وَلَمّا رَأيْتُ النّفْس صَارَ نَجِيُّها – إلى عازِماتٍ مِنْ وَرَاءِ ضُلُوعي |
أبَتْ نَاقَتي إلاّ زِيَاداً وَرَغْبَتي – وَما الجُودُ مِنْ أخْلاقِهِ بِبَدِيعِ |
فَتىً غَيرُ مِفْرَاحٍ بِدُنْيَا يُصِيبُها – وَمِنْ نَكَباتِ الدّهْرِ غَيرُ جَزُوعِ |
ولمْ أكُ أوْ تَلْقَى زِياداً مَطِيّتي – لأكْحَلَ عَيْنَي صَاحِبي بِهجُوعِ |
ألا لَيْتَ عَبْدِيَّيْنِ يَجْتَزرَانها – إذا بَلّغَتْني نَاقَتي ابنَ رَبِيعِ |
زِياداً، وَإنْ تَبْلُغْ زِياداً فَقَدْ أتَت – فَتىً لِبِنَاءِ المَجْدِ غَيْرَ مُضِيعِ |
نَمَاهُ بَنُو الدّيّانِ في مُشْمَخرّةٍ – إلى حَسَبٍ عِنْدَ السّمَاءِ رَفِيعِ |
وَكانَ خَليلي قَبْلَ سُلْطانِ ما رَمَى – إلَيْهِ، فَما أدْرِي بِأيّ صَنِيعِ |
لَنَا يَقْضِينّ الله، وَالله قادِر – عَلى كلّ مَالٍ صَامِتٍ وَزُرُوعِ |
وَلَوْلا رَجائي فَضْلَ كفّيكَ لم تَعد – إلى هَجَرٍ أنْضَاؤنَا لرُجُوعِ |
أمِيرٌ، وَذو قُرْبَى، وَكِلْتَاهُما لنا – إلَيْهِ مَعَ الدّيّانِ خَيْرُ شَفِيعِ |
وَكَانَ بَنُو الدّيَّانِ زَيْناً لِقَوْمِهِم – وَأرْكَانَ طَودٍ بِالأرَاكِ مَنِيعِ |
وَكانَ خدِيجٌ وَالنّجاشِيُّ مِنْهُمُ – ذَوَيْ طِعْمَةٍ في المَجدِ ذاتِ دَسيعِ |
هِما طَلَبَا شَعْرانَ حَتى حَبَاهُما – بعَضْبٍ وَألْفٍ في الصِّرَارِ جميعِ |
قصيدة الفرزدق
أبيات شعر عربية لشاعر العصر الأموي الفرزدق قصيدة رائعة لهمام بن غالب التميمي والملقب بالفرزدق.
أهاج لك الشوق القديم خباله
أهاجَ لَكَ الشّوْقَ القَدِيمَ خَبالُهُ – مَنَازِلُ بَيْنَ المُنْتَضَى فالمَصَانِعِ |
عَفَتْ بَعدَ أسْرَابِ الخَليطِ وَقد ترَى – بِها بَقَراً حُوراً حِسانَ المَدامِعِ |
يُرِينَ الصِّبَا أصْحابَهُ في خِلابَةٍ – ، وَيَأبَيْنَ أنْ يَسْقينَهمْ بالشّرَائِعِ |
إذا مَا أتَاهُنّ الحَبِيبُ رَشَفْنَهُ – كرَشْفِ الهِجانِ الأدمِ ماءَ الوَقائعِ |
يَكُنّ أحَادِيثَ الفُؤادِ نَهَارَه – وَيَطْرُقْنَ بالأهْوَالِ عندَ المَضَاجعِ |
إلَيْكَ ابنَ عَبدِ الله حَملّتُ حاجَتي – على ضُمرِ الأحقابِ خُوصِ المَدامع |
نَوَاعِجَ، كُلّفْنَ الذّمِيلَ، فلم تزَل – مُقَلَّصَةً أنْضَاؤها كالشّرَاجِعِ |
تَرَى الحاديَ العَجلانَ يُرْقِصُ خَلفها – وَهُنّ كحَفّانِ النّعامِ الخَوَاضِعِ |
إذا نَكّبَتْ خُرْقاً من الأرْضِ قابلَت – وَقَد زَالَ عَنْها، رَأسَ آخرَ، تابعِ |
بَدَأنَ بهِ خُدْلَ العِظامِ – ، فُأُدْخِلَتْ عَلَيهن أيام العتاق النّزَائِعِ |
جَهِيضَ فَلاةٍ أعْجَلَتْهُ تَمامَهُ – هَبُوعُ الضّحى خَطّارَةٌ أُمُّ رَابِعِ |
تَظَلّ عِتاقُ الطّيرِ تَنْفي هَجِينَه – جُنُوحاً على جُثمان آخَرَ نَاصِعِ |
