نَبْوَة ُ الإدْلالِ لَيْسَتْ، | عِنْدَنَا، ذَنْباً يُعَدُّ |
قُلْ لِمَنْ لَيسَ لَهُ عَهْـ | ـدٌ، لَنَا عَهْدٌ وَعَقْدُ |
جُمْلَة ٌ تُغْني عَنِ التّفْـ | ـصيلِ : ” مالي عنكًَ بدُّ “ |
إنْ تَغَيَّرْتَ فَمَا غُيّـ | ـرَ مِنّا لَكَ عَهْدُ |
قصيدة أبو فراس الحمداني
قصيدة الشاعر أبو فراس الحمداني قصيدة رائعة للشاعر الكبير أبو فراس الحمداني.
عَطَفتُ على عَمرِو بنِ تغلِبَ بَعدَما
عَطَفتُ على عَمرِو بنِ تغلِبَ بَعدَما | تَعَرّضَ مني جانِبٌ لَهُمُ صَلْدُ |
ولا خيرَ في هجرِ العشيرة ِ لامريءٍ | يَرُوحُ عَلى ذَمّ العَشِيرَة ِ أوْ يَغْدُو |
وَلَكِنْ دُنُوٌّ لا يُوَلّدُ هِجْرَة ً، | وَهَجْرٌ رَفِيقٌ لا يُصَاحِبُهُ زُهْدُ |
نباعدهمْ طوراً ؛ كما يبعدُ العدا ؛ | وَنُكرِمُهُمْ طَوْراً كمَا يُكرَمُ الوَفدُ |
لقد كنت أشكو البعد منك وبيننا
لقدْ كنتُ أشكو البعدَ منكَ وبيننا | بِلادٌ إذا ما شِئتُ قَرّبَها الوَخْدُ |
فكيفَ وفيما بيننا ملكُ قيصرٍ | وَلا أمَلٌ يُحيي النّفُوسَ وَلا وَعدُ |
هَل للفَصاحَة ِ، وَالسّمَا
هَل للفَصاحَة ِ، وَالسّمَا | حة ِ والعلى عني محيدُ |
إذْ أنتَ سيدي الذي | رَبّيْتَني وَأبي سَعِيدُ |
في كلِّ يومٍ أستفيـ | ـدُ منَ العلاءِ ، وأستزيدُ |
وَيَزِيدُ فيّ إذَا رَأيْـ | ـتُكَ في النّدَى خُلُقٌ جَدِيدُ |
دَعَوْتُكَ للجَفْنِ القَرِيحِ المُسَهّدِ
دَعَوْتُكَ للجَفْنِ القَرِيحِ المُسَهّدِ | لَدَيّ، وَللنّوْمِ القَلِيلِ المُشَرّدِ |
وَمَا ذَاكَ بُخْلاً بِالحَيَاة ِ، وَإنّهَا | لأَوّلُ مَبْذُولٍ لأوّلِ مُجْتَدِ |
وَمَا الأَسْرُ مِمّا ضِقْتُ ذَرْعاً بحَملِهِ | و ما الخطبُ مما أنْ أقولَ لهُ :قدِ |
وَما زَلّ عَني أنّ شَخصاً مُعَرَّضاً | لنبلِ العدى ؛ إنْ لمْ يصبْ ؛ فكأن ْقدِ |
وَلَكِنّني أخْتَارُ مَوْتَ بَني أبي | على صهواتِ الخيلِ ، غيرَ موسدِ |
وَتَأبَى وَآبَى أنْ أمُوتَ مُوَسَّداً | بأيدي النّصَارَى مَوْتَ أكمَدَ أكبَدِ |
نضوتُ على الأيامِ ثوبَ جلادتي ؛ | ولكنني لمْ أنضُ ثوبَ التجلدِ |
و ما أنا إلا بينَ أمرٍ، وضدهُ | يجددُ لي ، في كلِّ يومٍ مجددِ |
فمِنْ حُسنِ صَبرٍ بالسّلامَة ِ وَاعِدي، | ومنْ ريبِ دهرٍ بالردى ، متوعدي |
أقلبُ طرفي بينَ خلٍّ مكبلٍ | وَبَينَ صَفِيٍّ بِالحَدِدِ مُصَفَّدِ |
