عَلَى “الأَفْلاجِ” مَنْ يَمْشِي وَحِيدا |
وَ لَوْنُ القَهْرِ قَدْ غَطَّى |
جَبِيناً ضَمَّ ألواحاً |
رَعَاها التِّيهْ فِي زَمَنٍ |
وَ كَسَّرَهَا عَلى غَضَبٍ |
وَ يَبْكِي كُلَّ مَنْ عَبَدَ الحَدِيدَ |
•••••• |
غَرِيبٌ فِي “مُزُوْنَ” رًوَى قَصِيدَةْ |
يُغَنِّي عِزَّةً بُتِرَتْ |
كَغُصنٍ ضَاقَ بالثَّمَرِ |
فَخَانُوهُ عَلى جَهْلٍ |
وَ خَلُّوا النَّار تَحضُنُهُ |
وَ تُردِيهِ كَمَا تُردِي جَرِيدا |
•••••• |
وَ يَرمِي نَظْرَةّ تُبْقِيهِ حَيْدا |
بِحَارٌ ذَاقَتِ الحُلمَ |
فَأدمَنَتِ الحِكاياتِ |
وَ نَظْرَتُهُ تُسَلِّيهَا |
وَ شَهْوَتُها تُغَذِّيهِ |
لِأَنْ يَحيَا وَ يَنْتَظِرَ المَزِيدَ |
أحمد محي الدين عرندس
قصائد الشاعر العربي أحمد محي الدين عرندس في مكتبة قصائد العرب.
تبت يد الشعراء
تَبَّتْ يَدُ الشُّعراءِ بَلْ أَفواهُهُمْ |
أنَّى لَهُمْ أَسرَ الجَمَالِ بِقَافِيةْ |
مَا أَخذَلَ الحَرفِ الّذي حَالَفتُهُ |
وَ أَمَامَها هَا قَد بَدَى “لا” نَافِيَةْ |
ضَاعَتْ حُرُوفِيَ مِنْ لِسانِيَ رَهْبَةً |
و استَوحَشَتْ لُغَتِي وَ فَرَّتْ حَافِيَةْ |
وَ لَجَأتُ لِلقَلْبِ الّذَي مَا عَادَ لِي |
فَأحَالَنِي نَحوَ العُيُون الرَّافِيَةْ |
فَأَعَادَ حَاءٌ وَصلَهُ مَع بَائِهِ |
وَ بِرَايَةِ القَلبِ اِستَعَدتُ الجَافِيَةْ |
فَنَظَرتُهَا مُتَجَلِّداً مُتَحَيِّزاً |
لِلعَبقَرِيِّ وَ مَا أَتَى مِنْ خَافِيَةْ |
وَ رَأيتُ فِيها مَا عَلِمتُ وَ هَزَّنِي |
وَ نَهَرتُ صَمْتِي فَاستَحَالَ لِقَافِيَةْ |
فَالشِّعر ليلٌ مِنْ هُمُومٍ حَالِكٌ |
أَودَى بِقَلبِيَ وَ استَدَنتُ العَافِيَةَ |
الصُّبحُ زَيفٌ دُونَ خَلْعِ نِقَابِهَا |
و النَّارُ صَنْعَتُهَا لِتُقْبَسَ صَافِيَةْ |
وَ الأَنْفُ عِزٌ و اِفتِخَار مَلِيكَةٍ |
زُخِمَتْ حِمَاهَا بِالرُّفاتِ السَّافِيَةْ |
و الكَونُ سِجْنٌ لِلأَسِيرِ لِلَحظِهَا |
وَ الرِّمشُ سَوطٌ لا تَرُدُّه غَافِيَةْ |
وَ الثَّغْرُ يَاقُوتٌ يُغَطِّي لُؤلُؤاً |
تَكْفِي ابتِسَامَتُها وَ تُوصَفُ شَافِيَةْ |
و النَّحرُ مِحرَابٌ بِجِيْدٍ قُدِّمَت |
قُربانُه رُوحِي عَسَاهَا كَافِيَةَ |
نعي
