| مَا لَنَا كُلُّنَا جَوٍ يا رَسُولُ | أنَا أهْوَى وَقَلبُكَ المَتْبُولُ |
| كُلّما عادَ مَن بَعَثْتُ إلَيْهَا | غَارَ منّي وَخَانَ فِيمَا يَقُولُ |
| أفْسَدَتْ بَيْنَنَا الأمَانَاتِ عَيْنَا | هَا وَخَانَتْ قُلُوبَهُنّ العُقُولُ |
| تَشتَكي ما اشتكَيتُ مِن ألمِ الشّوْ | قِ إلَيها وَالشّوْقُ حَيثُ النُّحولُ |
| وَإذا خامَرَ الهَوَى قَلبَ صَبٍّ | فَعَلَيْهِ لِكُلّ عَينٍ دَلِيلُ |
| زَوِّدينَا من حُسنِ وَجْهِكِ ما دا | مَ فَحُسنُ الوُجوهِ حَالٌ تحُولُ |
| وَصِلِينَا نَصِلْكِ في هَذِهِ الدّنـ | ـيَا فإنّ المُقَامَ فيها قَليلُ |
| مَنْ رَآهَا بعَيْنِها شَاقَهُ القُطّـ | ـانُ فيهَا كمَا تَشُوقُ الحُمُولُ |
| إنْ تَرَيْني أدِمْتُ بَعْدَ بَيَاضٍ | فَحَميدٌ مِنَ القَناةِ الذُّبُولُ |
| صَحِبَتْني على الفَلاةِ فَتَاةٌ | عادَةُ اللّوْنِ عندَها التّبديلُ |
| سَتَرَتْكِ الحِجالُ عَنهَا وَلكِنْ | بكِ مِنهَا منَ اللَّمَى تَقبيلُ |
| مِثْلُهَا أنتِ لَوّحَتْني وَأسْقَمْـ | ـتِ وَزَادَتْ أبْهاكُما العُطْبُولُ |
| نَحْنُ أدْرَى وَقد سألْنَا بِنَجْدٍ | أطَوِيلٌ طَرِيقُنَا أمْ يَطُولُ |
| وَكَثيرٌ مِنَ السّؤالِ اشْتِيَاقٌ | وَكَثِيرٌ مِنْ رَدّهِ تَعْليلُ |
| لا أقَمْنَا عَلى مَكانٍ وَإنْ طَا | بَ وَلا يُمكِنُ المكانَ الرّحيلُ |
| كُلّمَا رَحّبَتْ بنا الرّوْضُ قُلْنَا | حَلَبٌ قَصْدُنَا وَأنْتِ السّبيلُ |
| فِيكِ مَرْعَى جِيادِنَا وَالمَطَايَا | وَإلَيْهَا وَجِيفُنَا وَالذّميلُ |
| وَالمُسَمَّوْنَ بالأمِيرِ كَثِيرٌ | وَالأمِيرُ الذي بها المَأمُولُ |
| ألّذِي زُلْتُ عَنْهُ شَرْقاً وَغَرْباً | وَنَداهُ مُقابِلي مَا يَزُولُ |
| وَمعي أيْنَمَا سَلَكْتُ كَأنّي | كُلُّ وَجْهٍ لَهُ بوَجْهي كَفِيلُ |
| وَإذا العَذْلُ في النّدَى زَارَ سَمْعاً | فَفَداهُ العَذُولُ وَالمَعْذُولُ |
| وَمَوَالٍ تُحْيِيهِمِ مِنْ يَدَيْهِ | نِعَمٌ غَيْرُهُمْ بهَا مَقْتُولُ |
