أَبَت عَبَراتُهُ إِلّا اِنسِكابا – وَنارُ غَرامِهِ إِلّا اِلتِهابا |
|
وَمِن حَقِّ الطُلولِ عَلَيَّ أَلّا – أُغِبَّ مِنَ الدُموعِ لَها سَحابا |
|
وَما قَصَّرتُ في تَسآلِ رَبعٍ – وَلَكِنّي سَأَلتُ فَما أَجابا |
|
رَأَيتُ الشَيبَ لاحَ فَقُلتُ أَهلاً – وَوَدَّعتُ الغَوايَةَ وَالشَبابا |
|
وَما إِن شِبتُ مِن كِبَرٍ وَلَكِن – رَأَيتُ مِنَ الأَحِبَّةِ ما أَشابا |
|
بَعَثنَ مِنَ الهُمومِ إِلَيَّ رَكباً – وَصَيَّرنَ الصُدودَ لَها رِكابا |
|
أَلَم تَرَنا أَعَزَّ الناسِ جاراً – وَأَمرَعُهُم وَأَمنَعُهُم جَنابا |
|
لَنا الجَبَلُ المُطِلُّ عَلى نِزارٍ – حَلَلنا النَجدَ مِنهُ وَالهِضابا |
|
تُفَضِّلُنا الأَنامُ وَلا تُحاشي – وَنوصَفُ بِالجَميلِ وَلا نُحابى |
|
وَقَد عَلِمَت رَبيعَةُ بَل نِزارٌ – بِأَنّا الرَأسُ وَالناسُ الذُنابى |
|
وَلَمّا أَن طَغَت سُفَهاءُ كَعبٍ – فَتَحنا بَينَنا لِلحَربِ بابا |
|
مَنَحناها الحَرائِبَ غَيرَ أَنّا – إِذا جارَت مَنَحناها الحِرابا |
|
وَلَمّا ثارَ سَيفُ الدينِ ثُرنا – كَما هَيَّجتَ آساداً غِضابا |
|
أَسِنَتهُ إِذا لاقى طِعاناً – صَوارِمُهُ إِذا لاقى ضِرابا |
|
دَعانا وَالأَسِنَّةُ مُشرَعاتٌ – فَكُنّا عِندَ دَعوَتِهِ الجَوابا |
|
صَنائِعُ فاقَ صانِعُها فَفاقَت – وَغَرسٌ طابَ غارِسُهُ فَطابا |
|
وَكُنّا كَالسِهامِ إِذا أَصابَت – مَراميها فَراميها أَصابا |
|
قَطَعنَ إِلى الجِبارِ بِنا مَعاناً – وَنَكَّبنَ الصُبَيرَةَ وَالقِبابا |
|
وَجاوَزنَ البَدِيَّةَ صادِياتٍ – يُلاحِظنَ السَرابَ وَلا سَرابا |
|
عَبَرنَ بِماسِحٍ وَاللَيلُ طِفلٌ – وَجِئنَ إِلى سَلَميَةَ حينَ شابا |
|
وَقادَ نَدي بنُ جَعفَرَ مِن عُقَيلٍ – شُعوباً قَد أَسالَ بِها الشِعابا |
|
فَما شَعَروا بِها إِلّا ثَباتاً – دُوَينَ الشَدَّ تَصطَخِبُ اِصطِخابا |
|
تَناهَبنَ الثَناءَ بِصَبرِ يَومٍ – بِهِ الأَرواحُ تُنتَهَبُ اِنتِهابا |
|
تَنادَوا فَاِنبَرَت مِن كُلِّ فَجٍّ – سَوابِقُ يُنتَجَبنَ لَنا اِنتِجابا |
|
فَما كانوا لَنا إِلّا أَسارى – وَما كانَت لَنا إِلّا نِهابا |
|
كَأَنَّ نَدي بنَ جَعفَرَ قادَ مِنهُم – هَدايا لَم يُرِغ عَنها ثَوابا |
|
وَشَدّوا رَأيَهُم بِبَني قُرَيعٍ – فَخابوا لا أَبا لَهُم وَخابا |
|
وَسُقناهُم إِلى الحيرانِ سَوقاً – كَما نَستاقُ آبالاً صِعابا |
