| لا الحُلْمُ جادَ بِهِ وَلا بمِثالِهِ | لَوْلا اذّكارُ وَدَاعِهِ وزِيَالِهِ |
| إنّ المُعِيدَ لَنَا المَنَامُ خَيَالَهُ | كانَتْ إعادَتُهُ خَيَالَ خَيَالِهِ |
| بِتْنَا يُناوِلُنَا المُدامَ بكَفّهِ | مَنْ لَيسَ يخطُرُ أنْ نَراهُ ببالِهِ |
| نجني الكَواكِبَ من قَلائِدِ جيدِهِ | ونَنالُ عينَ الشمس من خَلخالِهِ |
| بِنْتُم عَنِ العَينِ القَريحَةِ فيكُمُ | وَسَكَنْتُمُ طَيَّ الفُؤادِ الوَالِهِ |
| فَدَنَوْتُمُ ودُنُوّكُمْ من عِنْدِهِ | وَسَمَحتُمُ وسمَاحُكمْ من مالِهِ |
| إنّي لأُبغِضُ طَيفَ من أحْبَبْتُهُ | إذْ كانَ يَهجُرُنا زَمانَ وِصَالِهِ |
| مِثْلُ الصّبابَةِ والكآبَةِ وَالأسَى | فارَقْتُهُ فَحَدَثْنَ من تَرْحالِهِ |
| وقَدِ استَقدتُ من الهوَى وأذَقْتُهُ | من عِفّتي ما ذُقتُ مِنْ بَلبالِهِ |
| وَلقد ذَخرْتُ لكُلّ أرْضٍ ساعَةً | تَستَجفِلُ الضّرْغامَ عن أشبالِهِ |
| تَلقَى الوُجوهُ بها الوُجوهَ وبَيْنَها | ضَرْبٌ يَجولُ الموْتُ في أجْوَالِهِ |
| ولقد خَبأتُ مِنَ الكَلامِ سُلافَهُ | وسَقيتُ مَنْ نادَمتُ من جِرْيالِهِ |
| وإذا تَعَثّرَتِ الجِيادُ بسَهْلِهِ | بَرّزْتُ غَيرَ مُعَثَّرٍ بِحبَالِهِ |
| وحَكَمتُ في البَلدِ العَرَاءِ بناعجٍ | مُعتادِهِ مُجْتابِهِ مُغتالِهِ |
| يَمشي كَما عَدَتِ المَطيّ وَرَاءَهُ | ويَزيدُ وَقْتَ جَمَامِها وكَلالِهِ |
| وتُراعُ غَيرَ مُعَقَّلاتٍ حَوْلَهُ | فَيَفُوتُهَا مُتَجَفّلاً بعِقالِهِ |
| فَغَدا النّجاحُ وراحَ في أخفَافِهِ | وَغَدَا المِراحُ وراحَ في إرْقالِهِ |
| وَشرِكْتُ دوْلَةَ هاشِمٍ في سَيفِها | وشققتُ خِيس المُلكِ عن رِئبالِهِ |
| عن ذا الذي حُرِمَ اللّيوثُ كَمالَه | يُنسِي الفريسَةَ خَوْفَهُ بجمالِهِ |
| وَتَواضَعُ الأمَراءُ حَوْلَ سَريرِهِ | وتُري المَحَبّةَ وَهيَ من آكالِهِ |
| ويُميتُ قَبلَ قِتالِهِ ويَبَشُّ قَبْـ | ـلَ نَوالِهِ ويُنيلُ قَبلَ سُؤالِهِ |
| إنّ الرّياحَ إذا عَمَدْنَ لناظِرٍ | أغناهُ مُقبِلُها عَنِ اسْتِعجالِهِ |
| أعطَى ومَنّ على المُلُوكِ بعَفْوِهِ | حتى تَسَاوَى النّاسُ في إفضالِهِ |
| وإذا غَنُوا بعَطائِهِ عَنْ هَزّهِ | وَالَى فأغنَى أنْ يَقُولوا وَالِهِ |
| وكأنّما جَدْواهُ مِنْ إكْثارِهِ | حَسَدٌ لسائِلِهِ على إقْلالِهِ |
| غرَبَ النّجومُ فغُرْنَ دونَ همومه | وطَلَعنَ حينَ طَلَعنَ دونَ مَنالِهِ |
| والله يُسْعِدُ كلّ يوْمٍ جَدَّهُ | ويزيدُ مِنْ أعدائِهِ في آلِهِ |
| لَوْ لم تَكُنْ تَجري على أسيافِهِ | مُهَجاتُهُمْ لجَرَتْ على إقْبالِهِ |
| لم يَتْرُكوا أثَراً عَلَيهِ من الوَغَى | إلاّ دِماءَهُمُ على سِرْبالِهِ |
