بقائي شاء ليس هم ارتحالا

بَقائي شاءَ لَيسَ هُمُ ارْتِحالا وحُسْنَ الصّبرِ زَمّوا لا الجِمالا
تَوَلّوْا بَغْتَةً فَكَأنّ بَيْناً تَهَيّبَني فَفاجأني اغْتِيالا
فكانَ مَسيرُ عيسِهِمِ ذَميلاً وسَيْرُ الدّمْعِ إثْرَهُمُ انهِمالا
كأنّ العِيسَ كانَتْ فَوْقَ جفني مُناخاتٍ فَلَمّا ثُرْنَ سَالا
وحَجّبَتِ النّوَى الظّبَيَاتِ عني فَساعَدَتِ البراقِعَ والحِجالا
لَبِسْنَ الوَشْيَ لا مُتَجَمّلاتٍ ولكِنْ كَيْ يصنّ بهِ الجَمَالا
وضَفّرْنَ الغَدائِرَ لا لحُسْنٍ ولكنْ خِفنَ في الشّعَرِ الضّلالا
بِجِسْمي مَنْ بَرَتْه فلَوْ أصارَتْ وِشاحي ثَقْبَ لُؤلُؤةٍ لجَالا
ولَوْلا أنّني في غَيرِ نَوْمٍ لَكُنْتُ أظُنّني مني خَيَالا
بَدَتْ قَمَراً ومالَتْ خُوطَ بانٍ وفاحَتْ عَنْبَراً ورَنَت غَزالا
وجارَتْ في الحُكومَةِ ثمّ أبْدَتْ لَنا من حُسنِ قامَتِها اعتِدالا
كأنّ الحُزْنَ مَشْغُوفٌ بقَلبي فَساعَةَ هَجرِها يَجِدُ الوِصالا
كَذا الدّنْيا على مَن كانَ قَبْلي صُروفٌ لم يُدِمْنَ عَلَيْهِ حَالا
أشَدُّ الغَمّ عِنْدي في سُرورٍ تَيَقّنَ عَنهُ صاحِبُهُ انْتِقالا
ألِفْتُ تَرَحّلي وجَعَلْتُ أرضي قُتُودي والغُرَيْرِيَّ الجُلالا
فَما حاوَلْتُ في أرْضٍ مُقاماً ولا أزْمَعْتُ عَن أرْضٍ زَوالا
على قَلَقٍ كأنّ الرّيحَ تَحْتِي أُوَجّهُها جَنُوباً أوْ شَمَالاً
إلى البَدْرِ بنِ عَمّارَ الذي لَمْ يكُنْ في غُرّةِ الشّهْرِ الهِلالا
ولم يَعْظُمْ لنَقْصٍ كانَ فيهِ ولم يَزَلِ الأميرَ ولَنْ يَزالا
بلا مِثْلٍ وإنْ أبْصَرْتَ فيهِ لكُلّ مُغَيَّبٍ حَسَنٍ مِثَالا
حُسَامٌ لابنِ رائِقٍ المُرَجّى حُسامِ المُتّقي أيّامَ صالا
سِنانٌ في قَناةِ بَني مَعَدٍّ بَني أسَدٍ إذا دَعَوا النّزالا
أعَزُّ مُغالِبٍ كَفّاً وسَيْفاً ومَقْدِرَةً ومَحْمِيَّةً وآلا
وأشرَفُ فاخِرٍ نَفْساً وقَوْماً وأكْرَمُ مُنْتَمٍ عَمّاً وخالا
يكونُ أخَفُّ إثْنَاءٍ عَلَيْهِ على الدّنْيا وأهْليها مُحَالا
ويَبْقَى ضِعْفُ ما قَد قيلَ فيهِ إذا لم يَتَّرِكْ أحَدٌ مَقَالا
فيا ابنَ الطّاعِنينَ بكُلّ لَدْنٍ مَواضعَ يَشتَكي البَطَلُ السُّعالا
ويا ابنَ الضّارِبينَ بكُلّ عَضْبٍ منَ العَرَبِ الأسافِلِ والقِلالا
أرَى المُتَشاعِرينَ غَرُوا بذَمّي ومَن ذا يَحمَدُ الدّاءَ العُضالا
ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ يَجدْ مُرّاً بهِ المَاءَ الزُّلالا
وقالوا هَلْ يُبَلّغُكَ الثّرَيّا؟ فقُلت نَعَمْ إذا شئتُ استِفالا
هوَ المُفني المَذاكي والأعادي وبِيضَ الهِنْدِ والسُّمْرَ الطّوالا
وقائِدُها مُسَوَّمَةً خِفافاً على حَيٍّ تُصَبّحُهُ ثِقَالا
جَوائِلَ بالقُنيّ مُثَقَّفاتٍ كأنّ على عَوامِلِها ذُبَالا
إذا وَطِئَتْ بأيْديها صُخُوراً يَفِئْنَ لوَطْءِ أرْجُلِها رِمَالا
جَوابُ مُسائِلي ألَهُ نَظِيرٌ؟ ولا لكَ في سُؤالكَ لا ألاَ لا
لَقَد أمِنَتْ بكَ الإعدامَ نَفْسٌ تَعُدّ رَجاءَها إيّاكَ مَالا
وقد وَجِلَتْ قُلُوبٌ منكَ حتى غَدَتْ أوجالُها فيها وِجَالا
سُرورُكَ أنْ تَسُرَّ النّاسَ طُرّاً تُعَلّمُهُمْ عَلَيْكَ بهِ الدّلالا
إذا سألُوا شكَرْتَهُمُ عَلَيْهِ وإنْ سكَتُوا سألْتَهُمُ السّؤالا
وأسعَدُ مَنْ رأيْنا مُسْتَميحٌ يُنيلُ المُسْتَمَاحَ بأنْ يُنَالا
يُفارِقُ سَهمُكَ الرّجلَ المُلاقَى فِراقَ القَوْسِ ما لاقَى الرّجالا
فَما تَقِفُ السّهامُ على قَرارٍ كأنّ الرّيشَ يَطّلِبُ النِّصالا
سَبَقْتَ السّابقينَ فَما تُجارَى وجاوَزْتَ العُلُوّ فَما تُعَالَى
وأُقْسِمُ لوْ صَلَحْتَ يَمينَ شيءٍ لمَا صَلَحَ العِبَادُ لَه شِمَالا
أُقَلّبُ مِنكَ طَرْفي في سَمَاءٍ وإنْ طَلَعَتْ كَواكِبُها خِصالا
وأعجبُ منكَ كيفَ قدَرْتَ تنشا وقد أُعطِيتَ في المَهدِ الكَمالا

