| قِفَا تَرَيَا وَدْقي فَهَاتَا المَخايِلُ | وَلا تَخْشَيا خُلْفاً لِما أنَا قائِلُ |
| رَماني خساسُ النّاس من صائبِ استِهِ | وآخَرَ قُطْنٌ من يَدَيهِ الجَنَادِلُ |
| وَمن جاهلٍ بي وَهْوَ يَجهَلُ جَهلَهُ | وَيَجْهَلُ عِلمي أنّهُ بيَ جاهِلُ |
| وَيَجْهَلُ أنّي مالكَ الأرْضِ مُعسِرٌ | وَأنّي على ظَهرِ السِّماكَينِ رَاجِلُ |
| تُحَقِّرُ عِندي هِمّتي كُلَّ مَطلَبٍ | وَيَقصُرُ في عَيني المَدى المُتَطاوِلُ |
| وما زِلْتُ طَوْداً لا تَزُولُ مَنَاكبي | إلى أنْ بَدَتْ للضّيْمِ فيّ زَلازِلُ |
| فقَلْقَلْتُ بالهَمّ الذي قَلْقَلَ الحَشَا | قَلاقِلَ عِيسٍ كُلّهُنّ قَلاقِلُ |
| إذا اللّيْلُ وَارَانَا أرَتْنا خِفافُها | بقَدحِ الحَصَى ما لا تُرينا المَشاعِلُ |
| كأنّي منَ الوَجْناءِ في ظَهرِ مَوْجَةٍ | رَمَتْ بي بحاراً ما لَهُنّ سَواحِلُ |
| يُخَيَّلُ لي أنّ البِلادَ مَسَامِعي | وأنّيَ فيها ما تَقُولُ العَواذِلُ |
| وَمَنْ يَبغِ ما أبْغي مِنَ المَجْدِ والعلى | تَسَاوَ المَحايي عِنْدَهُ وَالمَقاتِلُ |
| ألا لَيسَتِ الحاجاتُ إلاّ نُفُوسَكمْ | وَلَيسَ لَنا إلاّ السّيوفَ وَسائِلُ |
| فَمَا وَرَدَتْ رُوحَ امرىءٍ رُوحُهُ له | وَلا صَدَرَتْ عن باخِلٍ وَهوَ باخِلُ |
| غَثَاثَةُ عَيشي أنْ تَغَثّ كَرامَتي | وَلَيسَ بغَثٍّ أنْ تَغَثّ المَآكلُ |
شعر المتنبي
أبيات شعر و قصائد الشاعر ابو الطيب المتنبي أجمل القصائد الشعرية للمتنبي هنا.
أحببت برك إذ أردت رحيلا
| أحْبَبْتُ بِرّكَ إذْ أرَدْتَ رَحيلا | فوَجَدْتُ أكثرَ ما وَجَدْتُ قَليلا |
| وَعَلِمْتُ أنّكَ في المَكارِمِ رَاغِبٌ | صَبٌّ إلَيْها بُكْرَةً وَأصِيلا |
| فَجَعَلْتُ مَا تُهْدِي إليّ هَدِيّةً | مِني إلَيْكَ وَظَرْفَها التّأمِيلا |
| بِرٌّ يَخِفّ عَلى يَدَيْكَ قَبُولُهُ | وَيَكُونُ مَحْمِلُهُ عَليّ ثَقِيلا |
عزيز إسا من داؤه الحدق النجل
| عَزيزُ إساً مَن داؤهُ الحَدَقُ النُّجْلُ | عَيَاءٌ بهِ ماتَ المُحبّونَ من قَبْلُ |
| فَمَنْ شاءَ فَلْيَنْظُرْ إليّ فمَنظَري | نَذيرٌ إلى مَن ظَنّ أنّ الهَوَى سَهْلُ |
| وما هيَ إلاّ لحظَةٌ بَعدَ لحظَةٍ | إذا نَزَلَتْ في قَلبِهِ رَحَلَ العَقْلُ |
| جرَى حبُّها مجْرَى دَمي في مَفاصِلي | فأصْبَحَ لي عَن كلّ شُغلٍ بها شُغْلُ |
| سَبَتْني بدَلٍّ ذاتُ حُسْنٍ يَزينُها | تَكَحُّلُ عَيْنَيها وليسَ لها كُحلُ |
