| لمنْ جاهدَ الحسادَ أجرُ المجاهدِ | وَأعْجَزُ مَا حَاوَلْتُ إرْضَاءُ حَاسِدِ |
| و لمْ أرَ مثلي اليومَ أكثرُ حاسداً ؛ | كأنّ قُلُوبَ النّاسِ لي قَلبُ وَاجِدِ |
| ألمْ يَرَ هذا النّاسُ غَيْرِيَ فاضِلاً؟ | وَلمْ يَظْفَرِ الحُسّادُ قَبلي بمَاجِدِ؟! |
| أرى الغلَّ منْ تحتِ النفاقِ ، وأجتني | مِنَ العَسَلِ المَاذِيّ سُمّ الأسَاوِدِ |
| وَأصْبِرُ، مَا لْم يُحْسَبِ الصَّبْرُ ذِلّة ً، | وَألْبَسُ، للمَذْمُومِ، حُلّة حَامِدِ |
| قليلُ اعتذارٍ ، منْ يبيتُ ذنوبهُ | طِلابُ المَعَالي وَاكتِسَابُ المَحامِدِ |
| و أعلمُ إنْ فارقتُ خلاَّ عرفتهُ ، | و حاولتُ خلاً أنني غيرُ واجدِ |
| وَهل غضَّ مني الأسرُ إذْ خفّ ناصري | و قلَّ على تلكَ الأمورِ مساعدي |
| ألا لا يُسَرّ الشّامِتُونَ، فَإنّهَا | مَوَارِدُ آبَائي الأولى ، وَمَوَارِدِي |
| و كمْ منْ خليلٍ ، حينَ جانبتُ زاهداً | إلى غَيرِهِ عَاوَدْتُهُ غَيرَ زَاهِدِ! |
| وماكلُّ أنصاري من الناس ناصري | ولاَ كلَّ أعضادي،منَ الناسِ عاضدي |
| وَهَل نافعي إنْ عَضّني الدّهرُ مُفرَداً | إذا كانَ لي قومٌ طوالُ السواعدِ |
| وَهَلْ أنَا مَسْرُورٌ بِقُرْبِ أقَارِبي | إذا كانَ لي منهمْ قلوبُ الأباعدِ؟ |
| أيا جاهداً ، في نيلِ ما نلتُ منْ علاَ | رويدكَ ! إني نلتها غيرَ جاهدِ |
| لَعَمْرُكَ، مَا طُرْقُ المَعَالي خَفِيّة ٌ | وَلَكِنّ بَعضَ السّيرِ ليسَ بقَاصِدِ |
| و يا ساهدَ العينينِ فيما يريبني ، | ألا إنّ طَرْفي في الأذى غَيرُ سَاهِدِ |
| غفلتُ عنِ الحسادِ ، منْ غيرِ غفلة ٍ ، | وَبِتّ طَوِيلَ النّوْمِ عَنْ غَيْرِ رَاقِدِ |
| خليليَّ ، ما أعددتما لمتيمٍ | أسِيرٍ لَدى الأعداءِ جَافي المَرَاقِدِ؟ |
| فريدٍ عنِ الأحبابِ صبٍّ ، دموعهُ | مثانٍ ، على الخدينِ ، غيرُ فرائدِ |
| إذا شِئتُ جاهَرْتُ العدوّ، وَلمُ أبتْ | أُقَلّبُ فَكْري في وُجُوهِ المَكَائِدِ |
| صبرتُ على اللأواءِ ، صبرَ آبنِ حرة ٍ ، | كثيرِ العدا فيها ، قليلِ المساعدِ |
| فطاردتُ، حتى أبهرَ الجريُ أشقري، | وضاربتُ حتى أوهنَ الضربُ ساعدي |
| و كنا نرى أنْ لمْ يصبْ ، منْ تصرمتْ | مَوَاقِفُهُ عَن مِثلِ هَذي الشّدائِدِ |
| جمعتُ سيوفَ الهندِ ، منْ كلِّ بلدة ٍ ، | وَأعْدَدْتُ للهَيْجَاءِ كُلّ مُجَالِدِ |
| وأكثرْتُ للغَاراتِ بَيْني وَبَيْنَهُم | بناتِ البكيرياتِ حولَ المزاودِ |
| إذا كانَ غيرُ اللهِ للمرءِ عدة ٌ ، | أتَتْهُ الرّزَايَا مِنْ وُجُوهِ الفَوَائِدِ |
| فَقد جَرّتِ الحَنفاءُ حَتفَ حُذَيْفَة ٍ | و كانَ يراها عدة ً للشدائدِ |
| وَجَرّتْ مَنَايَا مَالِكِ بنِ نُوَيْرَة ٍ | عقيلتهُ الحسناءُ ؛ أيامَ ” خالدِ “ |
| وَأرْدى ذُؤاباً في بُيُوتِ عُتَيْبَة ٍ، | أبوهُ وأهلوهُ ؛ بشدوِ القصائدِ |
| عسى اللهُ أنْ يأتي بخيرٍ ؛ فإنَّ لي | عوائدَ منْ نعماهُ ، غيَرَ بوائدِ |
| فكمْ شالني منْ قعرِ ظلماءَ لمْ يكنْ | ليُنقِذَني مِن قَعرِها حَشدُ حاشِدِ |
| فإنْ عدتُ يوماً ؛ عادَ للحربِ والعلاَ | وَبَذْلِ النّدى وَالجُودِ أكرَمُ عائِدِ |
| مَرِيرٌ عَلى الأعْدَاءِ، لَكِنّ جارَهُ | إلى خَصِبِ الأكنافِ عَذبِ المَوَارِدِ |
| مُشَهًّى بِأطْرَافِ النّهارِ وَبَيْنَهَا | لَهُ مَا تَشَهّى ، مِنْ طَرِيفٍ وَتالِدِ |
| مَنَعتُ حِمى قَوْمي وَسُدتُ عَشيرَتي | وَقَلّدْتُ أهْلي غُرّ هَذِي القَلائِدِ |
| خَلائِقُ لا يُوجَدْنَ في كُلّ ماجِدِ، | وَلَكِنّهَا في المَاجِدِ ابنِ الأمَاجِدِ |