1
عندما تسطع عيناك كقنديل نحاسي،
على باب ولي من دمشق
أفرش السجادة التبريز في الأرض وأدعو للصلاه..
وأنادي، ودموعي فوق خدي: مدد
يا وحيدا.. يا أحد..
أعطني القوة كي أفنى بمحبوبي،
وخذ كل حياتي..
2
عندما يمتزج الأخضر، بالأسود، بالأزرق،
بالزيتي، بالوردي، في عينيك، يا سيدتي
تعتريني حالة نادره..
هي بين الصحو والإغماء، بين الوحي والإسراء،
بين الكشف والإيماء، بين الموت والميلاد،
بين الورق المشتاق للحب.. وبين الكلمات..
وتناديني البساتين التي من خلفها أيضاً بساتين،
الفراديس التي من خلفها أيضا فراديس،
الفوانيس التي من خلفها أيضا فوانيس..
التي من خلفها أيضا زوايا، وتكايا، ومريدون
وأطفال يغنون.. وشمع .. وموالد ..
وأرى نفسي طيور من ذهب..
وسماء من ذهب
ونوافير يثرثرن بصوت من ذهب
وأرى، فيما يرى النائم، شباكين مفتوحين..
من خلفهما تجري ألوف المعجزات..
3
عندما يبدأ في الليل، احتفال الصوت والضوء..
بعينيك .. وتمشي فرحا كل المآذن..
يبدأ العرس الخرافي الذي ما قبله عرس..
وتأتي سفن من جزر الهند، لتهديك عطورا وشموسا.
عندها..
يخطفني الوجد إلى سبع سماوات..
لها سبعة أبواب..
لها سبعة حراس..
بها سبع مقاصير.
بها سبع وصيفات..
يقدمن شرابا في كؤوس قمريه..
ويقدمن لمن مات على العشق،
مفاتيح الحياة السرمدية..
وإذا بالشام تأتيني .. نهورا.. ومياها..
وعيونا عسليه..
وإذا بي بين أمي، ورفاقي،
وفروضي المدرسيه..
فأنادي، ودموعي فوق خدي:
مدد!
يا وحيدا، يا أحد
أعطني القدرة كي أصبح في علم الهوى..
واحدا من أولياء ” الصالحيه “…
4
عندما يرتفع البحر بعينيك كسيف أخضر في الظلمات
تعتريني رغبة للموت مذبوحا على سطح المراكب
وتناديني مسافات..
تناديني بحيرات…
تناديني كواكب..
عندما يشطرني البحر إلى نصفين..
حتى تصبح اللحظة في الحب، جميع اللحظات..
ويجيء الماء كالمجنون من كل الجهات..
هادما كل جسوري..
ماحيا كل تفاصيل حياتي..
يتولاني حنين للرحيل
حيث خلف البحر بحر..
ووراء الجزر مد .. ووراء المد جزر..
ووراء الرمل جنات لكل المؤمنين
ومنارات..
ونجم غير معروف..
وعشق غير مألوف ..
وشعر غير مكتوب..
ونهد .. لم تمزقه سيوف الفاتحين.
5
عندما أدخل في مملكة الإيقاع، والنعناع، والماء،
فلا تسعجليني..
فلقد تأخذني الحال، فأهتز كدرويش على قرع الطبول
مستجيرا بضريح السيد الخضر . وأسماء الرسول ..
عندما يحدث هذا..
فبحق الله، يا سيدتي، لا توقظيني.
واتركيني..
نائما بين البساتين التي أسكرها الشعر، وماء الياسمين
علني أحلم في الليل بأني..
صرت قنديلا على باب ولي من دمشق..
6
عندما تبدأ في عينيك آلاف المرايا بالكلام
ينتهي كل كلام..
وأراني صامتا في حضرة العشق،
ومن في حضرة العشق يجاوب؟
فإذا شاهدتني منخطف اللون، غريب النظرات..
وإذا شاهدتني أقرأ كالطفل صلاتي..
وعلى رأسي فراشات. وأسراب حمام..
فأحبيني، كما كنت، بعنف وجنون..
واعصري قلبي، كالتفاحة الحمراء، حتى تقتليني..
وعلى الدنيا السلام…
قصيدة نزار قباني
قصيدة نزار بن توفيق القباني أجمل قصيدة لشاعر الحب و الغزل نزار قباني.