| كأنّ لحاظَ العَينِ في فَتْكِهِ بِنَا | رَقيبٌ تَعَدّى أوْ عَدُوٌّ لهُ دَخْلُ |
| ومن جَسَدي لم يَترُكِ السّقمُ شعرَةً | فَمَا فَوْقَها إلاّ وفيها لَهُ فِعْلُ |
| إذا عَذَلُوا فيها أجَبْتُ بأنّةٍ: | حُبَيّبَتي قلبي فُؤادي هيا جُمْلُ |
| كأنّ رَقيباً منكِ سَدّ مَسامِعي | عنِ العذلِ حتى ليس يدخلها العذلُ |
| كأنّ سُهادَ اللّيلِ يَعشَقُ مُقلَتي | فبَيْنَهُما في كُلّ هَجْرٍ لنا وَصْلُ |
| أُحِبّ التي في البدرِ منها مَشَابِهٌ | وأشكو إلى من لا يُصابُ له شكلُ |
| إلى واحِدِ الدّنْيا إلى ابنِ مُحَمّدٍ | شُجاعَ الذي لله ثمّ لَهُ الفَضْلُ |
| إلى الثّمَرِ الحُلْوِ الذي طَيِّءٌ لَهُ | فُرُوعٌ وقَحْطانُ بنُ هودٍ لها أصلُ |
| إلى سَيّدٍ لَوْ بَشّرَ الله أُمّةً | بغَيرِ نَبيٍّ بَشّرَتْنَا بهِ الرّسْلُ |
| إلى القابضِ الأرْواحِ والضّيغَمِ الذي | تُحَدّثُ عن وَقفاته الخيلُ والرَّجْلُ |
| إلى رَبّ مالٍ كُلّما شَتّ شَملُهُ | تَجَمّعَ في تَشتيتِهِ للعُلَى شَمْلُ |
| هُمَامٌ إذا ما فَارَقَ الغِمْدَ سَيْفُهُ | وعايَنْتَهُ لم تَدرِ أيّهُمَا النّصْلُ |
| رَأيْتُ ابنَ أمّ المَوْتِ لوْ أنّ بَأسَهُ | فَشَا بينَ أهْلِ الأرْضِ لانقطعَ النسلُ |
| على سابِحٍ مَوْجُ المَنايا بنَحْرِهِ | غَداةَ كأنّ النَّبلَ في صَدرِهِ وَبْلُ |
| وَكَمْ عَينِ قِرْنٍ حَدّقَتْ لِنِزالِهِ | فلم تُغْضِ إلاّ والسّنانُ لها كُحلُ |
| إذا قيلَ رِفقاً قالَ للحِلمِ موْضِعٌ | وَحِلْمُ الفتى في غَيرِ مَوْضِعه جَهْلُ |
| ولَوْلا تَوَلّي نَفسِهِ حَملَ حِلْمِهِ | عن الأرض لانهدّتْ وناء بها الحِملُ |
| تَباعَدَتِ الآمالُ عن كلّ مَقصِدٍ | وضاقَتْ بها إلاّ إلى بابِهِ السُّبْلُ |
| ونادى الندى بالنّائمينَ عن السُّرَى | فأسمَعَهمْ هُبّوا فقد هلَكَ البُخلُ |
| وَحالَتْ عَطايا كَفّهِ دونَ وَعْدِهِ | فَلَيسَ لَهُ إنْجازُ وَعْدٍ وَلا مَطْلُ |
| فأقْرَبُ مِن تَحديدِها رَدُّ فائِتٍ | وأيسَرُ من إحصائِها القَطرُ والرّملُ |
| وَما تَنْقِمُ الأيّامُ مِمّنْ وُجُوهُهَا | لأخْمَصِهِ في كلّ نائِبَةٍ نَعْلُ |
| وَمَا عَزَّهُ فيها مُرَادٌ أرَادَهُ | وإنْ عَزّ إلاّ أن يكونَ لَهُ مِثْلُ |
| كَفَى ثُعَلاً فَخْراً بأنّكَ مِنْهُمُ | ودَهْرٌ لأنْ أمْسَيتَ من أهلِهِ أهلُ |
| ووَيْلٌ لنَفسٍ حاوَلَتْ منْكَ غرّةً | وَطُوبَى لعَينٍ سَاعَةً منكَ لا تخلو |
