| وَصَفْتَ لَنَا، وَلم نَرَهُ، سِلاحاً | كأنّكَ وَاصِفٌ وَقْتَ النّزالِ |
| وَأنّ البَيْضَ صُفّ عَلى دُرُوعٍ | فَشَوّقَ مَنْ رَآهُ إلى القِتَالِ |
| وَلَوْ أطْفَأتَ نَارَكَ تا لَدَيْهِ | قَرَأتَ الخَطّ في سُودِ اللّيَالي |
| وَلَوْ لحَظَ الدُّمُسْتُقُ حَافَتَيْهِ | لَقَلّبَ رَأيَهُ حَالاً لحَالِ |
| إنِ اسْتَحْسَنْتَ وَهْوَ على بِساطٍ | فأحسَنُ ما يكُونُ عَلى الرّجالِ |
قصيدة المتنبي
أروع أبيات الشعر العربي للشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي قصيدة المتنبي الرائعة من أجمل القصائد.
ليالي بعد الظاعنين شكول
| لَيَاليّ بَعْدَ الظّاعِنِينَ شُكُولُ | طِوالٌ وَلَيْلُ العاشِقينَ طَويلُ |
| يُبِنَّ ليَ البَدْرَ الذي لا أُريدُهُ | وَيُخْفِينَ بَدْراً مَا إلَيْهِ سَبيلُ |
| وَمَا عِشْتُ مِنْ بَعدِ الأحِبّةِ سَلوَةً | وَلَكِنّني للنّائِبَاتِ حَمُولُ |
| وَإنّ رَحِيلاً وَاحِداً حَالَ بَيْنَنَا | وَفي المَوْتِ مِنْ بَعدِ الرّحيلِ رَحيلُ |
| إذا كانَ شَمُّ الرَّوحِ أدْنَى إلَيْكُمُ | فَلا بَرِحَتْني رَوْضَةٌ وَقَبُولُ |
| وَمَا شَرَقي بالمَاءِ إلاّ تَذكّراً | لمَاءٍ بهِ أهْلُ الحَبيبِ نُزُولُ |
| يُحَرّمُهُ لَمْعُ الأسِنّةِ فَوْقَهُ | فَلَيْسَ لِظَمْآنٍ إلَيْهِ وُصُولُ |
| أما في النّجوم السّائراتِ وغَيرِهَا | لِعَيْني عَلى ضَوْءِ الصّباحِ دَليلُ |
| ألمْ يَرَ هذا اللّيْلُ عَيْنَيْكِ رُؤيَتي | فَتَظْهَرَ فيهِ رِقّةٌ وَنُحُولُ |
| لَقيتُ بدَرْبِ القُلّةِ الفَجْرَ لَقْيَةً | شَفَتْ كَبِدي وَاللّيْلُ فِيهِ قَتيلُ |
| وَيَوْماً كأنّ الحُسْنَ فيهِ عَلامَةٌ | بعَثْتِ بهَا والشّمسُ منكِ رَسُولُ |
| وَما قَبلَ سَيفِ الدّوْلَةِ کثّارَ عاشِقٌ | ولا طُلِبَتْ عندَ الظّلامِ ذُحُولُ |
| وَلَكِنّهُ يَأتي بكُلّ غَريبَةٍ | تَرُوقُ عَلى استِغْرابِها وَتَهُولُ |
| رَمَى الدّرْبَ بالجُرْدِ الجيادِ إلى العِدى | وَما عَلِمُوا أنّ السّهامَ خُيُولُ |
| شَوَائِلَ تَشْوَالَ العَقَارِبِ بالقَنَا | لهَا مَرَحٌ مِنْ تَحْتِهِ وَصَهيلُ |
| وَما هيَ إلاّ خَطْرَةٌ عَرَضَتْ لَهُ | بحَرّانَ لَبّتْهَا قَناً وَنُصُولُ |
| هُمَامٌ إذا ما هَمّ أمضَى هُمُومَهُ | بأرْعَنَ وَطْءُ المَوْتِ فيهِ ثَقيلُ |
| وَخَيْلٍ بَرَاهَا الرّكضُ في كلّ بلدةٍ | إذا عَرّسَتْ فيها فلَيسَ تَقِيلُ |
| فَلَمّا تَجَلّى مِنْ دَلُوكٍ وَصَنْجةٍ | عَلَتْ كلَّ طَوْدٍ رَايَةٌ وَرَعيلُ |
