| إِنَّ السَلامَةَ أَن تَرضى بِما قُضِيا | لَيَسلَمَنَّ بِإِذنِ اللَهِ مَن رَضِيا |
| المَرءُ يَأمُلُ وَالآمالُ كاذِبَةٌ | وَالمَرءُ تَصحَبُهُ الآمالُ ما بَقِيا |
| يا رُبَّ باكٍ عَلى مَيتٍ وَباكِيَةٍ | م يَلبَثا بَعدَ ذاكَ المَيتِ أَن بُكِيا |
| وَرُبَّ ناعٍ نَعى حيناً أَحِبَّتَهُ | ما زالَ يَنعى إِلى أَن قيلَ قَد نُعِيا |
| عِلمي بِأَنّي أَذوقُ المَوتَ نَغَّصَ لي | طيبَ الحَياةِ فَما تَصفو الحَياةُ لِيا |
| كَم مِن أَخٍ تَغتَذي دودُ التُرابِ بِهِ | وَكانَ حَيّاً بِحُلوِ العَيشِ مُغتَذِيا |
| يَبلى مَعَ المَيتِ ذِكرُ الذاكِرينَ لَهُ | مَن غابَ غَيبَةَ مَن لا يُرتَجى نُسِيا |
| مَن ماتَ ماتَ رَجاءُ الناسِ مِنهُ فَوَل | لَوهُ الجَفاءَ وَمَن لا يُرتَجى جُفِيا |
| إِنَّ الرَحيلَ عَنِ الدُنيا لَيُزعِجُني | إِن لَم يَكُن رائِحاً بي كانَ مُغتَدِيا |
| لحَمدُ لِلَّهِ طوبى لِلسَعيدِ وَمَن | لَم يُسعِدِ اللَهُ بِالتَقوى فَقَد شَقِيا |
| كَم غافِلٍ عَن حِياضِ المَوتِ في لَعِبٍ | يُمسي وَيُصبِحُ رَكّاباً لِما هَوِيا |
| وَمُنقَضٍ ما تَراهُ العَينُ مُنقَطِعٌ | ما كُلُّ شَيءٍ يُرى إِلّا لِيَنقَضِيا |
قصائد أبو العتاهية
أبيات شعر و قصائد لشاعر العصر العباسي أبو العتاهية في مكتبة قصائد العرب.
لعمرك ما الدنيا بدار بقاء
| لَعَمرُكَ ما الدُنيا بِدارِ بَقاءِ | كَفاكَ بِدارِ المَوتِ دارَ فَناءِ |
| فَلا تَعشَقِ الدُنيا أُخَيَّ فَإِنَّما | تَرى عاشِقَ الدُنيا بِجهدِ بَلاءِ |
| حَلاوَتُها مَمزوجَةٌ بِمَرارَةٍ | وَراحَتُها مَمزوجَةٌ بِعَناءِ |
| فَلا تَمشِ يَوماً في ثِيابِ مَخْيلَةٍ | فَإِنَّكَ مِن طينٍ خُلِقتَ وَ ماءِ |
| لَقَلَّ امرُؤٌ تَلقاهُ لِلَّهِ شاكِرًا | وَقَلَّ امرُؤٌ يَرضى لَهُ بِقَضاءِ |
| وَلِلَّهِ نَعماءٌ عَلَينا عَظيمَةٌ | وَلِلَّهِ إِحسانٌ وَفَضلُ عَطاءِ |
| وَما الدَهرُ يَوماً واحِدًا في اختِلافِهِ | وَما كُلُّ أَيّامِ الفَتى بِسَواءِ |
| وَما هُوَ إِلّا يَومُ بُؤسٍ وَشِدَّةٍ | وَيَومُ سُرورٍ مَرَّةً وَرَخاءِ |
| وَما كُلُّ ما لَم أَرجُ أُحرَمُ نَفعَهُ | وَما كُلُّ ما أَرجوهُ أَهلَ رَجاءِ |
| أَيا عَجَباً لِلدَهرِ لا بَل لِرَيبِهِ | تَخَرَّمَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ إِخاءِ |
| وَمَزَّقَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ جَماعَةٍ | وَكَدَّرَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ صَفاءِ |
| إِذا ما خَليلٌ حَلَّ في بَرزَخِ البِلى | فَحَسبي بِهِ نَأياً وَبُعدَ لِقاءِ |
| أَزورُ قُبورَ المُترَفينَ فَلا أَرى | بَهاءً وَكانوا قَبلُ أَهلَ بَهاءِ |
| وَكُلٌّ رَماهُ واصِلٌ بِصَريمَةٍ | وَكُلٌّ رَماهُ مُلطِفٌ بِجَفاءِ |