| فَما بفَقيرٍ شامَ بَرْقَكَ فَاقَةٌ | وَلا في بِلادٍ أنْتَ صَيّبُها مَحْلُ |
صلة الهجر لي وهجر الوصال
| صِلَةُ الهَجْرِ لي وهَجرُ الوِصالِ | نَكَساني في السُّقمِ نُكسَ الهِلالِ |
| فَغَدا الجِسْمُ ناقِصاً والذي يَنْـ | ـقُصُ مِنْهُ يَزيدُ في بَلْبَالي |
| قِفْ على الدِّمْنَتَينِ بِالدَّوِّ من رَيّـ | ـا كَخالٍ في وجنةٍ جنبَ خالِ |
| بطُلُولٍ كأنّهُنّ نُجُومٌ | في عِراصٍ كأنّهُنّ لَيَالِ |
| وَنُؤيٍّ كأنّهُنّ عَلَيْهِـ | ـنّ خِدامٌ خُرْسٌ بسُوقٍ خِدالِ |
| لا تَلُمْني فإنّني أعْشَقُ العُشّـ | ـاقِ فيها يا أعْذَلَ العُذّالِ |
| ما تُريدُ النّوَى منَ الحَيّةِ الذوّ | اقِ حَرَّ الفَلا وبَرْدَ الظّلالِ |
| فهوَ أمضَى في الرّوْعِ من مَلَكِ الموْ | تِ وأسرَى في ظُلمةٍ من خيالِ |
| ولحَتْفٍ في العِزّ يَدْنُو مُحِبٌّ | ولعُمْرٍ يَطُولُ في الذّلّ قالِ |
| نحنُ رَكْبٌ مِلْجِنِّ في زيّ ناسٍ | فوْقَ طَيرٍ لها شخوصُ الجِمالِ |
| من بَناتِ الجَديلِ تَمشي بنا في الـ | ـبيدِ مَشْيَ الأيّامِ في الآجالِ |
| كُلُّ هَوْجاءَ للدّياميمِ فيها | أثَرُ النّارِ في سَليطِ الذُّبَالِ |
| عامِداتٍ للبَدْرِ والبَحْرِ والضِّرْ | غامَةِ ابنِ المُبارَكِ المِفْضالِ |
| مَنْ يَزُرْهُ يَزُرْ سُلَيْمانَ في الملْـ | ـكِ جَلالاً ويُوسُفاً في الجَمَالِ |
| ورَبيعاً يُضاحِكُ الغَيثُ فيهِ | زَهَرَ الشّكْرِ من رِياضِ المَعالي |
| نَفَحَتْنَا منهُ الصَّبَا بنَسيمٍ | رَدّ روحاً في مَيّتِ الآمَالِ |
| هَمُّ عَبدِ الرّحم?نِ نَفعُ المَوالي | وبَوارُ الأعْداءِ والأمْوالِ |
| أكبرُ العَيبِ عندَهُ البُخلُ والطّعْـ | ـنُ عَلَيْهِ التّشْبيهُ بالرّئْبَالِ |
| والجِراحاتُ عِندَهُ نِعَمَاتٌ | سُبِقَتْ قَبلَ سَيْبِهِ بِسُؤالِ |
| ذا السّراجُ المُنِيرُ هذا النّقيُّ الـ | ـجَيْبِ هذا بَقِيّةُ الأبْدالِ |
| فَخُذا ماءَ رِجْلِهِ وانْضِحا في الـ | ـمُدْنِ تأمَنْ بَوائِقَ الزّلْزَالِ |
| وامْسَحَا ثَوْبَهُ البَقيرَ على دا | ئِكُما تُشْفَيَا مِنَ الإعْلالِ |
| مالِئاً مِنْ نَوالِهِ الشّرْقَ والغَرْ | بَ ومن خَوْفِهِ قُلوبَ الرّجالِ |
| قابِضاً كَفّهُ اليَمينَ على الدّنْـ | ـيَا ولَوْ شاءَ حازَها بالشّمالِ |
| نَفْسُهُ جَيْشُهُ وتَدْبيرُهُ النّصْـ | ـرُ وألحاظُهُ الظُّبَى والعَوالي |