| فَرَسٌ سابِحٌ وَرُمْحٌ طَوِيلٌ | وَدِلاصٌ زَغْفٌ وَسَيفٌ صَقيلُ |
| كُلّمَا صَبّحَتْ دِيارَ عَدُوٍّ | قالَ تِلكَ الغُيوثُ هذي السّيولُ |
| دَهِمَتْهُ تُطايِرُ الزّرَدَ المُحْـ | ـكَمَ عَنْهُ كَمَا يَطيرُ النّسيلُ |
| تَقنِصُ الخَيلَ خَيلُهُ قنَصَ الوَحـ | ـشِ وَيَستأسرُ الخَميسَ الرّعيلُ |
| وَإذا الحَرْبُ أعرَضَتْ زَعَمَ الهَوْ | لُ لِعَيْنَيْهِ أنّهُ تَهْوِيلُ |
| وَإذا صَحّ فالزّمانُ صَحيحٌ | وَإذا اعْتَلّ فالزّمانُ عَليلُ |
| وَإذا غابَ وَجْهُهُ عَنْ مَكانٍ | فَبِهِ مِنْ ثَنَاهُ وَجْهٌ جَميلُ |
| لَيسَ إلاّكَ يا عَليُّ هُمَامٌ | سَيْفُهُ دونَ عِرْضِهِ مَسْلُولُ |
| كَيفَ لا تأمَنُ العِراقُ وَمِصْرٌ | وَسَرَاياكَ دونَهَا وَالخُيُولُ |
| لَوْ تَحَرّفْتَ عَن طَرِيقِ الأعادي | رَبَطَ السِّدْرُ خَيلَهُمْ وَالنّخيلُ |
| وَدَرَى مَنْ أعَزّهُ الدّفعُ عَنهُ | فيهِمَا أنّهُ الحَقِيرُ الذّليلُ |
| أنتَ طُولَ الحَيَاةِ للرّومِ غازٍ | فَمَتى الوَعْدُ أن يكونَ القُفولُ |
| وَسِوى الرّومِ خَلفَ ظَهرِكَ رُومٌ | فَعَلَى أيّ جَانِبَيْكَ تَمِيلُ |
| قَعَدَ النّاسُ كُلُّهُمْ عَنْ مَساعيـ | ـكَ وَقامتْ بها القَنَا وَالنُّصُولُ |
| ما الذي عِنْدَهُ تُدارُ المَنَايَا | كالّذي عِندَهُ تُدارُ الشَّمولُ |
| لَسْتُ أرْضَى بأنْ تكُونَ جَوَاداً | وَزَمَاني بأنْ أرَاكَ بَخيلُ |
| نَغّصَ البُعدُ عَنكَ قُرْبَ العَطايا | مَرْتَعي مُخصِبٌ وَجِسمي هَزِيلُ |
| إنْ تَبَوّأتُ غَيرَ دُنْيَايَ داراً | وَأتَاني نَيْلٌ فَأنْتَ المُنيلُ |
| فمِن عَبيدي إنْ عِشتَ لي ألفُ كافو | رٍ وَلي مِن نَداكَ رِيفٌ ونِيلُ |
| مَاأُبالي إذا اتّقَتْكَ اللّيَالي | مَنْ دَهَتْهُ حُبُولُها وَالْخُبُولُ |
قصيدة المتنبي
أروع أبيات الشعر العربي للشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي قصيدة المتنبي الرائعة من أجمل القصائد.
