إن كنت صديقي.. ساعدني
كي أرحل عنك..
أو كنت حبيبي.. ساعدني
كي أشفى منك
لو أني أعرف أن الحب خطيرٌ جداً
ما أحببت
لو أني أعرف أن البحر عميقٌ جداً
ما أبحرت..
لو أني أعرف خاتمتي
ما كنت بدأت…
إشتقت إليك.. فعلمني
أن لا أشتاق
علمني
كيف أقص جذور هواك من الأعماق
علمني
كيف تموت الدمعة في الأحداق
علمني
كيف يموت القلب وتنتحر الأشواق
*
إن كنت نبياً .. خلصني
من هذا السحر..
من هذا الكفر
حبك كالكفر.. فطهرني
من هذا الكفر..
إن كنت قوياً.. أخرجني
من هذا اليم..
فأنا لا أعرف فن العوم
الموج الأزرق في عينيك.. يجرجرني نحو الأعمق
وأنا ما عندي تجربةٌ
في الحب.. ولا عندي زورق..
إن كنت أعز عليك .. فخذ بيدي
فأنا عاشقةٌ من رأسي .. حتى قدمي
إني أتنفس تحت الماء..
إني أغرق..
أغرق..
أغرق..
قصيدة نزار قباني
قصيدة نزار بن توفيق القباني أجمل قصيدة لشاعر الحب و الغزل نزار قباني.
رفقا باعصابي
شرشت ..
في لحمي و أعصابي ..
و ملكتني بذكاء سنجاب
شرشت .. في صوتي ، و في لغتي
و دفاتري ، و خيوط أثوابي ..
شرشت بي .. شمساً و عافيةً
و كسا ربيعك كل أبوابي ..
شرشت .. حتى في عروق يدي
وحوائجي .. و زجاج أكوابي ..
شرشت بي .. رعداً .. و صاعقةً
و سنابلاً ، و كروم أعناب
شرشت .. حتى صار جوف يدي
مرعى فراشاتٍ .. و أعشاب
تتساقط الأمطار .. من شفتي ..
و القمح ينبت فوق أهدابي ..
شرشت .. حتى العظم .. يا امرأةً
فتوقفي .. رفقاً بأعصابي ..
سأقول لك أحبك
سأقول لك “أحبك”..
حين تنتهي كل لغات العشق القديمه
فلا يبقى للعشاق شيءٌ يقولونه.. أو يفعلونه..
عندئذ ستبدأ مهمتي..
في تغيير حجارة هذا العالم..
وفي تغيير هندسته..
شجرةً بعد شجره..
وكوكباً بعد كوكب..
وقصيدةً بعد قصيده..
سأقول لك “أحبك”..
وتضيق المسافة بين عينيك وبين دفاتري..
ويصبح الهواء الذي تتنفسينه يمر برئتي أنا..
وتصبح اليد التي تضعينها على مقعد السيارة..
هي يدي أنا..
سأقولها، عندما أصبح قادراً،
على استحضار طفولتي، وخيولي، وعساكري،
ومراكبي الورقيه..
واستعادة الزمن الأزرق معك على شواطيء بيروت..
حين كنت ترتعشين كسمكةٍ بين أصابعي..
فأغطيك، عندما تنعسين،
بشرشفٍ من نجوم الصيف..
3
سأقول لك “أحبك”..
وسنابل القمح حتى تنضج.. بحاجةٍ إليك..
والينابيع حتى تتفجر..
والحضارة حتى تتحضر..
والعصافير حتى تتعلم الطيران..
والفراشات حتى تتعلم الرسم..
وأنا أمارس النبوه
بحاجةٍ إليك..
4
سأقول لك “أحبك”..
عندما تسقط الحدود نهائياً بينك وبين القصيده..
ويصبح النوم على ورقة الكتابه
ليس الأمر سهلاً كما تتصورين..
خارج إيقاعات الشعر..
ولا أن أدخل في حوارٍ مع جسدٍ لا أعرف أن أتهجاه..
كلمةً كلمه..
ومقطعاً مقطعاً…
إنني لا أعاني من عقدة المثقفين..
لكن طبيعتي ترفض الأجساد التي لا تتكلم بذكاء…
والعيون التي لا تطرح الأسئله..
إن شرط الشهوة عندي، مرتبطٌ بشرط الشعر
فالمرأة قصيدةٌ أموت عندما أكتبها..
وأموت عندما أنساها..
5
سأقول لك “أحبك”..
عندما أبرأ من حالة الفصام التي تمزقني..
وأعود شخصاً واحداً..
سأقولها، عندما تتصالح المدينة والصحراء في داخلي.
وترحل كل القبائل عن شواطيء دمي..
الذي حفره حكماء العالم الثالث فوق جسدي..
التي جربتها على مدى ثلاثين عاماً…
فشوهت ذكورتي..
وأصدرت حكماً بجلدك ثمانين جلده..
بتهمة الأنوثه…
لذلك. لن أقول لك (أحبك).. اليوم..
وربما لن أقولها غداً..