ثقافتنا
فقاقيع من الصابون والوحل
فمازالت بداخلنا
“رواسب من ” أبي جهل
ومازلنا
نعيش بمنطق المفتاح والقفل
نلف نساءنا بالقطن
ندفنهن في الرمل
ونملكهن كالسجاد
كالأبقار في الحقل
ونهذا من قوارير
بلا دين ولا عقل
ونرجع أخر الليل
نمارس حقنا الزوجي كالثيران والخيل
نمارسه خلال دقائق خمسه
بلا شوق … ولا ذوق
ولا ميل
نمارسه .. كالات
تؤدي الفعل للفعل
ونرقد بعدها موتى
ونتركهن وسط النار
وسط الطين والوحل
قتيلات بلا قتل
بنصف الدرب نتركهن
يا لفظاظة الخيل
قضينا العمر في المخدع
وجيش حريمنا معنا
وصك زواجنا معنا
وقلنا : الله قد شرع
ليالينا موزعه
على زوجاتنا الأربع
هنا شفه
هنا ساق
هنا ظفر
هنا إصبع
كأن الدين حانوت
فتحناه لكي نشبع
تمتعنا ” بما أيماننا ملكت “
وعشنا من غرائزنا بمستنقع
وزورنا كلام الله
بالشكل الذي ينفع
ولم نخجل بما نصنع
عبثنا في قداسته
نسينا نبل غايته
ولم نذكر
سوى المضجع
ولم نأخذ سوى
زوجاتنا الأربع
حب بلا حدود
1
يا سيدتي:
كنت أهم امرأةٍ في تاريخي
قبل رحيل العام.
أنت الآن.. أهم امرأةٍ
بعد ولادة هذا العام..
أنت امرأةٌ لا أحسبها بالساعات وبالأيام.
أنت امرأةٌ..
صنعت من فاكهة الشعر..
ومن ذهب الأحلام..
أنت امرأةٌ.. كانت تسكن جسدي
قبل ملايين الأعوام..
2
يا سيدتي:
يالمغزولة من قطنٍ وغمام.
يا أمطاراً من ياقوتٍ..
يا أنهاراً من نهوندٍ..
يا غابات رخام..
يا من تسبح كالأسماك بماء القلب..
وتسكن في العينين كسرب حمام.
لن يتغير شيءٌ في عاطفتي..
في إحساسي..
في وجداني.. في إيماني..
فأنا سوف أظل على دين الإسلام..
3
يا سيدتي:
لا تهتمي في إيقاع الوقت وأسماء السنوات.
أنت امرأةٌ تبقى امرأةً.. في كل الأوقات.
سوف أحبك..
عند دخول القرن الواحد والعشرين..
وعند دخول القرن الخامس والعشرين..
وعند دخول القرن التاسع والعشرين..
و سوف أحبك..
حين تجف مياه البحر..
وتحترق الغابات..
4
يا سيدتي:
أنت خلاصة كل الشعر..
ووردة كل الحريات.
يكفي أن أتهجى إسمك..
حتى أصبح ملك الشعر..
وفرعون الكلمات..
يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلك..
حتى أدخل في كتب التاريخ..
وترفع من أجلي الرايات..
5
يا سيدتي
لا تضطربي مثل الطائر في زمن الأعياد.
لن يتغير شيءٌ مني.
لن يتوقف نهر الحب عن الجريان.
لن يتوقف نبض القلب عن الخفقان.
لن يتوقف حجل الشعر عن الطيران.
حين يكون الحب كبيراً..
والمحبوبة قمراً..
لن يتحول هذا الحب
لحزمة قشٍ تأكلها النيران…
6
يا سيدتي:
ليس هنالك شيءٌ يملأ عيني
لا الأضواء..
ولا الزينات..
ولا أجراس العيد..
ولا شجر الميلاد.
لا يعني لي الشارع شيئاً.
لا تعني لي الحانة شيئاً.
لا يعنيني أي كلامٍ
يكتب فوق بطاقات الأعياد.
7
يا سيدتي:
لا أتذكر إلا صوتك
حين تدق نواقيس الآحاد.
لا أتذكر إلا عطرك
حين أنام على ورق الأعشاب.
لا أتذكر إلا وجهك..
حين يهرهر فوق ثيابي الثلج..
وأسمع طقطقة الأحطاب..
