نظرَ الليثُ إلى عجلٍ سمينْ |
كان بالقربِ على غيْطٍ أَمينْ |
فاشتهتْ من لحمه نفسُ الرئيس |
وكذا الأنفسُ يصبيها النفيس |
قال للثعلبِ: يا ذا الاحتيال |
رأسكَ المحبوبُ، أو ذاك الغزال! |
فدعا بالسعدِ والعمرِ الطويل |
ومضى في الحالِ للأمرِ الجليل |
وأتى الغيظَ وقد جنَّ الظلام |
فأرى العجلَ فأهداهُ السلام |
قائلاً: يا أيها الموْلى الوزيرْ |
أنت أهلُ العفوِ والبرِّ الغزير |
حملَ الذئبَ على قتلي الحسد |
فوشَى بي عندَ مولانا الأَسد |
فترامَيْتُ على الجاهِ الرفيع |
وهْوَ فينا لم يزَل نِعمَ الشَّفيع! |
فبكى المغرورُ من حالِ الخبيث |
ودنا يسأَلُ عن شرح الحديث |
قال: هل تَجهلُ يا حُلْوَ الصِّفات |
أَنّ مولانا أَبا الأَفيالِ مات؟ |
فرأَى السُّلطانُ في الرأْس الكبير |
ولأَمْرِ المُلكِ ركناً يُذخر |
ولقد عدُّوا لكم بين الجُدود |
مثل آبيسَ ومعبودِ اليهود |
فأَقاموا لمعاليكم سرِير |
عن يمين الملكِ السامي الخطير |
واستَعدّ الطير والوحشُ لذاك |
في انتظار السيدِ العالي هناك |
فإذا قمتمْ بأَعباءِ الأُمورْ |
وانتَهى الأُنسُ إليكم والسرورْ |
برِّئُوني عندَ سُلطانِ الزمان |
واطلبوا لي العَفْوَ منه والأمان |
وكفاكم أنني العبدُ المطيع |
أخدمُ المنعمَ جهدَ المستطيع |
فأحدَّ العجلُ قرنيه، وقال: |
أَنت مُنذُ اليومِ جاري، لا تُنال! |
فامْضِ واكشِفْ لي إلى الليثِ الطريق |
أنا لا يشقى لديه بي رفيق |
فمَضى الخِلاَّنِ تَوّاً للفَلاه |
ذا إلى الموتِ، وهذا للحياه |
وهناك ابتلعَ الليثُ الوزير |
وحبا الثعلبَ منه باليسير |
فانثنى يضحكُ من طيشِ العُجولْ |
وجَرى في حَلْبَة ِ الفَخْر يقولْ: |
سلمَ الثعلبُ بالرأسِ الصغير |
فقداه كلُّ ذي رأسٍ كبير! |