أفاضِلُ النّاسِ أغراضٌ لَدى الزّمَنِ | يَخلُو مِنَ الهَمّ أخلاهم من الفِطَنِ |
وإنّما نَحْنُ في جيلٍ سَواسِيَةٍ | شَرٍّ على الحُرّ من سُقْمٍ على بدَنِ |
حَوْلي بكُلّ مكانٍ مِنهُمُ خِلَقٌ | تُخطي إذا جِئتَ في استِفهامِها بمَنِ |
لا أقْتَري بَلَداً إلاّ على غَرَرٍ | ولا أمُرّ بخَلْقٍ غيرِ مُضْطَغِنِ |
ولا أُعاشِرُ من أملاكِهِمْ مَلِكاً | إلاّ أحَقَّ بضَرْبِ الرّأسِ من وَثَنِ |
إنّي لأعْذِرُهُمْ مِمّا أُعَنّفُهُمْ | حتى أُعَنّفُ نَفْسِي فيهِمِ وأني |
فَقْرُ الجَهُولِ بِلا قَلْبٍ إلى أدَبٍ | فَقْرُ الحِمارِ بلا رَأسٍ إلى رَسَنِ |
ومُدْقِعِينَ بسُبْرُوتٍ صَحِبْتُهُمُ | عارِينَ من حُلَلٍ كاسينَ من دَرَنِ |
خُرّابِ بادِيَةٍ غَرْثَى بُطُونُهُمُ | مَكْنُ الضِّبابِ لهمْ زادٌ بلا ثَمَنِ |
يَسْتَخْبِرُون فَلا أُعْطيهِمِ خَبَري | وما يَطيشُ لَهُمْ سَهْمٌ منَ الظِّنَنِ |
وخَلّةٍ في جَليسٍ ألْتَقيهِ بهَا | كَيما يرَى أنّنا مِثْلانِ في الوَهَنِ |
وكِلْمَةٍ في طَريقٍ خِفْتُ أُعْرِبُها | فيُهْتَدَى لي فلَمْ أقدِرْ على اللَّحَنِ |
قد هَوّنَ الصّبرُ عِندي كلَّ نازِلَةٍ | ولَيّنَ العَزْمُ حَدَّ المَركَبِ الخشنِ |
كم مَخلَصٍ وعُلًى في خوضِ مَهْلَكَةٍ | وقَتْلَةٍ قُرِنَتْ بالذّمّ في الجُبُنِ |
لا يُعْجِبَنّ مَضيماً حُسْنُ بِزّتِهِ | وهَلْ تَرُوقُ دَفيناً جُودَةُ الكفَنِ |
لله حَالٌ أُرَجّيها وتُخْلِفُني | وأقْتَضِي كَوْنَها دَهْري ويَمطُلني |
مَدَحْتُ قَوْماً وإنْ عِشنا نَظَمتُ لهم | قَصائِداً مِنْ إناثِ الخَيلِ والحُصُنِ |
تَحْتَ العَجاجِ قَوافيها مُضَمَّرَةٌ | إذا تُنُوشِدْنَ لم يَدْخُلْنَ في أُذُنِ |
فلا أُحارِبُ مَدْفُوعاً إلى جُدُرٍ | ولا أُصالِحُ مَغروراً على دَخَنِ |
مُخَيِّمُ الجَمْعِ بالبَيداءِ يَصْهَرُهُ | حَرُّ الهَواجِرِ في صُمٍّ من الفِتَنِ |
ألقَى الكِرامُ الأُلى بادوا مكارِمَهُمْ | على الخَصيبيّ عندَ الفَرْضِ والسُّننِ |
فَهُنّ في الحَجْرِ منهُ كلّما عرَضَتْ | لَهُ اليَتَامَى بَدا بالمَجْدِ والمِنَنِ |
