إن السلامة أن ترضى بما قضيا

إِنَّ السَلامَةَ أَن تَرضى بِما قُضِيالَيَسلَمَنَّ بِإِذنِ اللَهِ مَن رَضِيا
المَرءُ يَأمُلُ وَالآمالُ كاذِبَةٌوَالمَرءُ تَصحَبُهُ الآمالُ ما بَقِيا
يا رُبَّ باكٍ عَلى مَيتٍ وَباكِيَةٍم يَلبَثا بَعدَ ذاكَ المَيتِ أَن بُكِيا
وَرُبَّ ناعٍ نَعى حيناً أَحِبَّتَهُما زالَ يَنعى إِلى أَن قيلَ قَد نُعِيا
عِلمي بِأَنّي أَذوقُ المَوتَ نَغَّصَ ليطيبَ الحَياةِ فَما تَصفو الحَياةُ لِيا
كَم مِن أَخٍ تَغتَذي دودُ التُرابِ بِهِوَكانَ حَيّاً بِحُلوِ العَيشِ مُغتَذِيا
يَبلى مَعَ المَيتِ ذِكرُ الذاكِرينَ لَهُمَن غابَ غَيبَةَ مَن لا يُرتَجى نُسِيا
مَن ماتَ ماتَ رَجاءُ الناسِ مِنهُ فَوَللَوهُ الجَفاءَ وَمَن لا يُرتَجى جُفِيا
إِنَّ الرَحيلَ عَنِ الدُنيا لَيُزعِجُنيإِن لَم يَكُن رائِحاً بي كانَ مُغتَدِيا
لحَمدُ لِلَّهِ طوبى لِلسَعيدِ وَمَنلَم يُسعِدِ اللَهُ بِالتَقوى فَقَد شَقِيا
كَم غافِلٍ عَن حِياضِ المَوتِ في لَعِبٍيُمسي وَيُصبِحُ رَكّاباً لِما هَوِيا
وَمُنقَضٍ ما تَراهُ العَينُ مُنقَطِعٌما كُلُّ شَيءٍ يُرى إِلّا لِيَنقَضِيا
أبو العتاهية

لعمرك ما الدنيا بدار بقاء

لَعَمرُكَ ما الدُنيا بِدارِ بَقاءِكَفاكَ بِدارِ المَوتِ دارَ فَناءِ
فَلا تَعشَقِ الدُنيا أُخَيَّ فَإِنَّماتَرى عاشِقَ الدُنيا بِجهدِ بَلاءِ
حَلاوَتُها مَمزوجَةٌ بِمَرارَةٍوَراحَتُها مَمزوجَةٌ بِعَناءِ
فَلا تَمشِ يَوماً في ثِيابِ مَخْيلَةٍفَإِنَّكَ مِن طينٍ خُلِقتَ وَ ماءِ
لَقَلَّ امرُؤٌ تَلقاهُ لِلَّهِ شاكِرًاوَقَلَّ امرُؤٌ يَرضى لَهُ بِقَضاءِ
وَلِلَّهِ نَعماءٌ عَلَينا عَظيمَةٌوَلِلَّهِ إِحسانٌ وَفَضلُ عَطاءِ
وَما الدَهرُ يَوماً واحِدًا في اختِلافِهِوَما كُلُّ أَيّامِ الفَتى بِسَواءِ
وَما هُوَ إِلّا يَومُ بُؤسٍ وَشِدَّةٍوَيَومُ سُرورٍ مَرَّةً وَرَخاءِ
وَما كُلُّ ما لَم أَرجُ أُحرَمُ نَفعَهُوَما كُلُّ ما أَرجوهُ أَهلَ رَجاءِ
أَيا عَجَباً لِلدَهرِ لا بَل لِرَيبِهِتَخَرَّمَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ إِخاءِ
وَمَزَّقَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ جَماعَةٍوَكَدَّرَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ صَفاءِ
إِذا ما خَليلٌ حَلَّ في بَرزَخِ البِلىفَحَسبي بِهِ نَأياً وَبُعدَ لِقاءِ
أَزورُ قُبورَ المُترَفينَ فَلا أَرىبَهاءً وَكانوا قَبلُ أَهلَ بَهاءِ
وَكُلٌّ رَماهُ واصِلٌ بِصَريمَةٍوَكُلٌّ رَماهُ مُلطِفٌ بِجَفاءِ
طَلَبتُ فَما أَلفَيتُ لِلمَوتِ حيلَةًوَيَعيا بِداءِ المَوتِ كُلُّ دَواءِ
وَنَفسُ الفَتى مَسرورَةٌ بِنَمائِهَوَلِلنَقصِ تُنمي كُلُّ ذاتِ نَماءِ
كَم مِن مُفَدّاً ماتَ لَم أَرَ أَهلَهُحَبَوهُ وَلا جادوا لَهُ بِفِداءِ
أَمامَكَ يا نَدمانُ دارُ سَعادَةٍيَدومُ النَما فيها وَدارُ شَقاءِ
خُلِقتَ لِإِحدى الغايَتَينِ فَلا تَنَموَكُن بَينَ خَوفٍ مِنهُما وَرَجاءِ
وَفي الناسِ شَرٌّ لَو بَدا ما تَعاشَرواوَلَكِن كَساهُ اللَهُ ثَوبَ غِطاءِ
أبو العتاهية