| على طُرُقٍ فيها على الطُّرْقِ رِفْعَةٌ | وَفي ذِكرِها عِندَ الأنيسِ خُمُولُ |
| فَمَا شَعَرُوا حَتى رَأوْهَا مُغِيرَةً | قِبَاحاً وَأمّا خَلْقُها فَجَميلُ |
| سَحَائِبُ يَمْطُرْنَ الحَديدَ علَيهِمِ | فكُلُّ مَكانٍ بالسّيوفِ غَسيلُ |
| وَأمْسَى السّبَايَا يَنْتَحِبنَ بعِرْقَةٍ | كأنّ جُيُوبَ الثّاكِلاتِ ذُيُولُ |
| وَعادَتْ فَظَنّوهَا بمَوْزَارَ قُفّلاً | وَلَيسَ لهَا إلاّ الدّخولَ قُفُولُ |
| فَخاضَتْ نَجيعَ القَوْمِ خَوْضاً كأنّهُ | بكُلِّ نَجيعٍ لمْ تَخُضْهُ كَفيلُ |
| تُسايِرُها النّيرانُ في كلّ مَنزِلٍ | بهِ القوْمُ صَرْعَى والدّيارُ طُلولُ |
| وَكَرّتْ فمَرّتْ في دِماءِ مَلَطْيَةٍ | مَلَطْيَةُ أُمٌّ للبَنِينَ ثَكُولُ |
| وَأضْعَفْنَ ما كُلّفْنَهُ مِنْ قُباقِبٍ | فأضْحَى كأنّ الماءَ فيهِ عَليلُ |
| وَرُعْنَ بِنَا قَلْبَ الفُراتِ كأنّمَا | تَخِرُّ عَلَيْهِ بالرّجالِ سُيُولُ |
| يُطارِدُ فيهِ مَوْجَهُ كُلُّ سابحٍ | سَواءٌ عَلَيْهِ غَمْرَةٌ وَمسيلُ |
| تَراهُ كأنّ المَاءَ مَرّ بجِسْمِهِ | وَأقْبَلَ رَأسٌ وَحْدَهُ وتَليلُ |
| وَفي بَطْنِ هِنريطٍ وَسِمْنينَ للظُّبَى | وَصُمِّ القَنَا مِمّنْ أبَدْنَ بَدِيلُ |
| طَلَعْنَ عَلَيْهِمْ طَلْعَةً يَعْرِفُونَها | لهَا غُرَرٌ مَا تَنْقَضِي وَحُجُولُ |
| تَمَلُّ الحُصُونُ الشُّمُّ طُولَ نِزالِنَا | فَتُلْقي إلَيْنَا أهْلَهَا وَتَزُولُ |
| وَبِتْنَ بحصْنِ الرّانِ رَزْحَى منَ الوَجى | وَكُلُّ عَزيزٍ للأمِيرِ ذَلِيلُ |
| وَفي كُلِّ نَفْسٍ ما خَلاهُ مَلالَةٌ | وَفي كُلِّ سَيفٍ ما خَلاهُ فُلُولُ |
| وَدُونَ سُمَيْساطَ المَطامِيرُ وَالمَلا | وَأوْدِيَةٌ مَجْهُولَةٌ وَهُجُولُ |
| لَبِسْنَ الدّجَى فيها إلى أرْضِ مرْعَشٍ | وَللرّومِ خَطْبٌ في البِلادِ جَليلُ |
| فَلَمّا رَأوْهُ وَحْدَهُ قَبْلَ جَيْشِهِ | دَرَوْا أنّ كلَّ العالَمِينَ فُضُولُ |
| وَأنّ رِمَاحَ الخَطّ عَنْهُ قَصِيرَةٌ | وَأنّ حَديدَ الهِنْدِ عَنهُ كَليلُ |
| فأوْرَدَهُمْ صَدْرَ الحِصانِ وَسَيْفَهُ | فَتًى بأسُهُ مِثْلُ العَطاءِ جَزيلُ |
| جَوَادٌ عَلى العِلاّتِ بالمالِ كُلّهِ | وَلَكِنّهُ بالدّارِعِينَ بَخيلُ |
| فَوَدّعَ قَتْلاهُمْ وَشَيّعَ فَلَّهُمْ | بضَرْبٍ حُزُونُ البَيضِ فيهِ سُهولُ |
| على قَلْبِ قُسْطَنْطينَ مِنْهُ تَعَجّبٌ | وَإنْ كانَ في ساقَيْهِ مِنْهُ كُبُولُ |
