طَلَبتُكِ يا دُنيا فَأَعذَرْتُ في الطَلَب | فَما نِلتُ إِلّا الهَمَّ وَالغَمَّ وَالنَصَب |
فَلَمّا بَدا لي أَنَّني لَستُ واصِلاً | إِلى لَذَّةٍ إِلّا بِأَضْعافِها تَعَب |
وَأَسرَعتُ في ديني وَلَم أَقضِ بُغيَتي | هَرَبتُ بِديني مِنكِ إِن نَفَعَ الهَرَب |
تَخَلَّيتُ مِمّا فيكِ جُهدي وَطاقَتي | كَما يَتَخَلّى القَومُ مِن عَرَّةِ الجَرَب |
فَما تَمَّ لي يَوماً إِلى اللَيلِ مَنظَرٌ | أُسَرُّ بِهِ لَم يَعتَرِض دونَهُ شَغَب |
وَإِنّي لَمِمَّن خَيَّبَ اللَهُ سَعيَهُ | إِذا كُنتُ أَرعى لَقحَةً مُرَّةَ الحَلَب |
أَرى لَكَ أَن لا تَستَطيبَ لِخِلَّةٍ | كَأَنَّكَ فيها قَد أَمِنتَ مِنَ العَطَب |
أَلَم تَرَها دارَ افتِراقٍ وَفَجعَةٍ | إِذا ذَهَبَ الإِنسانُ فيها فَقَد ذَهَب |
أُقَلِّبُ طَرفي مَرَّةً بَعدَ مَرَّةٍ | لِأَعلَمَ ما في النَفسِ وَالقَلبُ يَنقَلِب |
وَسَربَلتُ أَخلاقي قُنوعاً وَعِفَّةً | فَعِندي بِأَخلاقي كُنوزٌ مِنَ الذَهَب |
فَلَم أَرَ خُلقاً كَالقُنوعِ لِأَهلِهِ | وَأَن يُجمِلَ الإِنسانُ ما عاشَ في الطَلَب |
وَلَم أَرَ فَضلاً تَمَّ إِلّا بِشيمَةٍ | وَلَم أَرَ عَقلاً صَحَّ إِلّا عَلى أَدَب |
وَلَم أَرَ في الأَعداءِ حينَ خَبَرتُهُم | عَدُوّاً لِعَقلِ المَرءِ أَعدى مِنَ الغَضَب |
وَلَم أَرَ بَينَ اليُسرِ وَالعُسرِ خُلطَةً | وَلَم أَرَ بَينَ الحَيِّ وَالمَيتِ مِن سَبَب |
قصائد أبو العتاهية
أبيات شعر و قصائد لشاعر العصر العباسي أبو العتاهية في مكتبة قصائد العرب.
الشيب كره وكره أن يفارقني
الشَيبُ كُرهٌ وَكُرهٌ أَن يُفارِقَني | أَعجب بِشَيءِ عَلى البَغضاءِ مَودودُ |
يَمضي الشَبابُ وَقَد يَأتي لَهُ خَلَفٌ | وَ الشَيبُ يَذهَبُ مَفقوداً بِمَفقودِ |
أجفوتني فيمن جفاني
أَجَفَوتَني فيمَن جَفاني | وَجَعَلتَ شَأنَكَ غَيرَ شَأني |
وَ لَطالَما أَمَّنتَني | مِمّا أَرى كُلَّ الأَماني |
حَتّى إِذا انقَلَبَ الزَما | نُ عَلَيَّ صِرتَ مَعَ الزَمانِ |
فيا رب هب لي منك حلما فإنني
فَيا رَبِّ هَب لي مِنكَ حِلماً فَإِنَّني | أَرى الحِلمَ لَم يَندَم عَلَيهِ حَليمُ |
وَيا رَبِّ هَب لي مِنكَ عَزماً عَلى التُقى | أُقيمُ بِهِ ما عِشتُ حَيثُ أُقيمُ |
اصبر لكل مصيبة و تجلد
اِصبِر لِكُلِّ مُصيبَةٍ وَ تَجَلَّدِ | وَاِعلَم بِأَنَّ المَرءَ غَيرُ مُخَلَّدِ |
أَوَما تَرى أَنَّ المَصائِبَ جَمَّةٌ | وَتَرى المَنِيَّةَ لِلعِبادِ بِمَرصَدِ |
قد نغص الموت علي الحياة
قَد نَغَّصَ المَوتُ عَلَيَّ الحَياة | إِذ لا أَرى مِنهُ لِحَيٍّ نَجاة |
مَن جاوَرَ المَوتى فَقَد أَبعَدَ ال | دارَ وَ قَد جاوَرَ قَوماً جُفاة |
ما أَبيَنَ الأَمرَ وَلَكِنَّني | أَرى جَميعَ الناسِ عَنهُ عُماة |
لَو عَلِمَ الأَحياءُ ما عايَنَ ال | مَوتى إِذاً لَم يَستَلِذّوا الحَياة |