ألا أيها القوم الذين أتاهم

ألا أيّهَا القَوْمُ الّذِينَ أتَاهُمُ – غَداةَ ثَوَى الجَرّاحُ، إحدى العَظايمِ
إلى مَنْ يُلَوّي بعَدَهُ الهامُ، إذْ ثَوى – حَيا الناسِ، والقَرْمُ الذي للمَرَاجمِ
رَفِيقُ نَبيِّ الله في الغُرْفَةِ الّتي – إلَيْها انْتَهَى مِنْ عَيشِهِ كلُّ ناعِمِ
وَماتَ معَ الجَرّاح مَن يحشُدُ القِرَى – وَمَن يَضرِبُ الأبطالَ فوْقَ الجماجمِ
فَما تَرَكَ الجَرّاحُ، إذْ ماتَ، بعَدَهُ – مُجيراً على الأيّام ذات الجَرَائِمِ
إذا التَقَتِ الأقرَانُ وَالخَيلُ والتَقَتْ – أسنّتُها بَينَ الذُّكُورِ الصَّلادِمِ
وَمَنْ بَعدَهُ تَدعو النّساءُ إذا سَعَت – وَقَدْ رَفَعَتْ عَنهُ ذُيُولَ المَخادِمِ
وَكانَ إلى الجَرّاحِ يَسعى، إذا رَأت – حياضَ المَنَايا عَيْنُهُ، كلُّ جارِمِ
وَقَدْ عَلِمَ السّاعي إلَيْهِ لَيَعْطِفَن – لَهُ حَبْل مَنّاعٍ منَ الخَوْفِ سالمِ
لتَبْكِ النّساءُ السّاعِياتُ، إذا دَعَت – لها حامِياً، يَوْماً، ذمَارَ المَحَارِمِ
وَتَبْكِ عَلَيْهِ الشّمسُ والقمرُ الذي – بهِ يَدَعُ السّارِينَ مِيلَ العمَائمِ
وَقَدْ كَانَ ضَرّاباً عَرَاقِيبَها الّتي – ذُرَاها قِرىً تحتَ الرّياح العَوَارِمِ
قصيدة شعر للشاعر الفرزدق

أأن أرعشت كفا أبيك وأصبحت

أأنْ أرْعَشَتْ كَفّا أبيكَ وَأصْبَحَتْ – يَداكَ يَدا لَيْثٍ، فإنّكَ جاذِبُهْ
إذا غَلَبَ ابنٌ بالشّبَابِ أباً لَهُ – كَبيراً، فَإنّ الله لا بُدّ غَالِبُهْ
رَأيْتُ تَباشِيرَ العُقُوقِ هِيَ الّتي – من ابنِ امرِىءٍ ما إن يَزالُ يُعاتبُهْ
وَلمّا رَآني قَدْ كَبِرْتُ، وَأنّني – أخو الحَيّ، واستغنى عن المَسحِ شارِبُهْ
أصَاخَ لِغِرْبَانِ النّعِيّ، وَإنّهُ – لأزورُ عَنْ بَعْضِ المَقالَةِ جانِبُهْ
قصيدة عن الأب للشاعر الفرزدق

أقول لصاحبي من التعزي

أقُولُ لِصَاحبَيّ مِن التّعَزّي – وقد نَكّبنَ أكثِبَةَ العُقارِ
أعِينَاني عَلى زَفَرَاتِ قلبٍ – يَحِنّ بِرَامَتَينِ إلى النَّوَارِ
إذا ذُكِرَتْ نَوَارُ لَهُ اسْتَهَلّت – مَدامِعُ مُسْبِلِ العَبَرَاتِ جَارِ
فَلَمْ أرَ مِثْلَ ما قَطَعَتْ إلَيْنَا – مِن الظُّلَمِ الحَنادِسِ وَالصّحارِي
تَخُوضُ فُرُوجَهُ حَتى أتَتْنَا – عَلى بُعْدِ المُنَاخِ مِنَ المَزَارِ
وَكَيْفَ وِصَالُ مُنقَطِعٍ طَرِيدٍ – يَغُورُ مَعَ النّجومِ إلى المَغَارِ
كَسَعْتُ ابنَ المَرَاغَةِ حِينَ وَلّى – إلى شَرّ القَبَائِلِ وَالدّيَارِ
إلى أهْلِ المَضَايِقِ مِنْ كُلَيْبٍ – كِلابٍ تَحْتَ أخْبِيَةٍ صِغَارِ
ألا قَبَحَ الإلَهُ بَني كُلَيْبٍ – ذَوِي الحُمُرَاتِ وَالعَمَدِ القِصَارِ
نِسَاءٌ بِالمَضَايِقِ مَا يُوَارِي – مَخَازِيَهُنّ مُنْتَقَبُ الخِمَارِ
ولَوْ تُرْمى بِلُؤمِ بَني كُلَيْبٍ – نُجُومُ اللّيلِ ما وَضَحَتْ لسارِي
وَلَوْ لَبِسَ النّهارَ بَنُو كُلَيْبٍ – لَدَنّسَ لُؤمُهُمْ وَضَحَ النّهارِ
وَمَا يَغْدُو عَزِيزُ بَني كُلَيْبٍ – لِيَطْلُبَ حَاجَةً إلاّ بِجَارِ
بَنُو السِّيدِ الأشَائِمُ للأعَادِي – نَمَوْني لِلْعُلَى وَبَنو ضِرَارِ
وَعَائِذَةُ الّتي كَانَتْ تَمِيمٌ – تُقَدّمُهَا لِمَحْمِيَةِ الذِّمَارِ
وَأصْحابُ الشّقِيقَةِ يَوْمَ لاقَوْا – بعني شَيْبانَ بِالأسَلِ الحِرَارِ
وَسَامٍ عَاقِدٍ خرَزاتِ مُلكٍ – يَقُودُ الخَيْلَ تَنْبِذُ بِالمهارِ
أنَاخَ بِهِمْ مُغاضَبَةً فَلاقَى – شَعُوبَ المَوتِ أوْ حَلَقَ الإسَارِ
وَفَضّلَ آلَ ضَبّةَ كُلَّ يَومٍ – وَقَائِعُ بِالمُجَرَّدَةِ العَوَارِي
وَتَقْدِيمٌ، إذا اعْتَرَكَ المَنَايَا – بجُرْدِ الخَيْلِ في اللُّجَجِ الغِمَارِ
وَتَقْتِيلُ المُلُوكِ، وَإنّ مِنْهُم – فَوَارِسَ يَوْمَ طِخْفَةَ وَالنِّسارِ
وَإنّهُمُ هُمُ الحَامُونَ لَمّا – تَوَاكَل مَنْ يَذُودُ عَنِ الذِّمَارِ
وَمِنْهُمْ كانَتِ الرّؤسَاءُ قِدْماً – وَهُمْ قَتلُوا العَدُأ بِكُلّ دارِ
فَمَا أمْسَى لِضَبّةَ مِنْ عَدُوٍّ – يَنَامُ، وَلا يُنِيمُ مِنَ الحِذَارِ