|
سَقَينا بِالرِماحِ بَني قُشَيرٍ – بِبَطنِ العُثيَرِ السُمَّ المُذابا |
|
فَلَمّا اِشتَدَّتِ الهَيجاءُ كُنّا – أَشَدَّ مَخالِباً وَأَحَدَّ نابا |
|
وَأَمنَعَ جانِباً وَأَعَزَّ جاراً – وَأَوفى ذِمَّةً وَأَقَلَّ عابا |
|
وَنَكَّبنا الفُرُقلُسَ لَم نَرِدهُ – كَأَنَّ بِنا عَنِ الماءِ اِجتِنابا |
|
وَأَمطَرنَ الجِباهَ بِمُرجَحِنَّ – وَلَكِن بِالطِعانِ المُرِّ صابا |
|
وَجُزنَ الصَحصَحانِ يَخِدنَ وَخداً – وَيَجتَبنَ الفَلاةَ بِنا اِجتِنابا |
|
وَمِلنَ عَنِ الغُوَيرِ وَسِرنَ حَتّى – وَرَدنَ عُيونَ تَدمُرَ وَالجِبابا |
|
قَرَينا بِالسَماوَةِ مِن عُقَيلٍ – سِباعَ الأَرضِ وَالطَيرِ السِغابا |
|
وَبِالصَبّاحِ وَالصَبّاحُ عَبدٌ – قَتَلنا مِن لُبابِهِمُ اللُبابا |
|
تَرَكنا في بُيوتِ بَني المُهَنّا – نَوادِبَ يَنتَحِبنَ بِها اِنتِحابا |
|
شَفَت فيها بَنو بَكرٍ حُقوداً – وَغادَرَتِ الضَبابَ بِها ضَبابا |
|
وَأَبعَدنا لِسوءِ الفِعلِ كَعباً – وَأَدنَينا لِطاعَتِها كِلابا |
|
وَشَرَّدنا إِلى الجَولانِ طَيئاً – وَجَنَّبنا سَماوَتَها جِنابا |
|
سَحابٌ ما أَناخَ عَلى عُقَيلٍ – وَجَرَّ عَلى جِوارِهِمُ ذُبابا |
|
وَمِلنا بِالخُيولِ إِلى نُمَيرٍ – تُجاذِبُنا أَعِنَّتَها جِذابا |
|
بِكُلِّ مُشَيِّعٍ سَمحٍ بِنَفسٍ – يَعِزُّ عَلى العَشيرَةِ أَن يُصابا |
|
وَما ضاقَت مَذاهِبُهُ وَلَكِن – يُهابُ مِنَ الحَمِيَّةِ أَن يُهابا |
|
وَيَأمُرَنا فَنَكفيهِ الأَعادي – هُمامٌ لَو يَشاءُ كَفى وَنابا |
|
فَلَمّا أَيقَنوا أَن لاغِياثٌ – دَعَوهُ لِلمَغوثَةِ فَاِستَجابا |
|
وَعادَ إِلى الجَميلِ لَهُم فَعادوا – وَقَد مَدّوا لِصارِمِهِ الرِقابا |
|
أَمَرَّ عَلَيهِمُ خَوفاً وَأَمناً – أَذاقَهُمُ بِهِ أَرياً وَصابا |
|
أَحَلَّهُمُ الجَزيرَةَ بَعدَ يَأسٍ – أَخو حِلمٍ إِذا مَلَكَ العِقابا |
|
دِيارُهُمُ اِنتَزَعناها اِنتِزاعاً – وَأَرضُهُمُ اِغتَصَبناها اِغتِصابا |
|
وَلَو شِئنا حَمَيناها البَوادي – كَما تَحمي أُسودُ الغابِ غابا |
|
إِذا ما أَنهَضَ الأُمراءُ جَيشاً – إِلى الأَعداءِ أَنفَذنا كِتابا |
|
أَنا اِبنُ الضارِبينَ الهامَ قِدماً – إِذا كَرِهَ المُحامونَ الضِرابا |
|
أَلَم تَعلَم وَمِثلُكَ قالَ حَقّاً – بِأَنّي كُنتُ أَثقَبَها شِهابا |