| لَعَلّكَ يَوْماً يا دُمُسْتُقُ عَائِدٌ | فَكَمْ هارِبٍ مِمّا إلَيْهِ يَؤولُ |
| نَجَوْتَ بإحْدَى مُهْجَتَيْكَ جرِيحةً | وَخَلّفتَ إحدى مُهجَتَيكَ تَسيلُ |
| أتُسْلِمُ للخَطّيّةِ ابنَكَ هَارِباً | وَيَسْكُنَ في الدّنْيا إلَيكَ خَليلُ |
| بوَجْهِكَ ما أنْساكَهُ مِنْ مُرِشّةٍ | نَصِيرُكَ منها رَنّةٌ وَعَوِيلُ |
| أغَرّكُمُ طولُ الجُيوشِ وَعَرْضُهَا | عَليٌّ شَرُوبٌ للجُيُوشِ أكُولُ |
| إذا لم تَكُنْ للّيْثِ إلاّ فَريسَةً | غَذاهُ وَلم يَنْفَعْكَ أنّكَ فِيلُ |
| إذا الطّعْنُ لم تُدْخِلْكَ فيهِ شَجاعةٌ | هيَ الطّعنُ لم يُدخِلْكَ فيهِ عَذولُ |
| وَإنْ تَكُنِ الأيّامُ أبْصَرْنَ صَوْلَهُ | فَقَدْ عَلّمَ الأيّامَ كَيفَ تَصُولُ |
| فَدَتْكَ مُلُوكٌ لم تُسَمَّ مَوَاضِياً | فإنّكَ ماضِي الشّفْرَتَينِ صَقيلُ |
| إذا كانَ بَعضُ النّاسِ سَيفاً لدَوْلَةٍ | فَفي النّاسِ بُوقاتٌ لهَا وطُبُولُ |
| أنَا السّابِقُ الهادي إلى ما أقُولُهُ | إذِ القَوْلُ قَبْلَ القائِلِينَ مَقُولُ |
| وَما لكَلامِ النّاسِ فيمَا يُريبُني | أُصُولٌ ولا للقائِليهِ أُصُولُ |
| أُعَادَى على ما يُوجبُ الحُبَّ للفَتى | وَأهْدَأُ وَالأفكارُ فيّ تَجُولُ |
| سِوَى وَجَعِ الحُسّادِ داوِ فإنّهُ | إذا حلّ في قَلْبٍ فَلَيسَ يحُولُ |
| وَلا تَطْمَعَنْ من حاسِدٍ في مَوَدّةٍ | وَإنْ كُنْتَ تُبْديهَا لَهُ وَتُنيلُ |
| وَإنّا لَنَلْقَى الحادِثاتِ بأنْفُسٍ | كَثيرُ الرّزايا عندَهنّ قَليلُ |
| يَهُونُ عَلَيْنَا أنْ تُصابَ جُسُومُنَا | وَتَسْلَمَ أعْراضٌ لَنَا وَعُقُولُ |
| فَتيهاً وَفَخْراً تَغْلِبَ ابْنَةَ وَائِلٍ | فَأنْتِ لخَيرِ الفاخِرِينَ قَبيلُ |
| يَغُمُّ عَلِيّاً أنْ يَمُوتَ عَدُوُّهُ | إذا لم تَغُلْهُ بالأسِنّةِ غُولُ |
| شَريكُ المَنَايَا وَالنّفُوسُ غَنيمَةٌ | فَكُلُّ مَمَاتٍ لم يُمِتْهُ غُلُولُ |
| فإنْ تَكُنِ الدّوْلاتُ قِسْماً فإنّهَا | لِمَنْ وَرَدَ المَوْتَ الزّؤامَ تَدُولُ |
| لِمَنْ هَوّنَ الدّنْيا على النّفسِ ساعَةً | وَللبِيضِ في هامِ الكُماةِ صَليلُ |
إن كنت عن خير الأنام سائلا
| إنْ كنتَ عَنْ خَيرِ الأنَامِ سَائِلا | فَخَيْرُهُمْ أكثَرُهُمْ فَضائِلا |
| مَن أنتَ مِنهمْ يا هُمامَ وَائِلا | ألطّاعِنِينَ في الوَغَى أوَائِلا |
| وَالعاذِلِينَ في النّدَى العَواذِلا | قد فَضَلوا لفَضْلِكَ القَبَائِلا |
دروع لملك الروم هذي الرسائل
