| كانَ لِلغربانِ في العصرِ مَلِيكْ | وله في النخلة ِ الكبرى أريكْ |
| فيه كرسيٌّ، وخِدْرٌ، ومُهودْ | لصغارِ الملك أصحابِ العهود |
| جاءهُ يوماً ندورُ الخادمُ | وهوَ في البابِ الأمينُ الحازمُ |
| قال: يا فرعَ الملوكِ الصالحينْ | أنت ما زلتَ تحبُّ الناصحينْ |
| سوسة ٌ كانت على القصرِ تدورْ | جازتْ القصرَ، ودبتْ في الجدور |
| فابعث الغربانَ في إهلاكها | قبلَ أن نهلكَ في أشراكها |
| ضحكَ السلطانُ من هذا المقال | ثم أدنى خادمَ الخير، وقال: |
| أنا ربُّ الشوكة ِ الضافي الجناح | أنا ذو المنقارِ، غلاَّبُ الرياح |
| أَنا لا أَنظُرُ في هَذي الأُمور | أَنا لا أُبصِرُ تَحتي بانُدور |
| ثُمَّ لَمّا كانَ عامٌ بَعدَ عام | قامَ بَينَ الريحِ وَالنَخلِ خِصام |
| وَإِذا النَخلَةُ أَقوى جِذعُها | فَبَدا لِلريحِ سَهلاً قَلعُها |
| فهوتْ للأرضِ كالتلِّ الكبير | وَهَوَى الديوانُ، وانقضَّ السَّرير |
| فدها السلطان ذا الخطبُ المهول | ودعا خادمه الغالي يقول: |
| يا ندورَ الخير، أسعفْ بالصياح | ما تَرى ما فعلَتْ فينا الرياح؟ |
| قال: يا مولايَ، لا تسأل ندور | أنا لا أنظر في هذي الأمور! |