في الخد أن عزم الخليط رحيلا

في الخَدّ أنْ عَزَمَ الخَليطُ رَحيلا مَطَرٌ تَزيدُ بهِ الخُدودُ مُحُولا
يا نَظْرَةً نَفَتِ الرُّقادَ وغادَرَتْ في حَدّ قَلبي ما حَيِيتُ فُلُولا
كَانَتْ مِنَ الكَحْلاءِ سُؤلي إنّما أجَلي تَمَثّلَ في فُؤادي سُولا
أجِدُ الجَفَاءَ على سِواكِ مُرُوءَةً والصّبرَ إلاّ في نَواكِ جَميلا
وأرَى تَدَلُّلَكِ الكَثيرَ مُحَبَّباً وأرَى قَليلَ تَدَلُّلٍ مَمْلُولا
حَدَقُ الحِسانِ من الغواني هِجنَ لي يَوْمَ الفِراقِ صَبابَةً وغَليلا
حَدَقٌ يُذِمّ مِنَ القَواتِلِ غيرَها بَدْرُ بنُ عَمّارِ بنِ إسْماعِيلا
ألفَارِجُ الكُرَبَ العِظامَ بمِثْلِها والتّارِكُ المَلِكَ العزيزَ ذَليلا
مَحِكٌ إذا مَطَلَ الغَريمُ بدَيْنِهِ جَعَلَ الحُسامَ بمَا أرَادَ كَفيلا
نَطِقٌ إذا حَطّ الكَلامُ لِثامَهُ أعْطَى بمَنْطِقِهِ القُلُوبَ عُقُولا
أعْدَى الزّمانَ سَخاؤهُ فَسَخا بهِ ولَقَدْ يكونُ بهِ الزّمانُ بَخيلا
وكأنّ بَرْقاً في مُتُونِ غَمامةٍ هِنْدِيُّهُ في كَفّهِ مَسْلُولا
ومَحَلُّ قائِمِهِ يَسيلُ مَواهِباً لَوْ كُنّ سَيْلاً ما وَجَدْنَ مَسيلا
رَقّتْ مَضارِبُهُ فَهُنّ كأنّمَا يُبْدينَ مِنْ عِشقِ الرّقابِ نُحُولا
أمُعَفِّرَ اللّيْثِ الهِزَبْرِ بسَوْطِهِ لمَنِ ادّخَرْتَ الصّارِمَ المَصْقُولا
وَقَعَتْ على الأُرْدُنّ مِنْهُ بَلِيّةٌ نُضِدَتْ بها هامُ الرّفاقِ تُلُولا
وَرْدٌ إذا وَرَدَ البُحَيرَةَ شارِباً وَرَدَ الفُراتَ زَئِيرُهُ والنّيلا
مُتَخَضّبٌ بدَمِ الفَوارِسِ لابِسٌ في غِيلِهِ مِنْ لِبْدَتَيْهِ غِيلا
ما قُوبِلَتْ عَيْناهُ إلاّ ظُنّتَا تَحْتَ الدُّجَى نارَ الفَريقِ حُلُولا
في وَحْدَةِ الرُّهْبَانِ إلاّ أنّهُ لا يَعْرِفُ التّحْرِيمَ والتّحْليلا
يَطَأُ الثّرَى مُتَرَفّقاً مِنْ تِيهِهِ فكأنّهُ آسٍ يَجُسّ عَلِيلا
ويَردّ عُفْرَتَه إلى يَأفُوخِهِ حتى تَصِيرَ لرَأسِهِ إكْليلا
وتَظُنّهُ مِمّا يُزَمْجِرُ نَفْسُهُ عَنْها لِشِدّةِ غَيظِهِ مَشْغُولا
