أين أزمعت أيهذا الهمام

أيْنَ أزْمَعْتَ أيّهذا الهُمامُنَحْنُ نَبْتُ الرُّبَى وأنتَ الغَمامُ
نَحْنُ مَن ضايَقَ الزّمانُ له فيــكَ وخانَتْهُ قُرْبَكَ الأيّامُ
في سَبيلِ العُلى قِتالُكَ والسّلْــمُ وهذا المُقامُ والإجْذامُ
لَيتَ أنّا إذا ارْتَحَلْتَ لكَ الخَيْــلُ وأنّا إذا نَزَلْتَ الخِيامُ
كُلَّ يَوْمٍ لكَ احْتِمالٌ جَديدٌومَسيرٌ للمَجْدِ فيهِ مُقامُ
وإذا كانَتِ النّفُوسُ كِباراًتَعِبَتْ في مُرادِها الأجْسامُ
وكَذا تَطْلُعُ البُدورُ عَلَيْنَاوكَذا تَقْلَقُ البُحورُ العِظامُ
ولَنَا عادَةُ الجَميلِ منَ الصّبْــرِ لَوَ انّا سِوَى نَوَاكَ نُسامُ
كُلُّ عَيْشٍ ما لم تُطِبْهُ حِمامٌكلُّ شَمسٍ ما لم تكُنْها ظَلامُ
أزِلِ الوَحْشَةَ التي عِندَنَا يامَن بِهِ يأنَسُ الخَميسُ اللُّهامُ
والذي يَشهَدُ الوَغَى ساكِنَ القَلــبِ كَأنّ القِتالَ فيها ذِمَامُ
والذي يَضرِبُ الكَتائِبَ حتىتَتَلاقَى الفِهاقُ والأقدامُ
وإذا حَلّ ساعَةً بمَكانٍفأذاهُ عَلى الزّمانِ حَرامُ
والذي تُنْبِتُ البِلادُ سُرُورٌوالذي تَمْطُرُ السّحابُ مُدامُ
كُلّما قيلَ قَد تَناهَى أرانَاكَرَماً ما اهتَدَتْ إليهِ الكِرامُ
وكِفاحاً تَكِعُّ عَنْهُ الأعاديوارْتِياحاً تَحارُ فيهِ الأنامُ
إنّما هَيْبَةُ المُؤمَّلِ سَيْفِ الــدوْلَةِ المَلْكِ في القلوبِ حُسامُ
فكَثيرٌ مِنَ الشّجاعِ التّوَقّيوكَثيرٌ مِنَ البَليغِ السّلامُ
قصيدة شعر أبو الطيب المتنبي