يا رب، لك الحمد حين انبلج صبح اليقين |
وانجلى ليل دامس طال في صمت السنين |
عاد حميدان في ركب التقى والموقنين |
يمشي واثقا، وخطوه قبس للمهتدين |
نيف وعشرون عاما في أسر الجور والظالمين |
والصبر والدعوة نهج القلب، زاد المتقين |
ما فترته قيود البغي، لا سد ولا باب متين |
والقلب يرفع نجواه مع الركع الساجدين |
حتى أتاه الفرج الموعود، وعد الصابرين |
فانساب نور الله يجلو درب تلك السنين |
وتكسرت تلك الأغلال عن كفين طاهرتين |
واهتز بيت صبر دهرا مثل بيت القانتين |
تلك القرينة، درة العهد الوفي، تاج الصالحين |
شدت عرى الأسرة تحت لواء الثابتين |
ربت بنيها بحكمتها البيضاء قوما راشدين |
تمضي وتدعو، لا تمل، رجاء الموقنين |
حتى أتاها من لطيف فضله أجر المحسنين |
فذابت الأوجاع حين ضمها صدر الأمين |
وتهللت وجناتها كالعيد يوم العائدين |
وأزهرت الأنفس تبسما كروض الفاتحين |
وهتف الشعب في أرض السعود به مستبشرين |
وملأوا الأفق تلاوة وثناء الشاكرين |
قالوا: مع العسر يسران، وعد رب العالمين |
هذه البشائر لا تبرح في قلوب الصادقين |
والحمد يصدح ثم يهمس في صدور المؤمنين |
امضوا بثقة، رب العرش ناصر المظلومين |
ديوان
موقع الديوان شعر قصائد عربية مميزة Diwan الشعر العربي من العصر الجاهلي مرورا بالعصر العباسي و الأموي وصولا للعصر الحديث أشعار متنوعة.
طريق العلا
أيا قممَ العُلا، لا تسأليني |
عن العابرينَ بلا يقين |
أنا يا قممُ حلمتُ بعالمٍ |
يزهو بعزمِ المؤمنين |
رأيتُ الليلَ يرقبُ صبحهُ |
في مقلتيْ شوقٍ حزين |
وسمعتُ الريحَ تهمسُ للرُّبى |
أنشودةَ المجدِ الدفين |
فهبي يا ريحُ نارَ عواصفٍ |
تهزُّ عروشَ الظالمين |
وليكنِ الكونُ أغنيةً |
للحرِّ في كلِّ حين |
برائتي
وظننتُ أنّ القومَ مِثلي |
بطيبتي وبرائتي وحسنِ ظني |
فما كان القومَ الا قطيعٌ |
ينهشني حين اغيبُ وانجلي. |
عهد الأرض و الشهادة
يا مَن تَكَلَّمْتَ عَنْهُ المِحَنُ |
يا مَن تَكَالَبَتْ عَلَيْهِ المَنَاجِدُ |
يا قَلْبًا مُمْتَلِئًا بِالْهُمُومِ |
يا بَحْرًا يَطُوفُ بِهِ الْقُرُوشُ |
وَيَا أَحِبَّةَ خَلِيلِكَ |
وَجَمَالَ مَدَائِنِكَ |
يَافَا وَحَيْفَا وَغَزَّةُ |
وَيَا لِعَظَمَةِ مَكَانَتِ قُدْسِكَ |
وَيَا لِشِدَّةِ بَأْسِ مُقَاوَمَتِكَ |
عَلَى كُلِّ مُعْتَدٍ غَاصِبٍ |
يَسْتَبِيحُونَ أَرْضَنَا |
يَجْمَعُونَ قُوَى الْعَالَمِ |
بِحَمَاقَتِهِمْ وَسَذَاجَتِهِمْ |
يَظُنُّونَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ |
أَحَدٌ لِرَدْعِهِمْ |
وَاللَّهُ وَبِاللَّهِ وَتَاللَّهِ |
سَنَسْتَعِيدُهَا رَغْمَ عَنْ |
كُلِّ مُعْتَدٍ غَاصِبٍ |
فِدْيًا لِمَسْرَى رَسُولِنَا |
اِنتِقَامًا لِأَطْفَالِنَا وَنِسَائِنَا |