قَصَرَتْ مَخَافَتُهُ الخُطى فكأنّما رَكِبَ الكَميُّ جَوادَهُ مَشْكُولا
ألْقَى فَريسَتَهُ وبَرْبَرَ دونَهَا وقَرُبْتَ قُرْباً خالَهُ تَطْفِيلا
فتَشابَهَ الخُلُقانِ في إقْدامِهِ وتَخالَفَا في بَذْلِكَ المأْكُولا
أسَدٌ يَرَى عُضْوَيهِ فيكَ كِلَيْهِما مَتْناً أزَلَّ وساعداً مَفْتُولا
في سرْجِ ظامِئَةِ الفُصوصِ طِمِرّةٍ يأبَى تَفَرُّدُها لهَا التّمْثيلا
نَيَّالةِ الطَّلِبَاتِ لَوْلا أنَّهَا تُعْطي مَكانَ لِجامِها مَا نِيلا
تَنْدَى سَوالفُها إذا استَحضَرْتَها ويُظَنّ عَقْدُ عِنانِها مَحْلُولا
ما زالَ يَجْمَعُ نَفْسَهُ في زَوْرِهِ حتى حَسِبْتَ العَرْضَ منه الطّولا
ويَدُقّ بالصّدْرِ الحِجارَ كأنّه يَبْغي إلى ما في الحَضِيضِ سَبيلا
وكأنّهُ غَرّتْهُ عَيْنٌ فادّنَى لا يُبْصِرُ الخَطْبَ الجَليلَ جَليلا
أنَفُ الكَريمِ مِنَ الدّنيئَةِ تارِكٌ في عَينِهِ العَدَدَ الكَثيرَ قَليلا
والعارُ مَضّاضٌ ولَيسَ بخائِفٍ مِنْ حَتْفِهِ مَنْ خافَ ممّا قِيلا
سَبَقَ التِقاءَكَهُ بوَثْبَةِ هاجِمٍ لَوْ لم تُصادِمْهُ لجازَكَ مِيلا
خَذَلَتْهُ قُوّتُهُ وقَدْ كافَحْتَهُ فاستَنْصَرَ التّسْليمَ والتّجْديلا
قَبَضَتْ مَنِيّتُهُ يَدَيْهِ وعُنْقَهُ فَكَأنّما صادَفْتَهُ مَغْلُولا
سَمِعَ ابنُ عَمّتِهِ بهِ وبحالِهِ فنَجا يُهَرْوِلُ أمسِ منكَ مَهُولا
وأمَرُّ مِمّا فَرّ مِنْهُ فِرارُهُ وكَقَتْلِهِ أنْ لا يَمُوتَ قَتيلا
تَلَفُ الذي اتّخَذَ الجراءَةَ خُلّةً وعَظَ الذي اتّخَذَ الفِرارَ خَليلا
لَوْ كانَ عِلْمُكَ بالإل?هِ مُقَسَّماً في النّاسِ ما بَعَثَ الإل?هُ رَسُولا
لَوْ كانَ لَفْظُكَ فيهِمُ ما أنزَلَ الـ ـفُرْقانَ والتّوْراةَ والإنْجيلا
لَوْ كانَ ما تُعطيهِمُ من قبلِ أنْ تُعْطيهِمُ لَمْ يَعرِفُوا التّأمِيلا
فلَقَدْ عُرِفْتَ وما عُرِفتَ حَقيقَةً ولقد جُهِلْتَ وما جُهِلْتَ خُمُولا
نَطَقَتْ بسُؤدُدِكَ الحَمامُ تَغَنّياً وبما تُجَشّمُها الجِيادُ صَهيلا
ما كلّ مَنْ طَلَبَ المَعالي نافِذاً فيها ولا كُلّ الرّجالِ فُحُولاَ