دَعَوْتُكَ، وَالأبْوَابُ تُرْتَجُ دونَنا، | فكُنْ خَيرَ مَدْعُوٍّ وَأكرَمَ مُنجِدِ |
فمثلكَ منْ يدعى لكلِّ عظيمة ٍ | و مثليَ منْ يفدى بكلِّ مسودِ |
أناديكَ لا أني أخافُ منَ الردى | و لا أرتجي تأخيرَ يومٍ إلى غدِ |
وَقَد حُطّمَ الخَطّيّ وَاختَرَمَ العِدى | و فللَ حدُّ المشرفيِّ المهندِ |
و لكنْ أنفتُ الموتَ في دارِغربة ٍ ، | بأيدي النّصَارَى الغُلفِ مِيتَة َ أكمَدِ |
فلا تتركِ الأعداءَ حولي ليفرحوا | وَلا تَقطعِ التّسآلَ عَني، وَتَقْعُدِ |
وَلا تَقعُدنْ، عني، وَقد سيمَ فِديَتي، | فلَستَ عن الفِعْلِ الكَرِيمِ بِمُقْعَدِ |
فكمْ لكَ عندي منْ أيادٍ وأنعمٍ ؟ | رفعتَ بها قدري وأكثرتَ حسدي |
تَشَبّثْ بها أكرُومَة ً قَبْلَ فَوْتِهَا، | وَقُمْ في خلاصي صَادق العزْمِ وَاقعُدِ |
فإنْ مُتُّ بَعدَ اليَوْمِ عابكَ مَهلكي | معابَ الزراريين ، مهلكَ معبدِ |
هُمُ عَضَلُوا عَنهُ الفِدَاءَ فأصْبَحُوا | يهدونَ أطرافَ القريضِ المقصدِ |
و لمْ يكُ بدعاً هلكهُ ؛ غيرَ أنهمْ | يُعَابُونَ إذْ سِيمَ الفِداءُ وَما فُدي |
فَلا كانَ كَلبُ الرّومِ أرأفَ مِنكُمُ | وَأرْغَبَ في كَسْبِ الثّنَاءِ المُخَلَّدِ |
و لا يبلغِ الأعداءُ أنْ يتناهضوا | وَتَقْعُدَ عَنْ هَذَا العَلاءِ المُشَيَّدِ |
أأضْحَوْا عَلى أسْرَاهُمُ بيَ عُوّداً، | وَأنْتُمْ عَلى أسْرَاكُمُ غَيرُ عُوّدِ؟! |
مَتى تُخلِفُ الأيّامُ مِثلي لكُمْ فَتى ً | طَوِيلَ نِجَادِ السَّيفِ رَحْبَ المُقَلَّدِ؟ |
مَتى تَلِدُ الأيّامُ مِثْلي لَكْمْ فَتى ً | شَدِيداً عَلى البأساءِ، غَيرَ مُلَهَّدِ؟ |
فإنْ تَفْتَدُوني تَفْتَدُوا شَرَفَ العُلا، | و أسرعَ عوادٍ إليها ، معوَّدِ |
وَإنْ تَفْتَدُوني تَفْتَدُوا لِعُلاكُمُ | فتى غيرَ مردودِ اللسانِ أو اليدِ |
يطاعنُ عنْ أعراضكمْ ؛ بلسانهِ | وَيَضْرِبُ عَنْكُمْ بِالحُسَامِ المُهَنّدِ |
فَمَا كُلّ مَنْ شَاءَ المَعَالي يَنَالُها، | و لاَ كلُّ سيارٍ إلى المجدِ يهتدي |
أقِلْني! أقِلْني عَثْرَة َ الدّهْرِ إنّهُ | رماني بسهمٍ ، صائبِ النصلِ ، مقصدِ |
وَلَوْ لمْ تَنَلْ نَفسي وَلاءَكَ لمْ أكُنْ | لأِورِدَهَا، في نَصرِهِ، كُلّ مَوْرِدِ |
وَلا كنتُ ألقى الألفَ زُرْقاً عُيُونُهَا | بسَبْعِينَ فِيهِمْ كُلّ أشْأمَ أنكَدِ |
فلاَ ، وأبي ، ما ساعدانِ كساعدٍ ، | وَلا وَأبي، ما سَيّدَانِ كَسَيّدِ |
