تزود منها نظرة لم تدع له

تَزَوّدَ مِنْهَا نَظْرَةً لمْ تَدَعْ لَهُ – فُؤاداً وَلمْ تَشْعُرْ بِمَا قَدْ تَزَوّدَا
فَلَمْ أرَ مَقْتُولاً وَلمْ أرَ قَاتِلاً – بِغَيرِ سِلاحٍ مِثْلَهَا حِينَ أقْصَدَا
فَإلاّ تُفَادي أوْ تَدِيهِ، فَلا أرَى – لهَا طَالِباً إلاّ الحُسَامَ المُهَنّدَا
كَأنّ السّيُوفَ المَشْرَفِيّةَ في البُرَى – إذا اللّيْلُ عَنْ أعْناقِهِنّ تَقَدَّدَا
حَرَاجيجُ بَينَ العَوْهَجيّ وَدَاعِرٍ – تَجُرُّ حَوَافِيهَا السّرِيحَ المُقَدَّدَا
طَوَالِبَ حَاجاتٍ بِرُكْبَانِ شُقّةٍ – يَخُضْنَ خُدارِيّاً من اللّيلِ أسوَدَا
وَمَا تَرَكَ الأيّامُ والسَّنَةُ الّتي – تَعَرّقَ نَابَاهَا السّنَامَ المُصَعَّدَا
لَنَا وَالمَوَاشي باليَتَامَى يَقُدْنَهُم – إلى ظِلّ قِدرٍ حَشَّها حِينَ أوْقَدَا
أخُو شَتَواتٍ يَرْفَعُ النّارَ للقِرَى – إذا كَعَمَ الكَلْبَ اللّئيمُ وَأخْمَدَا
وَرِثتَ ابنَ حرْبٍ وَابنَ مَرْوَانَ وَالذي – بِهِ نَصَرَ الله النّبيَّ مُحَمّدَا
تَرَى الوَحْشَ يَسَتحيينَهُ إذْ عَرَفنَه – لَهُ فَوْقَ أرْكانِ الجَرَاثيمِ سُجّدَا
أبَى طِيبُ كَفّيْكَ الكَثِيرِ نَداهُمَا – وَإعطاؤكَ المَعرُوفَ أنْ تَتَشَدّدَا
لحَقْنِ دَمٍ أوْ ثَرْوَةٍ مِنْ عَطِيّةٍ – تكونُ حيَا مَن حَلّ غَوْراً وَأنجَدَا
وَلَوْ صَاحَبَتْهُ الأنْبِيَاءُ ذَوُو النّهى – رَأوْهُ مَعَ المُلْكِ العَظِيمِ المُسَوَّدَا
وَمَا سَالَ في وَادٍ كَأوْدِيَةٍ لَهُ – دَفَعْنَ مَعاً في بَحْرِهِ حِينَ أزْبَدَا
وَبَحْرُ أبي سُفْيَانَ وَابْنَيْهِ يَلْتَقي – لَهُنّ إذا يَعْلُو الحَصِينَ المُشَيَّدَا
رَأيْتَ مِنَ الأنْعَامِ في حَافَتَيْهِما – بَهائِمَ قَدْ كُنّ الغُثَاءَ المُنَضَّدَا
فَلا أُمَّ إلا أم عيسى عَلِمْتُهَا – كَأُمّكَ خَيراً أُمّهَاتٍ وَأمْجَدَا
وَإنْ عُدّتِ الآباءُ كنتَ ابنَ خَيرِهم – وَأمْلاكِها الأوْرَينَ في المَجْدِ أزْنُدَا
شاعر العصر الاموي الفرزدق التميمي

اترك تعليقاً