أرى حللا مطواة حسانا

أرَى حُلَلاً مُطَوَّاةً حِسَاناً عَداني أنْ أراكَ بها اعْتِلالي
وهَبْكَ طَوَيتَها وخرَجتَ عنها أتَطوي ما عَلَيكَ من الجَمالِ
وإنّ بها وإنّ بهِ لَنَقْصاً وأنتَ لها النّهايةُ في الكَمالِ
لَقَدْ ظَلّتْ أواخِرُها الأعالي مَعَ الأُولى بجِسْمِكَ في قِتالِ
تُلاحِظُكَ العُيُونُ وأنتَ فيها كأنّ علَيكَ أفْئِدَةَ الرّجالِ
متى أحصَيْتُ فَضلَكَ في كَلامٍ فقَدْ أحصَيتُ حَبّاتِ الرّمالِ

عذلت منادمة الأمير عواذلي

عَذَلَتْ مُنادَمَةُ الأميرِ عَواذِلي في شُرْبِها وكَفَتْ جَوابَ السّائِلِ
مَطَرَتْ سَحابُ يَديكَ رِيَّ جَوانحي وحملتُ شكرَكَ واصطناعُك حاملي
فمَتى أقُومُ بشُكرِ ما أوْلَيْتَني والقَوْلُ فيكَ عُلُوّ قَدْرِ القائِل

بدر فتى لو كان من سؤاله

بَدْرٌ فَتًى لوْ كانَ مِنْ سؤَّالِهِ يَوْماً تَوَفّرَ حَظُّهُ مِنْ مالِهِ
تَتَحَيّرُ الأفْعالُ في أفْعالِهِ ويَقِلُّ ما يأتيهِ في إقْبالِهِ
قَمَراً نَرَى وسَحابَتينِ بمَوضعٍ مِنْ وَجْهِهِ ويَمينِهِ وشِمَالِهِ
سَفَكَ الدّماءَ بجُودِهِ لا بأسِهِ كَرَماً لأنّ الطّيرَ بعضُ عِيالِهِ
إنْ يَفنَ ما يحوي فَقَد أبْقَى لهُ ذِكْراً يَزولُ الدّهرُ قَبلَ زوالِهِ

قد أبت بالحاجة مقضية

قَدْ أُبْتُ بالحَاجَةِ مَقضِيّةً وعِفْتُ في الجَلسَةِ تَطويلَها
أنتَ الذي طُولُ بَقاءٍ لَهُ خَيرٌ لنَفسِي مِنْ بَقائي لَهَا