اِشْتِيَاقًا لِكُلِّ وَرَقَةٍ عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ |
فِي نَهْجِنَا إِمَّا النَّصْرُ وَإِمَّا الشَّهَادَةُ |
وَفِي نَهْجِهِمْ لَا يَعْرِفُونَ إِلَّا الْخَسَارَةُ |
نَصْرٌ لَنَا وَخَسَارَةٌ وَخِزْيٌ لَهُمْ |
الخِزْيُ لِكُلِّ مُتَصَهْيِنٍ مُتَخَاذِلٍ |
وَالنَّصْرُ لِكُلِّ فِدَائِيٍّ مُقَاوِمٍ |
بعينك لوعة القلب الرهين
بِعَينِكَ لَوعَةُ القَلبِ الرَهينِ | وَفَرطُ تَتابُعِ الدَمعِ الهَتونِ |
وَقَد أَصغَيتِ لِلواشينَ حَتّى | رَكَنتِ إِلَيهِمُ بَعضَ الرُكونِ |
وَلَو جازَيتِ صَبّاً عَن هَواهُ | لَكانَ العَدلُ أَلّا تَهجُريني |
نَظَرتُ وَكَم نَظَرتُ فَأقصَدَتني | فُجاءاتُ البُدورِ عَلى الغُصونِ |
وَرُبَّةَ نَظرَةٍ أَقلَعتُ عَنها | بِسُكرٍ في التَصابي أَو جُنونِ |
فَيا لِلَّهِ ما تَلقى القُلوبُ ال | هَوائِمُ مِن جِناياتِ العُيونِ |
وَقَد يَإِسَ العَواذِلُ مِن فُؤادٍ | لَجوجٍ في غَوايَتِهِ حَرونِ |
فَمَن يَذهَل أَحِبَّتَهُ فَإِنّي | كَفَيتُ مِنَ الصَبابَةِ ما يَليني |
وَلي بَينَ القُصورِ إِلى قُوَيقٍ | أَليفٌ أَصطَفيهِ وَيَصطَفيني |
يُعارِضُ ذِكرُهُ في كُلّ وَقتٍ | وَيَطرُقُ طَيفُهُ في كُلِّ حينِ |
لَقَد حَمَلَ الخِلافَةَ مُستَقِلٌّ | بِها وَبِحَقِّهِ فيها المُبينِ |
يَسوسُ الدينَ وَالدُنيا بِرَأيٍ | رِضىً للهِ في دُنيا وَدينِ |
تَناوَلَ جودُهُ أَقصى الأَماني | وَصَدَّقَ فِعلُهُ حُسنَ الظُنونِ |
فَما بِالدَهرِ مِن بَهجٍ وَحُسنٍ | وَما بِالعَيشِ مِن خَفضٍ وَلينِ |
وَلَم تُخلَق يَدُ المُعتَزِّ إِلّا | لِحَوزِ الحَمدِ بِالخَطَرِ الثَمينِ |
تَروعُ المالَ ضِحكَتُهُ إِذا ما | غَدا مُتَهَلِّلاً طَلقَ الجَبينِ |
أَمينَ اللَهِ وَالمُعطى تُراثَ ال | أَمينِ وَصاحِبُ البَلَدِ الأَمينِ |
تَتابَعَتِ الفُتوحُ وَهُنَّ شَتّى ال | أَماكِنِ في العِدى شَتّى الفُنونِ |
فَما تَنفَكُّ بُشرى عَن تَرَدّي | عَدُوٍّ خاضِعٍ لَكَ مُستَكينِ |
فِرارُ الكَوكَبِيِّ وَخَيلُ موسى | تُثيرُ عَجاجَةَ الحَربِ الزَبونِ |
وَفي أَرضِ الدَيالِمِ هامُ قَتلى | نِظامُ السَهلِ مِنها وَالحُزونِ |
وَقَد صَدَمَت عَظيمَ الرومِ عُظمى | مِنَ الأَحداثِ قاطِعَةُ الوَتينِ |
بِنُعمى اللَهِ عِندَكَ غَيرَ شَكٍّ | وَريحِكَ أَقصَدَتهُ يَدُ المَنونِ |
نُصِرتَ عَلى الأَعادي بِالأَعادي | غَداةَ الرومِ تَحتَ رَحىً طَحونِ |
يُقَتِّلُ بَعضُها بَعضاً بِضَربٍ | مُبينٍ لِلسَواعِدِ وَالشُؤونِ |
إِذِ الأَبدانُ ثَمَّ بِلا رُؤوسٍ | تَهاوى وَالسُيوفُ بِلا جُفونِ |
فَدُمتَ وَدامَ عَبدُ اللَهُ بَدرُ ال | دُجى في ضَوإِهِ وَحَيا الدُجونِ |
