أهْوِنْ بطولِ الثَّواءِ والتّلَفِ | والسّجنِ والقَيْدِ يا أبا دُلَفِ |
غَيرَ اخْتِيارٍ قَبِلْتُ بِرَّكَ لي | والجُوعُ يُرْضي الأسودَ بالجِيفِ |
كُنْ أيّها السّجنُ كيفَ شئتَ فقد | وَطّنْتُ للمَوْتِ نَفْسَ مُعترِفِ |
لوْ كانَ سُكنايَ فيكَ مَنقَصَةً | لم يَكُنِ الدُّرُّ ساكِنَ الصَّدَفِ |
قصائد العصر العباسي
مجموعة من أروع قصائد العصر العباسي شعراء العصر العباسي وقصائدهم الرائعة هنا.
لجِنّيّةٍ أمْ غادَةٍ رُفِعَ السَّجْفُ
لجِنّيّةٍ أمْ غادَةٍ رُفِعَ السَّجْفُ | لوَحْشِيّةٍ لا ما لوَحشيّةٍ شَنْفُ |
نَفُورٌ عَرَتْها نَفرَةٌ فتَجاذَبَتْ | سَوالِفُها والحَليُ والخَصرُ والرِّدْفُ |
وخَيّلَ منها مِرْطُها فكأنّما | تَثَنّى لَنا خُوطٌ ولاحَظنَا خِشفُ |
زِيادَةُ شَيْبٍ وهيَ نَقصُ زِيادَتي | وقُوّةُ عِشقٍ وهيَ من قُوّتي ضُعْفُ |
أراقَتْ دَمي مَن بي منَ الوَجدِ ما بها | من الوَجدِ بي والشوْقُ لي ولها حِلْفُ |
أكَيداً لَنا يا بَينُ واصَلْتَ وَصْلَنَا | فلا دارُنا تَدنُو ولا عيَشُنا يَصفُو |
أُرَدّدُ وَيْلي لوْ قَضَى الوَيْلُ حاجَةً | وأُكْثِرُ لَهفي لوْ شفى غُلّةً لَهْفُ |
ضَنًى في الهَوى كالسّمّ في الشّهدِ كامناً | لَذِذْتُ به جَهْلاً وفي اللّذّةِ الحتفُ |
فأفْنى وما أفنَتْهُ نَفْسِي كأنّمَا | أبو الفَرَجِ القاضي له دونَها كَهفُ |
قَليلُ الكَرَى لوْ كانتِ البِيضُ والقَنَا | كآرائِهِ ما أغنَتِ البَيضُ والزَّغْفُ |
يَقُومُ مَقامَ الجَيشِ تَقطيبُ وَجهه | ويَستَغرِقُ الألفاظَ من لَفظِهِ حرْفُ |
وإنْ فَقَدَ الإعطاءَ حَنّتْ يَمينُهُ | إلَيْهِ حَنينَ الإلْفِ فارَقَهُ الإلْفُ |
أديبٌ رَسَتْ للعِلْمِ في أرضِ صَدْرِهِ | جِبالٌ جِبالُ الأرضِ في جنبها قُفُّ |
جَوادٌ سَمَتْ في الخَيرِ والشرّ كَفُّهُ | سُمُوّاً أوَدَّ الدّهرَ أنّ کسمَهُ كَفُّ |
وأضْحَى وبَينَ النّاسِ في كلّ سَيّدٍ | منَ النّاسِ إلاّ في سيادَتِهِ خُلفُ |
يُفَدّونَهُ حتى كأنّ دِماءَهُمْ | لجاري هَواهُ في عُروقِهمِ تَقفُو |
وُقُوفَينِ في وَقْفَينِ شُكْرٍ ونَائِلٍ | فنائِلُهُ وَقْفٌ وشُكرُهُمُ وَقْفُ |
ولمّا فَقَدْنَا مِثْلَهُ دامَ كَشْفُنَا | عليهِ فدامَ الفقدُ وانكشفَ الكَشْفُ |