قاضٍ إذا التَبَسَ الأمرانِ عَنّ لَهُ | رأيٌ يُخَلِّصُ بَينَ الماءِ واللّبَنِ |
غَضُّ الشّبابِ بَعيدٌ فَجْرُ لَيْلَتِهِ | مُجانِبُ العَينِ للفَحْشاءِ والوَسَنِ |
شَرابُهُ النَّشْحُ لا للرّيّ يَطْلُبُهُ | وطُعْمُهُ لِقَوامِ الجِسْمِ لا السِّمَنِ |
ألقائِلُ الصّدْقَ فيهِ ما يُضِرّ بهِ | والواحِدُ الحالَتَينِ السّرِّ والعَلَنِ |
ألفاصِلُ الحُكْمَ عَيَّ الأوَّلونَ بهِ | والمُظْهِرُ الحَقَّ للسّاهي على الذَّهِنِ |
أفْعالُهُ نَسَبٌ لَوْ لم يَقُلْ مَعَها | جَدّي الخَصيبُ عرَفنا العِرْقَ بالغُصُنِ |
العارِضُ الهَتِنُ ابنُ العارِضِ الهتنِ ابـ | ـنِ العارِضِ الهَتنِ ابنِ العارِضِ الهتنِ |
قد صَيّرَتْ أوّلَ الدّنْيا وآخِرَها | آباؤهُ مِنْ مُغارِ العِلْمِ في قَرَنِ |
كأنّهُمْ وُلدوا مِنْ قبلِ أنْ وُلِدوا | أو كانَ فَهْمُهُمُ أيّامَ لم يَكُنِ |
الخاطِرِينَ على أعْدائِهِمْ أبداً | منَ المَحامِدِ في أوقَى من الجُنَنِ |
للنّاظِرِينَ إلى إقْبالِهِ فَرَحٌ | يُزيلُ ما بِجباهِ القَوْمِ مِنْ غَضَنِ |
كأنّ مالَ ابنِ عبدِالله مُغْتَرَفٌ | من راحَتَيْهِ بأرْضِ الرّومِ واليَمَنِ |
لم نَفْتَقِدْ بكَ من مُزْنٍ سوَى لَثَقٍ | ولا منَ البَحرِ غيرَ الرّيحِ والسُّفُنِ |
ولا مِنَ اللّيثِ إلاّ قُبحَ مَنْظَرِهِ | ومِنْ سِواهُ سوَى ما لَيسَ بالحَسَنِ |
مُنذُ احْتَبَيْتَ بإنْطاكِيّةَ اعتَدَلَتْ | حتى كأنّ ذَوي الأوْتارِ في هُدَنِ |
ومُذْ مَرَرْتَ على أطْوَادِها قُرِعَتْ | منَ السّجودِ فلا نَبْتٌ على القُنَنِ |
أخلَتْ مَواهبُكَ الأسواقَ من صَنَعٍ | أغنى نَداكَ عنِ الأعمالِ والمِهَنِ |
ذا جُودُ مَن لَيسَ مِنْ دَهرٍ على ثقةٍ | وزُهْدُ مَنْ ليسَ من دُنياهُ في وَطنِ |
وهَذِهِ هِمّةٌ لم يُؤتَهَا بَشَرٌ | وذا اقْتِدارُ لِسانٍ لَيسَ في المُنَنِ |
فمُرْ وأومىء تُطَعْ قُدّستَ من جبلٍ | تَبارَكَ الله مُجْرِي الرّوحِ في حَضَنِ |
قصائد المتنبي
مجموعة مختارة من قصائد الشاعر أبو الطيب المتنبي في هذه الصفحة.