تُطيفُ بِهِ المَوالي حينَ يَبدو | إِطافَتَها بِمَعقِلِها الحَصينِ |
تَرى الأَبصارَ تُغضي عَن مَهيبٍ | وَقورٍ في مَهابَتِهِ رَكينِ |
جَوادٌ غَلَّسَت نُعماهُ فينا | وَلَم يُظهِر بِها مَطلَ الضَنينِ |
ظَنَنتُ بِهِ الَّتي سَرَّت صَديقي | فَكانَ الظَنُّ قُدّامَ اليَقينِ |
وَكُنتَ إِلَيهِ في وَعدٍ شَفيعي | فَصِرتَ عَلَيهِ في نُجحٍ ضَميني |
وَما وَلِيَ المَكارِمَ مِثلُ خِرقٍ | أَغَرَّ يَرى المَواعِدَ كَالدُيونِ |
وَصَلتَ بِيونُسَ بنِ بُغاءَ حَبلي | فَرُحتُ أَمُتُّ بِالسَبَبِ المَتينِ |
فَقَد بَوَّأتَني أَعلى مَحَلٍّ | شَريفٍ في المَكانِ بِكَ المَكينِ |
وَما أَخشى تَعَذرَ ما أُعاني | مِنَ الحاجاتِ إِذ أَمسى مُعيني |
وَإِنَّ يَدي وَقَد أَسنَدتَ أَمري | إِلَيهِ اليَومَ في يَدِكَ اليَمينِ |
أناة أيها الفلك المدار
أناةً أيُّها الفَلَكُ المُدارُ | أنَهبٌ ما تَطَرَّفُ أم جُبارُ |
سَتَفنى مِثلَ ما تُفني وَتَبلى | كَما تُبلي فَيُدرَكُ مِنكَ ثارُ |
تُنابُ النائِباتُ إِذا تَناهَت | وَيَدمُرُ في تَصَرُّفِهِ الدَمارُ |
وَما أَهلُ المَنازِلِ غَيرُ رَكبٍ | مَطاياهُم رَواحٌ وَاِبتِكارُ |
لَنا في الدَهرِ آمالٌ طِوالٌ | نُرَجّيها وَأَعمارٌ قِصارُ |
وَأَهوِن بِالخُطوبِ عَلى خَليعٍ | إِلى اللَذاتِ لَيسَ لَهُ عِذارُ |
فَآخِرُ يَومِهِ سُكرٌ تَجَلّى | غَوايَتُهُ وَأَوَّلُهُ خُمارُ |
وَيَومٍ بِالمَطيرَةِ أَمطَرَتنا | سَماءٌ صَوبُ وابِلِها العُقارُ |
نَزَلنا مَنزِلَ الحَسَنِ بنِ وَهبٍ | وَقَد دَرَسَت مَغانِهِ القِفارُ |
تَلَقَّينا الشِتاءَ بِهِ وَزُرنا | بَناتَ اللَهوِ إِذ قَرُبَ المَزارُ |
أَقَمنا أَكلُنا أَكلُ اِستِلابٍ | هُناكَ وَشُربُنا شُربٌ بِدارُ |
تَنازَعنا المُدامَةَ وَهيَ صِرفٌ | وَأَعجَلنا الطَبائِخَ وَهيَ نارُ |
وَلَم يَكُ ذاكَ سُخفاً غَيرَ أَنّي | رَأَيتُ الشَربَ سُخفُهُمُ الوَقارُ |
رَضينا مِن مُخارِقَ وَاِبنِ خَيرٍ | بِصَوتِ الأَثلِ إِذ مَتَعَ النَهارُ |
تُزَعزِعُهُ الشَمالُ وَقَد تَوافى | عَلى أَنفاسِها قَطرٌ صِغارُ |
غَداةَ دُجُنَّةٍ لِلغَيثِ فيها | خِلالَ الرَوضِ حَجٌّ وَاِعتِمارُ |
كَأَنَّ الريحَ وَالمَطَرَ المُناجي | خَواطِرَها عِتابٌ وَاِعتِذارُ |
كَأَنَّ مُدارَ دِجلَةَ إِذ تَوافَت | بِأَجمَعِها هِلالٌ أَو سِوارُ |
أَما وَأَبي بَني حارِ بنِ كَعبٍ | لَقَد طَرَدَ الزَمانُ بِهِم فَساروا |
أَصابَ الدَهرُ دَولَةَ آلِ وَهبٍ | وَنالَ اللَيلُ مِنهُم وَالنَهارُ |
أَعارَهُمُ رِداءَ العِزِّ حَتّى | تَقاضاهُم فَرَدّوا ما اِستَعاروا |
وَما كانوا فَأَوجُهُهُم بُدورٌ | لِمُختَبِطٍ وَأَيدِهِم بِحارُ |
وَإِنَّ عَوائِدَ الأَيّامِ فيها | لِما هاضَت بَوادِؤُها اِنجِبارُ |