وَلا وَأبي، ما يَفْتُقُ الدّهْرُ جَانِباً | فَيَرْتُقُهُ، إلاّ بِأمْرٍ مُسَدَّدِ |
و إنكَ للمولى ، الذي بكَ أقتدي ، | و إنك للنجمُ الذي بكَ أهتدي |
وَأنتَ الّذِي عَرَّفْتَني طُرُقَ العُلا، | وَأنْتَ الّذِي أهْدَيْتَني كلّ مَقْصدِ |
وَأنْتَ الّذي بَلّغْتَني كُلّ رُتْبَة ٍ، | مشيتُ إليها فوقَ أعناقِ حسدي |
فَيَا مُلبسي النُّعمَى التي جَلّ قَدرُهَا | لَقَد أخلَقَتْ تِلكَ الثّيابُ فَجَدّدِ |
ألمْ ترَ أني ، فيكَ صافحتُ حدها | وَفِيكَ شرِبتُ المَوْتَ غَيرَ مُصرَّدِ |
يَقولونَ: جَنّبْ عادَة ً مَا عَرَفْتَها، | شَدِيدٌ عَلى الإنْسَانِ ما لمْ يُعَوَّدِ |
فَقُلتُ: أمَا وَاللَّهِ لا قَالَ قَائِلٌ: | شَهدْتُ لَهُ في الحَرْبِ ألأمَ مَشهَدِ |
وَلَكِنْ سَألقَاهَا، فَإمّا مَنِيّة ٌ | هيَ الظنُّ ، أو بنيانُ عزِّ موطدِ |
و لمْ أدرِ أنَّ الدهرَ في عددِ العدا؛ | و أنَّ المنايا السودَ يرمينَ عنْ يدِ |
بَقيتَ ابنَ عبد الله تُحمى من الرّدى ، | وَيَفْدِيكَ مِنّا سَيّدٌ بَعْدَ سَيّدِ |
بعيشة ِ مسعودٍ ؛ وأيامِ سالمٍ | و نعمة ِ مغبوطٍ ؛ وحالِ محسدِ |
ولاَيحرمني اللهُ قربكَ ! إنهُ | مرادي منَ الدنيا ؛ وحظي ؛ وسؤددي |
لمنْ جاهدَ الحسادَ أجرُ المجاهدِ
لمنْ جاهدَ الحسادَ أجرُ المجاهدِ | وَأعْجَزُ مَا حَاوَلْتُ إرْضَاءُ حَاسِدِ |
و لمْ أرَ مثلي اليومَ أكثرُ حاسداً ؛ | كأنّ قُلُوبَ النّاسِ لي قَلبُ وَاجِدِ |
ألمْ يَرَ هذا النّاسُ غَيْرِيَ فاضِلاً؟ | وَلمْ يَظْفَرِ الحُسّادُ قَبلي بمَاجِدِ؟! |
أرى الغلَّ منْ تحتِ النفاقِ ، وأجتني | مِنَ العَسَلِ المَاذِيّ سُمّ الأسَاوِدِ |
وَأصْبِرُ، مَا لْم يُحْسَبِ الصَّبْرُ ذِلّة ً، | وَألْبَسُ، للمَذْمُومِ، حُلّة حَامِدِ |
قليلُ اعتذارٍ ، منْ يبيتُ ذنوبهُ | طِلابُ المَعَالي وَاكتِسَابُ المَحامِدِ |
و أعلمُ إنْ فارقتُ خلاَّ عرفتهُ ، | و حاولتُ خلاً أنني غيرُ واجدِ |
وَهل غضَّ مني الأسرُ إذْ خفّ ناصري | و قلَّ على تلكَ الأمورِ مساعدي |
ألا لا يُسَرّ الشّامِتُونَ، فَإنّهَا | مَوَارِدُ آبَائي الأولى ، وَمَوَارِدِي |
و كمْ منْ خليلٍ ، حينَ جانبتُ زاهداً | إلى غَيرِهِ عَاوَدْتُهُ غَيرَ زَاهِدِ! |
وماكلُّ أنصاري من الناس ناصري | ولاَ كلَّ أعضادي،منَ الناسِ عاضدي |
