يا قوم عيني شامت

يا قَوْمُ عَيْنَيّ شامَتْ – للجَهْلِ في الجوِّ نارا
تَتْلو سَحاباً رُكاماً – يَتْلو قَتاماً مُثارا
يُثيرُ في الأرضِ ريحاً – يُهيجُ فيها غُبارا
تُلْفي الشَّديدَ صَريعاً – تُبْقي الأديبَ حِمارا
مِنها الفَضاءُ ظَلامٌ – والنَّاسُ منْها سُكارى
قَدْ أوْرَثَتْهُمْ دُواراً – وأعْقَبَتْهُمْ خُمارا
لا يَعْرِفُ المَرْءُ مِنها – لَيْلاً رأى أمْ نَهارا
يَخالُ كُلَّ خَيالٍ – سَرَى تَسَرْبَلَ فارا
يا قَوْمُ سِرتُمْ حَثيثاً – خُطًى وَرَاءً كِبارا
نَبَذْتُمُ العِلْمَ نَبْذَ ال – نَّوى قِلًى وصَغارا
لَبِسْتُم الجَهْلَ ثَوْباً – تَخَذْتُموهُ شِعارا
يا قَوْمُ مَا لي أراكُمْ – قَطَنْتُمُ الجَهْلَ دارا
أضَعْتُمُ مَجْدَ قَوْمٍ – شادوا الحَياةَ فَخارا
أبْقوا سَماءَ المَعالي – بِما أضاءوا مَنارا
حاكوا لَكُمْ ثَوْبَ عِزٍّ – خَلَعْتُموهُ احتِقارا
ثمَّ ارتديتم – لَبوسَ خِزيٍ وعارا
يا لَيْتَ قَوْمي أصاخوا – لِما أقولُ جِهارا
يا شِعْرُ أسْمَعْتَ لكِنْ – قَوْمي أراهُمْ سُكارى
فلا تُبالِ إِذا مَا – أعْطوا نِداكَ ازْوِرارا
واصبِرْ على مَا تُلاقي – واصْدَعْ وُقيتَ العِثارا
قصيدة أبو القاسم الشابي