| فَلِمِثْلِهِ جَمَعَ العَرَمْرَمُ نَفْسَهُ | وبمثْلِهِ انفصَمَتْ عُرَى أقتالِهِ |
| يا أيّها القَمَرُ المُباهي وَجهَهُ | لا تُكذَبَنّ فلستَ من أشكالِهِ |
| وإذا طَمَى البحرُ المُحيطُ فقُلْ لَهُ | دَعْ ذا فإنّكَ عاجِزٌ عَنْ حالِهِ |
| وَهبَ الذي وَرِثَ الجدودَ وما رَأى | أفعالَهُمْ لاِبنٍ بِلا أفْعَالِهِ |
| حتى إذا فَنِيَ التُّرَاثُ سِوَى العُلى | قَصَدَ العُداةَ من القَنا بِطِوَالِهِ |
| وَبأرْعَنٍ لَبسَ العَجاجَ إلَيهِمِ | فَوْقَ الحَديدِ وَجَرّ مِن أذيالِهِ |
| فكَأنّمَا قَذِيَ النّهَارُ بنَقْعِهِ | أوْ غَضّ عَنهُ الطّرْفَ من إجلالِهِ |
| الجَيشُ جيشُكَ غيرَ أنّكَ جيشهُ | في قَلْبِهِ وَيَمِينِهِ وشِمالِهِ |
| تَرِدُ الطّعانَ المُرّ عَنْ فُرْسَانِهِ | وتُنازِلُ الأبطالَ عَن أبْطالِهِ |
| كُلٌّ يُريدُ رِجالَهُ لحَيَاتِهِ | يا مَنْ يُريدُ حَيَاتَهُ لرِجَالِهِ |
| دونَ الحَلاوَةِ في الزّمانِ مَرارَةٌ | لا تُخْتَطَى إلاّ على أهْوالِهِ |
| فَلِذاكَ جاوَزَها عَليٌّ وَحْدَهُ | وَسَعَى بمُنْصُلِهِ إلى آمَالِهِ |
قصيدة المتنبي
أروع أبيات الشعر العربي للشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي قصيدة المتنبي الرائعة من أجمل القصائد.
يؤمم ذا السيف آماله
| يُؤمِّمُ ذا السّيفُ آمَالَهُ | وَلا يَفْعَلُ السّيفَ أفْعَالَهُ |
| إذا سارَ في مَهْمَهٍ عَمَّهُ | وَإنْ سارَ في جَبَلٍ طَالَهُ |
| وَأنْتَ بِمَا نُلْتَنَا مَالِكٌ | يُثَمرُ مِنْ مَالِهِ مَالَهُ |
| كأنّكَ ما بَيْنَنَا ضَيْغَمٌ | يُرَشِّحُ للفَرْسِ أشْبَالَهُ |
أينفع في الخيمة العذل
| أيَنفع في الخَيْمَةِ العُذّلُ | وَتَشْمَلُ مَن دَهرَها يَشمَلُ |
| وَتَعْلُو الذي زُحَلٌ تَحْتَهُ | مُحالٌ لَعَمْرُكَ مَا تُسألُ |
| فَلِمْ لا تَلُومُ الذي لامَهَا | وَمَا فَصُّ خاتَمِهِ يَذْبُلُ |
| تَضِيقُ بشَخْصِكَ أرجاؤهَا | وَيَركُض في الواحِدِ الجَحفَلُ |
| وَتَقصُرُ ما كُنتَ في جَوفِهَا | وَيُركَزُ فيها القَنَا الذُّبَّلُ |
| وَكَيفَ تَقُومُ على راحَةٍ | كَأنّ البِحارَ لَهَا أُنْمُلُ |
| فَلَيْتَ وَقَارَكَ فَرّقْتَهُ | وَحَمّلْتَ أرضَكَ مَا تَحْمِلُ |
| فَصارَ الأنَامُ بِهِ سَادَةً | وَسُدْتَهُمُ بالّذي يَفْضُلُ |
| رَأت لَونَ نُورِكَ في لَونِهَا | كَلَونِ الغَزَالَةِ لا يُغْسَلُ |
| وَأنّ لَهَا شَرَفاً بَاذِخاً | وَأنّ الخِيامَ بِها تَخجَلُ |
| فَلا تُنْكِرَنّ لَها صَرعَةً | فَمِن فَرَحِ النّفسِ ما يَقتُلُ |
| وَلَو بُلّغَ النّاسُ ما بُلّغَت | لخانَتْهُمُ حَولَكَ الأرجُلُ |