فالأرض تأخذ تسعة شهورٍ لتطلع زهره
والليل يتعذب كثيراً.. ليلد نجمه..
والبشرية تنتظر ألوف السنوات.. لتطلع نبياً..
فلماذا لا تنتظرين بعض الوقت..
لتصبحي حبيبتي؟؟.
بتهمة الأنوثه…
لذلك. لن أقول لك (أحبك).. اليوم..
وربما لن أقولها غداً..
فالأرض تأخذ تسعة شهورٍ لتطلع زهره
والليل يتعذب كثيراً.. ليلد نجمه..
والبشرية تنتظر ألوف السنوات.. لتطلع نبياً..
فلماذا لا تنتظرين بعض الوقت..
لتصبحي حبيبتي؟؟.
سأبدأ من أول السطر
سأبدأ من أول السطر.. إن كنت تعتقدين
بأني سقطت أمام التحدي الكبير!!
سأبدأ من أول الخصر.. إن كنت تعتقدين
بأني تلعثمت، مثل التلاميذ، فوق السرير..
سأبدأ من قمة الصدر.. إن كنت تعتقدين
بأني تصرفت كالأغبياء
أمام دموع المرايا.. وشكوى الحرير..
سأبدأ من شفتيك نزولاً..
إذا كنت تخشين من غربة الليل والزمهرير
سأبدأ من قدميك صعوداً..
إذا كان لا بد لي أن أموت..
لأربح هذا الرهان الكبير!!
سؤال
تقول : حبيبي إذا ما نموت
ويدرج في الأرض جثماننا
إلى أي شيءٍ يصير هوانا
أيبلى كما هي أجسادنا ؟
أيتلف هذا البريق العجيب ؟
كما سوف تتلف أعضاؤنا
إذا كان للحب هذا المصير
فقد ضيعت فيه أوقاتنا
***
أجبت : ومن قال إنا نموت ؟
وتنأى عن الأرض أشباحنا
ففي غرف الفجر يجري شذانا
وتكمن في الجو أطيابنا
نفيق مع الورد صبحاً ، وعند
العشيات تقفل قمصاننا
وإن تنفخ الريح طي الشقوق
ففيها صدانا وأصواتنا
وإن طننت نحلةٌ في الفراغ
تطن مع النحل قبلاتنا ..
***
نموت .. أما أسفٌ أن نموت؟
وما يبست بعد أوراقنا
يقولون : من نحن ؟ نحن الذين
حرامٌ إذا مات أمثالنا
ندوس فتمشي الطريق غلالاً
وتنمي الحشائش أقدامنا
سيسأل عنا الرعاة الشيوخ
وتبكي العصافير .. أصحابنا
سيخسرنا الحرج والحاطبون
وتكسد في الأرض أخشابنا
غداً .. لن نمر عليهم مساءً
ولن تملأ الغاب نيراننا
وزرق الحساسين من بعدنا
سيطعمها ، وهي أولادنا
وفرشتنا ، كورنا في الشتاء
بها اللفلفات .. وألعابنا
أنتركها .. كيف نتركها ؟
وما أرهقت بعد أعصابنا
ومخبأنا في السياج العتيق
تدور .. تدور .. حكاياتنا
وأنت بقلبي ملصوقةٌ ..
يطول على الأرض إغماؤنا
***
سنبقى .. وحين يعود الربيع
يعود شذانا .. وأوراقنا ..
إذا يذكر الورد في مجلسٍ
مع الورد ، تسرد أخبارنا ..
ساعي البريد
أغلى العطور ، أريدها
أزهى الثياب
فإذا أطل بريدها
بعد اغتراب
وطويت في صدري الخطاب
عمرت في ظني القباب
وأمرت أن يسقى المساء
معي الشراب..
ووهبت للليل النجوم..
بلا حساب .. بلا حساب
***
أنا عند شباكي الذي
يمتص أوردة الغياب..
وشجيرة النارنج..
يابسةٌ
مضيعة الشباب..
وموزع الأشواق
يترك فرحةً في كل باب..
خطواته
في أرض شارعنا
حديثٌ مستطاب
وحقيبة الآمال
تعبق بالتحارير الرطاب
هذا غلافي القرمزي
يكاد يلتهب التهاب
وأكاد ألتهم النقاب الفستقي
ولا نقاب..
أنا قبل أن كان الجواب..
طيبان لي. طيب الحروف
وطيب كاتبة الكتاب..
أطفو على الحرف الذي صلى على يدها وتاب
خطٌ..
من الضوء النحيت
فكل فاصلةٍ شهاب
هذا غلافي – لا أشك-
يرف مجروح العتاب
عنوان منزلنا المغمس بالسحاب
عنواننا..
عند النجوم الحافيات..
على الهضاب
***
يا أنت..
يا ساعي البريد..
ببابنا، هل من خطاب؟
ويقهقه الرجل العجوز
ويختفي بين الشعاب
ماذا يقول ؟ يقول:
ليس لسيدي إلا التراب
إلا حروفٌ من ضباب..
أين الحقيبة؟
أين عنواني؟
سرابٌ .. في سراب