| دُرُوعٌ لمَلْكِ الرّومِ هذي الرّسائِلُ | يَرُدّ بهَا عَنْ نَفْسِهِ وَيُشَاغِلُ |
| هيَ الزّرَدُ الضّافي علَيْهِ وَلَفْظُها | عَلَيْكَ ثَنَاءٌ سَابِغٌ وَفَضائِلُ |
| وَأنّى اهْتَدَى هذا الرّسُولُ بأرْضِهِ | وَما سكَنَتْ مذْ سرْتَ فيها القساطِلُ |
| وَمن أيّ ماءٍ كانَ يَسقي جِيادَهُ | وَلم تَصْفُ مِن مَزْجِ الدّماءِ المَناهِلُ |
| أتَاكَ يكادُ الرّأسُ يَجْحَدُ عُنقَهُ | وَتَنْقَدّ تحتَ الدّرْعِ منهُ المَفَاصِلُ |
| يُقَوِّمُ تَقْوِيمُ السِّماطَينِ مَشْيَهُ | إلَيكَ إذا ما عَوّجَتْهُ الأفَاكِلُ |
| فَقَاسَمَكَ العَينَينِ منهُ وَلَحْظَهُ | سَمِيُّكَ وَالخِلُّ الذي لا تُزَايِلُ |
| وَأبصَرَ منكَ الرّزْقَ وَالرّزْقُ مُطمِعٌ | وَأبصَرَ منهُ المَوْتَ وَالمَوْتُ هَائِلُ |
| وَقَبّلَ كُمّاً قَبّلَ التُّرْبَ قَبْلَهُ | وَكُلُّ كَميٍّ وَاقِفٌ مُتَضائِلُ |
| وَأسْعَدُ مُشتاقٍ وَأظْفَرُ طَالِبٍ | هُمَامٌ إلى تَقبيلِ كُمّكَ وَاصِلُ |
| مَكانٌ تَمنّاهُ الشّفَاهُ وَدونَهُ | صُدورُ المَذاكي وَالرّماحُ الذّوَابِلُ |
| فَما بَلّغَتْهُ ما أرَادَ كَرامَةٌ | عَلَيْكَ وَلَكِنْ لم يخِبْ لكَ سائِلُ |
| وَأكْبَرَ مِنْهُ هِمّةً بَعَثَتْ بِهِ | إلَيْكَ العِدى وَاستَنظَرَته الجَحافِلُ |
| فأقْبَلَ مِنْ أصْحابِهِ وَهوَ مُرْسَلٌ | وَعادَ إلى أصْحابِهِ وَهْوَ عاذِلُ |
| تَحَيّرَ في سَيْفٍ رَبيعَةُ أصْلُهُ | وَطابِعُهُ الرّحْم?نُ وَالمَجدُ صاقِلُ |
| وَمَا لَوْنُهُ مِمّا تُحَصّلُ مُقْلَةٌ | وَلا حَدُّهُ مِمّا تَجُسُّ الأنامِلُ |
| إذا عايَنَتْكَ الرُّسْلُ هانَتْ نُفُوسُها | عَلَيْها وَما جاءَتْ بهِ وَالمُرَاسِلُ |
| رَجَا الرّومُ مَنْ تُرْجى النّوَافلُ كلّها | لَدَيهِ وَلا تُرْجى لدَيهِ الطّوَائِلُ |
| فإنْ كانَ خوْفُ القَتلِ وَالأسرِ ساقَهم | فقَد فعَلوا ما القَتلُ وَالأسرُ فاعِلُ |
| فخافُوكَ حتى ما لقَتلٍ زِيادَةٌ | وَجاؤوكَ حتى ما تُرَادُ السّلاسِلُ |
| أرَى كُلَّ ذي مُلْكٍ إلَيكَ مَصِيرُهُ | كأنّكَ بَحْرٌ وَالمُلُوكُ جَداوِلُ |
| إذا مَطَرَتْ مِنهُمْ ومنكَ سَحائِبٌ | فَوَابِلُهُمْ طَلٌّ وَطَلُّكَ وَابِلُ |
| كريمٌ متى اسْتُوهِبْتَ ما أنتَ رَاكبٌ | وَقد لَقِحتْ حَرْبٌ فإنّكَ نازِلُ |
| أذا الجُودِ أعْطِ النّاسَ ما أنتَ مالكٌ | وَلا تُعْطِيَنّ النّاسَ ما أنَا قائِلُ |
| أفي كلّ يوْمٍ تحتَ ضِبْني شُوَيْعِرٌ | ضَعيفٌ يُقاويني قَصِيرٌ يُطاوِلُ |