| طَلَبتُ فَما أَلفَيتُ لِلمَوتِ حيلَةً | وَيَعيا بِداءِ المَوتِ كُلُّ دَواءِ |
| وَنَفسُ الفَتى مَسرورَةٌ بِنَمائِهَ | وَلِلنَقصِ تُنمي كُلُّ ذاتِ نَماءِ |
| كَم مِن مُفَدّاً ماتَ لَم أَرَ أَهلَهُ | حَبَوهُ وَلا جادوا لَهُ بِفِداءِ |
| أَمامَكَ يا نَدمانُ دارُ سَعادَةٍ | يَدومُ النَما فيها وَدارُ شَقاءِ |
| خُلِقتَ لِإِحدى الغايَتَينِ فَلا تَنَم | وَكُن بَينَ خَوفٍ مِنهُما وَرَجاءِ |
| وَفي الناسِ شَرٌّ لَو بَدا ما تَعاشَروا | وَلَكِن كَساهُ اللَهُ ثَوبَ غِطاءِ |
تعصي الإله وأنت تظهر حبه
| تَعصي الإِلَهَ وَأَنتَ تُظهِرُ حُبَّهُ | هَذا مُحالٌ في القِياسِ بَديعُ |
| لَو كانَ حُبُّكَ صادِقاً لَأَطَعتَهُ | إِنَّ المُحِبَّ لِمَن يُحِبُّ مُطيعُ |
طلبتك يا دنيا فأعذرت في الطلب
| طَلَبتُكِ يا دُنيا فَأَعذَرْتُ في الطَلَب | فَما نِلتُ إِلّا الهَمَّ وَالغَمَّ وَالنَصَب |
| فَلَمّا بَدا لي أَنَّني لَستُ واصِلاً | إِلى لَذَّةٍ إِلّا بِأَضْعافِها تَعَب |
| وَأَسرَعتُ في ديني وَلَم أَقضِ بُغيَتي | هَرَبتُ بِديني مِنكِ إِن نَفَعَ الهَرَب |
| تَخَلَّيتُ مِمّا فيكِ جُهدي وَطاقَتي | كَما يَتَخَلّى القَومُ مِن عَرَّةِ الجَرَب |
| فَما تَمَّ لي يَوماً إِلى اللَيلِ مَنظَرٌ | أُسَرُّ بِهِ لَم يَعتَرِض دونَهُ شَغَب |
| وَإِنّي لَمِمَّن خَيَّبَ اللَهُ سَعيَهُ | إِذا كُنتُ أَرعى لَقحَةً مُرَّةَ الحَلَب |
| أَرى لَكَ أَن لا تَستَطيبَ لِخِلَّةٍ | كَأَنَّكَ فيها قَد أَمِنتَ مِنَ العَطَب |
| أَلَم تَرَها دارَ افتِراقٍ وَفَجعَةٍ | إِذا ذَهَبَ الإِنسانُ فيها فَقَد ذَهَب |
| أُقَلِّبُ طَرفي مَرَّةً بَعدَ مَرَّةٍ | لِأَعلَمَ ما في النَفسِ وَالقَلبُ يَنقَلِب |
| وَسَربَلتُ أَخلاقي قُنوعاً وَعِفَّةً | فَعِندي بِأَخلاقي كُنوزٌ مِنَ الذَهَب |
| فَلَم أَرَ خُلقاً كَالقُنوعِ لِأَهلِهِ | وَأَن يُجمِلَ الإِنسانُ ما عاشَ في الطَلَب |
| وَلَم أَرَ فَضلاً تَمَّ إِلّا بِشيمَةٍ | وَلَم أَرَ عَقلاً صَحَّ إِلّا عَلى أَدَب |
| وَلَم أَرَ في الأَعداءِ حينَ خَبَرتُهُم | عَدُوّاً لِعَقلِ المَرءِ أَعدى مِنَ الغَضَب |
| وَلَم أَرَ بَينَ اليُسرِ وَالعُسرِ خُلطَةً | وَلَم أَرَ بَينَ الحَيِّ وَالمَيتِ مِن سَبَب |
الشيب كره وكره أن يفارقني
| الشَيبُ كُرهٌ وَكُرهٌ أَن يُفارِقَني | أَعجب بِشَيءِ عَلى البَغضاءِ مَودودُ |
| يَمضي الشَبابُ وَقَد يَأتي لَهُ خَلَفٌ | وَ الشَيبُ يَذهَبُ مَفقوداً بِمَفقودِ |
أجفوتني فيمن جفاني
| أَجَفَوتَني فيمَن جَفاني | وَجَعَلتَ شَأنَكَ غَيرَ شَأني |
| وَ لَطالَما أَمَّنتَني | مِمّا أَرى كُلَّ الأَماني |
| حَتّى إِذا انقَلَبَ الزَما | نُ عَلَيَّ صِرتَ مَعَ الزَمانِ |