لا تحسن الوفرة حتى ترى
| لا تَحْسُنُ الوَفْرَةُ حَتّى تُرَى | مَنْشُورَةَ الضَّفْرَينِ يَوْمَ القِتالْ |
| عَلى فَتًى مُعْتَقِلٍ صَعْدَةً | يَعُلّهَا مِنْ كُلّ وَافي السِّبَالْ |
محبي قيامي ما لذلكم النصل
| مُحبّي قيَامي مَا لِذلِكُمُ النّصْلِ | بَريئاً مِنَ الجرْحَى سَليماً من القَتلِ |
| أرَى من فِرِنْدي قِطعَةً في فِرِنْدِهِ | وَجودةُ ضربِ الهَامِ في جودة الصّقلِ |
| وَخُضرَةُ ثوْبِ العيش في الخضرةِ التي | أرَتكَ احمرارَ المَوْتِ في مدرَج النّملِ |
| أمِطْ عَنكَ تَشبيهي بمَا وَكَأنّهُ | فَمَا أحَدٌ فَوْقي وَلا أحَدٌ مِثْلي |
| وَذَرْني وَإيّاهُ وَطِرْفي وَذابِلي | نكنْ واحداً يلقى الوَرَى وَانظرَنْ فعلي |
أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا
| أحْيَا وَأيْسَرُ مَا قاسَيْتُ ما قَتَلا | وَالبَينُ جارَ على ضُعْفي وَمَا عَدَلا |
| وَالوَجدُ يَقوَى كما تَقوَى النّوَى أبداً | وَالصّبرُ يَنحلُ في جسمي كما نَحِلا |
| لَوْلا مُفارَقَةُ الأحبابِ ما وَجَدَتْ | لهَا المَنَايَا إلى أرْوَاحِنَا سُبُلا |
| بمَا بجفْنَيْكِ من سِحْرٍ صِلي دَنِفاً | يهوَى الحيَاةَ وَأمّا إنْ صَدَدتِ فَلا |
| إلاّ يَشِبْ فَلَقَدْ شابَتْ لَهُ كبدٌ | شَيْباً إذا خَضَبَتْهُ سَلْوَةٌ نَصَلا |
| يَحِنّ شَوْقاً فَلَوْلا أنّ رَائِحَةً | تَزورُهُ مِن رِياحِ الشّرْقِ مَا عَقَلا |
| هَا فانْظُري أوْ فَظُنّي بي تَريْ حُرَقاً | مَن لم يَذُقْ طَرَفاً منها فقدْ وَألا |
| عَلّ الأميرَ يَرَى ذُلّي فيَشْفَعَ لي | إلى التي تَركَتْني في الهَوَى مَثَلا |
| أيْقَنْتُ أنّ سَعيداً طَالِبٌ بدَمي | لمّا بَصُرْتُ بهِ بالرّمْحِ مُعْتَقِلا |
| وأنّني غَيرُ مُحْصٍ فَضْلَ والِدِهِ | وَنَائِلٌ دونَ نَيْلي وَصْفَهُ زُحَلا |
| قَيْلٌ بمَنْبِجَ مَثْواهُ ونَائِلُهُ | في الأفْقِ يَسألُ عَمّنْ غيرَهُ سألا |
| يَلوحُ بَدْرُ الدّجى في صَحنِ غُرّتِهِ | وَيَحْمِلُ الموتُ في الهيجاء إن حمَلا |
| تُرَابُهُ في كِلابٍ كُحْلُ أعْيُنِهَا | وَسَيْفُهُ في جَنَابٍ يَسْبِقُ العَذَلا |
| لنُورِهِ في سَمَاءِ الفَخْرِ مُخْتَرَقٌ | لوْ صاعدَ الفكرَ فيهِ الدّهرَ ما نَزَلا |
| هُوَ الأميرُ الذي بَادَتْ تَميمُ بهِ | قِدْماً وساقَ إليْها حَيْنُهَا الأجَلا |
| لمّا رَأوْهُ وَخَيْلُ النّصْرِ مُقْبِلَةٌ | وَالحَرْبُ غَيرُ عَوَانٍ أسلموا الحِلَلا |
| وَضاقَتِ الأرْضُ حتى كانَ هارِبُهمْ | إذا رَأى غَيرَ شيءٍ ظَنّهُ رَجُلا |
| فَبَعْدَهُ وإلى ذا اليَوْمِ لوْ رَكَضَتْ | بالخَيْلِ في لهَوَاتِ الطّفلِ ما سَعَلا |