وما حارَتِ الأوْهامُ في عُظْمِ شأنِهِ | بأكثرَ ممّا حارَ في حُسْنِهِ الطّرْفُ |
ولا نالَ مِنْ حُسّادِهِ الغَيظُ والأذَى | بأعظَمَ ممّا نالَ من وَفرِهِ العُرْفُ |
تَفَكّرُهُ عِلْمٌ ومَنْطِقُهُ حُكْمٌ | وباطِنُهُ دينٌ وظاهِرُهُ ظَرْفُ |
أماتَ رِياحَ اللّؤمِ وهْيَ عَواصِفٌ | ومَغنى العُلى يودي ورَسْمُ الندى يَعفُو |
فلَمْ نَرَ قَبلَ ابنِ الحُسَينِ أصابِعاً | إذا ما هطَلنَ استحيتِ الدِّيَمُ الوُطفُ |
ولا ساعِياً في قُلّةِ المَجْدِ مُدْرِكاً | بأفعالِهِ ما لَيسَ يُدرِكُهُ الوَصْفُ |
ولم نَرَ شَيئاً يَحمِلُ العِبْءَ حَملَهُ | ويَستَصغِرُ الدّنْيا ويَحمِلُه طِرْفُ |
ولا جَلَسَ البَحرُ المُحيطُ لِقاصِدٍ | ومن تَحتِه فَرْشٌ ومن فوْقه سقفُ |
فَوا عَجَبا مني أُحاوِلُ نَعْتَهُ | وقد فنيَتْ فيه القراطيسُ والصُّحْفُ |
ومن كَثرَةِ الأخبارِ عَن مَكْرُماتِهِ | يَمُرّ لَهُ صِنْفٌ ويأتي لهُ صِنْفُ |
وتَفْتَرُّ منهُ عَنْ خِصالٍ كأنّها | ثَنَايا حَبيبٍ لا يُمَلّ لَهَا رَشْفُ |
قصَدْتُكَ والرّاجونَ قَصدي إلَيهِمِ | كثيرٌ ولكن ليسَ كالذّنَبِ الأنْفُ |
ولا الفِضّةُ البَيضاءُ والتّبرُ واحداً | نَفوعانِ للمُكدي وبَيْنَهُما صَرْفُ |
ولَستَ بدونٍ يُرْتَجَى الغَيثُ دونَهُ | ولا مُنتَهَى الجودِ الذي خلفَهُ خَلْفُ |
ولا واحداً في ذا الورى من جَمَاعَةٍ | ولا البَعضَ من كلٍّ ولكنّك الضِّعْفُ |
ولا الضِّعْفَ حتى يَتبَعَ الضِّعفَ ضِعفُه | ولا ضِعفَ ضِعفِ الضِّعفِ بل مثله ألْفُ |
أقاضِيَنَا هذا الذي أنْتَ أهْلُهُ | غَلِطْتُ ولا الثُّلثانِ هذا ولا النّصْفُ |
وذَنْبيَ تَقْصِيري وما جِئتُ مَادِحاً | بذَنبي ولكنْ جئتُ أسألُ أن تَعفُو |
به وبمثله شق الصفوف
بِهِ وبِمِثْلِهِ شُقّ الصّفُوفُ | وزَلّتْ عَن مُباشِرِها الحُتُوفُ |
فَدَعْهُ لَقًى فإنّكَ مِنْ كِرامٍ | جَواشِنُها الأسِنّةُ والسّيوفُ |
ومُنْتَسِبٍ عِندي إلى مَنْ أُحِبّهُ
ومُنْتَسِبٍ عِندي إلى مَنْ أُحِبّهُ | وللنَّبْلِ حَوْلي مِن يَدَيهِ حَفيفُ |
فَهَيّجَ مِنْ شَوْقي وما من مَذَلّةٍ | حَنَنْتُ ولَكِنّ الكَريمَ ألُوفُ |
وكلُّ وِدادٍ لا يَدومُ على الأذَى | دَوامَ وِدادي للحُسَينِ ضَعيفُ |
فإنْ يكُنِ الفِعْلُ الذي ساءَ واحِداً | فأفْعالُهُ اللائي سَرَرْنَ أُلُوفُ |
