معالي العهد قمت بها فطيما

معالي العهدِ قمتَ بها فطيماوكانَ إليكَ مرجعها قديما
تنقَّلْ من يدٍ ليدٍ كريماكروحِ الله إذ خلفَ الكليما
تَنَحَّى لابنِ مريمَ حينَ جاءَوخلَّى النَّجْمُ لِلقَمَرِ الفَضاءَ
ضِياءٌ لِلعيون تَلا ضِياءَيَفيضُ مَيامِناً، وهدى ً عَميما
كذا أنتم بني البيتِ الكريمِوهل مُتَجَزِّىء ٌ ضوْءُ النُّجوم؟
وأَين الشُّهْبُ من شرفٍ صَميمِتألقَ عقدهُ بكمو نظيما؟
أرى مستقبلاً يبدو عجاباوعنواناً يكنُّ لنا كتابا
وكان محمدٌ أملاً شهاباوكان اليأسُ شيطاناً رجيما
وأَشرقتِ الهياكِلُ والمبانيكما كانت وأزينَ في الزمانِ
وأصبحَ ما تكنُّ من المعانيعلى الآفاق مسطوراً رقيما
سألتُ، فقيل له: وضعتهُ طفلاوهذا عِيدُهُ في مِصْرَ يُجْلَى
 في انتفاضٍ كانتفاضِ البلبل
فقلت: كذلِكم آنَسْتُ قَبْلافأَما أَنتَ يا نجلَ المعالي
يمنتزهِ الإمارة ِ هلَّ فجراهلالاً في منازله أغرَّا
فباتت مِصرُ حوْلَ المهدِ ثغراوباتَ الثغر للدنيا نديما
لجيلكَ في عدٍ جيلِ المعاليوشعبِ المجدِ والهممِ العوالي
… أَزُفُّ نوابغَ الكَلِمِ الغَواليوأُهدِي حكمتي الشَّعْبَ الحكيما
إذا أَقبلتَ يا زمن البنيناوشَبُّوا فيك واجتازوا السنينا
فدُرْ مِنْ بَعدِنا لهُم يَميناوكن لوُرودِك الماءَ الحميما
ويا جيلَ الأميرِ، إذا نشأتاوشاءً الجدُّ أن تعطى ، وشئتا
فخذ سُبُلاً إلى العلياء شَتَّىوخلِّ دليلكَ الدينَ القويما
وضِنَّ به، فإن الخير فيهوخُذْهُ من الكتابِ وما يَليهِ
ولا تأخُذْهُ من شَفَتَيْ فقيهِولا تهجرْ مع الدين العلوما
وثقْ بالنفسِ في كلِّ الشئونِوكن مما اعتقدتَ على يَقين
كأنك من ضميرك عند دينفمن شرفِ المبادىء أن تقيما
وإن ترمِ المظاهرَ في الحياةفرُمْها باجتهادِك والثباتِ
وخذها بالمساعي باهراتِتنافسُ في جلالتها النجوما
وإن تخرجْ لحربٍ أو سلامِفأقدمْ قبلَ إقدامِ الأنام
وكن كالليث: يَأْتي من أَمامِفيَمْلأ كلَّ ناطِقة ٍ وُجُوما
وكنْ شَعْبَ الخصائصِ والمزايافأقدمْ قبلَ إقدامِ الأنام
وكن كالنحلِ والدُنيا الخلايايمرُّ بها، ولا يَمضِي عَقيما
ولا تطمحْ إلى طَلَبِ المُحالِولا تقنعْ إلى هجرِ المعالي
فإن أَبطأنَ فاصبرْ غيرَ سالِكصبرِ الأنبياءِ لها قديما
ولا تقبَلْ لغير الله حُكماولا تحمل لغير الدهرِ ظلما
ولا ترضَ القليلَ الدُّونَ قسماإذا لم تقدرِ الأمرَ المروما
ولا تيأَسْ، ولا تكُ بالضَّجُورولا تثِقَنَّ من مَجرَى الأُمورِ
فليسَ مع الحوادثِ من قديرِولا أَحدٌ بما تأْتِي عليما
وفي الجُهّالِ لا تَضَع الرجاءَكوَضع الشمْسِ في الوَحَلِ الضِّياءَ
يَضيعُ شُعاعُها فيه هَباءَوكان الجهلُ ممقوتاً ذَميما
وبالغ في التدبر والتحريولا تَعجَلْ، وثِق من كلِّ أَمر
وكن كالأُسْدِ: عند الماءِ تجرِيوليست وُرَّداً حتى تَحوما
وما الدنيا بمثوى للعبادِفكن ضَيْفَ الرِّعاية ِ والوِدادِ
ولا تَستَكثِرَنّ من الأَعاديفشَرُّ الناسِ أَكثرُهم خُصوما
ولا تجعلْ تودُّدَكَ ابتِذَالاولا تسمحْ بحلمك أن يذالا
وكن ما بين ذاك وذاك حالافلن تُرضِي العدُوَّ ولا الحميما
وصلِّ صلاة َ من يرجو ويخشىوقبلَ الصَّوْمِ صُمْ عن كلِّ فَحْشا
ولا تحسب بأن الله يرشىوأَنَّ مُزَكِّياً أَمِنَ الجحيما
لكلِّ جنى زكاة ٌ في الحياة ِومعنى البِرِّ في لفظِ الزكاة
وما لله فينا من جُباة ِولا هو لاِمْرِىء ٍ زكَّى غَرِيما
فإن تكُ عالماً فاعملْ، وفَطِّنْوإن تك حاكماً فاعدِلْ، وأَحسِنْ
وإن تك صانعاً شيئاً فأَتقِنْوكن للفرْضِ بعدئذٍ مُقيما
وصُنْ لغة ً يَحِقُّ لها الصِّيانُفخيرُ مظاهِرِ الأُممِ البَيَانُ
وكان الشعبُ ليس له لِسانُغريباً في مواطنه مضيما
ألم ترها تنالُ بكل ضيرِوكان الخيرُ إذ كانت بخير؟
أَيَنطِقُ في المَشَارقِ كلُّ طيرِويبقى أهلها رخماً وبوما؟‍
فعلِّمْها صغيرَك قبلَ كلِّودعْ دعوى تمدُّنهم وخلِّ
فما بالعيِّ في الدنيا التحلِّيولا خَرَسُ الفتى فضلاً عظيما
وخذ لغة َ المعاصرِ، فهيَ دنياولا تجعل لِسانَ الأَصلِ نسْيَا
كما نقلَ الغرابُ فضلَّ مشياوما بلغَ الجديدَ، ولا القديما
لجيلك يومَ نشأته مقاليفأما أنتَ يا نجلَ العالي
فتنظرُ من أَبيكَ إلى مِثاليُحيِّرُ في الكمالات الفهُوما
نصائحُ ما أَردتُ بها لأَهدِيولا أبغي بها جدواكَ بعدي
ولكنِّي أحبُّ النَّفعَ جهديوكان النفع في الدنيا لزوما
فإن أقرئتَ – يا مولاي – شعريفإن أَباك يَعرِفُه ويَدْرِي
وجدُّكَ كان شأوي حينَ أجريفأَصرَعُ في سوابِقِها تَميما
بنونا أنتَ صبحهمو الأجلُّوعهدكَ عصمة ٌ لهمو وظلُّ
فلمْ لا نَرْتَجيكَ لهم وكلُّيعيشُ بأَنْ تعيش وأَن تَدوما؟
أحمد شوقي

اترك تعليقاً