آهٍ عَـلَى نَـفْـسٍ رَمَـتْ آمَالَهَا | في قَفْـرِ شَـقْوَتِها وَ وَادِيها السَّحيقْ |
قَوْلِي يَـكَادُ يَـخُوْنُـنِي رِفْقاً بِهَا | فَأَعُـودُ أَلْجُـمُهُ فَزَيْـفِيَ لَا يَلِيقْ |
نَعْيِـي لِنَفْسِي مَا أردت بُلُوْغَهَا | مِنِّي فَطُفْتُ عَلَى القَوَافِـلِ وَ الفَرِيقْ |
نَادَيْـتُهُم مَـنْ مُـنْشِدٌ عَنِّي لَهَا | قَالُوا لِـحَادِيْهم : أَلَا أَنْتَ الوَثِـيـقْ |
يَا حَادِيَ الظَعْن المُيَمِّمُ أَرْضَها | أَوْقِدْ عَلَى الحُزْنِ القُلُوْبَ عَلَى الطَرِيق |
أوْقِـدْ وَ لَا تَخْـشَ النَفَادَ فُحُبُّـهَا | يَجْنِي دُمُوعِـي خَازِنَاً دَنَّـاً عَتِيـقْ |
حُـزْنِي كَنَارٍ لِلأَكَاسِـرِ صَانَهَا | بًعْـدُ الدِّيَـارِ وَ سَــادِنٌ قَلْـبٌ رَقِيـقْ |
حُـزْنِي كَنارٍ لَا يَخِـفُّ أَوَارُهَـا | تكْفِيْكَ دَهْراً فِي المَـسِيْرِ وَ لَنْ تُطِيـقْ |
كَيْـفَ الـسَّبِيْلُ لِمَـنْ يُـرَنِّمُ ذِكْرَهَا | أَنْ لَا يَقُـولَ الآهَ حُـزْناً يَا صَدِيـق |
وَ إِذَا مررَتَ بِحَيِّهَا قِفْ قُلْ لَهَا | ضَاعَ المُتَيَّمُ فِي هَـوَاكِ بِلا رَفِيـقْ |
ذَهَبَ الوقار بِكَأسِ هَجْرٍ ذَاقَهَا | وَ صَحَا جُنُونٌ يَنْزِفُ الشِّعْرَ الحَرِيقْ |
قَالَ الدُّمُوعَ وَ قَالَ رُوْحاً مَا سَهَا | عَـنْ نَزْفِهَا ألماً و قهراً كالغريقْ |
كَالرَّمْلِ يَهْجُرُ سَاعَةً هُوَ عُمْرُهَا | إِنَّ الأُفُولَ لِكَوْكَبٍ يَـرِثُ البَرِيقْ |
أبليت دمعي
أبْلَيْتُ دَمْعِي وَ اَسْتَدَنْتُ مِنَ العَمَى | حَتَّى اِبْيِضَاض العَيْنِ نَالَهُ مَغْرَمِي |
وَ شَكَى فِعَالِي مَنْ يَنُوءُ بِصُحْبَتِي | وَ أَعَادَ جَلْدِي بِالعُيُونِ وَ بِالفَمِ |
يَغْتَابُ عَيْنِي كَالضّنِينِ القَيِّمِ | وّ يَحَارُ فِي بَذْلِ الـدُّمُوعِ معَ الدَّمِ |
وَ يَغَارُ مِنْ أَلَمٍ نَمَا فِي خَافِقي | أَعْيَاهُ أَنْ يَرْضَى جَلاءَ الغَارِمِ |
حَـتَّى إِذَا خَاصَـمْتُهُ وَ نَهَرْتُهُ | آوَاهُ قلْبِي وَ اسْتَجَارَ ليَحْتَـمِي |
فَهَجَرْتُهُ وَ سِرْتُ دُوْنَهُ هَائِماً | وَ ظَـنَـنْـتُ نَفْسِي لِلفرَاقِ سَأَنْتَمِي |
لَكِنَّ صَـبْرِي مَا أَطَاعَ مَزَاعِـمِي | وَ أَنَاخَ فِي أَعْـتَابِهِ قَالَ اِرْتَمِ |
