ الإلَهُ بَني كُلَيْبٍ – ذَوِي الحُمُرَاتِ وَالعَمَدِ القِصَارِ
نِسَاءٌ بِالمَضَايِقِ مَا يُوَارِي – مَخَازِيَهُنّ مُنْتَقَبُ الخِمَارِ
ولَوْ تُرْمى بِلُؤمِ بَني كُلَيْبٍ – نُجُومُ اللّيلِ ما وَضَحَتْ لسارِي
وَلَوْ لَبِسَ النّهارَ بَنُو كُلَيْبٍ – لَدَنّسَ لُؤمُهُمْ وَضَحَ النّهارِ
وَمَا يَغْدُو عَزِيزُ بَني كُلَيْبٍ – لِيَطْلُبَ حَاجَةً إلاّ بِجَارِ
بَنُو السِّيدِ الأشَائِمُ للأعَادِي – نَمَوْني لِلْعُلَى وَبَنو ضِرَارِ
وَعَائِذَةُ الّتي كَانَتْ تَمِيمٌ – تُقَدّمُهَا لِمَحْمِيَةِ الذِّمَارِ
وَأصْحابُ الشّقِيقَةِ يَوْمَ لاقَوْا – بعني شَيْبانَ بِالأسَلِ الحِرَارِ
وَسَامٍ عَاقِدٍ خرَزاتِ مُلكٍ – يَقُودُ الخَيْلَ تَنْبِذُ بِالمهارِ
أنَاخَ بِهِمْ مُغاضَبَةً فَلاقَى – شَعُوبَ المَوتِ أوْ حَلَقَ الإسَارِ
وَفَضّلَ آلَ ضَبّةَ كُلَّ يَومٍ – وَقَائِعُ بِالمُجَرَّدَةِ العَوَارِي
وَتَقْدِيمٌ، إذا اعْتَرَكَ المَنَايَا – بجُرْدِ الخَيْلِ في اللُّجَجِ الغِمَارِ
وَتَقْتِيلُ المُلُوكِ، وَإنّ مِنْهُم – فَوَارِسَ يَوْمَ طِخْفَةَ وَالنِّسارِ
وَإنّهُمُ هُمُ الحَامُونَ لَمّا – تَوَاكَل مَنْ يَذُودُ عَنِ الذِّمَارِ
وَمِنْهُمْ كانَتِ الرّؤسَاءُ قِدْماً – وَهُمْ قَتلُوا العَدُأ بِكُلّ دارِ
فَمَا أمْسَى لِضَبّةَ مِنْ عَدُوٍّ – يَنَامُ، وَلا يُنِيمُ مِنَ الحِذَارِ

سما لك شوق من نوار

سمَا لَكَ شَوْقٌ مِنْ نَوَارٍ – وَدُونَها سَوَيْقَةُ وَالدَّهْنا وَعَرْضُ جِوَائِها
وَكُنْتَ، إذا تُذْكَرْ نَوَارُ – فإنّها لِمُندمِلاتِ النّفسِ تَهياضُ دائِها
وأرْضٍ بها جَيْلانُ رِيحٍ مَرِيضَةٍ – يَغُضّ البَصِيرُ طَرْفَهُ من فَضَائِها
قَطَعْتُ على عَيْرَانَةٍ حِمْيَرِيّةٍ – كُمَيت يئطّ النِّسْعُ من صُعدائِها
وَوَفْرَاء لم تُخْرَزْ بِسَيْرٍ وَكِيَعةٍ – غَدَوْتُ بِها طَيّاً يَدي في رِشَائِها
ذَعَرْتُ بها سِرْباً نَقِيّاً، كَأنّهُ – نُجُومُ الثّرَيّا أسْفَرَتْ من عَمائِهَا
فعادَيتُ منِها بين تَيْسٍ وَنَعْجَةٍ – وَرَوّيْتُ صَدرَ الرُّمْحِ قَبلَ عَنائِها
ألِكْني إلى ذُهْلِ بنِ شيبانَ – إنّني رَأيْتُ أخَاهَا رَافِعاً لِبِنَائِها
لَقَدْ زَادَني وُدّاً لِبَكْرِ بنِ وَائِلٍ – إلى وُدّهَا المَاضي وَحُسْنِ ثَنائِها
بلاءُ أخِيهِمْ، إذْ أُنِيخَت – مَطِيّتي إلى قّبّةٍ، أضْيَافُهُ بِفَنَائِها
جَزَى الله عَبْدَ الله لَمّا تَلَبّسَت – أُموري، وَجاشَتْ أنفُسٌ من ثَوَائِها
إلَيْنَا، فَبَاتَتْ لا تَنَامُ كَأنّهَا – أُسَارَى حَدِيدٍ أُغْلِقَتْ بِدِمائِها
بِجَابِيَةِ الجَوْلانِ بَاتَتْ عُيُونُنَا – كَأنّ عَوَاوِيراً بِها مِنْ بُكَائِها
أرِحْني أبَا عبْدِ المَلِيكِ، فَما أرَى – شِفَاءً مِنَ الحاجَاتِ دُونَ قضَائِها
وَأنْتَ امْرُؤٌ للصُّلْبِ مِنْ مُرّةَ التي – لهَا، مِنْ بَني شَيْبَانَ، رُمْحُ لِوَائِها
هُمُ رَهَنُوا عَنهُمْ أباكَ، فَما أَلَوا – عَنِ المُصْطَفَى مِنْ رَهْنِها لِوَفائِها
فَفَكّ مِنْ الأغلالِ بَكْرَ بنَ وَائلٍ – وَأعطى يَداً عَنهُمْ لهمْ من غَلائِها
قصيدة للفرزدق

