تَنازَعَ الغزالُ والخروفُ | وقال كلٌّ: إنه الظَّريف |
فرأَيا التَّيْسَ؛ فظَنَّا أَنّه | أعطاهُ عقلاً منْ أطالَ ذقنه ! |
فكلَّفاه أَن يُفَتِّشَ الفَلا | عن حكمٍ له اعتبارٌ في الملا |
ينظُرُ في دَعواهُما بالدِّقه | عساهُ يُعطِي الحقَّ مُسْتحِقَّه |
فسارَ للبحثِ بلا تواني | مفتخرا بثقة ِ الإخوانِ |
يقول: عِندي نظرة ٌ كبيرهْ | ترفعُ شأنَ التيسِ في العشيره |
وذاكَ أن أجدرَ الثناءِ | بالصِّدْقِ ما جاءَ من الأَعداءِ |
وإنني إذا دعوْتُ الذِّيبَا | لا يستطيعانِ له تكذيبا |
لكونه لا يعرفُ الغزالا | وليس يُلقِي للخروفِ بالا |
ثم أتى الذِّيبً ، فقال : طلبتي | أنتَ ، فسرْ معي ، وخذْ بلحيتي ! |
وقادَه للموضِع المعروفِ | فقامَ بين الظَّبيينِ بالأظافرِ |
وقال للتيس : انطلقْ لشأنكا | ما قتَل الخَصْمَيْن غيْرُ ذَقنكا! |
أحمد شوقي
أحمد شوقي علي أحمد شوقي بك هو شاعر مصري أحد أعظم شعراء العصر الحديث ولقبه أمير الشعراء ولد و توفي في القاهرة.
من أَعجَبِ الأَخبارِ أنّ الأَرنبا
من أَعجَبِ الأَخبارِ أنّ الأَرنبا | لمَّا رأَى الدِّيكَ يَسُبُّ الثعْلبا |
وهوَ على الجدارِ في أمانِ | يغلبُ بالمكانِ ، لا الإمكانِ |
داخَلهُ الظنُّ بأَنّ الماكرا | أمسى من الضّعفِ يطيقُ الساخرا |
فجاءَهُ يَلْعَنُ مثل الأَوَّلِ | عدادَ ما في الأرضِ من مغفَّلِ |
فعصفَ الثعلبُ بالضعيفِ | عصفَ أخيهِ الذِّيبِ بالخروف |
وقال : لي في دمكَ المسفوكِ | تسلية ٌ عن خيْبتي في الديكِ! |
فالتفتَ الديكُ إلى الذبيح | وقال قولَ عارِفٍ فصيح |
ما كلَّنا يَنفعُهُ لسانُهْ | في الناسِ مَن يُنطقُه مَكانُهْ! |
كان ذئب يتغذى
كان ذئبٌ يتغذى | فجرتْ في الزّوْر عَظمه |
ألزمتهُ الصومَ حتى | فَجعَتْ في الروح جسْمَهْ |
فأَتى الثعلَبُ يبكي | ويُعزِّي فيه أُمَّه |
قال : يا أمَّ صديقي | بيَ مما بكِ عمَّهْ |
فاصبري صبراً جميلاً | إنْ صبرَ الأمِّ رحمة |
فأجابتْ : يا ابنَ أختي | كلُّ ما قد قلتَ حكمة |
ما بيَ الغالي ، ولكن | قولُهُم: ماتَ بِعظْمَه |
ليْته مثلَ أَخيه | ماتَ محسوداً بتُخْمَة |
هِرَّتي جِدُّ أَليفَهْ
هِرَّتي جِدُّ أَليفَهْ | وهْي للبيتِ حليفهْ |
هي ما لم تتحركْ | دمية البيتِ الظريفه |
فإذا جاءتْ وراحتْ | زِيدَ في البيتِ وصِيفه |
شغلها الفارُ: تنقِّي الرَّ | فَّ منه والسَّقيفَهْ |
وتقومُ الظهرَ والعصـ | ـرَ بأورادٍ شريفه |
ومن الأَثوابِ لم تملِـ | ـكْ سوى فروٍ قطيفه |
كلما استوسخَ، أو آ | وى البراغيثَ المطيفه |
غسَلَتْه، وكوَتْه | بأَساليبَ لطيفه |
وحَّدَتْ ما هو كالحمَّا | م والماءِ وظيفه |
صيَّرَتْ ريقتَها الصَّا | بونَ، والشاربَ ليفه |
لا تمرَّنَّ على العين | ولا بالأنفِ جيفه |
وتعوَّدْ أن تلاقى | حسنَ الثوبِ نظيفه |
إنما الثوْبُ على الإنـ | ـانِ عنوانُ الصحيفه |
لي جدَّة ٌ ترأفُ بي
لي جدَّة ٌ ترأفُ بي | أحنى عليَّ من أبي |
وكلُّ شيءٍ سرَّني | تذهب فيه مَذهبي |
إن غضبَ الأهلُ عليَّ | كلُّهم لم تغضبِ |
بمشى أَبي يوماً إليَّ | مشية َ المؤدِّبِ |
غضبانَ قد هدَّدَ بالضرْ | ب وإن لم يَضرِبِ |
فلم أَجِد لي منهُ | غيرَ جَدَّتي من مَهرَبِ |
فجعَلتني خلفَها | أنجو بها، وأختبي |
وهْيَ تقولُ لأَبي | بِلهجة المؤنِّبِ: |
ويحٌ لهُ! ويحٌ لِهـ | ـذا الولدِ المعذَّبِ! |
أَلم تكن تصنعُ ما | يَصنعُ إذ أَنت صبي؟ |
الحيوانُ خَلْقُ
الحيوانُ خَلْقُ | له عليْكَ حَقُّ |
سَخَّرَه الله لكا | وللعِبادِ قبلَكا |
حَمُولة ُ الأَثقالِ | ومُرْضِعُ الأَطفالِ |
ومُطْعمُ الجماعهْ | وخادِمُ الزِّراعه |
مِنْ حقِّهِ أَن يُرْفَقا | به وألا يرهقا |
إن كلَّ دعه يسترحْ | وداوِه إذا جُرِحْ |
ولا يجعْ في داركا | أَو يَظْمَ في جِوارِكا |
بهيمة ٌ مسكينُ | يشكو فلا يُبينُ |
لسانه مقطوع | وما له دُموع! |