قد علم البين منا البين أجفانا
قَدْ عَلّمَ البَينُ مِنّا البَينَ أجْفانَا | تَدْمَى وألّفَ في ذا القَلبِ أحزانَا |
أمّلْتُ ساعةَ ساروا كَشفَ مِعصَمِها | ليَلْبَثَ الحَيُّ دونَ السّيرِ حَيرانَا |
ولوْ بَدَتْ لأتاهَتْهُمْ فَحَجّبَهَا | صَوْنٌ عُقُولَهُمُ من لحظِها صانَا |
بالواخِداتِ وحاديها وبي قَمَرٌ | يَظَلُّ من وَخْدِها في الخِدرِ خَشيانَا |
أمّا الثّيابُ فَتَعْرَى مِنْ مَحاسِنِهِ | إذا نَضاها ويَكسَى الحُسنَ عُرْيانَا |
يَضُمّهُ المِسكُ ضَمَّ المُسْتَهامِ بهِ | حتى يَصيرَ على الأعكانِ أعكانَا |
قد كنتُ أُشفِقُ من دَمعي على بصري | فاليَوْمَ كلُّ عزيزٍ بَعدَكمْ هَانَا |
تُهدي البَوارِقُ أخلافَ المِياهِ لكُمْ | وللمُحِبّ مِنَ التّذكارِ نِيرانَا |
إذا قَدِمْتُ على الأهوالِ شَيّعَني | قَلْبٌ إذا شِئْتُ أنْ أسلاكمُ خانَا |
أبدو فيَسجُدُ مَنْ بالسّوءِ يذكُرُني | فَلا أُعاتِبُهُ صَفْحاً وإهْوَانَا |
وهكَذا كُنتُ في أهْلي وفي وَطَني | إنّ النّفِيسَ غَريبٌ حَيثُمَا كَانَا |
مُحَسَّدُ الفَضْلِ مكذوبٌ على أثَري | ألقَى الكَميَّ ويَلقاني إذا حَانَا |
لا أشرَئِبّ إلى ما لم يَفُتْ طَمَعاً | ولا أبيتُ على ما فاتَ حَسرَانَا |
ولا أُسَرّ بمَا غَيري الحَميدُ بهِ | ولَوْ حَمَلْتَ إليّ الدّهْرَ مَلآنَا |
لا يَجْذِبَنّ رِكَابي نَحْوَهُ أحَدٌ | ما دُمتُ حَيّاً وما قَلقَلنَ كِيرانَا |
لوِ استَطَعْتُ رَكبتُ النّاسَ كلّهمُ | إلى سَعيدِ بنِ عَبْدِالله بُعْرَانَا |
فالعِيسُ أعْقَلُ مِنْ قَوْمٍ رَأيْتُهُمُ | عَمّا يَراهُ منَ الإحسانِ عُمْيانَا |
ذاكَ الجَوادُ وإنْ قَلّ الجَوادُ لَهُ | ذاكَ الشّجاعُ وإنْ لم يرْضَ أقرانَا |
ذاكَ المُعِدّ الذي تَقْنُو يَداهُ لَنَا | فَلَوْ أُصِيبَ بشيءٍ منهُ عَزّانَا |
خَفّ الزّمانُ على أطْرافِ أُنْمُلِهِ | حتى تُوُهِّمنَ للأزْمانِ أزْمانَا |
يَلْقَى الوَغَى والقَنَا والنّازِلاتِ بهِ | والسّيفَ والضّيفَ رَحبَ البال جذلانَا |
تَخالُهُ من ذكاءِ القَلْبِ مُحْتَمِياً | ومن تَكَرّمِهِ والبِشْرِ نَشْوانَا |
وتَسْحَبُ الحِبَرَ القَيْناتُ رافِلَةً | من جُودِهِ وتَجُرّ الخَيلُ أرْسَانَا |
يُعْطي المُبَشِّرَ بالقُصّادِ قَبْلَهُمُ | كَمَنْ يُبَشّرُهُ بالمَاءِ عَطْشانَا |
جَزَتْ بني الحَسَنِ الحُسنى فإنّهُمُ | في قَوْمِهِمْ مثلُهُمْ في الغُرّ عَدْنانَا |
ما شَيّدَ الله مِنْ مَجْدٍ لسالِفِهِمْ | إلاّ ونَحْنُ نَراهُ فيهِمِ الآنَا |
إنْ كوتبوا أوْ لُقوا أو حورِبوا وُجدوا | في الخَطّ واللّفظِ والهَيجاءِ فُرْسانَا |
كأنّ ألسُنَهُمْ في النّطقِ قد جُعلَتْ | على رِماحِهِمِ في الطّعنِ خِرْصانَا |