| لِساني بنُطْقي صامِتٌ عنهُ عادِلٌ | وَقَلبي بصَمتي ضاحِكٌ منهُ هازِلُ |
| وَأتْعَبُ مَنْ ناداكَ مَنْ لا تُجيبُهُ | وَأغيَظُ مَنْ عاداكَ مَن لا تُشاكلُ |
| وَما التّيهُ طبّي فيهِمِ غَيرَ أنّني | بَغيضٌ إليّ الجاهِلُ المُتَعَاقِلُ |
| وَأكْبَرُ تيهي أنّني بكَ وَاثِقٌ | وَأكْثَرُ مالي أنّني لَكَ آمِلُ |
| لَعَلّ لسَيْفِ الدّوْلَةِ القَرْمِ هَبّةً | يَعيشُ بها حَقٌّ وَيَهلِكُ باطِلُ |
| رَمَيْتُ عِداهُ بالقَوافي وَفَضْلِهِ | وَهُنّ الغَوَازي السّالماتُ القَوَاتِلُ |
| وقَدْ زَعَمُوا أنّ النّجومَ خَوالِدٌ | وَلَوْ حارَبَتْهُ نَاحَ فيها الثّواكِلُ |
| وَمَا كانَ أدْناها لَهُ لَوْ أرَادَهَا | وَألْطَفَهَا لَوْ أنّهُ المُتَنَاوِلُ |
| قَريبٌ عَلَيْهِ كُلُّ ناءٍ على الوَرَى | إذا لَثّمَتْهُ بالغُبَارِ القَنَابِلُ |
| تُدَبّرُ شرْقَ الأرْض وَالغرْبَ كَفُّهُ | وَلَيسَ لها وَقْتاً عنِ الجُودِ شَاغِلُ |
| يُتَبِّعُ هُرّابَ الرّجالِ مُرَادَهُ | فَمَنْ فَرّ حَرْباً عارَضَتْهُ الغَوَائِلُ |
| وَمَنْ فَرّ مِنْ إحْسَانِهِ حَسَداً لَهُ | تَلَقّاهُ منْهُ حَيثُما سارَ نَائِلُ |
| فَتًى لا يَرَى إحْسانَهُ وَهْوَ كامِلٌ | لهُ كامِلاً حتى يُرَى وهوَ شَامِلُ |
| إذا العَرَبُ العَرْباءُ رَازَتْ نُفُوسَها | فأنْتَ فَتَاهَا وَالمَليكُ الحُلاحِلُ |
| أطاعَتْكَ في أرْوَاحِهَا وَتَصَرّفَتْ | بأمرِكَ وَالتَفّتْ عَلَيْكَ القَبَائِلُ |
| وَكُلُّ أنَابِيبِ القَنَا مَدَدٌ لَهُ | وَما يَنكُتُ الفُرْسانَ إلاّ العَوَامِلُ |
| رَأيتُك لوْ لم يَقتَضِ الطّعنُ في الوَغى | إلَيكَ انقِياداً لاقتَضَتْهُ الشّمائِلُ |
| وَمَنْ لم تُعَلّمْهُ لكَ الذّلَّ نَفْسُهُ | منَ النّاسِ طُرّاً عَلّمَتْهُ المَناصِلُ |
إن يكن صبر ذي الرزيئة فضلا
| إنْ يكُنْ صَبرُ ذي الرّزيئَةِ فَضْلا | تكُنِ الأفضَلَ الأعَزّ الأجَلاّ |
| أنتَ يا فوْقَ أنْ تُعَزّى عنِ الأحـ | ـبابِ فوْقَ الذي يُعزّيكَ عَقْلا |
| وَبألفاظِكَ اهْتَدَى فإذا عَزّ | اكَ قَالَ الذي لَهُ قُلتَ قَبْلا |
| قَدْ بَلَوْتَ الخُطوبَ مُرّاً وَحُلْواً | وَسَلَكتَ الأيّامَ حَزْناً وَسَهْلا |
| وَقَتَلْتَ الزّمانَ عِلْماً فَمَا يُغْـ | رِبُ قَوْلاً وَلا يُجَدِّدُ فِعْلا |
| أجِدُ الحُزْنَ فيكَ حِفْظاً وَعَقْلاً | وَأرَاهُ في النّاسِ ذُعراً وجَهْلا |