8
ما يفرحني يا سيدتي
أن أتكوم كالعصفور الخائف
بين بساتين الأهداب…
9
ما يبهرني يا سيدتي
أن تهديني قلماً من أقلام الحبر..
أعانقه..
وأنام سعيداً كالأولاد…
10
يا سيدتي:
ما أسعدني في منفاي
أقطر ماء الشعر..
وأشرب من خمر الرهبان
ما أقواني..
حين أكون صديقاً
للحرية.. والإنسان…
11
يا سيدتي:
كم أتمنى لو أحببتك في عصر التنوير..
وفي عصر التصوير..
وفي عصر الرواد
كم أتمنى لو قابلتك يوماً
في فلورنسا.
أو قرطبةٍ.
أو في الكوفة
أو في حلبٍ.
أو في بيتٍ من حارات الشام…
12
يا سيدتي:
كم أتمنى لو سافرنا
نحو بلادٍ يحكمها الغيتار
حيث الحب بلا أسوار
والكلمات بلا أسوار
والأحلام بلا أسوار
13
يا سيدتي:
لا تنشغلي بالمستقبل، يا سيدتي
سوف يظل حنيني أقوى مما كان..
وأعنف مما كان..
أنت امرأةٌ لا تتكرر.. في تاريخ الورد..
وفي تاريخ الشعر..
وفي ذاكرة الزنبق والريحان…
14
يا سيدة العالم
لا يشغلني إلا حبك في آتي الأيام
أنت امرأتي الأولى.
أمي الأولى
رحمي الأول
شغفي الأول
شبقي الأول
طوق نجاتي في زمن الطوفان…
15
يا سيدتي:
يا سيدة الشعر الأولى
هاتي يدك اليمنى كي أتخبأ فيها..
هاتي يدك اليسرى..
كي أستوطن فيها..
قولي أي عبارة حبٍ
حتى تبتدئ الأعياد
حب تحت الصفر
1
هو البحر.. يفصل بيني وبينك..
والموج، والريح، والزمهرير.
هو الشعر.. يفصل بيني وبينك..
فانتبهي للسقوط الكبير..
هو القهر.. يفصل بيني وبينك..
فالحب يرفض هذي العلاقة
بين المرابي.. وبين الأجير..
أحبك..
هذا احتمالٌ ضعيفٌ.. ضعيف
فكل الكلام به مثل هذا الكلام السخيف
أحبك.. كنت أحبك.. ثم كرهتك..
ثم عبدتك.. ثم لعنتك..
ثم كتبتك.. ثم محوتك..
ثم لصقتك.. ثم كسرتك..
ثم صنعتك.. ثم هدمتك..
ثم اعتبرتك شمس الشموس.. وغيرت رأيي.
فلا تعجبي لاختلاف فصولي
فكل الحدائق، فيها الربيع، وفيها الخريف..
هو الثلج بيني وبينك..
ماذا سنفعل؟
إن الشتاء طويلٌ طويل
هو الشك يقطع كل الجسور
ويقفل كل الدروب،
ويغرق كل النخيل
أحبك!.
يا ليتني أستطيع استعادة
هذا الكلام الجميل.
أحبك..
أين ترى تذهب الكلمات؟
وكيف تجف المشاعر والقبلات
فما كان يمكنني قبل عامين
أصبح ضرباً من المستحيل
وما كنت أكتبه – تحت وهج الحرائق –
أصبح ضرباً من المستحيل..
3
إن الضباب كثيفٌ
وأنت أمامي.. ولست أمامي
ففي أي زاويةٍ يا ترى تجلسين؟
أحاول لمسك من دون جدوى
فلا شفتاك يقينٌ.. ولا شفتاي يقين
يداك جليديتان.. زجاجيتان.. محنطتان..
وأوراق أيلول تسقط ذات الشمال وذات اليمين
ووجهك يسقط في البحر شيئاً فشيئاً
كنصف هلالٍ حزين..
4
تموت القصيدة من شدة البرد..
من قلة الفحم والزيت..
تيبس في القلب كل زهور الحنين
فكيف سأقرأ شعري عليك؟
وأنت تنامين تحت غطاءٍ من الثلج..
لا تقرأين.. ولا تسمعين..
وكيف سأتلو صلاتي؟
إذا كنت بالشعر لا تؤمنين..
وكيف أقدم للكلمات اعتذاري؟
وكيف أدافع عن زمن الياسمين؟
5
جبالٌ من الملح.. تفصل بيني وبينك..