كأنّهُمْ يَرِدونَ المَوْتَ مِنْ ظَمَإٍ | أو يَنْشَقُونَ منَ الخطّيّ رَيحَانَا |
الكائِنِينَ لِمَنْ أبْغي عَداوَتَهُ | أعدَى العِدى ولمن آخيتُ إخوانَا |
خَلائِقٌ لوْ حَواها الزِّنْجُ لانْقَلَبوا | ظُمْيَ الشّفاهِ جِعادَ الشَّعرِ غُرّانَا |
وأنْفُسٌ يَلْمَعِيّاتٌ تُحِبّهُمُ | لها اضطِراراً ولَوْ أقْصَوْكَ شَنآنَا |
ألواضِحينَ أُبُوّاتٍ وأجْبِنَةً | ووالداتٍ وألْباباً وأذْهانَا |
يا صائِدَ الجَحْفَلِ المَرْهوبِ جانِبُهُ | إنّ اللّيوثَ تَصيدُ النّاسَ أُحْدانَا |
وواهِباً، كلُّ وَقْتٍ وقْتُ نَائِلِهِ | وإنّما يَهَبُ الوُهّابُ أحْيَانَا |
أنتَ الذي سَبَكَ الأموالَ مَكْرُمَةً | ثمّ اتّخَذْتَ لها السُّؤَّالَ خُزّانَا |
عَلَيْكَ منكَ إذا أُخليتَ مُرْتَقِبٌ | لم تأتِ في السّرّ ما لم تأتِ إعْلانَا |
لا أسْتَزيدُكَ فيما فيكَ من كَرَمٍ | أنا الذي نامَ إنْ نَبّهْتُ يَقْظَانَا |
فإنّ مِثْلَكَ باهَيْتُ الكِرامَ بِهِ | ورَدّ سُخْطاً على الأيّامِ رِضْوانَا |
وأنْتَ أبعَدُهُمْ ذِكراً وأكْبَرُهُمْ | قَدْراً وأرْفَعُهُمْ في المَجدِ بُنْيَانَا |
قد شَرّفَ الله أرْضاً أنْتَ ساكِنُها | وشَرّفَ النّاسَ إذْ سَوّاكَ إنْسانَا |
زال النهار ونور منك يوهمنا
زالَ النّهارُ ونورٌ مِنْكَ يُوهِمُنا | أنْ لم يزُل ولجِنْحِ اللّيلِ إجْنَانُ |
فإنْ يكُنْ طَلَبُ البُسْتانِ يُمسِكُنا | فَرُحْ فكُلُّ مَكانٍ مِنْكَ بُسْتانُ |
صحب الناس قبلنا ذا الزمانا
صَحِبَ النّاسُ قَبلَنا ذا الزّمَانَا | وَعَنَاهُمْ مِن شأنِهِ مَا عَنَانَا |
وَتَوَلّوْا بِغُصّةٍ كُلّهُمْ مِنْــهُ | وَإنْ سَرّ بَعْضَهُمْ أحْيَانَا |
رُبّمَا تُحسِنُ الصّنيعَ لَيَالِيــهِ | وَلَكِنْ تُكَدّرُ الإحْسَانَا |
وَكَأنّا لم يَرْضَ فينَا برَيْبِ الــدّهْرِ | حتى أعَانَهُ مَنْ أعَانَا |
كُلّمَا أنْبَتَ الزّمَانُ قَنَاةً | رَكّبَ المَرْءُ في القَنَاةِ سِنَانَا |
وَمُرَادُ النّفُوسِ أصْغَرُ من أنْ | تَتَعَادَى فيهِ وَأنْ تَتَفَانَى |
غَيرَ أنّ الفَتى يُلاقي المَنَايَا | كالِحَاتٍ وَلا يُلاقي الهَوَانَا |
وَلَوَ أنّ الحَيَاةَ تَبْقَى لِحَيٍّ | لَعَدَدْنَا أضَلّنَا الشّجْعَانَا |
وَإذا لم يَكُنْ مِنَ المَوْتِ بُدٌّ | فَمِنَ العَجْزِ أنْ تكُونَ جَبَانَا |
كلّ ما لم يكُنْ من الصّعبِ في الأنــفُسِ | سَهْلٌ فيها إذا هوَ كانَا |
عدوك مذموم بكل لسان
عَدُوُّكَ مَذْمُومٌ بِكُلّ لِسَانِ | وَلَوْ كانَ مِنْ أعدائِكَ القَمَرَانِ |
وَلله سِرٌّ في عُلاكَ وَإنّمَا | كَلامُ العِدَى ضَرْبٌ منَ الهَذَيَانِ |