تعصي الإله وأنت تظهر حبه

تَعصي الإِلَهَ وَأَنتَ تُظهِرُ حُبَّهُهَذا مُحالٌ في القِياسِ بَديعُ
لَو كانَ حُبُّكَ صادِقاً لَأَطَعتَهُإِنَّ المُحِبَّ لِمَن يُحِبُّ مُطيعُ
أبو العتاهية

طلبتك يا دنيا فأعذرت في الطلب

طَلَبتُكِ يا دُنيا فَأَعذَرْتُ في الطَلَبفَما نِلتُ إِلّا الهَمَّ وَالغَمَّ وَالنَصَب
فَلَمّا بَدا لي أَنَّني لَستُ واصِلاًإِلى لَذَّةٍ إِلّا بِأَضْعافِها تَعَب
وَأَسرَعتُ في ديني وَلَم أَقضِ بُغيَتيهَرَبتُ بِديني مِنكِ إِن نَفَعَ الهَرَب
تَخَلَّيتُ مِمّا فيكِ جُهدي وَطاقَتيكَما يَتَخَلّى القَومُ مِن عَرَّةِ الجَرَب
فَما تَمَّ لي يَوماً إِلى اللَيلِ مَنظَرٌأُسَرُّ بِهِ لَم يَعتَرِض دونَهُ شَغَب
وَإِنّي لَمِمَّن خَيَّبَ اللَهُ سَعيَهُإِذا كُنتُ أَرعى لَقحَةً مُرَّةَ الحَلَب
أَرى لَكَ أَن لا تَستَطيبَ لِخِلَّةٍكَأَنَّكَ فيها قَد أَمِنتَ مِنَ العَطَب
أَلَم تَرَها دارَ افتِراقٍ وَفَجعَةٍإِذا ذَهَبَ الإِنسانُ فيها فَقَد ذَهَب
أُقَلِّبُ طَرفي مَرَّةً بَعدَ مَرَّةٍلِأَعلَمَ ما في النَفسِ وَالقَلبُ يَنقَلِب
وَسَربَلتُ أَخلاقي قُنوعاً وَعِفَّةًفَعِندي بِأَخلاقي كُنوزٌ مِنَ الذَهَب
فَلَم أَرَ خُلقاً كَالقُنوعِ لِأَهلِهِوَأَن يُجمِلَ الإِنسانُ ما عاشَ في الطَلَب
وَلَم أَرَ فَضلاً تَمَّ إِلّا بِشيمَةٍوَلَم أَرَ عَقلاً صَحَّ إِلّا عَلى أَدَب
وَلَم أَرَ في الأَعداءِ حينَ خَبَرتُهُمعَدُوّاً لِعَقلِ المَرءِ أَعدى مِنَ الغَضَب
وَلَم أَرَ بَينَ اليُسرِ وَالعُسرِ خُلطَةًوَلَم أَرَ بَينَ الحَيِّ وَالمَيتِ مِن سَبَب
قصائد أبو العتاهية

الشيب كره وكره أن يفارقني

الشَيبُ كُرهٌ وَكُرهٌ أَن يُفارِقَنيأَعجب بِشَيءِ عَلى البَغضاءِ مَودودُ
يَمضي الشَبابُ وَقَد يَأتي لَهُ خَلَفٌوَ الشَيبُ يَذهَبُ مَفقوداً بِمَفقودِ
أبو العتاهية

أجفوتني فيمن جفاني

أَجَفَوتَني فيمَن جَفانيوَجَعَلتَ شَأنَكَ غَيرَ شَأني
وَ لَطالَما أَمَّنتَنيمِمّا أَرى كُلَّ الأَماني
حَتّى إِذا انقَلَبَ الزَمانُ عَلَيَّ صِرتَ مَعَ الزَمانِ
أبو العتاهية