| ولَهُ في جَماجِمِ المالِ ضَرْبٌ | وَقْعُهُ في جَماجِمِ الأبْطالِ |
| فَهُمُ لاتّقائِهِ الدّهْرَ في يَوْ | مِ نِزالٍ ولَيسَ يَوْمُ نِزالِ |
| رَجُلٌ طِينُهُ منَ العَنبَرِ الوَرْ | دِ وطينُ العِبادِ مِنْ صَلْصَالِ |
| فَبَقِيّاتُ طِينِهِ لاقَتِ المَا | ءَ فَصارَتْ عُذوبَةً في الزُّلالِ |
| وبَقايا وقارِهِ عافَتِ النّا | سَ فصارَتْ رَكانَةً في الجِبالِ |
| لَستُ ممّنْ يَغُرّهُ حُبُّكَ السِّلْـ | ـمَ وأنْ لا تَرَى شُهودَ القِتالِ |
| ذاكَ شيءٌ كَفاكَهُ عَيشُ شانيـ | ـكَ ذَليلاً وقِلّةُ الأشْكالِ |
| واغْتِفارٌ لَوْ غَيَّرَ السُّخطُ منْهُ | جُعِلَتْ هامُهُمْ نِعالَ النّعالِ |
| لجِيادٍ يَدْخُلْنَ في الحَرْبِ أعرا | ءً ويخرُجنَ مِن دَمٍ في جِلالِ |
| واسْتَعارَ الحَديدُ لَوْناً وألْقَى | لَوْنَهُ في ذَوائِبِ الأطْفالِ |
| أنتَ طَوراً أمَرُّ مِنْ ناقِعِ السّمّ | وطَوْراً أحْلى مِنَ السّلْسالِ |
| إنّما النّاسُ حَيثُ أنْتَ وما النّا | سُ بناسٍ في مَوْضِعٍ منكَ خالِ |
ومنزل ليس لنا بمنزل
| ومَنْزِلٍ لَيسَ لَنَا بمَنْزِلِ | ولا لغَيرِ الغَادِياتِ الهُطَّلِ |
| نَدِيْ الخُزامَى أذْفَرِ القَرَنْفُلِ | مُحَلَّلٍ مِلْوَحْشِ لم يُحَلَّلِ |
| عَنّ لَنا فيهِ مُراعي مُغْزِلِ | مُحَيَّنُ النّفسِ بَعيدُ المَوْئِلِ |
| أغناهُ حُسنُ الجيدِ عن لُبسِ الحلي | وعادَةُ العُرْيِ عَنِ التّفَضّلِ |
| كأنّهُ مُضَمَّخٌ بصَنْدَلِ | مُعْتَرِضاً بمِثْلِ قَرْنِ الأيّلِ |
| يَحُولُ بَينَ الكَلْبِ والتأمّلِ | فَحَلَّ كَلاّبي وِثَاقَ الأحْبُلِ |
| عَن أشْدَقٍ مُسَوْجَرٍ مُسَلسَلِ | أقَبَّ ساطٍ شَرِسٍ شَمَرْدَلِ |
| مِنْها إذا يُثْغَ لَهُ لا يَغْزَلِ | مُؤجَّدِ الفِقْرَةِ رِخْوِ المَفْصِلِ |
| لَهُ إذا أدْبَرَ لَحْظُ المُقْبِلِ | كأنّما يَنظُرُ مِنْ سَجَنْجَلِ |
| يَعْدو إذا أحْزَنَ عَدْوَ المُسْهِلِ | إذا تَلا جَاءَ المَدى وقَدْ تُلي |
| يُقْعي جُلُوسَ البَدَويّ المُصْطَلي | بأرْبَعٍ مَجْدولَةٍ لَمْ تُجْدَلِ |
| فُتْلِ الأيادي رَبِذاتِ الأرْجُلِ | آثارُها أمْثالُها في الجَنْدَلِ |
| يَكادُ في الوَثْبِ مِنَ التّفَتّلِ | يَجْمَعُ بينَ مَتْنِهِ والكَلْكَلِ |
| وبَينَ أعْلاهُ وبَينَ الأسْفَلِ | شَبيهُ وسْميّ الحِضارِ بالوَلي |
| كأنّهُ مُضَبَّرٌ مِنْ جَرْوَلِ | مُوَثَّقٌ على رِماحٍ ذُبّلِ |
| ذي ذَنَبٍ أجْرَدَ غَيرِ أعْزَلِ | يخطّ في الأرْضِ حسابَ الجُمّلِ |
