فديتكَ ما الغدرُ منْ شيمتي | قديماً وَلا الهَجرُ مِن مَذْهَبي |
وهبني كما تدعي مذنباً | أما يقبلُ العذرَ منْ مذنبِ |
وَأوْلى الرّجالِ بِعَتْبٍ أخٌ | يكرُّ العتابَ على معتبِ |
أبو فراس الحمداني
أبو فراس الحمداني و إسمه الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني التغلبي الربعي هو شاعر من العصر العباسي ولد في الموصل وتوفي في حمص.
الزمني ذنباً بلا ذنبِ
الزمني ذنباً بلا ذنبِ | وَلَجّ في الهِجْرَانِ وَالعَتْبِ |
أحاولُ الصبرَ على هجرهِ | وَالصّبْرُ مَحْظُورٌ علَى الصّبّ |
وَأكْتُمُ الوَجْدَ، وَقَدْ أصْبَحَتْ | عينايَ عينينِ على القلبِ |
قدْ كنتُ ذا صبرٍ وذا سلوة ٍ | فاستشهدا في طاعة ِ الحبِّ |
ياليلُ ؛ ما أغفلَ ، عما بي
ياليلُ ؛ ما أغفلَ ، عما بي ، | حبائبي فيكًَ وأحبابي |
يا ليلُ ، نامَ الناسُ عنْ موضعٍ | ناءٍ، عَلى مَضْجَعِهِ نَابي |
هبتْ لهُ ريحٌ شامية ٌ | مَتّتْ إلى القَلْبِ بِأسْبَابِ |
أدتْ رسالاتِ حبيبٍ لنا | فَهِمْتُهَا مِنْ بَيْنَ أصْحَابي |
أبنيتي ، لا تحزني
أبنيتي ، لا تحزني | كلُّ الأنامِ إلى ذهابِ |
أبنيتي ، صبراً جميـ | ـلاً للجَليلِ مِنَ المُصَاب! |
نُوحِي عَلَيّ بِحَسْرَة ٍ! | من خَلفِ سترِك وَالحجابِ |
قُولي إذَا نَادَيْتِني، | و عييتِ عنْ ردِّ الجوابِ : |
زينُ الشبابِ ، ” أبو فرا | سٍ، لمْ يُمَتَّعْ بِالشّبَابِ! |
وَقَفَتْني عَلى الأَسَى وَالنّحِيبِ
وَقَفَتْني عَلى الأَسَى وَالنّحِيبِ | مُقْلَتَا ذَلِكَ الغَزَالِ الرّبِيب |
كلما عادني السلوُّ ؛ رماني | غنْجُ ألحاظِهِ بِسَهْمٍ مُصِيبِ |
فَاتِرَاتٍ قَوَاتِلٍ، فَاتِنَاتٍ، | فاتكاتٌ سهامها في القلوبِ |
هَلْ لِصَبٍّ مُتَيَّمٍ مِنْ مُعِينٍ؟ | و لداءٍ مخامرٍ منْ طبيبِ ؟ |
أيّهَا المُذْنِبُ المُعَاتِبُ حَتى | خِلْتُ أنّ الذّنُوبَ كانَتْ ذُنوبي |
كنْ كما شئتَ منْ وصالٍ وهجرٍ | غِيَرُ قَلْبي عَلَيْكَ غَيرُ كَئِيبِ |
لكَ جسمُ الهوى ، وثغرُ الأقاحي ، | و نسيمُ الصبا ، وقدُّ القضيبِ |
قَد جَحدتَ الهَوَى وَلكِنْ أقَرّتْ | سِيمِيَاءُ الهَوَى وَلَحظُ المُرِيبِ |
أنا في حالتي وصالٍ وهجرٍ | من جوى الحبِّ في عذابٍ مذيبِ |
بينَ قربٍ منغصٍ بصدودٍ | ووصالٍ منغصٍ برقيبِ |
يَا خَلِيليَّ، خَلِّياني وَدَمْعي | إنّ في الدّمْعِ رَاحَة َ المَكْرُوبِ |
ما تقولانِ في جهادٍ محبٍ | وَقَفَ القَلْبَ في سَبِيلِ الحَبِيبِ؟ |
هلْ منَْ الظاعنينَ مهدٍ سلامي | للفَتى المَاجِدِ الأرِيبِ الأدِيبِ؟ |
ابنُ عَمّي الدّاني عَلى شَحطِ دارٍ | وَالقرِيبُ المَحَلّ غَيرُ قَرِيبِ |
خالصُ الودِّ ، صادقُ الوعدِ ، أنسي | في حُضُورِي مُحافظٌ في مَغِيبي |
كُلَّ يَوْمٍ يُهْدي إليّ رِيَاضاً | جادها فكرهُ بغيثٍ سكوبِ |
وارداتٍ بكلِ أنسٍ وبرٍّ | وَافِدَاتٍ بِكُلّ حُسْنٍ وَطِيبِ |
” يابنَ نصرٍ ” وقيتَ بؤسَ الليالي | و صروفَ الردى ، وكربَ الخطوبِ |
بَانَ صَبْرِي لمّا تَأمّلَ طَرْفي: | بَانَ صَبري ببَينِ ظَبيٍ رَبِيبِ |
يا ضَارِبَ الجَيشِ بي في وَسْطِ مَفرِقهِ
يا ضَارِبَ الجَيشِ بي في وَسْطِ مَفرِقهِ | لقدْ ضربتَ بنفسِ الصارمِ الغضبِ |
لا تَحرُزُ الدّرْعُ عَني نَفسَ صَاحبِها | وَلا أُجِيرُ ذِمَامَ البِيضِ وَاليَلَبِ |
و لا أعودُ برمحي غيرَ منحطمٍ | و لا أروحُ بسيفي غيرَ مختضبِ |
حَتى تَقُولَ لَكَ الأعْداءُ رَاغِمَة ً | ” أضحى ابنُ عمكَ هذا فارسَ العربِ “ |
هيهاتَ لا أجحدُ النعماءَ منعمها | خلفتَ ” يابنَ أبي الهيجاءِ ” فيَّ أبي؟ |
يَا مَنْ يُحاذِرُ أنْ تَمضِي عَليّ يَدٌ | مَا لي أرَاكَ لبِيضِ الهِندِ تسمحُ بي؟ |
و أنتَ بي منْ أضنِّ الناسِ كلهمِ | فكيفَ تبذلني للسمرِ والقضبِ؟ |
ما زلتُ أَجهلُهُ فضلاً وأُنكره | نعمى ، وأوسعُ منْ عجبٍ ومنْ عجبِ |
حتى رأيتكَ بينَ الناسِ مجتنباً | تُثْني عَليّ بِوَجْهٍ غَيرِ مُتّئِبِ |
فعندها ، وعيونُ الناسِ ترمقني | عَلِمْتُ أنّكَ لم تُخطىء ولَم أصِبِ |