ولستُ بذاخرٍ لغدٍ طعاماً | حذارَ غدٍ لكلّ غدٍ طعامُ |
تمحضتِ المنونُ لهُ بيومٍ | أتَى ولكلّ حاملة ٍ تمامُ |
شعر النابغة الذبياني
شعر و قصائد لشاعر العصر الجاهلي الشاعر الكبير النابغة الذبياني.
دعاك الهوى واستجهلتك المنازل
دعاكَ الهوَى، واستَجهَلَتكَ المنازِلُ ~ وكيفَ تَصابي المرء، والشّيبُ شاملُ
وقفتُ بربعِ الدارِ، قد غيرَ البلى ~ مَعارِفَها، والسّارِياتُ الهواطِلُ
أسائلُ عن سُعدى، وقد مرّ بعدَنا ~ على عَرَصاتِ الدّارِ، سبعٌ كوامِلُ
فسَلّيتُ ما عندي برَوحة ِ عِرْمِسٍ ~ تخبّ برحلي، تارة ً، وتناقلُ
موثقة ِ الأنساءِ، مضبورة ِ القرا ~ نعوبٍ، إذا كلّ العتاقُ المراسلُ
كأني شَددَتُ الرّحلَ حينَ تشذّرَتْ ~ على قارحٍ، مما تضمنَ عاقلُ
أقَبَّ، كعَقدِ الأندَريّ، مُسَحَّجٍ ~ حُزابِية ٍ، قد كَدمَتْهُ الَمساحِلُ
أضرّ بجرداءِ النسالة ِ، سمحج ~ يقبلها، إذْ أعوزتهُ الحلائلُ
إذا جاهدتهُ الشدّ جدّ، وإنْ ونتْ ~ تَساقَطَ لا وانٍ، ولا مُتَخاذِلُ
وإنْ هبطا سهلاً أثارا عجابة ً ~ وإنّ عَلَوَا حَزْناً تَشَظّتْ جَنادِلُ
ورَبِّ بني البَرْشاءِ: ذُهْلٍ وقَيسِها ~ و شيبانَ، حيثُ استبهلتها المنازلُ
لقد عالني ما سرها، وتقطعتْ ~ لروعاتها، مني القوى والوسائلُ
فلا يَهنىء الأعداءَ مصرَعُ مَلْكِهِمْ ~ و ما عشقتْ منهُ تميمٌ ووائلُ
وكانتْ لهمْ ربعية ٌ يحذرونها ~ إذا خضخضتْ ماءَ السماءِ القبائلُ
يسيرُ بها النعمانُ تغلي قدورهُ ~ تجيشُ بأسبابِ المنايا المراجلُ
يَحُثّ الحُداة َ، جالِزاً برِدائِهِ ~ يَقي حاجِبَيْهِ ما تُثيرُ القنابلُ
يقولُ رجالٌ، يُنكِرونَ خليقَتي: ~ لعلّ زياداً، لا أبا لكَ، غافلُ
أبَى غَفْلتي أني، إذا ما ذكَرْتُهُ ~ تَحَرّكَ داءٌ، في فؤاديَ، داخِلُ
وأنّ تلادي، إنْ ذكرتُ، وشكتي ~ ومُهري، وما ضَمّتْ لديّ الأنامِلُ
حباؤكَ، وو العيسُ العتاقُ كأنها ~ هجانُ المها، تحدى عليها الرحائلُ
فإنْ تَكُ قد ودّعتَ، غيرَ مُذَمَّمٍ ~ أواسيَ ملكٌ تبتتها الأوائلُ
فلا تبعدنْ، إنّ المنية َ موعدٌ ~ وكلُّ امرئٍ، يوماً، به الحالُ زائلُ
فما كانَ بينَ الخيرِ لو جاء سالماً ~ أبو حجرٍ، إلاّ ليالٍ قلائلُ
فإنْ تَحيَ لا أمْلَلْ حياتي، وإن تمتْ ~ فما في حياتي، بعد موتِكَ، طائِلُ
فآبَ مصلوهُ بعينٍ جلية ٍ ~ وغُودِرَ الجَولانِ، حزْمٌ ونائِلُ
سقى الغيثُ قبراً بينَ بصرى وجاسمٍ ~ بغيثٍ، من الوسمي، قطرٌ ووابلْ
ولا زالَ ريحانٌ ومسكٌ وعنبرٌ ~ على مُنتَهاهُ، دِيمَة ٌ ثمّ هاطِلُ
وينبتُ حوذاناً وعوفاً منوراً ~ سأُتبِعُهُ مِنْ خَيرِ ما قالَ قائِلُ
بكى حارِثُ الجَولانِ من فَقْدِ ربّه ~ و حورانُ منه موحشٌ متضائلُ
قُعُودا له غَسّانُ يَرجونَ أوْبَهُ ~ وتُرْكٌ، ورهطُ الأعجَمينَ وكابُلُ
واستبق ودك للصديق ولا تكن
واستبقِ ودكَ للصديقِ ولا تكن | قتباً يعضّ بغاربٍ ملحاحا |
فالرفقُ يمنٌ والأناة ُ سعادة | فتأنّ في رفقٍ تنالُ نجاحاَ |
واليأسُ ممّا فاتَ يعقِبُ راحَة ً | ولربّ مَطعَمة ٍ تَعودُ ذُباحا |