| لَكَ إلْفٌ يَجُرّهُ وَإذا مَا | كرُمَ الأصْلُ كانَ للإلْفِ أصلا |
| وَوَفَاءٌ نَبَتَّ فيهِ وَلَكِنْ | لم يَزَلْ للوَفَاء أهْلُكَ أهْلا |
| إنّ خَيرَ الدّمُوعِ عَوْناً لَدَمْعٌ | بَعَثَتْهُ رِعايَةٌ فاسْتَهَلاّ |
| أينَ ذي الرِّقّةُ التي لَكَ في الحَرْ | بِ إذا استُكرِهَ الحَديدُ وَصَلاّ |
| أينَ خَلّفْتَهَا غَداةَ لَقِيتَ الـ | ـرّومَ وَالهَامُ بالصّوارِمِ تُفْلَى |
| قاسَمَتْكَ المَنُونُ شَخْصَينِ جوْراً | جَعَلَ القِسْمُ نَفْسَهُ فيهِ عَدْلا |
| فإذا قِسْتَ ما أخَذْنَ بمَا غَا | دَرْنَ سرّى عَنِ الفُؤادِ وَسَلّى |
| وَتَيَقّنْتَ أنّ حَظّكَ أوْفَى | وَتَبَيّنْتَ أنّ جَدّكَ أعْلَى |
| وَلَعَمْرِي لَقَدْ شَغَلْتَ المَنَايَا | بالأعادي فكَيفَ يَطلُبنَ شُغلا |
| وَكَمِ انتَشْتَ بالسّيُوفِ منَ الدهـ | ـرِ أسيراً وَبالنّوَالِ مُقِلاّ |
| عَدّها نُصرَةً عَلَيْهِ فَلَمّا | صَالَ خَتْلاً رَآهُ أدرَكَ تَبْلا |
| كَذَبَتْهُ ظُنُونُهُ، أنْتَ تُبْليـ | ـهِ وَتَبْقى في نِعْمَةٍ لَيسَ تَبْلَى |
| وَلَقَدْ رَامَكَ العُداةُ كَمَا رَا | مَ فلَمْ يجرَحوا لشَخصِكَ ظِلاّ |
| وَلَقَدْ رُمْتَ بالسّعادَةِ بَعْضاً | من نُفُوسِ العِدى فأدركتَ كُلاّ |
| قارَعَتْ رُمحَكَ الرّماحُ وَلَكِنْ | تَرَكَ الرّامحِينَ رُمحُكَ عُزْلا |
| لوْ يكونُ الذي وَرَدْتَ من الفَجْـ | ـعَةِ طَعناً أوْرَدْتَهُ الخَيلَ قُبْلا |
| وَلَكَشّفْتَ ذا الحَنينَ بضَرْبٍ | طالمَا كَشّفَ الكُرُوبَ وجَلّى |
| خِطْبَةٌ للحِمامِ لَيسَ لهَا رَدٌّ | وَإنْ كانَتِ المُسمّاةَ ثُكْلا |
| وَإذا لم تَجِدْ مِنَ النّاسِ كُفأً | ذاتُ خِدْرٍ أرَادَتِ المَوْتَ بَعلا |
| وَلَذيذُ الحَيَاةِ أنْفَسُ في النّفْـ | ـسِ وَأشهَى من أنْ يُمَلّ وَأحْلَى |
| وَإذا الشّيخُ قَالَ أُفٍّ فَمَا مَـ | ـلّ حَيَاةً وَإنّمَا الضّعْفَ مَلاّ |
| آلَةُ العَيشِ صِحّةٌ وَشَبَابٌ | فإذا وَلّيَا عَنِ المَرْءِ وَلّى |
| أبَداً تَسْتَرِدّ مَا تَهَبُ الدّنْـ | ـيَا فَيا لَيتَ جُودَها كانَ بُخْلا |
| فكفَتْ كوْنَ فُرْحةٍ تورِثُ الغمّ | وَخِلٍّ يُغادِرُ الوَجْدَ خِلاّ |
| وَهيَ مَعشُوقةٌ على الغَدْرِ لا تَحْـ | ـفَظُ عَهْداً وَلا تُتَمّمُ وَصْلا |
| كُلُّ دَمْعٍ يَسيلُ مِنهَا عَلَيْها | وَبِفَكّ اليَدَينِ عَنْها تُخَلّى |
| شِيَمُ الغَانِيَاتِ فِيها فَمَا أدْ | ري لذا أنّثَ اسْمَها النّاسُ أم لا |
