أَنا العاشِقُ العاني وَإِن كُنتَ لا تَدري – أُعيذُكَ مِن وَجدٍ تَغَلغَلَ في صَدري |
خَليلَيَ هَذا اللَيلُ في زَيِّهِ أَتى – فَقُم نَلتَمِس لِلسُهدِ دِرعاً مِنَ الصَبرِ |
وَهَذا السُرى نَحوَ الحِمى يَستَفِزُّنا – فَهَيّا وَإِن كُنّا عَلى مَركَبٍ وَعرِ |
خَليلَيَ هَذا اللَيلُ قَد طالَ عُمرُهُ – وَلَيسَ لَهُ غَيرُ الأَحاديثِ وَالذِكرِ |
فَهاتِ لَنا أَذكى حَديثٍ وَعَيتَهُ – أَلَذُّ بِهِ إِنَّ الأَحاديثَ كَالخَمرِ |
أيدري المسلمون بمن أصيبوا
أَيَدري المُسلِمونَ بِمَن أُصيبوا – وَقَد وارَوا سَليماً في التُرابِ |
هَوى رُكنُ الحَديثِ فَأَيُّ قُطبٍ – لِطُلّابِ الحَقيقَةِ وَالصَوابِ |
مُوَطَّأَ مالِكٍ عَزِّ البُخاري – وَدَع لِلَّهِ تَعزِيَةَ الكِتابِ |
فَما في الناطِقينِ فَمٌ يُوَفّي – عَزاءَ الدينِ في هَذا المُصابِ |
قَضى الشَيخُ المُحَدِّثُ وَهوَ يُملي – عَلى طُلّابِهِ فَصلَ الخِطابِ |
وَلَم تَنقُص لَهُ التِسعونَ عَزماً – وَلا صَدَّتهُ عَن دَركِ الطِلابِ |
وَما غالَت قَريحَتَهُ اللَيالي – وَلا خانَتهُ ذاكِرَةُ الشَبابِ |
أَشَيخَ المُسلِمينَ نَأَيتَ عَنّا – عَظيمَ الأَجرِ مَوفورَ الثَوابِ |
لَقَد سَبَقَت لَكَ الحُسنى فَطوبى – لِمَوقِفِ شَيخِنا يَومَ الحِسابِ |
إِذا أَلقى السُؤالَ عَلَيكَ مُلقٍ – تَصَدّى عَنكَ بِرُّكِ لِلجَوابِ |
وَنادى العَدلُ وَالإِحسانُ إِنّا – نُزَكّي ما يَقولُ وَلا نُحابي |
قِفوا يا أَيُّها العُلَماءُ وَاِبكوا – وَرَوّوا لَحدَهُ قَبلَ الحِسابِ |
فَهَذا يَومُنا وَلَنَحنُ أَولى – بِبَذلِ الدَمعِ مِن ذاتِ الخِضابِ |
عَلَيكَ تَحِيَّةُ الإِسلامِ وَقفاً – وَأَهليهِ إِلى يَومِ المَآبِ |
يا قوم عيني شامت
يا قَوْمُ عَيْنَيّ شامَتْ – للجَهْلِ في الجوِّ نارا |
تَتْلو سَحاباً رُكاماً – يَتْلو قَتاماً مُثارا |
يُثيرُ في الأرضِ ريحاً – يُهيجُ فيها غُبارا |
تُلْفي الشَّديدَ صَريعاً – تُبْقي الأديبَ حِمارا |
مِنها الفَضاءُ ظَلامٌ – والنَّاسُ منْها سُكارى |
قَدْ أوْرَثَتْهُمْ دُواراً – وأعْقَبَتْهُمْ خُمارا |
لا يَعْرِفُ المَرْءُ مِنها – لَيْلاً رأى أمْ نَهارا |
يَخالُ كُلَّ خَيالٍ – سَرَى تَسَرْبَلَ فارا |
يا قَوْمُ سِرتُمْ حَثيثاً – خُطًى وَرَاءً كِبارا |
نَبَذْتُمُ العِلْمَ نَبْذَ ال – نَّوى قِلًى وصَغارا |
لَبِسْتُم الجَهْلَ ثَوْباً – تَخَذْتُموهُ شِعارا |
يا قَوْمُ مَا لي أراكُمْ – قَطَنْتُمُ الجَهْلَ دارا |
أضَعْتُمُ مَجْدَ قَوْمٍ – شادوا الحَياةَ فَخارا |
أبْقوا سَماءَ المَعالي – بِما أضاءوا مَنارا |
حاكوا لَكُمْ ثَوْبَ عِزٍّ – خَلَعْتُموهُ احتِقارا |
ثمَّ ارتديتم – لَبوسَ خِزيٍ وعارا |
يا لَيْتَ قَوْمي أصاخوا – لِما أقولُ جِهارا |
يا شِعْرُ أسْمَعْتَ لكِنْ – قَوْمي أراهُمْ سُكارى |
فلا تُبالِ إِذا مَا – أعْطوا نِداكَ ازْوِرارا |