| فَقَدْ تركْتَ الأُلى لاقَيْتَهُمْ جَزَراً | وَقَد قَتَلتَ الأُلى لم تَلْقَهُمْ وَجَلا |
| كَمْ مَهْمَهٍ قَذَفٍ قَلبُ الدّليلِ به | قَلْبُ المُحِبّ قَضاني بعدما مَطَلا |
| عَقَدْتُ بالنّجْمِ طَرْفي في مَفاوِزِهِ | وَحُرَّ وَجْهي بحَرّ الشّمسِ إذْ أفَلا |
| أوْطَأتُ صُمَّ حَصاها خُفَّ يَعْمَلَةٍ | تَغَشْمَرَتْ بي إليكَ السهلَ وَالجَبَلا |
| لوْ كنتَ حشوَ قَميصي فوْقَ نُمرُقهَا | سَمِعْتَ للجنّ في غيطانهَا زَجَلا |
| حتى وَصَلْتُ بنَفْسٍ ماتَ أكثرُها | وَلَيْتَني عِشْتُ مِنْهَا بالّذي فَضَلا |
| أرْجو نَداكَ وَلا أخشَى المِطالَ بهِ | يا مَنْ إذا وَهَبَ الدّنْيا فقَد بخِلا |
فقد شغل الناس كثرة الأمل
| فقَدْ شَغَلَ النّاسَ كَثرَةُ الأمَلِ | وَأنْتَ بالمَكْرُمَاتِ في شُغُلِ |
| تَمَثّلُوا حَاتِماً وَلَوْ عَقَلُوا | لَكُنْتَ في الجُودِ غايَةَ المَثَلِ |
| أهْلاً وَسَهْلاً بما بَعَثْتَ بهِ | إيهاً أبا قاسِمٍ وبالرّسُلِ |
| هَدِيّةٌ مَا رَأيْتُ مُهْديَها | إلاّ رَأيْتُ العِبَادَ في رَجُلِ |
| أقَلُّ مَا في أقَلّهَا سَمَكٌ | يَسْبَحُ في بِرْكَةٍ مِنَ العَسَلِ |
| كَيفَ أُكَافي عَلى أجَلّ يَدٍ | مَنْ لا يَرَى أنّهَا يَدٌ قِبَلي |
قفا تريا ودقي فهاتا المخايل
| قِفَا تَرَيَا وَدْقي فَهَاتَا المَخايِلُ | وَلا تَخْشَيا خُلْفاً لِما أنَا قائِلُ |
| رَماني خساسُ النّاس من صائبِ استِهِ | وآخَرَ قُطْنٌ من يَدَيهِ الجَنَادِلُ |
| وَمن جاهلٍ بي وَهْوَ يَجهَلُ جَهلَهُ | وَيَجْهَلُ عِلمي أنّهُ بيَ جاهِلُ |
| وَيَجْهَلُ أنّي مالكَ الأرْضِ مُعسِرٌ | وَأنّي على ظَهرِ السِّماكَينِ رَاجِلُ |
| تُحَقِّرُ عِندي هِمّتي كُلَّ مَطلَبٍ | وَيَقصُرُ في عَيني المَدى المُتَطاوِلُ |
| وما زِلْتُ طَوْداً لا تَزُولُ مَنَاكبي | إلى أنْ بَدَتْ للضّيْمِ فيّ زَلازِلُ |
| فقَلْقَلْتُ بالهَمّ الذي قَلْقَلَ الحَشَا | قَلاقِلَ عِيسٍ كُلّهُنّ قَلاقِلُ |
| إذا اللّيْلُ وَارَانَا أرَتْنا خِفافُها | بقَدحِ الحَصَى ما لا تُرينا المَشاعِلُ |
| كأنّي منَ الوَجْناءِ في ظَهرِ مَوْجَةٍ | رَمَتْ بي بحاراً ما لَهُنّ سَواحِلُ |
| يُخَيَّلُ لي أنّ البِلادَ مَسَامِعي | وأنّيَ فيها ما تَقُولُ العَواذِلُ |
| وَمَنْ يَبغِ ما أبْغي مِنَ المَجْدِ والعلى | تَسَاوَ المَحايي عِنْدَهُ وَالمَقاتِلُ |
| ألا لَيسَتِ الحاجاتُ إلاّ نُفُوسَكمْ | وَلَيسَ لَنا إلاّ السّيوفَ وَسائِلُ |
| فَمَا وَرَدَتْ رُوحَ امرىءٍ رُوحُهُ له | وَلا صَدَرَتْ عن باخِلٍ وَهوَ باخِلُ |
| غَثَاثَةُ عَيشي أنْ تَغَثّ كَرامَتي | وَلَيسَ بغَثٍّ أنْ تَغَثّ المَآكلُ |