أنا صائمٌ طولَ الحياةِ وإنّما | فِطري الحِمامُ ويومَ ذاك أُعيِّدُ |
لونانِ من ليلٍ وصبحٍ لوّنا | شَعري وأضعفني الزّمانُ الأيّد |
والنّاسُ كالأشعارِ ينطِقُ دهرُهم | بهمُ فمُطلِقُ معشرٍ ومقيِّد |
قالوا فلانٌ جيّدٌ لصديقِه | لا يكذِبوا ما في البريّة جيّد |
فأميرُهمْ نالَ الإمارةَ بالخَنى | وتَقيُّهُم بصلاتِه متصيِّد |
كنْ مَن تشاءُ مُهجَّناً أو خالصاً | وإذا رُزِقتَ غنًى فأنتَ السيّد |
واصمُتْ فما كثُرَ الكلام من امرىء | إلاّ وظُنّ بأنّه مُتَزَيِّد |
قصائد العصر العباسي
مجموعة من أروع قصائد العصر العباسي شعراء العصر العباسي وقصائدهم الرائعة هنا.
أكرم بياضك عن خطر يسوده
أَكرِم بَياضَكَ عَن خِطرٍ يُسَوِّدُهُ | وَاِزجُر يَمينَكَ عَن شَيبٍ تُنَقّيهِ |
لَقَيتَهُ بِجَلاءٍ عَن مَنازِلِهِ | وَلَيسَ يَحسُنُ هَذا مِن تَلَقّيهِ |
أَلا تَفَكَّرتَ قَبلَ النَسلِ في زَمَنٍ | بِهِ حَلَلتَ فَتَدري أَينَ تُلقيهِ |
تَرجو لَهُ مِن نَعيمِ الدَهرِ مُمتَنَعاً | وَما عَلِمتَ بِأَنَّ العَيشَ يُشقيهِ |
شَكا الأَذى فَسَهِرتَ اللَيلَ وَاِبتَكَرَت | بِهِ الفَتاةُ إِلى شَمطاءَ تَرقيهِ |
وَأُمُّهُ تَسأَلُ العَرّافَ قاضِيَةً | عَنهُ النُذورَ لَعَلَّ اللَهَ يُبقيهِ |
وَأَنتَ أَرشَدُ مِنها حينَ تَحمِلُهُ | إِلى الطَبيبِ يُداويهِ وَيَسقيهِ |
وَلَو رَقى الطِفلَ عيسى أَو أُعيدَ لَهُ | بُقراطُ ما كانَ مِن مَوتٍ يُوَقّيهِ |
وَالحَيُّ في العُمرِ مِثلُ الغِرِّ يَرقَأَُ في | سورِ العِدى وَإِلى حَتفٍ تَرَقّيهِ |
دَنَّستَ عِرضَكَ حَتّى ما تَرى دَنَساً | لَكِن قَميصُكَ لِلأَبصارِ تُنقيهِ |
يا أيها المغرور لب من الحجى
يا أيها المغرورُ لَبَّ من الحِجى | وإذا دعاك إلى التقى داعٍ فَلبْ |
إِنَّ الشُرورَ لَكَالسَحابَةِ أَثجَمَت | لاكِ السرورُ كأنّهُ برقٌ خَلَبْ |
وأبرُّ من شُربِ المدامة صُفّنَتْ | في عسجدٍ، شُربُ الرثيئة في العُلَب |
جاءَتكَ مثلَ دمِ الغزالِ بكأسها | مقتولةً قَتلتْكَ، فالهُ عن السّلب |
حلَبِيّةٌ في النّسبتينِ لأنّهما | حلَبُ الكُرومِ وأنّ موطنها حلَب |
والعقلُ أنفسُ ما حُبيتَ وإن يُضَعْ | يوماً، يَضعْ، فغْوى الشّراب وما حلب |
والنّفسُ تعلمُ أنّها مطلوبةٌ | بالحادثات، فما تُراع من الطّلب |
والدّهرُ أرقمُ بالصباح وبالدُّجى | كالصِّلّ يفتُكُ باللّديغِ إذا انقلب |
وأرى الملوكَ ذوي المراتِب، غالبوا | أيامهم، فانظرْ بعيشكَ من غَلَب |
سيّانِ عندي مادحٌ متحرضٌ | في قولهِ وأخو الهجاءِ إذا ثلَب |
إذا أقبل الإنسان في الدهر صدقت
إذا أقبلَ الإنسانُ في الدهر صُدّقتْ | أحاديثُهُ عن نفسه وهو كاذبُ |
أتوهِمُني بالمَكر أنّكَ نافعي | وما أنتَ إلا في حِبالكَ جاذِبُ |
وتأكلُ لحم الخِلّ مُستعذبِاً له | وتَزعُمُ للأقوام أنّكَ عاذِب |
صحبت الحياة فطال العناء
صحبتُ الحياةَ، فطالَ العَناءُ | ولا خيرَ في العيش مُستصحبَا |
وقد كنتُ فيما مضى جامحاً | ومن راضَهُ دهرُهُ أصحَبا |
متى ما شحَبْتَ لوجه المليكِ | كُسيتَ جمالاً بأنْ تَشحبا |
حبا الشيخُ لا طامعاً في النهوض | نقيضَ الصّبيّ إذا ما حَبا |
ولم يحبُني أحَدٌ نعمةً | ولكن مَوْلى المَوالي حبا |
نصَحْتُكَ، فاعملْ له دائماً | وإن جاء موتٌ فقلْ مرحبا |
لا تطيعي هواك أيتها النفس
لا تُطيعي هواكِ، أيّتُها النفـ | سُ، فنعمى المليك فينا ربيبَهْ |
وابن جحشٍ، لمّا تنصّر، لم ترْ | كُنْ، إلى ما يقولُ، أمُّ حَبيبه |
وبلالٌ يَحكي ابنَ تمرةَ في الخِفّة | أوفى من عنترَ ابنِ زَبيبه |
لا أغادي مَفارقي بصبيبٍ | وأخلّي والقفرَ آلَ صبيبه |
إنّ خيراً من اختراشِ ضِباب الأر | ضِ، للناشىء، اتخاذُ ضبيبه |
كيف أضحتْ شبيبة القلب حمرا | ءَ، وزالت من السّواد الشّبيبه |
فالزمي النّسك إن علقتِ، وفرّي | من ذوي الجهل كي تُعَدّي لبيبه |