أتَلْتَمِسُ الأعداءُ بَعدَ الذي رَأتْ | قِيَامَ دَليلٍ أوْ وُضُوحَ بَيَانِ |
رَأتْ كلَّ مَنْ يَنْوِي لكَ الغدرَ يُبتلى | بغَدْرِ حَيَاةٍ أوْ بغَدْرِ زَمَانِ |
برَغْمِ شَبيبٍ فَارَقَ السّيفُ كَفَّهُ | وَكانَا على العِلاّتِ يَصْطَحِبانِ |
كأنّ رِقَابَ النّاسِ قالَتْ لسَيْفِهِ | رَفيقُكَ قَيْسِيٌّ وَأنْتَ يَمَانِ |
فإنْ يَكُ إنْساناً مَضَى لسَبيلِهِ | فإنّ المَنَايَا غَايَةُ الحَيَوَانِ |
وَمَا كانَ إلاّ النّارَ في كُلّ مَوْضعٍ | تُثِيرُ غُباراً في مكانِ دُخَانِ |
فَنَالَ حَيَاةً يَشْتَهيها عَدُوُّهُ | وَمَوْتاً يُشَهّي المَوْتَ كلَّ جَبَانِ |
نَفَى وَقْعَ أطْرَافِ الرّمَاحِ برُمْحِهِ | وَلم يَخْشَ وَقْعَ النّجمِ وَالدَّبَرَانِ |
وَلم يَدْرِ أنّ المَوْتَ فَوْقَ شَوَاتِهِ | مُعَارَ جَنَاحٍ مُحسِنَ الطّيَرَانِ |
وَقَدْ قَتَلَ الأقرانَ حتى قَتَلْتَهُ | بأضْعَفِ قِرْنٍ في أذَلّ مَكانِ |
أتَتْهُ المَنَايَا في طَرِيقٍ خَفِيّةٍ | عَلى كلّ سَمْعٍ حَوْلَهُ وَعِيَانِ |
وَلَوْ سَلَكَتْ طُرْقَ السّلاحِ لرَدّها | بطُولِ يَمِينٍ وَاتّسَاعِ جَنَانِ |
تَقَصّدَهُ المِقْدارُ بَينَ صِحابِهِ | على ثِقَةٍ مِنْ دَهْرِهِ وَأمَانِ |
وَهَلْ يَنفَعُ الجَيشُ الكَثيرُ الْتِفَافُهُ | على غَيرِ مَنصُورٍ وَغَيرِ مُعَانِ |
وَدَى ما جَنى قَبلَ المَبيتِ بنَفْسِهِ | وَلم يَدِهِ بالجَامِلِ العَكَنَانِ |
أتُمْسِكُ ما أوْلَيْتَهُ يَدُ عَاقِلٍ | وَتُمْسِكُ في كُفْرَانِهِ بِعِنَانِ |
وَيَرْكَبُ ما أرْكَبْتَهُ مِنْ كَرَامَةٍ | وَيَرْكَبُ للعِصْيانِ ظَهرَ حِصانِ |
ثَنى يَدَهُ الإحسانُ حتى كأنّهَا | وَقَدْ قُبِضَتْ كانَتْ بغَيرِ بَنَانِ |
وَعِنْدَ مَنِ اليَوْمَ الوَفَاءُ لصَاحِبٍ | شَبيبٌ وَأوْفَى مَنْ تَرَى أخَوَانِ |
قَضَى الله يا كافُورُ أنّكَ أوّلٌ | وَلَيسَ بقَاضٍ أنْ يُرَى لكَ ثَانِ |
فَمَا لكَ تَخْتَارُ القِسِيَّ وَإنّمَا | عَنِ السّعْدِ يُرْمَى دونَكَ الثّقَلانِ |
وَمَا لكَ تُعْنى بالأسِنّةِ وَالقَنَا | وَجَدُّكَ طَعّانٌ بِغَيرِ سِنَانِ |
وَلِمْ تَحْمِلُ السّيفَ الطّوِيلَ نجادُه | وَأنْتَ غَنيٌّ عَنْهُ بالحَدَثَانِ |
أرِدْ لي جَميلاً جُدْتَ أوْ لمْ تَجُدْ به | فإنّكَ ما أحبَبْتَ فيَّ أتَاني |
لَوِ الفَلَكَ الدّوّارَ أبغَضْتَ سَعْيَهُ | لَعَوّقَهُ شَيْءٌ عَنِ الدّوَرَانِ |
لو كان ذا الآكل أزوادنا
لَوْ كانَ ذا الآكِلُ أزْوَادَنَا | ضَيْفاً لأوْسَعْنَاهُ إحْسَانَا |
لَكِنّنَا في العَينِ أضْيَافُهُ | يُوسِعُنَا زُوراً وَبُهْتَانَا |
فَلَيْتَهُ خَلّى لَنَا طُرْقَنَا | أعَانَهُ الله وَإيّانَا |