النصح أرخص ما باع الرجال فلا

النصحُ أرخص ماباع الرجالُ فلا  -  ترددْ على ناصحٍ نُصْحًا ولا تَلُمِ
إِن النصائحَ لا تخفَى مَناهِجُها  -  على الرجالِ ذوي الألبابِ والفهمِ

لما أجيلت سهام القوم فاقتسموا

لمّا أُجِيلَتْ سِهامُ القَوْمِ فاقتَسَمُوا – صَارَ المُغِيرَةُ في بيْتِ الخَفَافِيشِ
في مَنْزلٍ ما لَهُ في سُفْلِهِ سَعَة – وَإنْ تعرَقّى بصُعْدٍ غَيرِ مَفْرُوشِ
إلاّ على رَأسِ جِذْعٍ باتَ يَنقرهُ – جِرْذانُ سَوءٍ وَفَرخ غَيرُ ذي رِيشٍ
أبيات شعر قصيرة للشاعر الفرزدق

ولما رأيت النفس صار نجيها

وَلَمّا رَأيْتُ النّفْس صَارَ نَجِيُّها – إلى عازِماتٍ مِنْ وَرَاءِ ضُلُوعي
أبَتْ نَاقَتي إلاّ زِيَاداً وَرَغْبَتي – وَما الجُودُ مِنْ أخْلاقِهِ بِبَدِيعِ
فَتىً غَيرُ مِفْرَاحٍ بِدُنْيَا يُصِيبُها – وَمِنْ نَكَباتِ الدّهْرِ غَيرُ جَزُوعِ
ولمْ أكُ أوْ تَلْقَى زِياداً مَطِيّتي – لأكْحَلَ عَيْنَي صَاحِبي بِهجُوعِ
ألا لَيْتَ عَبْدِيَّيْنِ يَجْتَزرَانها – إذا بَلّغَتْني نَاقَتي ابنَ رَبِيعِ
زِياداً، وَإنْ تَبْلُغْ زِياداً فَقَدْ أتَت – فَتىً لِبِنَاءِ المَجْدِ غَيْرَ مُضِيعِ
نَمَاهُ بَنُو الدّيّانِ في مُشْمَخرّةٍ – إلى حَسَبٍ عِنْدَ السّمَاءِ رَفِيعِ
وَكانَ خَليلي قَبْلَ سُلْطانِ ما رَمَى – إلَيْهِ، فَما أدْرِي بِأيّ صَنِيعِ
لَنَا يَقْضِينّ الله، وَالله قادِر – عَلى كلّ مَالٍ صَامِتٍ وَزُرُوعِ
وَلَوْلا رَجائي فَضْلَ كفّيكَ لم تَعد – إلى هَجَرٍ أنْضَاؤنَا لرُجُوعِ
أمِيرٌ، وَذو قُرْبَى، وَكِلْتَاهُما لنا – إلَيْهِ مَعَ الدّيّانِ خَيْرُ شَفِيعِ
وَكَانَ بَنُو الدّيَّانِ زَيْناً لِقَوْمِهِم – وَأرْكَانَ طَودٍ بِالأرَاكِ مَنِيعِ
وَكانَ خدِيجٌ وَالنّجاشِيُّ مِنْهُمُ – ذَوَيْ طِعْمَةٍ في المَجدِ ذاتِ دَسيعِ
هِما طَلَبَا شَعْرانَ حَتى حَبَاهُما – بعَضْبٍ وَألْفٍ في الصِّرَارِ جميعِ
قصيدة للشاعر الفرزدق