واصبِرْ على مَا تُلاقي – واصْدَعْ وُقيتَ العِثارا |
في جبال الهموم أنبت أغصاني
في جبالِ الهمومِ أنْبتُّ أغصاني – فَرَفتْ بين الصخور بِجُهْدِ |
وتَغَشَّانيَ الضَبابُ فأورقتُ – وأزْهَرتُ للعَواصفِ وَحْدي |
وتمايلتُ في الظَّلامِ وعَطّرتُ – فَضاءَ الأسى بأنفاسِ وَردي |
وبمجدِ الحياةِ والشوقِ غنَّيْتُ – فلم تفهمِ الأعاصيرُ قَصْدي |
ورَمَتْ للوهادِ أفنانيَ الخضْرَ – وظلّتْ في الثَّلْجِ تحفر لَحْدي |
ومَضتْ بالشَّذى فَقُلتُ ستبني – في مروجِ السَّماءِ بالعِطر مَجْدي |
وتَغَزلْتُ بالرَّبيعِ وبالفجرِ – فماذا ستفعلُ الرّيحُ بعدي |
نمى يا بابلي إليك شوقي
نَمى يا بابِلِيُّ إِلَيكَ شَوقي – وَعَيني لازَمَت سَكبَ الدُموعِ |
وَلَو أَنّي تَرَكتُ سَراحَ قَلبي – لَطارَ إِلَيكَ مِن قَفَصِ الضُلوعِ |
أيها القائمون بالأمر فينا
أَيُّها القائِمونَ بِالأَمرِ فينا – هَل نَسَيتُم وَلاءَنا وَالوِدادا |
خَفِّضوا جَيشَكُم وَناموا هَنيئا – وَاِبتَغوا صَيدَكُم وَجوبوا البِلادا |
وَإِذا أَعوَزَتكُمُ ذاتُ طَوقٍ – بَينَ تِلكَ الرُبا فَصيدوا العِبادا |
إِنَّما نَحنُ وَالحَمامُ سَواءٌ – لَم تُغادِر أَطواقُنا الأَجيادا |
لا تَظُنّوا بِنا العُقوقَ وَلَكِن – أَرشِدونا إِذا ضَلِلنا الرَشادا |
لا تُقيدوا مِن أُمَّةٍ بِقَتيلٍ – صادَتِ الشَمسُ نَفسَهُ حينَ صادا |
جاءَ جُهّالُنا بِأَمرٍ وَجِئتُم – ضِعفَ ضِعفَيهِ قَسوَةً وَاِشتِدادا |
أَحسِنوا القَتلَ إِن ضَنِنتُم بِعَفوٍ – أَقِصاصاً أَرَدتُمُ أَم كِيادا |
أَحسِنوا القَتلَ إِن ضَنَنتُم بِعَفوٍ – أَنُفوساً أَصَبتُمُ أَم جَمادا |
لَيتَ شِعري أَتِلكَ مَحكَمَةُ التَفتيشِ – عادَت أَم عَهدُ نيرونَ عادا |
كَيفَ يَحلو مِنَ القَوِيِّ التَشَفّي – مِن ضَعيفٍ أَلقى إِلَيهِ القِيادا |
إِنَّها مُثلَةٌ تَشُفُّ عَن الغَيظِ – وَلَسنا لِغَيظِكُم أَندادا |
أَكرِمونا بِأَرضِنا حَيثُ كُنتُم – إِنَّما يُكرِمُ الجَوادُ الجَوادا |
إِنَّ عِشرينَ حِجَّةً بَعدَ خَمسٍ – عَلَّمَتنا السُكونَ مَهما تَمادى |
أُمَّةُ النيلِ أَكبَرَت أَن تُعادي – مَن رَماها وَأَشفَقَت أَن تُعادى |
لَيسَ فيها إِلّا كَلامٌ وَإِلّا – حَسرَةٌ بَعدَ حَسرَةٍ تَتَهادى |
أَيُّها المُدَّعي العُمومِيُّ مَهلاً – بَعضَ هَذا فَقَد بَلَغتَ المُرادا |
قَد ضَمِنّا لَكَ القَضاءَ بِمِصرٍ – وَضَمِنّا لِنَجلِكَ الإِسعادا |
فَإِذا ما جَلَستَ لِلحُكمِ فَاِذكُر – عَهدَ مِصرٍ فَقَد شَفَيتَ الفُؤادا |
لا جَرى النيلُ في نَواحيكِ يا مِصرُ – وَلا جادَكِ الحَيا حَيثُ جادا |
أَنتِ أَنبَتِّ ذَلِكَ النَبتَ يا مِصرُ – فَأَضحى عَلَيكِ شَوكاً قَتادا |
أَنتِ أَنبَتِّ ناعِقاً قامَ بِالأَمسِ – فَأَدمى القُلوبَ وَالأَكبادا |
إيهِ يا مِدرَةَ القَضاءِ وَيا مَن – سادَ في غَفلَةِ الزَمانِ وَشادا |
أَنتَ جَلّادُنا فَلا تَنسَ أَنّا – قَد لَبِسنا عَلى يَدَيكَ الحِدادا |