| يا مَليكَ الوَرَى المُفَرِّقَ مَحْياً | وَمَمَاتاً فيهِمْ وَعِزّاً وَذُلاّ |
| قَلّدَ الله دَوْلَةً سَيْفُهَا أنْـ | ـتَ حُساماً بالمَكْرُماتِ مُحَلّى |
| فَبِهِ أغْنَتِ المَوَاليَ بَذْلاً | وَبِهِ أفْنَتِ الأعاديَ قَتْلا |
| وَإذا اهْتَزّ للنّدَى كانَ بَحراً | وَإذا اهْتَزّ للرّدَى كان نَصْلا |
| وَإذا الأرْضُ أظلمتْ كانَ شَمساً | وَإذا الأرْضُ أمحَلَتْ كانَ وَبْلا |
| وَهوَ الضّارِبُ الكَتيبَةَ وَالطّعْـ | ـنَةُ تَغْلُو وَالضّرْبُ أغلى وَأغلَى |
| أيّهَا البَاهِرُ العُقُولَ فَمَا تُدْ | رَكُ وَصْفاً أتعَبْتَ فكري فمَهْلا |
| مَنْ تَعَاطَى تَشَبّهاً بِكَ أعْيَا | هُ وَمَنْ دَلّ في طَرِيقِكَ ضَلا |
| وَإذا ما اشتَهَى خُلُودَكَ داعٍ | قالَ لا زُلتَ أوْ ترَى لكَ مِثْلا |
ذي المعالي فليعلون من تعالى
| ذي المَعَالي فلْيَعْلُوَنْ مَن تَعَالى | هَكَذا هَكَذا وَإلاّ فَلا لا |
| شَرَفٌ يَنْطِحُ النّجومَ برَوْقَيْـ | ـهِ وَعِزٌّ يُقَلْقِلُ الأجْبَالا |
| حَالُ أعْدائِنَا عَظيمٌ وَسَيْفُ الـ | ـدّوْلَةِ ابنُ السّيوفِ أعظَمُ حالا |
| كُلّما أعْجَلُوا النّذيرَ مَسيراً | أعجَلَتْهُمْ جِيادُهُ الإعجَالا |
| فأتَتْهُمْ خَوَارِقَ الأرْضِ ما تحـ | ـمِلُ إلاّ الحَديدَ وَالأبْطالا |
| خَافِياتِ الألْوانِ قَدْ نَسَجَ النّقـ | ـعُ عَلَيْهَا بَرَاقِعاً وَجِلالا |
| حَالَفَتْهُ صُدُورُهَا وَالعَوَالي | لَتَخُوضَنّ دُونَهُ الأهْوَالا |
| وَلَتَمْضِنّ حَيثُ لا يَجِدُ الرّمـ | ـحُ مَداراً وَلا الحصانُ مَجَالا |
| لا ألُومُ ابنَ لاوُنٍ مَلِكَ الرّو | م وَإنْ كانَ ما تَمَنّى مُحَالاَ |
| أقْلَقَتْهُ بَنِيّةٌ بَينَ أُذْنَيْـ | ـهِ وَبَانٍ بَغَى السّماءَ فَنَالا |
| كُلّما رَامَ حَطّها اتّسَعَ البَنْـ | ـيُ فَغَطّى جَبينَهُ وَالقَذالا |
| يَجْمَعُ الرّومَ وَالصَّقالِبَ وَالبُلْـ | ـغَارَ فيهَا وَتَجْمَعُ الآجَالا |
| وَتُوافيهِمِ بها في القَنَا السُّمْـ | ـرِ كمَا وَافَتِ العِطاشُ الصِّلالا |
| قَصَدوا هَدْمَ سُورِهَا فَبَنَوْهُ | وَأتَوْا كَيْ يُقَصّرُوهُ فَطَالا |
| وَاستَجَرّوا مكايِدَ الحَرْبِ حتى | تَرَكُوها لهَا عَلَيْهِمْ وَبَالا |
| رُبّ أمْرٍ أتَاكَ لا تَحْمَدُ الفَعّـ | ـالَ فيهِ وَتَحْمَدُ الأفْعَالا |
| وَقِسِيٍّ رُمِيتَ عَنها فَرَدّتْ | في قُلُوبِ الرّماةِ عَنكَ النّصَالا |
| أخذوا الطُّرْقَ يَقطَعُونَ بها الرّسْـ | ـلَ فَكانَ انقِطاعُهَا إرْسَالا |