| كأنّهُ مِنْ جِسْمِهِ بمَعْزِلِ | لوْ كانَ يُبلي السّوْطَ تحريكٌ بَلي |
| نَيلُ المُنى وحُكمُ نَفسِ المُرْسِلِ | وعُقْلَةُ الظّبي وحَتفُ التَّتفُلِ |
| فانْبَرَيا فَذيّنِ تحتَ القَسطَلِ | قَد ضَمِنَ الآخِرُ قَتلَ الأوّلِ |
| في هَبوَةٍ كِلاهُما لم يَذْهَلِ | لا يأتَلي في تَرْكِ أنْ لا يأتَلي |
| مُقْتَحِماً على المَكانِ الأهْوَلِ | يخالُ طُولَ البحرِ عَرْض الجدولِ |
| حتى إذا قِيلَ لهُ نِلْتَ افْعَلِ | إفْتَرّ عن مَذرُوبَةٍ كالأنْصُلِ |
| لا تَعْرِفُ العَهدَ بصَقلِ الصّيقلِ | مُرَكَّباتٍ في العَذابِ المُنْزَلِ |
| كأنّها من سُرْعَةٍ في الشّمْألِ | كأنّها مِنْ ثِقَلٍ في يَذْبُلِ |
| كأنّها مِن سَعَةٍ في هَوْجَلِ | كأنّهُ مِنْ عِلْمِهِ بالمَقتَلِ |
| عَلّمَ بُقْراطَ فِصادَ الأكْحَلِ | فَحالَ ما للقَفْزِ للتَجَدّلِ |
| وصارَ ما في جِلْدِهِ في المِرْجَلِ، | فلم يَضِرْنا مَعْهُ فَقدُ الأجدَلِ |
| إذا بَقيتَ سالماً أبَا عَلي | فالمُلْكُ لله العَزيزِ ثُمّ لي |
أبعد نأي المليحة البخل
| أبْعَدُ نأيِ المَليحَةِ البَخَلُ | في البُعْدِ ما لا تُكَلَّفُ الإبلُ |
| مَلُولَةٌ ما يَدومُ لَيسَ لَها | مِنْ مَلَلٍ دائِمٍ بهَا مَلَلُ |
| كأنّمَا قَدُّها إذا انْفَتَلَتْ | سكرانُ من خمرِ طَرْفِها ثَمِلُ |
| بي حَرُّ شَوْقٍ إلى تَرَشّفِها | يَنفَصِلُ الصّبرُ حينَ يَتّصِلُ |
| ألثّغْرُ والنّحْرُ والمُخَلْخَلُ والـ | ـمِعْصَمُ دائي والفاحِمُ الرّجِلُ |
| ومَهْمَهٍ جُبْتُهُ على قَدَمي | تَعجِزُ عَنهُ العَرامِسُ الذُّلُلُ |
| بصارِمي مُرْتَدٍ، بمَخْبُرَتي | مُجْتَزِىءٌ، بالظلامِ مُشْتَمِلُ |
| إذا صَديقٌ نَكِرْتُ جانِبَهُ | لم تُعْيِنِي في فِراقِهِ الحِيَلُ |
| في سَعَةِ الخافِقَينِ مُضْطَرَبٌ | وفي بِلادٍ مِنْ أُخْتِها بَدَلُ |
| وفي اعْتِمارِ الأميرِ بَدْرِ بنِ عَمّـ | ـارٍ عَنِ الشّغلِ بالوَرَى شُغُلُ |
| أصْبَحَ مالٌ كَمالِهِ لِذَوي الـ | ـحاجَةِ لا يُبْتَدَا ولا يُسَلُ |
| هَانَ عَلى قَلْبِهِ الزّمانُ فَما | يَبينُ فيهِ غَمٌّ ولا جَذَلُ |
| يَكادُ مِنْ طاعَةِ الحِمامِ لَهُ | يَقْتُلُ من مَا دَنَا لَهُ الأجَلُ |
| يَكادُ مِنْ صِحّةِ العَزيمَةِ مَا | يَفْعَلُ قَبْلَ الفِعالِ يَنْفَعِلُ |
| تُعْرَفُ في عَيْنِهِ حَقائِقُهُ | كأنّهُ بالذّكاءِ مُكْتَحِلُ |
