أَلا ما لِلَيلى لا تُرى عِندَ مَضجَعي – بِلَيلٍ وَلا يَجري بِذَلِكَ طائِرُ |
بَلى إِنَّ عُجمَ الطَيرِ تَجري إِذا جَرَت – بِلَيلى وَلَكِن لَيسَ لِلطَيرِ زاجِرُ |
أَزالَت عَنِ العَهدِ الَّذي كانَ بَينَنا – بِذي الأُثلِ أَم قَد غَيَّرَتها المَقادِرُ |
فَوَاللَهِ ما في القُربِ لي مِنكِ راحَةٌ – وَلا البُعدُ يُسليني وَلا أَنا صابِرُ |
وَوَاللَهِ ما أَدري بِأَيَّةِ حيلَةٍ – وَأَيِّ مَرامٍ أَو خِطارٍ أُخاطِرُ |
وَتَاللَهِ إِنَّ الدَهرَ في ذاتِ بَينِنا – عَلَيَّ لَها في كُلِّ حالٍ لَجائِرُ |
فَلَو كُنتِ إِذ أَزمَعتِ هَجري تَرَكتِني – جَميعُ القُوى وَالعَقلُ مِنِّيَ وافِرُ |
وَلَكِنَّ أَيّامي بِحَقلِ عُنَيزَةٍ – وَبِالرَضمِ أَيامَ جَناها التَجاوُرُ |
وَقَد أَصبَحَ الوُدُّ الَّذي كانَ بَينَنا – أَمانِيَّ نَفسٍ وَالمُؤَمِّلُ حائِرُ |
لَعَمري لَقَد رَنَّقتِ يا أُمَّ مالِكٍ – حَياتي وَساقَتني إِلَيكِ المَقادِرُ |
قصائد قيس بن الملوح
قصائد مجنون ليلى الشاعر قيس بن الملوح أغلبها قصائد في حب ليلى العامرية التي تسببت بجنونه.
خليلي مرا بي على الأبرق الفرد
خَليلَيَّ مُرّا بي عَلى الأَبرَقِ الفَردِ – وَعَهدي بِلَيلى حَبَّذا ذاكَ مِن عَهدِ |
أَلا يا صَبا نَجدٍ مَتى هِجتِ مِن نَجدِ – فَقَد زادَني مَسراكِ وَجداً عَلى وَجدي |
أَإِن هَتَفَت وَرقاءُ في رَونَقِ الضُحى – عَلى فَنَنٍ غَضِّ النَباتِ مِنَ الرَندِ |
بَكَيتُ كَما يَبكي الوَليدُ وَلَم أَزَل – جَليداً وَأَبدَيتُ الَّذي لَم أَكُن أُبدي |
وَأَصبَحتُ قَد قَضَّيتُ كُلَّ لُبانَةٍ – تِهاميَّةٍ وَاِشتاقَ قَلبي إِلى نَجدِ |
إِذا وَعَدَت زادَ الهَوى لِاِنتِظارِها – وَإِن بَخِلَت بِالوَعدِ مِتُّ عَلى الوَعدِ |
وَإِن قَرُبَت داراً بَكَيتُ وَإِن نَأَت – كَلِفتُ فَلا لِلقُربِ أَسلو وَلا البُعدِ |
فَفي كُلِّ حُبٍّ لا مَحالَةَ فَرحَةٌ – وَحُبُّكِ ما فيهِ سِوى مُحكَمِ الجُهدِ |
أَحِنُّ إِلى نَجدٍ فَيا لَيتَ أَنَّني – سُقيتُ عَلى سُلوانِهِ مِن هَوى نَجدِ |
أَلا حَبَّذا نَجدٌ وَطيبُ تُرابِهِ – وَأَرواحُهُ إِن كانَ نَجدٌ عَلى العَهدِ |
وَقَد زَعَموا أَنَّ المُحِبَّ إِذا دَنا – يَمَلُّ وَأَنَّ النَأيَ يَشفي مِنَ الوَجدِ |
بِكُلٍّ تَداوَينا فَلَم يُشفَ ما بِنا – عَلى أَنَّ قُربَ الدارِ خَيرٌ مِنَ البُعدِ |
عَلى أَنَّ قُربَ الدارِ لَيسَ بِنافِعٍ – إِذا كانَ مَن تَهواهُ لَيسَ بِذي وُدِّ |
أيا ليل بكى بعينيك رحمة
أَيا لَيلُ بَكّى لي بِعَينَيكِ رَحمَةً – مِنَ الوَجدِ مِمّا تَعلَمينَ وَأَعلَمُ |
أَلَيسَ عَجيباً أَن نَكونَ بِبَلدَةٍ – كِلانا بِها يَشقى وَلا نَتَكَلَّمُ |
لَإِن كانَ ما أَلقى مِنَ الحُبِّ أَنَّني – بِهِ كَلِفٌ جَمُّ الصَبابَةِ مُغرَمُ |
لَعَلَّكِ أَن تَرثي لِعَبدٍ مُتَيَّمٍ – فَمِثلُكِ يا لَيلى يَرِقُّ وَيَرحَمُ |
بَكى لِيَ يا لَيلى الضَميرُ وَإِنَّهُ – لَيَبكي بِما يَلقى الفُؤادُ وَيَعلَمُ |
إذا خفنا من الرقباء عينا
إِذا خِفنا مِنَ الرُقَباءِ عَيناً – تَكَلَمَتِ العُيونِ عَنِ القُلوبِ |
وَفي غَمرِ الجَوانِحِ مُستَراحٌ – لِحاجاتِ المُحِبِّ إِلى الحَبيبِ |
ألا أيها الطير المحلق غاديا
أَلا أَيُّها الطَيرُ المُحَلِّقُ غادِياً – تَحَمَّل سَلامي لا تَذَرني مُنادِيا |
تَحَمَّل هَداكَ اللَهُ مِنّي رِسالَةً – إِلى بَلَدٍ إِن كُنتَ بِالأَرضِ هادِيا |
إِلى قَفرَةٍ مِن نَحوِ لَيلى مَضَلَّةٍ – بِها القَلبُ مِنّي موثَقٌ وَفُؤادِيا |
أَلا لَيتَ يَوماً حَلَّ بي مِن فِراقِكُم – تَزَوَّدتُ ذاكَ اليَومَ آخِرَ زادِيا |
جنن بليلى والجنون يسير
جُنِنَّ بِلَيلى وَالجُنونُ يَسيرُ – عَلى حُبِّها عَقلي يَكادُ يَطيرُ |
وَما حُبَّها إِلّا تَمَكَّنَ في الحَشا – وَأورِثَ في الأَكبادِ مِنهُ سَعيرُ |
وَأَجرى دُموعَ العَينِ قَهراً نَجيعَهُ – وَيَهمي مِنَ الدَمعِ المَصونِ غَديرُ |
وَما بِيَ إِلّا حُبُّ لَيلى كِفايَةٌ – جُنوناً وَإِنّي في الغَرامِ أَسيرُ |
فَيا رَبِّ قَرِّب لي أَسالَ أَحِبَّتي – وَنِلني المُنى يا عالِماً وَخَبيرُ |
وَبَرِّد لَهيبي وَاِطفِ نيرانَ لَوعَتي – فَعِندَكَ ما زالَ العَسيرُ يَسيرُ |