كيف سأكسر هذا الجليد؟
وبين سريرٍ يريد اعتقالي..
وبين ضفيرة شعرٍ تكبلني بالحديد؟
6
أحبك.. كنت أحبك حتى التناثر.. حتى التبعثر..
حتى التبخر.. حتى اقتحام الكواكب، حتى
ارتكاب القصيدة،
أحبك.. كنت قديماً أحبك..
لكن عينيك لا تأتيان بأي كلامٍ جديد
أحبك.. يا ليتني أستطيع الدخول لوقت البنفسج،
لكن فصل الربيع بعيد..
ويا ليتني أستطيع الدخول لوقت القصيدة،
لكن فصل الجنون انتهى من زمانٍ بعيد.
لكن عينيك لا تأتيان بأي كلامٍ جديد
أحبك.. يا ليتني أستطيع الدخول لوقت البنفسج،
لكن فصل الربيع بعيد..
ويا ليتني أستطيع الدخول لوقت القصيدة،
لكن فصل الجنون انتهى من زمانٍ بعيد.
حبيبة وشتاء
.. وكان الوعد أن تأتي شتاءً
لقد رحل الشتا .. ومضى الربيع
تطرزها ، ولا ثوبٌ بديع.
ولا شالٌ يشيل على ذرانا
وهاجر كل عصفورٍ صديقٍ
ومات الطيب ، وارتمت الجذوع
ولم يسعد بك الكوخ الوديع
ففي بابي يرى أيلول يبكي
ويسعل صدر موقدتي لهيباً
فيسخن في شراييني النجيع
وتذهل لوحةٌ .. ويجوع جوع
***
وفيما يضمر الكرم الرضيع
وفي تشرين ، في الحطب المغني
وفي كرم الغمائم في بلادي
وفي النجمات في وطني تضيع
إليها قبل ، ما اهتدت القلوع
ولا ادعت الضمائر والضلوع
أشم بفيك رائحة المراعي
أقبل إذ أقبله حقولاً
ويلثمني على شفتي الربيع
بجسمي ، من هواك ، شذاً يضوع
***
فهل يطفي جهنم .. مستطيع؟
فلا تخشي الشتاء ولا قواه
أحبك .. لا يحد هواي حدٌ
ولا ادعت الضمائر والضلوع
أشم بفيك رائحة المراعي
ويلهث في ضفائرك القطيع..
أقبل إذ أقبله حقولاً
ويلثمني على شفتي الربيع
أنا كالحقل منك .. فكل عضوٍ
بجسمي ، من هواك ، شذاً يضوع
***
جهنمي الصغيرة .. لا تخافي
فهل يطفي جهنم .. مستطيع؟
فلا تخشي الشتاء ولا قواه
ففي شفتيك يحترق الصقيع
حبك طير أخضر
حبك طيرٌ أخضر ..
طيرٌ غريبٌ أخضر ..
يكبر يا حبيبتي كما الطيور تكبر
ينقر من أصابعي
و من جفوني ينقر
كيف أتى ؟
متى أتى الطير الجميل الأخضر ؟
لم أفتكر بالأمر يا حبيبتي
إن الذي يحب لا يفكر …
حبك طفلٌ أشقر
يكسر في طريقه ما يكسر ..
يزورني .. حين السماء تمطر
يلعب في مشاعري و أصبر ..
حبك طفلٌ متعبٌ
ينام كل الناس يا حبيبتي و يسهر
طفلٌ .. على دموعه لا أقدر ..
*
حبك ينمو وحده
كما الحقول تزهر
كما على أبوابنا ..
ينمو الشقيق الأحمر
كما على السفوح ينمو اللوز و الصنوبر
كما بقلب الخوخ يجري السكر ..
حبك .. كالهواء يا حبيبتي ..
يحيط بي
من حيث لا أدري به ، أو أشعر
جزيرةٌ حبك .. لا يطالها التخيل
حلمٌ من الأحلام ..
لا يحكى .. و لا يفسر ..
*
حبك ما يكون يا حبيبتي ؟
أزهرةٌ ؟ أم خنجر ؟
أم شمعةٌ تضيء ..
أم عاصفةٌ تدمر ؟
أم أنه مشيئة الله التي لا تقهر
*
كل الذي أعرف عن مشاعري
أنك يا حبيبتي ، حبيبتي ..
و أن من يًحب ..
لا يفكر ..