| وَهُمُ البَحْرُ ذو الغَوَارِبِ إلاّ | أنّهُ صَارَ عندَ بحرِكَ آلا |
| مَا مَضَوْا لم يُقاتِلُوكَ وَلَكِـ | ـنّ القِتالَ الذي كَفاكَ القِتَالا |
| وَالذي قَطّعَ الرّقابَ مِنَ الضّرْ | بِ بكَفّيْكَ قَطّعَ الآمَالا |
| وَالثّباتُ الذي أجادوا قَديماً | عَلّمَ الثّابِتِينَ ذا الإجْفَالا |
| نَزَلُوا في مَصَارِعٍ عَرَفُوهَا | (يَنْدُبُونَ الأعْمَامَ وَالأخْوَالا |
| تَحْمِلُ الرّيحُ بَيْنَهُمْ شَعَرَ الهَا | مِ وَتَذْرِي عَلَيهِمِ الأوْصَالا |
| تُنْذِرُ الجِسْمَ أنْ يَقُومَ لَدَيها | فتُريهِ لِكُلّ عُضْوٍ مِثَالا |
| أبْصَرُوا الطّعنَ في القلوبِ دِراكاً | قَبلَ أنْ يُبصِرُوا الرّماحَ خَيَالا |
| وَإذا حاوَلَتْ طِعانَكَ خَيْلٌ | أبْصَرتْ أذْرُعَ القَنَا أمْيَالا |
| بَسَطَ الرّعبُ في اليَمينِ يَميناً | فَتَوَلّوْا وَفي الشّمالِ شِمَالا |
| يَنفُضُ الرّوْعُ أيدياً ليسَ تدري | أسُيُوفاً حَمَلْنَ أمْ أغْلالا |
| وَوُجوهاً أخافَها مِنكَ وَجْهٌ | تَرَكَتْ حُسْنَهَا لَهُ وَالجَمَالا |
| وَالعِيانُ الجَليُّ يُحْدِثُ للظّـ | ـنّ زَوالاً وَللمُرادِ انْتِقالا |
| وَإذا ما خَلا الجَبَانُ بأرْضٍ | طَلَبَ الطّعْنَ وَحدَهُ وَالنّزَالا |
| أقْسَمُوا لا رَأوْكَ إلاّ بقَلْبٍ | طَالَما غَرّتِ العُيُونُ الرّجَالا |
| أيُّ عَيْنٍ تَأمّلَتْكَ فَلاقَتْـ | ـكَ وَطَرْفٍ رَنَا إلَيْكَ فَآلا |
| مَا يَشُكُّ اللّعِينُ في أخْذِكَ الجَيـ | ـشَ فَهَلْ يَبعَثُ الجُيوشَ نَوَالا |
| مَا لمَنْ يَنصِبُ الحَبَائِلَ في الأرْ | ضِ وَمَرْجاهُ أن يَصِيدَ الهِلالا |
| إنّ دونَ التي على الدّرْبِ وَالأحْـ | ـدَبِ وَالنّهْرِ مِخلَطاً مِزْيَالا |
| غَصَبَ الدّهْرَ وَالمُلُوكَ عَلَيْها | فَبَناهَا في وَجنَةِ الأرْضِ خَالا |
| فهيَ تمشي مَشْيَ العَرُوسِ اختِيالاً | وَتَثَنّى عَلى الزّمَانِ دَلالا |
| وَحَمَاهَا بكُلّ مُطّرِدِ الأكْـ | ـعُبِ جَوْرَ الزّمَانِ وَالأوْجَالا |
| وَظُبىً تَعْرِفُ الحَرامَ مِنَ الحِـ | ـلّ فَقَدْ أفنَتِ الدّمَاءَ حَلالا |
| في خَميسٍ مِنَ الأُسودِ بَئيسٍ | يَفْتَرِسْنَ النّفُوسَ وَالأمْوَالا |
| إنّمَا أنْفُسُ الأنِيسِ سِبَاعٌ | يَتَفَارَسْنَ جَهْرَةً وَاغْتِيالا |
| مَنْ أطاقَ التِماسَ شيءٍ غِلاباً | وَاغْتِصاباً لم يَلْتَمِسْهُ سُؤالا |
| كُلُّ غادٍ لحَاجَةٍ يَتَمَنّى | أنْ يكونَ الغَضَنْفَرَ الرّئْبَالا |