وَفاؤكُما كالرَّبْع أشْجاهُ طاسمه |
بأنْ تُسعِدا والدّمْعُ أشفاهُ ساجِمُهْ |
وما أنَا إلاّ عاشِقٌ كلُّ عَاشِقٍ |
أعَقُّ خَليلَيْهِ الصّفِيّينِ لائِمُهْ |
وقَدْ يَتَزَيّا بالهَوَى غَيرُ أهْلِهِ |
ويَستَصحِبُ الإنسانُ مَن لا يُلائمُهْ |
بَليتُ بِلى الأطْلالِ إنْ لم أقِفْ بها |
وُقوفَ شَحيحٍ ضاعَ في التُّرْبِ خاتمُهْ |
كَئيباً تَوَقّاني العَواذِلُ في الهَوَى |
كمَا يَتَوَقّى رَيّضَ الخَيلِ حازِمُهْ |
قِفي تَغرَمِ الأولى من اللّحظِ مُهجتي |
بثانِيَةٍ والمُتْلِفُ الشّيْءَ غارِمُهْ |
سَقاكِ وحَيّانَا بكِ الله إنّمَا |
على العِيسِ نَوْرٌ والخدورُ كمائِمُهْ |
وما حاجةُ الأظعانِ حَوْلَكِ في الدّجى |
إلى قَمَرٍ ما واجدٌ لكِ عادِمُهْ |
إذا ظَفِرَتْ منكِ العُيونُ بنَظرَةٍ |
أثابَ بها مُعيي المَطيّ ورازِمُهْ |
حَبيبٌ كأنّ الحُسنَ كانَ يُحِبّهُ |
فآثَرَهُ أوْ جارَ في الحُسنِ قاسِمُهْ |
تَحُولُ رِماحُ الخَطّ دونَ سِبائِهِ |
وتُسبَى لَهُ منْ كلّ حَيٍّ كرائِمُهْ |
وَيُضْحي غُبارُ الخَيلِ أدنَى سُتُورِهِ |
وآخِرُها نَشْرُ الكِباءِ المُلازِمُهْ |
وما اسْتَغْرَبَتْ عَيني فِراقاً رأيْتُهُ |
ولا عَلّمَتْني غَيرَ ما القلبُ عالمُهْ |
فَلا يَتَّهِمْني الكاشِحونَ فإنّني |
رَعَيتُ الرّدى حتى حَلَتْ لي علاقمُهْ |
مُشِبُّ الذي يَبكي الشّبابَ مُشيبُهُ |
فكَيفَ تَوَقّيهِ وبانِيهِ هادِمُهْ |
وتَكْمِلَةُ العَيشِ الصِّبا وعَقيبُهُ |
وغائِبُ لَوْنِ العارِضَينِ وقادِمُهْ |
وما خَضَبَ النّاسُ البَياضَ لأنّهُ |
قَبيحٌ ولكِنْ أحْسَنُ الشَّعرِ فاحِمُهْ |
وأحسَنُ مِنْ ماءِ الشّبيبَةِ كُلّهِ |
حَيَا بارِقٍ في فازَةٍ أنا شائِمُهْ |
عَلَيها رِياضٌ لم تَحُكْها سَحابَةٌ |
وأغصانُ دَوْحٍ لمْ تُغَنِّ حَمَائِمُهْ |
وفَوْقَ حَواشي كلّ ثَوْبٍ مُوَجَّهٍ |
من الدُّرّ سِمْطٌ لم يُثَقّبْهُ ناظِمُهْ |
تَرَى حَيَوانَ البَرّ مُصْطَلِحاً بِهِ |
يُحارِبُ ضِدٌّ ضِدَّهُ ويُسالِمُهْ |
إذا ضَرَبَتْهُ الرّيحُ ماجَ كَأنّهُ |
تجولُ مَذاكيه وتَدأى ضَراغِمُهْ |
وفي صورةِ الرّوميّ ذي التّاجِ ذِلّةٌ |
لأبْلَجَ لا تيجانَ إلاّ عَمائِمُهْ |
تُقَبّلُ أفْواهُ المُلُوكِ بِساطَهُ |
ويَكْبُرُ عَنها كُمُّهُ وبَراجِمُهْ |
قِياماً لمَنْ يَشفي مِنَ الدّاءِ كَيُّهُ |
ومَن بَينَ أُذْنَيْ كلّ قَرْمٍ مَواسمُهْ |
قَبائِعُها تَحْتَ المَرافِقِ هَيْبَةً |
وأنْفَذُ ممّا في الجُفُونِ عَزائِمُهْ |
لَهُ عَسكَرَا خَيْلٍ وطَيرٍ إذا رَمَى |
بها عَسكَراً لم يَبقَ إلاّ جَماجمُهْ |
أجِلّتُها مِنْ كلّ طاغٍ ثِيابُهُ |
ومَوْطِئُها مِن كلّ باعٍ مَلاغمُهْ |
فَقَدْ مَلّ ضَوْءُ الصّبْحِ ممّا تُغيرُهُ |
ومَلّ سَوادُ اللّيلِ ممّا تُزاحِمُهْ |
ومَلّ القَنَا ممّا تَدُقّ صُدورَهُ |
ومَلّ حَديدُ الهِنْدِ ممّا تُلاطِمُهْ |
سَحابٌ مِنَ العِقبانِ يزْحَفُ تحتَها |
سحابٌ إذا استَسقتْ سقتها صَوارِمُهْ |
سلَكتُ صُروفَ الدّهرِ حتى لقيتُهُ |
على ظَهرِ عَزْمٍ مُؤيَداتٍ قَوائِمُهْ |
مَهالِكَ لم تَصْحَبْ بها الذئبَ نَفسُه |
ولا حَمَلَتْ فيها الغُرابَ قَوادِمُهْ |
فأبصَرْتُ بَدراً لا يَرَى البدرُ مِثْلَهُ |
وخاطَبْتُ بحْراً لا يرى العِبرَ عائِمُهْ |
غَضِبْتُ لَهُ لمّا رَأيْتُ صِفاتِهِ |
بلا واصِفٍ والشِّعرُ تهذي طَماطِمُهْ |
وكنتُ إذا يَمّمْتُ أرضاً بَعيدَةً |
سرَيتُ فكنْتُ السرّ واللّيلُ كاتمُهْ |
لقد سَلّ سيفَ الدّولَةِ المَجدُ مُعلَماً |
فلا المَجدُ مخفيه ولا الضّرْبُ ثالمُهْ |
على عاتِقِ المَلْكِ الأغَرِّ نِجادُهُ |
وفي يَدِ جَبّارِ السّماواتِ قائِمُهْ |
تُحارِبُهُ الأعداءُ وهْيَ عَبيدُهُ |
وتَدّخِرُ الأمْوالَ وهْيَ غَنائِمُهْ |
ويَستَكبرُونَ الدّهرَ والدّهْرُ دونَهُ |
ويَستَعظِمونَ المَوتَ والموْتُ خادمُهْ |
وإنّ الذي سَمّى عَلِيّاً لَمُنْصِفٌ |
وإنّ الذي سَمّاهُ سَيفاً لَظالمُهْ |
وما كلُّ سَيفٍ يَقْطَعُ الهَامَ حَدُّهُ |
وتَقْطَعُ لَزْباتِ الزّمانِ مَكارِمُهْ |