يعدُ ابنَ جَفنَة َ وابن هاتكِ عَرشه | و الحارثينِ، بأن يزيدَ فلاحا |
وَلَقَد رَأى أَنَّ الَّذي هُوَ غالَهُم | قد غالَ حميرَ قيلها الصباحاَ |
وَالتُبَّعَينِ وَذا نُؤاسٍ غُدوَةً | وَعلا أُذَينَةَ سالِبَ الأَرواحا |
بانت سعاد وأمسى حبلها انجذما
بانَتْ سُعادُ، وأمْسَى حَبلُها انجذما | و احتلتِ الشرعَ فالأجزاعَ من إضما |
إحْدى بَلِيٍّ، وما هامَ الفُؤادُ بها | إلاّ السفاهَ، وإلاّ ذكرة ً حلما |
ليستْ منَ السودِ أعقاباً إذا انصرفتْ | ولا تبيعُ، بجنبيْ نخلة، البرما |
غراءُ أكملُ منْ يمشي على قدم | حُسْناً وأمْلَحُ مَن حاوَرْتَهُ الكَلِمَا |
قالت: أراكَ أخا رَحْلٍ وراحِلَة ٍ | تغشى متالفَ، لن ينظرنك الهرما |
حياكِ ربي، فإنا لا يحلْ لنا | لهوُ النساءِ، وإنّ الدينَ قد عزما |
مشمرينَ على خوصٍ مزممة ٍ | نرجو الإلهَ، ونرجو البِرّ والطُّعَمَا |
هَلاّ سألْتِ بَني ذُبيانَ ما حَسَبي | إذا الدّخانُ تَغَشّى الأشمَطَ البَرما |
وهَبّتِ الرّيحُ مِنْ تِلقاءِ ذي أُرُلٍ | تُزجي مع اللّيلِ من صُرّادِها صِرَمَا |
صُهبَ الظّلالِ أتَينَ التّينَ عن عُرُضٍ | يُزْجينُ غَيْماً قليلاً ماؤهُ شَبِمَا |
يُنْبِئْكِ ذو عرِضهِمْ عني وعالمهُم | وليسَ جاهلُ شيءٍ مثلَ مَن عَلِمَا |
إنّي أُتَمّمُ أيساري، وأمْنَحُهُمْ | مثنى الأيادي، وأكسو الجفنة َ الأدما |
واقطعُ الخرقَ بالخرقاءِ، قد جعلتْ | بعدَ الكَلالِ، تَشكّى الأينَ والسّأمَا |
كادَتْ تُساقِطُني رَحلي وميثرَتي | بذي المَجازِ ولم تُحسِسْ به نَعَمَا |
من قولِ حرِمِيّة ٍ قالتْ وقد ظَعَنوا | هل في مخفيكمُ من يشتري أدما |
قلتُ لها، وهيَ تسعى تحتض لبتها | لا تحطمنكِ إنّ البيعَ قد زرما |
باتتْ ثلاثَ ليالٍ، ثم واحدة | بذي المَجازِ، تُراعي مَنزِلاً زِيَمَا |
فانشقّ عنها عمودُ الصبح، جافلة ً | عدوَ الحوص تخافُ القانصَ اللحما |
تَحيدُ عن أسْتَنٍ، سُودٍ أسافِلُهُ | مشيَ الإماءِ الغوادي تحملُ الحزما |
أو ذو وشومٍ بحوضي باتَ منكرساً | في ليلة ٍ من جُمادى أخضَلتْ دِيَمَا |
باتَ بحقفٍ من البقارِ، يحفزهُ | إذا استَكَفّ قَليلاً، تُربُهُ انهدَمَا |
مولي الريحِ روقيهِ وجبهتهُ | كالهِبْرَقيّ تَنَحّى يَنفُخُ الفَحَمَا |
حتى غدا مثلَ نصلِ السيفِ منصلتاً | يَقْرُو الأماعِزَ مِنْ لبنانَ والأكَمَا |
لا يبعد الله جيرانا تركتهم
لا يُبْعِدِ اللَّهُ جيراناً تركْتُهُمُ ~ مِثلَ المَصابيحِ تَجلو لَيلَةَ الظُلَمِ
لا يبرمونَ إذا ما الأفقُ جللهُ ~ بردُ الشتاءِ منَ الإمحالِ كالأدم
همُ الملوكُ وأبناءُ الملوكِ لهمْ ~ فضْلٌ على النّاسِ في اللأواء والنِّعمِ
أحْلامُ عادٍ وأجسادٌ مُطَهَّرَة ~ منَ المعقة ِ والآفاتِ والإثمِ
أخلاق مجدك جلت ما لها خطر
أخلاقُ مجدكَ جلتْ، ما لها خطرٌ ~ في البأسِ والجودِ بينَ العِلمِ والخبرِ
متوجٌ بالمعالي، فوقَ مفرقهِ ~ وفي الوَغي ضَيغَمٌ في صُورة ِ القمرِ