| أُشْفِقُ عِندَ اتّقادِ فِكرَتِهِ | عَلَيْهِ مِنها أخافُ يَشْتَعِلُ |
| أغَرُّ، أعْداؤهُ إذا سَلِمُوا | بالهَرَبِ استَكبَرُوا الذي فَعَلُوا |
| يُقْبِلُهُمْ وَجْهَ كُلّ سابحَةٍ | أرْبَعُها قَبلَ طَرْفِها تَصِلُ |
| جَرْداءَ مِلْءِ الحِزامِ مُجْفِرَةٍ | تكونُ مِثْلَيْ عَسيبِها الخُصَلُ |
| إنْ أدْبَرَتْ قُلتَ لا تَليلَ لها | أو أقبَلَتْ قلتَ ما لها كَفَلُ |
| والطّعنُ شَزْرٌ والأرْضُ واجفةٌ | كأنّما في فُؤادِها وَهَلُ |
| قَدْ صَبَغَتْ خَدَّها الدّماءُ كمَا | يَصبُغُ خَدَّ الخَريدَةِ الخَجَلُ |
| والخَيْلُ تَبكي جُلُودُها عَرَقاً | بأدْمُعٍ ما تَسُحّها مُقَلُ |
| سارٍ ولا قَفْرَ مِنْ مَواكِبِهِ | كأنّما كلّ سَبْسَبٍ جَبَلُ |
| يَمْنَعُهَا أن يُصِيبَها مَطَرٌ | شِدّةُ ما قَدْ تَضايَقَ الأسَلُ |
| يا بَدْرُ يا بحْرُ يا غَمامَةُ يا | لَيثَ الشّرَى يا حِمامُ يا رَجُلُ |
| إنّ البَنَانَ الذي تُقَلّبُهُ | عِندَكَ في كلّ مَوْضِعٍ مَثَلُ |
| إنّكَ مِنْ مَعشَرٍ إذا وَهَبُوا | ما دونَ أعمارِهمْ فَقد بخِلُوا |
| قُلُوبُهُمْ في مَضاءِ ما امتَشَقُوا | قاماتُهُمْ في تَمامِ ما اعْتَقَلُوا |
| أنتَ نَقيضُ اسمِهِ إذا اختَلَفتْ | قَواضِبُ الهِنْدِ والقَنَا الذُّبُلُ |
| أنتَ لَعَمري البَدْرُ المُنيرُ ولكِـ | ـنّكَ في حَوْمَةِ الوَغى زُحَلُ |
| كَتيبَةٌ لَسْتَ رَبَّها نَفَلٌ | وبَلْدَةٌ لَستَ حَلْيَها عُطُلُ |
| قُصِدْتَ مِنْ شَرْقِها ومَغْرِبِها | حتى اشتَكَتْكَ الرّكابُ والسُّبُلُ |
| لم تُبْقِ إلاّ قَليلَ عافِيَةٍ | قد وَفَدَتْ تَجتَديكَهَا العِلَلُ |
| عُذْرُ المَلُومَينِ فيكَ أنّهُمَا | آسٍ جَبَانٌ ومبْضَعٌ بَطَلُ |
| مَدَدْتَ في راحَةِ الطّبيبِ يَداً | فَما درَى كيفَ يُقطَعُ الأمَلُ |
| إنْ يَكُنِ البَضْعُ ضَرّ باطِنَهَا | فَرُبّما ضَرّ ظَهْرَها القُبَلُ |
| يَشُقّ في عِرْقِها الفِصادُ ولا | يَشقّ في عِرْقِ جُودِها العَذَلُ |
| خامَرَهُ إذ مَدَدْتَها جَزَعٌ | كأنّهُ مِنْ حَذاقَةٍ عَجِلُ |
| جازَ حُدودَ اجتِهادِهِ فأتَى | غَيرَ اجتِهادٍ، لأمّهِ الهَبَلُ |
| أبْلَغُ ما يُطْلَبُ النّجاحُ به الـ | ـطّبْعُ وعندَ التّعَمّقِ الزّلَلُ |
| إرْثِ لهَا إنّها بمَا مَلَكَتْ | وبالذي قَدْ أسَلْتَ تَنْهَمِلُ |
| مِثْلُكَ يا بَدْرُ لا يَكونُ ولا | تَصْلُحُ إلاّ لِمثْلِكَ الدّوَلُ |