ونَفْسي لَهُ نَفْسي الفِداءُ لنَفْسِهِ | ولكِنّ بَعضَ المالِكينَ عَنيفُ |
فإنْ كانَ يَبغي قَتْلَها يَكُ قاتِلاً | بكَفّيهِ فالقَتْلُ الشّريفُ شريفُ |
أعْدَدْتُ للغَادِرِينَ أسْيَافَا
أعْدَدْتُ للغَادِرِينَ أسْيَافَا | أجْدَعُ مِنْهُمْ بِهِنّ آنَافَا |
لا يَرْحَمُ الله أرْؤساً لَهُمُ | أطَرْنَ عَن هامِهِنّ أقْحَافَا |
ما يَنْقِمُ السّيفُ غَيرَ قِلّتِهمْ | وَأنْ تَكُونَ المِئُونَ آلافَا |
يا شَرّ لَحْمٍ فَجَعْتُهُ بدَمٍ | وَزَارَ للخامِعَاتِ أجْوَافَا |
قد كنتَ أُغنيتَ عن سؤالِكَ بي | مَنْ زَجَرَ الطّيرَ لي وَمَنْ عَافَا |
وَعَدْتُ ذا النّصْلَ مَن تعَرّضَهُ | وَخِفْتُ لمّا اعترَضْتَ إخْلافَا |
لا يُذكَرُ الخَيرُ إنْ ذُكِرْتَ وَلا | تُتْبِعُكَ المُقْلَتَان تَوْكَافَا |
إذا امْرُؤٌ راعَني بِغَدْرَتِهِ | أوْرَدْتُهُ الغَايَةَ التي خَافَا |
أيَدْري الرَّبْعُ أيَّ دَمٍ أراقَا
أيَدْري الرَّبْعُ أيَّ دَمٍ أراقَا | وَأيَّ قُلُوبِ هذا الرّكْبِ شَاقَا |
لَنَا ولأهْلِهِ أبَداً قُلُوبٌ | تَلاقَى في جُسُومٍ ما تَلاقَى |
ومَا عَفَتِ الرّياحُ لَهُ مَحَلاًّ | عَفَاهُ مَنْ حَدَا بِهِمِ وَسَاقَا |
فَلَيْتَ هوَى الأحبّةِ كانَ عَدلاً | فَحَمّلَ كُلّ قَلبٍ ما أطَاقَا |
نَظَرْتُ إلَيْهِمِ والعَينُ شَكْرَى | فَصارَتْ كُلّهَا للدّمعِ مَاقَا |
وَقَدْ أخَذَ التّمامَ البَدْرُ فيهِمْ | وَأعْطاني مِنَ السّقَمِ المُحاقَا |
وَبَينَ الفَرْعِ والقَدَمَينِ نُورٌ | يَقُودُ بِلا أزِمّتِهَا النّياقَا |
وَطَرْفٌ إنْ سَقَى العُشّاقَ كأساً | بهَا نَقْصٌ سَقانِيهَا دِهَاقَا |
وَخَصْرٌ تَثْبُتُ الأبْصارُ فِيهِ | كأنّ عَلَيْهِ مِن حَدَقٍ نِطاقَا |
سَلي عَنْ سِيرَتي فَرَسي ورُمحي | وَسَيْفي والهَمَلَّعَةَ الدِّفَاقَا |
تَرَكْنَا من وَرَاءِ العِيسِ نَجْداً | وَنَكّبْنَا السّماوَةَ والعِراقَا |
فَمَا زالَتْ تَرَى واللّيلُ داجٍ | لِسَيفِ الدّوْلَةِ المَلِكِ ائتلافَا |
أدِلّتُهَا رِياحُ المِسْكِ مِنْهُ | إذا فَتَحَتْ مَناخِرَهَا انتِشاقَا |
أبَاحَكِ أيّهَا الوَحْشُ الأعَادي | فَلِمْ تَتَعَرّضِينَ لَهُ الرّفَاقَا |
وَلَوْ تَبّعْتِ ما طَرَحَتْ قَنَاهُ | لَكَفّكِ عَن رذَايَانَا وَعَاقَا |