وَهَل نافعي إنْ عَضّني الدّهرُ مُفرَداً | إذا كانَ لي قومٌ طوالُ السواعدِ |
وَهَلْ أنَا مَسْرُورٌ بِقُرْبِ أقَارِبي | إذا كانَ لي منهمْ قلوبُ الأباعدِ؟ |
أيا جاهداً ، في نيلِ ما نلتُ منْ علاَ | رويدكَ ! إني نلتها غيرَ جاهدِ |
لَعَمْرُكَ، مَا طُرْقُ المَعَالي خَفِيّة ٌ | وَلَكِنّ بَعضَ السّيرِ ليسَ بقَاصِدِ |
و يا ساهدَ العينينِ فيما يريبني ، | ألا إنّ طَرْفي في الأذى غَيرُ سَاهِدِ |
غفلتُ عنِ الحسادِ ، منْ غيرِ غفلة ٍ ، | وَبِتّ طَوِيلَ النّوْمِ عَنْ غَيْرِ رَاقِدِ |
خليليَّ ، ما أعددتما لمتيمٍ | أسِيرٍ لَدى الأعداءِ جَافي المَرَاقِدِ؟ |
فريدٍ عنِ الأحبابِ صبٍّ ، دموعهُ | مثانٍ ، على الخدينِ ، غيرُ فرائدِ |
إذا شِئتُ جاهَرْتُ العدوّ، وَلمُ أبتْ | أُقَلّبُ فَكْري في وُجُوهِ المَكَائِدِ |
صبرتُ على اللأواءِ ، صبرَ آبنِ حرة ٍ ، | كثيرِ العدا فيها ، قليلِ المساعدِ |
فطاردتُ، حتى أبهرَ الجريُ أشقري، | وضاربتُ حتى أوهنَ الضربُ ساعدي |
و كنا نرى أنْ لمْ يصبْ ، منْ تصرمتْ | مَوَاقِفُهُ عَن مِثلِ هَذي الشّدائِدِ |
جمعتُ سيوفَ الهندِ ، منْ كلِّ بلدة ٍ ، | وَأعْدَدْتُ للهَيْجَاءِ كُلّ مُجَالِدِ |
وأكثرْتُ للغَاراتِ بَيْني وَبَيْنَهُم | بناتِ البكيرياتِ حولَ المزاودِ |
إذا كانَ غيرُ اللهِ للمرءِ عدة ٌ ، | أتَتْهُ الرّزَايَا مِنْ وُجُوهِ الفَوَائِدِ |
فَقد جَرّتِ الحَنفاءُ حَتفَ حُذَيْفَة ٍ | و كانَ يراها عدة ً للشدائدِ |
وَجَرّتْ مَنَايَا مَالِكِ بنِ نُوَيْرَة ٍ | عقيلتهُ الحسناءُ ؛ أيامَ ” خالدِ “ |
وَأرْدى ذُؤاباً في بُيُوتِ عُتَيْبَة ٍ، | أبوهُ وأهلوهُ ؛ بشدوِ القصائدِ |
عسى اللهُ أنْ يأتي بخيرٍ ؛ فإنَّ لي | عوائدَ منْ نعماهُ ، غيَرَ بوائدِ |
فكمْ شالني منْ قعرِ ظلماءَ لمْ يكنْ | ليُنقِذَني مِن قَعرِها حَشدُ حاشِدِ |
فإنْ عدتُ يوماً ؛ عادَ للحربِ والعلاَ | وَبَذْلِ النّدى وَالجُودِ أكرَمُ عائِدِ |
مَرِيرٌ عَلى الأعْدَاءِ، لَكِنّ جارَهُ | إلى خَصِبِ الأكنافِ عَذبِ المَوَارِدِ |
مُشَهًّى بِأطْرَافِ النّهارِ وَبَيْنَهَا | لَهُ مَا تَشَهّى ، مِنْ طَرِيفٍ وَتالِدِ |
مَنَعتُ حِمى قَوْمي وَسُدتُ عَشيرَتي | وَقَلّدْتُ أهْلي غُرّ هَذِي القَلائِدِ |
خَلائِقُ لا يُوجَدْنَ في كُلّ ماجِدِ، | وَلَكِنّهَا في المَاجِدِ ابنِ الأمَاجِدِ |