أَتى ثعالَة َ يوماً

أَتى ثعالَة َ يوماً من الضَّواحي حِمارُ
وقال إن كنتَ جاري حقاً ونعمَ الجار
قل لي فإني كئيبٌ مُفكرٌ مُحتار
في موْكِبِ الأَمسِ لمَّا سرنا وسارَ الكبار …
… طرَحْتُ مولاي أَرضاً فهل بذلك عار
وهل أتيتُ عظيماً ! فقال: لا يا حِمار!

بغلٌ أَتى الجوادَ ذات مَرَّهْ

بغلٌ أَتى الجوادَ ذات مَرَّهْ وقلبُهُ مُمتلِىء ٌ مَسَرَّهْ
فقال: فضلي قد بدا ياخِلِّي وآنَ أَن تعْرِفَ لي مَحلِّي
إذ كنتَ أَمْسِ ماشياً بجانبي تعجَبُ من رقصِي تَحت صاحبي
أختالُ ، حتى قالتِ العبادُ : لمنْمن الملوكِ ذا الجوادُ ؟
فضَحِكَ الحِصانُ من مقالِهِ وقال بالمعهودِ من دلالِهِ:
لم أرَ أرقصَ البغلِ تحتَ الغازي لكن سمعتُ نقرة المهمازِ!

سَمِعْتُ أَنَّ فأْرَة ً أَتاها

سَمِعْتُ أَنَّ فأْرَة ً أَتاها شقيقُها يَنعَى لها فَتاها
يصيحُ : يا لي من نحوسِ بختي مَنْ سَلَّط القِطَّ على ابنِ أُختي؟!
فوَلوَلتْ وعضَّتِ التُّرابَا وجمعتْ للمأتمِ الأترابا
وقالتِ : اليومَ انقضت لذَّاتي لا خيرَ لي بعدكَ في الحياة ِ
من لي بهرٍ مثلِ ذاك الهرِّ يُرِيحُني من ذا العذابِ المرِّ؟!
وكان بالقربِ الذي تريد يسمعُ ما تبدي وما تعيدُ
فجاءَها يقولُ: يا بُشْراكِ إن الذي دعوتِ قد لبَّاك !
ففَزِعت لما رأَته الفارَهْ واعتصمتْ منه ببيتِ الجاره
وأَشرفتْ تقولُ للسَّفيهِ: إن متُّ بعَ ابني فمنْ يبكيه ؟!

تَنازَعَ الغزالُ والخروفُ

تَنازَعَ الغزالُ والخروفُ وقال كلٌّ: إنه الظَّريف
فرأَيا التَّيْسَ؛ فظَنَّا أَنّه أعطاهُ عقلاً منْ أطالَ ذقنه !
فكلَّفاه أَن يُفَتِّشَ الفَلا عن حكمٍ له اعتبارٌ في الملا
ينظُرُ في دَعواهُما بالدِّقه عساهُ يُعطِي الحقَّ مُسْتحِقَّه
فسارَ للبحثِ بلا تواني مفتخرا بثقة ِ الإخوانِ
يقول: عِندي نظرة ٌ كبيرهْ ترفعُ شأنَ التيسِ في العشيره
وذاكَ أن أجدرَ الثناءِ بالصِّدْقِ ما جاءَ من الأَعداءِ
وإنني إذا دعوْتُ الذِّيبَا لا يستطيعانِ له تكذيبا
لكونه لا يعرفُ الغزالا وليس يُلقِي للخروفِ بالا
ثم أتى الذِّيبً ، فقال : طلبتي أنتَ ، فسرْ معي ، وخذْ بلحيتي !
وقادَه للموضِع المعروفِ فقامَ بين الظَّبيينِ بالأظافرِ
وقال للتيس : انطلقْ لشأنكا ما قتَل الخَصْمَيْن غيْرُ ذَقنكا!

من أَعجَبِ الأَخبارِ أنّ الأَرنبا

من أَعجَبِ الأَخبارِ أنّ الأَرنبا لمَّا رأَى الدِّيكَ يَسُبُّ الثعْلبا
وهوَ على الجدارِ في أمانِ يغلبُ بالمكانِ ، لا الإمكانِ
داخَلهُ الظنُّ بأَنّ الماكرا أمسى من الضّعفِ يطيقُ الساخرا
فجاءَهُ يَلْعَنُ مثل الأَوَّلِ عدادَ ما في الأرضِ من مغفَّلِ
فعصفَ الثعلبُ بالضعيفِ عصفَ أخيهِ الذِّيبِ بالخروف
وقال : لي في دمكَ المسفوكِ تسلية ٌ عن خيْبتي في الديكِ!
فالتفتَ الديكُ إلى الذبيح وقال قولَ عارِفٍ فصيح
ما كلَّنا يَنفعُهُ لسانُهْ في الناسِ مَن يُنطقُه مَكانُهْ!

كان ذئب يتغذى

كان ذئبٌ يتغذىفجرتْ في الزّوْر عَظمه
ألزمتهُ الصومَ حتىفَجعَتْ في الروح جسْمَهْ
فأَتى الثعلَبُ يبكيويُعزِّي فيه أُمَّه
قال : يا أمَّ صديقيبيَ مما بكِ عمَّهْ
فاصبري صبراً جميلاًإنْ صبرَ الأمِّ رحمة
فأجابتْ : يا ابنَ أختيكلُّ ما قد قلتَ حكمة
ما بيَ الغالي ، ولكنقولُهُم: ماتَ بِعظْمَه
ليْته مثلَ أَخيهماتَ محسوداً بتُخْمَة
قصيدة أحمد شوقي