فأْرٌ رأَى القِطَّ على الجِدارِ |
مُعَذَّباً في أَضيَقِ الحِصار |
والكلبُ في حالتهِ المعهوده |
مستجمعاً للوثبة ِ الموعوده |
فحاولَ الفأرُ اغتنامَ الفرصه |
وقال أكفي القطَّ هذي الغصَّه |
لعلّه يكتبُ بالأمانِ |
لي ولأَصحابي من الجيران |
فسارَ للكلبِ على يديهِ |
ومَكَّنَ الترابَ من عينَيه |
فاشتغل الرّاعي عن الجدار |
ونزلَ القطُّ على بدار |
مبتهجاً يفكر في وليمه |
وفي فريسة ٍ لها كريمه |
يجعلها لِخَطْبِه علامه |
يذكرُها فيذكرُ السَّلامه |
فجاءَ ذاكَ الفأرُ في الأثناءِ |
وقال: عاشَ القِطُّ في هَناءِ |
رأَيتَ في الشِّدّة ِ من إخلاصِي |
ما كان منها سببَ الخلاص |
وقد أتيتُ أطلبُ الأمانا |
فامنُنْ به لِمعشَري إحسانا |
فقال: حقّاً هذه كرامَه |
غنيمة ٌ وقبلَها سَلامه |
يكفيكَ فخراً يا كريمَُ الشِّمه |
أَنك فأرُ الخطْبِ والوليمه |
وانقَضَّ في الحالِ على الضَّعيفِ |
يأكلُه بالمِلحِ والرغيف |
فقلت في المقام قوْلاً شاعا |
«مَنْ حفِظَ الأَعداءَ يوماً ضاعا» |