وَ لَحَانِي قَلْبِي بِالشَّدِيدِ وَ قَالَ لِيْ : | إِخْضَعْ لهُ فالكَسْـرُ فِيـهِ مَغْنَمِي |
ثمالة العمر
عِندي مِنَ الهمِّ ما يُدمِي و ما يَسِمُ | ثُمالةُ العمرِ أبقاها ردىً وَجِمُ |
و الخوفُ عنَّاهُ قلبٌ عافَهُ فَنَجا | و استخلفَ القَهرَ في نَفسٍ بها نَهَمُ |
سَيفُ الحنينِ صَلَى جَنبِي فَما خُرقتْ | لا الموتُ يقدرُ و لا الأوجاعُ تُلتَهَمُ |
رُوحِي تَئِّنُ على أرضي و لِيْ أملٌ | أيَّانَ أفياءَها تأوي و تَلتَثِم |
لِي في الشَّٱم جذور ما لها بَدلٌ | لي في الشَّٱم عيونٌ دُونَها السِّقَمُ |
وجد
جُدْ يَا عَفُوُّ رِضَىً فَالقَلبُ قَد طَفِقَا | يُزْجِي البَلايَا إذا أَعياهُ مَا وُسَقَا |
رَبَّاهُ إِنِّي عَلى عَهْدِي فلا سندٌ | إِلَّاكَ يَعصِمُ مِنْ هَمِّي الّذِي وَثُقَا |
الذِّكْرُ مُلْتَحَدِي أغشاه إن رجعت | لي صَولةُ البَيْنِ و انصاعت لمن غَسَقَا |
لَيلٌ يُبَوِئُنِي حِصناً كَمُحْرَقَةٍ | وَ الخَوف وَ الوَلهُ ضَيفانِ قَدْ طَرَقا |
يا سَادِنَ البُعْدِ أًوقِدْ كُلَّ فِتْنَتِهُ | قَلبِي تَفَأَّدَ و الرَّانُ الّذِي اِحتَرَقَا |
و الصُّبحُ آتٍ فَلا تَرمِوا حَبَائِلكم | وَ البَيْنُ خَصْمِي عَلى عُمْرِي فَقَدْ سَرَقَا |
أَضْرِمْ لَظَاكَ وَ لا عُتْبَى لِمَن حُرِقَا | مَنْ عَاشَ ظُلمَكَ لا شَاقَى وَ لا أَبَقَا |
يَا وَاتِرَ الرُّوحِ في نَفْسٍ وَ فِي جَسَدٍ | أيَّانَ فُرقَتُنا يَا بُعدَ مَنْ عَشِقَا |
جُدْ يَا رَحِيمُ عَلى أَهْلِي فَأنْتَ لَهَا | لا بَيْتَهم عَمَروا و الظَّعنٌ مَا ارتَفَقَا |
عَاثَتْ بِهِمْ عِلَلٌ وَ استَوطَنُوا خِرَبَاً | و الظُّلمُ ظَلَّلَهُمْ وَ القَهْرُ قَدْ عَلِقَا |
يَا فَارِج الهَمِّ هَلْ للشَّامِ مِنْ فَرَحٍ | يَا مُنزِلَاً ظَفَراً لِلعَبدِ مَا صَدَقَا |
تُبْ يَا غَفُورُ عَلَيَّ الآنَ مِنْ خَطَلٍ | أوْ مِنْ هَوَىً سَكِرَتْ نَفْسِي بِهِ بِلُقَى |
وَ الوَجْدُ فِيَّ شَفَى رُوحِي بِلا شَطَطٍ | مِثْلَ الأُسَاةِ يُدَاوُوا الجِسْمَ إِنْ صُلِقَا |
مَا لِلغَرِيبِ حَياةٌ دُوْنَ مَنْ عَشِقَ | أَنتَ الحَبِيبُ وَ قَلِْبي بِالرِضَى عَبَقَا |