ألا من مبلغ عني زيادا

ألا مَنْ مُبْلِغٌ عَنّي زِيَاداً – بِأنّي قَدْ لَجَأتُ إلى سَعِيدِ
وَأني قَدْ فَرَرْتُ إلَيْهِ مِنْكُم – إلى ذي المَجْدِ وَالحَسَبِ التّلِيدِ
فِرَاراً مِنْ شَتِيمِ الوَجْهِ وَرْدٍ – يُفِزُّ الأُسْدَ خَوْفاً بِالوَعِيدِ
قصيدة للفرزدق

إن تك كلبا من كليب فإنني

إنْ تَكُ كَلْباً مِنْ كُلَيْبٍ، فإنّني – مِنَ الدّراِمِيّينَ الطّوَالِ الشّقاشِقِ
نَظَلّ نَدامَى للمُلُوكِ، وَأنْتُمُ – تُمَشَّونَ بِالأرْبَاقِ مِيلَ العَوَاتِقِ
وَإنّا لَتَرْوَى بالأكُفّ رِمَاحُنَا – إذا أُرْعِشَتْ أيْدِيكُمْ بِالمَعالِق
وإنَّ ثِيَابَ المُلْكِ في آلِ دَارِم – هُمْ وَرِثوهَا. لا كُلَيْبُ الحَّواهِق
ثِيَابُ أبي قَابُوسَ أوْرَثَها ابْنَهُ – وأوْرَثَنَاهَا عَنْ مُلُوكِ المَشَارِق
وَإنّا لَتَجْرِي الخَمْرُ بَينَ سَرَاتِنا – وَبَينَ أبي قَابُوسَ فَوْقَ النّمَارِقٍ
لَدُنْ غُدْوَةً حَتى نَرُوحَ، وَتَاجُهُ – عَلَينا وَذاكي المِسْكِ فَوْقَ المَفارِقِ
كُلَيبٌ وَرَاءَ النّاسِ تُرْمَى وُجوهُها – عَن المَجدِ لا تَدنو لِباب السّرَادِقِ
وإنّ ثِيَابي مِنْ ثِيَابِ مُحَرِّقٍ – وَلمْ أسْتَعِرْها مِنْ مُعاعٍ وَنَاعِقِ
يَظَلّ لَنَا يَوْمانِ: يَوْمٌ نُقِيمُهُ – نَدامَى وَيَوْمٌ في ظِلالِ الخَوافِقِ
وَلَوْ كنتَ تحتَ الأرْضِ شَقّ حديدَها – قَوَافيَّ عَنْ كَلْبٍ معَ اللّحدِ لاصِقِ
خَرَجْنَ كَنِيرَانِ الشّتَاءِ عَواصِياً – إلى أهْلِ دَمْخٍ من وَرَاءِ المَخارِقِ
على شأوِ أُولاهُنّ، حتى تَنَازَعَت – بهِنّ رُوَاةٌ مِنْ تَنُوخٍ وَغَافِقِ
وَنَحْنُ إذا عَدّتْ تَمِيمٌ قَدِيمَها – مَكانَ النّواصِي من وُجُوهِ السّوَابقِ
مَنَعْتُكَ مِيرَاثَ المُلُوكِ وَتَاجَهُم – وَأنْتَ لذَرْعي بَيْذَقٌ في البَياذِقِ
قصيدة هجاء للشاعر الفرزدق

تضعضع طودا وائل بعد مالك

تَضَعْضَعَ طَوْدَا وَائِلٍ بَعْدَ مَالِكٍ – وَأصْبَحَ مِنْهَا مِعطَسُ العزّ أجْدَعا
فَأينَ أبُو غَسّانَ للجَارِ وَالقِرَى – وَللحَرْبِ إنْ هُزّ القَنَا فَتَزَعْزَعا
لَقَدْ بانَ لمْ يُسبَقْ بوِتْرٍ، وَلمْ يَدَعْ – إلى الغَرَضِ الأقصَى من المَجدِ منزَعا
أبيات قصيرة للفرزدق