وَما ساقَها من حاجَةٍ أجْحَفَتْ بهَا – إلَيْكَ، وَلا مِنْ قِلّةٍ في مُجاشِعِ |
وَلَكِنّها اخْتَارَتْ بِلادَكَ رَغْبَةً – عَلى ما سِوَاها مِنْ ثَنايا المَطالِعِ |
أتَيْنَاكَ زُوّاراً، وَوَفْداً، وَشَامَة – لخالك خالِ الصّدقِ مُجدٍ وَنافِعِ |
إلى خَيْرِ مَسْؤولَينِ يُرْجَى نَداهُما – إذا اخْتيرَ الأفْوَاهِ قَبلَ الأصَابِعِ |
نعم الفتى خلف إذا ما أعصفت
نِعْمَ الفَتى خَلَف إذا ما أعصَفَت – رِيحُ الشّتاءِ مِنَ الشَّمال الحَرْجَفِ |
جَمَعَ الشِّوَاءَ مَعَ القَدِيدِ لضَيفِه – كَرَماً وَيَثْني بالسُّلافِ القَرْقَفِ |
مِنْ عَاقِرٍ كدمِ الرُّعَافِ مُدامَةٍ – صَهْبَاء، أشْبَهها دِمَاءُ الرُّعّفِ |
لله دَرُّكَ حِينَ يَشْتَدّ الوَغَى – وَلَنِعْم دَاعي الصّارِخِينَ الهُتّفِ |
أنْتَ المُرَجَى للعَشِيرَةِ كُلِّهَا – في المَحْلِ أوْ صَكِّ الجُموعِ الزُّحّفِ |
يا ابن الحمارة للحمار وإنما
يا ابن الحِمَارَةِ للحِمَارِ وَإنّمَا – تَلِدُ الحِمَارَةُ وَالحِمَارُ حِمَارَا |
وَلَوْ أنّ ألأمَ مَنْ مَشَى يُكْسَى غداً – ثَوْباً لرُحْتَ وَقَدْ كُسِيتَ إزَارَا |
كَلَمَتْ مُرُوءتُكَ الّتي تُعْنى بهَا – لَوْ جَادَ سَرْجُكَ وَاسْتَجَدّ عِذارَا |
لو أعلم الأيام راجعة لنا
لَوْ أعْلَمُ الأيّامَ رَاجِعَةً لَنَا – بكَيتُ على أهْلِ القِرَى من مُجاشِعِ |
بَكَيتُ على القَوْمِ الّذينَ هَوَتْ بهِم – دَعَائمُ مَجْدٍ كانَ ضَخمَ الدّسائِعِ |
إذا ما بكى العَجْعاجُ هَيّجَ عَبْرَةً – لعَيْنَي حَزِينٍ شَجْوُهُ غَيرُ رَاجعِ |
فإنْ أبْكِ قَوْمي، يا نَوَارُ، فإنّني – أرَى مَسْجِدَيهِمْ مِنهمُ كالبَلاقِعِ |
خَلاءَينِ بَعدَ الحِلْمِ وَالجَهلِ فيهما – وَبَعْدَ عُبابيِّ النّدَى المُتَدافِعِ |
فأصْبَحْتُ قَدْ كادَتْ بُيوتي يَنالُها – بحَيْثُ انتَهَى سَيلُ التِّلاعِ الدّوَافعِ |
على أنّ فِينَا مِنْ بَقَايا كُهُولِنَا – أُسَاةَ الثّأى وَالمُفظِعاتِ الصّوَادعِ |
كَأنّ الرّدُيْنِيّاتِ، كانَ بُرُودُهُم – عَلَيْهِنّ في أيْدٍ طِوَالِ الأشَاجِعِ |
إذا قلتُ: هذا آخرُ اللّيلِ قَد مَضَى – تَرَدّدَ مُسْوَدٌّ بَهِيمُ الأكارِعِ |
وَكَائِنْ تَرَكْنَا بِالخُرَيْبَةِ من فَتى – كَرِيمٍ وَسَيفٍ للضّرِيبَةِ قاطِعِ |
وَمِنْ جَفْنَةٍ كانَ اليَتامَى عِيالَها – وَسَابِغَةٍ تَغْشَى بَنانَ الأصَابِعِ |
وَمِنْ مُهرَةٍ شَوْهَاءَ أوْدَى عِنانُها – وَقَد كانَ مَحفوظاً لها غَيرَ ضَائِعِ |
لكل امرىء نفسان
لكلّ امرِىءٍ نَفسانِ نَفسٌ كرِيمَةٌ – وَأخْرَى يُعاصِيها الفتى أوْ يُطِيعُها |
وَنَفْسُكَ من نَفْسَيكَ تَشفعُ للنّدى – إذا قَلّ منْ أحْرَارهِنّ شَفِيعُها |