وَلَوْ سِرْنَا إلَيْهِ في طَرِيقٍ | مِنَ النّيرانِ لمْ نَخَفِ احتِرَاقَا |
إمَامٌ للأئِمّةِ مِنْ قُرَيْشٍ | إلى مَنْ يَتّقُونَ لَهُ شِقَاقَا |
يَكونُ لهُمْ إذا غَضِبُوا حُساماً | وَللهَيْجاءِ حينَ تَقُومُ سَاقَا |
فَلا تَسْتَنْكِرَنّ لَهُ ابْتِساماً | إذا فَهِقَ المَكَرُّ دَماً وَضَاقَا |
فَقَدْ ضَمِنَتْ لَهُ المُهَجَ العَوَالي | وَحَمّلَ هَمَّهُ الخَيْلَ العِتَاقَا |
إذا أُنْعِلْنَ في آثَارِ قَوْمٍ | وَإنْ بَعُدُوا جَعَلْنهُمُ طِرَاقَا |
وَإنْ نَقَعَ الصّريخُ إلى مَكَانٍ | نَصَبْنَ لَهُ مُؤلَّلَةً دِقَاقَا |
فَكَانَ الطّعْنُ بَيْنَهُمَا جَوَاباً | وَكانَ اللّبْثُ بَيْنَهُما فُوَاقَا |
مُلاقِيَةً نَواصِيهَا المَنَايَا | مُعاوِدَةً فَوَارِسُهَا العِنَاقَا |
تَبِيتُ رِمَاحُهُ فَوْقَ الهَوَادي | وَقَدْ ضَرَبَ العَجاجُ لَها رِوَاقَا |
تَميلُ كأنّ في الأبْطالِ خَمْراً | عُلِلْنَ بها اصْطِباحاً وَاغْتِبَاقَا |
تَعَجّبَتِ المُدامُ وَقَدْ حَسَاهَا | فَلَمْ يَسكَرْ وَجادَ فَما أفَاقَا |
أقامَ الشِّعْرُ يَنْتَظِرُ العَطَايَا | فَلَمّا فَاقَتِ الأمْطارَ فَاقَا |
وَزَنّا قِيمَةَ الدّهْمَاءِ مِنْهُ | وَوَفّيْنا القيَانَ بِهِ الصَّداقَا |
وَحاشا لارْتِياحِكَ أنْ يُبارَى | وَللكَرَمِ الذي لَكَ أنْ يُبَاقَى |
وَلَكِنّا نُداعِبُ مِنْكَ قَرْماً | تَرَاجَعَتِ القُرُومُ لَهُ حِقَاقَا |
فَتًى لا تَسْلُبُ القَتْلَى يَداهُ | ويَسْلُبُ عَفْوُهُ الأسرَى الوِثَاقَا |
وَلم تَأتِ الجَميلَ إليّ سَهْواً | وَلم أظْفَرْ بهِ مِنْكَ استِراقَا |
فَأبْلِغْ حاسِدِيّ عَلَيْكَ أنّي | كَبَا بَرْقٌ يُحاوِلُ بي لَحاقَا |
وَهَلْ تُغْني الرّسائِلُ في عَدُوٍّ | إذا ما لم يَكُنَّ ظُبًى رِقَاقَا |
إذا ما النّاسُ جَرّبَهُمْ لَبِيبٌ | فإنّي قَدْ أكَلْتُهُمُ وَذاقَا |
فَلَمْ أرَ وُدّهُمْ إلاّ خِداعاً | وَلم أرَ دينَهُمْ إلاّ نِفَاقَا |
يُقَصّرُ عَن يَمينِكَ كُلُّ بحْرٍ | وَعَمّا لم تُلِقْهُ مَا ألاقَا |
وَلَوْلا قُدْرَةُ الخَلاّقِ قُلْنَا | أعَمْداً كانَ خَلْقُكَ أمْ وِفَاقَا |
فَلا حَطّتْ لَكَ الهَيْجَاءُ سَرْجاً | وَلا ذاقَتْ لَكَ الدّنْيَا فِراقَا |