| وَلمّا أمَرتَ بتَطْنيبِهَا | أُشيعَ بأنّكَ لا تَرحَلُ |
| فَمَا اعْتَمَدَ الله تَقْويضَهَا | وَلَكِنْ أشارَ بِما تَفْعَلُ |
| وَعَرّفَ أنّكَ مِن هَمّهِ | وَأنّكَ في نَصْرِهِ تَرفُلُ |
| فَمَا العَانِدُونَ وَما أثّلُوا | وَمَا الحَاسِدُونَ وما قَوّلُوا |
| هُمُ يَطْلُبُونَ فَمَا أدرَكُوا | وَهُمْ يَكْذِبُونَ فمَن يَقْبَلُ |
| وَهُمْ يَتَمَنّوْنَ مَا يَشْتَهُونَ | وَمِن دونِهِ جَدُّكَ المُقْبِلُ |
| وَمَلْمُومَةٌ زَرَدٌ ثَوبُهَا | وَلَكِنّهُ بالقَنَا مُخْمَلُ |
| يُفاجىءُ جَيْشاً بِهَا حَيْنُهُ | وَيُنْذِرُ جَيْشاً بِهَا القَسطَلُ |
| جَعَلْتُكَ في القَلْبِ لي عُدّةً | لأنّكَ في اليَدِ لا تُجْعَلُ |
| لَقَد رَفَعَ الله مِن دَولَةٍ | لهَا مِنْكَ يا سَيفَها مُنصُلُ |
| فإن طُبِعَت قَبلَكَ المُرهَفَاتُ | فإنّكَ مِن قَبْلِها المِقْصَلُ |
| وَإن جادَ قَبْلَكَ قَومٌ مَضَوا | فإنّكَ في الكَرَمِ الأوّلُ |
| وَكَيْفَ تُقَصّرُ عَن غايَةٍ | وَأُمّكَ مِن لَيْثِهَا مُشْبِلُ |
| وَقَد وَلَدَتْكَ فَقَالَ الوَرَى | ألم تَكُنِ الشّمسُ لا تُنْجَلُ |
| فَتَبّاً لِدِينِ عَبيدِ النّجومِ | وَمَن يَدّعي أنّهَا تَعْقِلُ |
| وَقَد عَرَفَتْكَ فَمَا بَالُهَا | تَراكَ تَراهَا ولا تَنْزِلُ |
| وَلَو بِتُّمَا عِنْدَ قَدْرَيْكُمَا | لَبِتَّ وأعْلاكُمَا الأسْفَلُ |
| أنَلْتَ عِبادَكَ مَا أمّلَت | أنَالَكَ رَبُّكَ مَا تَأمُلُ |
عِشِ اِبقَ اِسمُ سُد قُد جُد مُرِ اِنهَ رِفِ اِسرِ نَل
| عِشِ اِبقَ اِسمُ سُد قُد جُد مُرِ اِنهَ رِفِ اِسرِ نَل | غِظِ اِرمِ صِبِ اِحمِ اِغزُ اِسبِ رُع زَع دِلِ اِثنِ نُل |
| وَهذا دُعاءٌ لَوْ سكَتَّ كُفِيتَهُ | لأنّي سألْتُ الله فيكَ وَقَدْ فَعَلْ |
شديد البعد من شرب الشمول
| شَديدُ البُعدِ من شرْبِ الشَّمولِ | تُرُنْجُ الهِنْدِ أوْ طَلْعُ النّخيلِ |
| وَلكِنْ كُلّ شيءٍ فيهِ طِيبٌ | لَدَيْكَ مِنَ الدّقيقِ إلى الجَليلِ |
| وَمَيْدانُ الفَصاحَةِ وَالقَوافي | وَمُمْتَحَنُ الفَوَارِسِ وَالخُيولِ |
| أتَيْتُ بمَنْطِقِ العَرَبِ الأصِيلِ | وَكانَ بقَدْرِ مَا عَايَنْتُ قِيلي |
| فَعَارَضَهُ كَلامٌ كانَ مِنْهُ | بمَنْزِلَةِ النّسَاءِ مِنَ البُعُولِ |
| وَهذا الدُّرُّ مَأمُونُ التّشَظّي | وَأنْتَ السّيْفُ مأمُونُ الفُلُولِ |
| وَلَيسَ يَصِحّ في الأفهامِ شيءٌ | إذا احتَاجَ النّهارُ إلى دَليلِ |
لقيت العفاة بآمالها
| لَقِيتَ العُفَاةَ بآمالِها | وَزُرْتَ العُداةَ بآجالِهَا |
| وَأقْبَلَتِ الرّومُ تَمشِي إلَيْـ | ـكَ بَينَ اللّيُوثِ وَأشبالِهَا |
| إذا رَأتِ الأُسْدَ مَسْبِيّةً | فأينَ تَفِرُّ بأطْفالِهَا |