طَرِبَ السُّمَّارُ بِمَجلِسِهِم | وَطَرِبتُ أُسَامِرُ نَجوَاهُ |
أَنِسُوا بِحَدِيثِ مَسَرَّتِهِم | وَأَنِستُ بِطِيفِ مُحَيَّاهُ |
أَتَسَائَلَ حِينَ أُخَالِطُهُم؟ | أَتُرَاهُ يَظُنُّنِي أَنسَاهُ؟ |
أم يَحسَبُ أَنَّ طَرَائِفَهُم | تَتَخَطَّفُنِي عَن ذِكرَاهُ؟ |
لَو كَانَ يُفتِّشُ فِي خَلَدِي | لَرَأى مَا أبلَت عَينَاهُ |
جَعَلَا عَيَنَيَّ لِعَينَيهِ | مِرآةً تَعكِسُ مَرآهُ |
فَأَرَى الإِشرَاقَ يُكلِّلُهُ | إِشرَاقٌ فِيهِ مَزَايَاهُ |
وغُرُوبٌ خَالَطَهُ شَفَقٌ | خَجِلٌ مِن فَجرٍ وَارَاهُ |
وحَمَائِمُ طَيفِهِ قَد جَعَلَت | مِن ذِهنِي عُشَّاً أهوَاهُ |
أَهوَى الأغصَانَ بِمَا حَمَلَت | إِن كَانَت تَصنَعُ مَأوَاهُ |
مَا لِيمَ الصّبُّ وأَنجُمُهُ | مَازالت تُحيي لَيلَاهُ |
عَطِشٌ كالهيمِ إلى الماءِ | لم يُروِهَا دَلوٌ تُسقَاهُ |
إن كانَت فِي خَلَلٍ حَالِي | أَتَروقُ بِمَا قَد سَوّاهُ؟ |
مَا أسكَنَ لُقيَانَا وَجدَاً | بَل أعيَت وَصفِي سِيمَاهُ |
مَا كُنتُ بِشِعرِي أَذكُرُهُ | بَل شِعرِي وَحدُهُ أَطرَاهُ! |
قصائد تيسير الحسينو
قصائد الشاعر العربي تيسير الحسينو في مكتبة قصائد العرب.
نفحات ريفية
دُومِي حياةً في تَعابِيري | كالرُّوحِ في رَفِّ الزَّرازيرِ |
حطِّي على وِديانِ أورِدَتي | واستتنزِفي نَبضي وتَفكيري |
حتَّى يفيضَ الحُبُّ في حَرثِي | زرعًا على كُلِّ المقاديرِ |
ولنَحتَفي بالأُنسِ ما أغنَى | ساعاتِنا خَطوُ المَشاويرِ |
في حَضرَةِ الإشراقِ ذِي النَّجوى | في الصُّبحِ بينَ الحقلِ والبِيرِ |
في غَمرَةِ الرّعيانِ إذ هَتفوا | يشدونَ في شَمِّ التَّنانيرِ |
وعلى خُطا “الطّليان” ريحُ سنابل | تُهدِي المَحَبَّةَ بِالحَذافِيرِ |
وعلَى كؤوسِ الشَّايِ إيذانٌ | وهديرُ تحنانِ البَوابيرِ |
فلقَ السَّنا بالفَجرِ مُنتشيًا | وانشقَّ جلبابُ الدَّياجيرِ |
أعجوبةٌ شهدَ الزَّمانُ لها | ليسَت كأضغاثِ الأساطيرِ |
سلافات
أنا واحةُ البيداء عند فسيلتي | عينٌ كشمس الصبح يملؤها الصفا |
وفتيلُ عشقٍ مُبتلًى بشموعِه | من حُرقةِ الحبِّ اكتوى وتلحَّفا |
وهديلُ أفراخِ اليمام تمايلت | طربًا تملّكها الهيامُ مُرفرفا |
ومُدلَّهٌ طرحَ النُّهى في مهجرٍ | في غمرةِ الوَلهِ الرصينِ وما اكتفى |
شيئًا فشيئًا قد سرى بمعاقلي | أمسيتُ مغلوب الهوى وعلى شفا |
أنا صفحةٌ في الحبِّ ملءُ سطورها | شعرٌ ترنَّم في المعاني مُنصِفا |
أنا سَورَةُ المكلوم في كنف الوغى | وفراشةٌ في الحبّ يقتُلها الجفا |
أنا في الهوى سيزيفُ دحرجَ شوقه | وإذا انتشى في ذروة منهُ هفا |
أنا للهوى وادٍ بليل نسائمٍ | أغفو لطيفًا في المشاعر مُرهفا |
وشهابُ ليلٍ خطَّ في ظلمائهِ | سهمَ الأماني لحظةً ثمَّ اختفى |