من أجاب الهوى إلى كل ما يدعوه

مَن أَجابَ الهَوى إِلى كُلِّ ما يَدعوهُ مِمّا يُضِلُّ ضَلَّ وَ تاها
مَن رَأى عِبرَةً فَفَكَّرَ فيهاآذَنَتهُ بِالشَيءِ حينَ يَراها
رُبَّما اِستَغلَقَت أُمورٌ عَلى مَنكانَ يَأتي الأُمورَ مِن مَأتاها
وَ سَيَأوي إِلى يَدٍ كُلُّ ما تَأتي وَتَأتي إِلى يَدٍ حُسناها
قَد تَكونُ النَجاةُ تَكرَهُها النَفسُ وَتَأتي ما كانَ فيهِ أَذاها
أبو العتاهية

إن الفناء من البقاء قريب

إِنَّ الفَناءَ مِنَ البَقاءِ قَريبُإِنّ الزَمانَ إِذا رَمى لَمُصيبُ
إِنَّ الزَمانَ لِأَهلِهِ لَمُؤَدَّبٌلَو كانَ يَنفَعُ فيهِمُ التَأديبُ
صِفَةُ الزَمانِ حَكيمَةٌ وَبَليغَةٌإِنَّ الزَمانَ لَشاعِرٌ وَخَطيبُ
وَأَراكَ تَلتَمِسُ البَقاءَ وَطولُهُلَكَ مُهرِمٌ وَمُعَذِّبٌ وَمُذيبُ
وَلَقَد رَأَيتُكَ لِلزَمانِ مُجَرِّباًلَو كانَ يُحكِمُ رَأيَكَ التَجريبُ
وَلَقَد يُكَلِّمُكَ الزَمانُ بِأَلسُنٍعَرَبِيَّةٍ وَأَراكَ لَستَ تُجيبُ
لَو كُنتَ تَفهَمُ عَن زَمانِكَ قَولَهُلَعَراكَ مِنهُ تَفَجُّعٌ وَنَحيبُ
أَلحَحتَ في طَلَبِ الصِبا وَضَلالِهِوَالمَوتُ مِنكَ وَإِن كَرِهتَ قَريبُ
وَلَقَد عَقَلتَ وَما أَراكَ بِعاقِلٍوَلَقَد طَلَبتَ وَما أَراكَ تُصيبُ
وَلَقَد سَكَنتَ صُحونَ دارِ تَقَلُّبٍأَبلى وَأَفنى دارَكَ التَقليبُ
أَمَعَ المَماتِ يَطيبُ عَيشُكَ يا أَخيهَيهاتَ لَيسَ مَعَ المَماتِ يَطيبُ
زُغ كَيفَ شِئتَ عَنِ البِلى فَلَهُ عَلىكُلَّ اِبنِ أُنثى حافِظٌ وَرَقيبُ
كَيفَ اِغتَرَرتَ بِصَرفِ دَهرِكَ يا أَخيكَيفَ اِغتَرَرتَ بِهِ وَأَنتَ لَبيبُ
وَلَقَد حَلَبتَ الدَهرَ أَشطُرَ دَرِّهِحِقَباً وَأَنتَ مُجَرِّبٌ وَأَريبُ
وَالمَوتُ يَرتَصِدُ النُفوسَ وَكُلُّنالِلمَوتِ فيهِ وَلِلتُرابِ نَصيبُ
إِن كُنتَ لَستَ تُنيبُ إِن وَثَبَ البِلىبَل يا أَخي فَمَتى أَراكَ تُنيبُ
لِلَّهِ دَرُّكَ عائِباً مُتَسَرِّعاًأَيَعيبُ مَن هُوَ بِالعُيوبِ مَعيبُ
وَلَقَد عَجِبتُ لِغَفلَتي وَلِغِرَّتيوَالمَوتُ يَدعوني غَداً فَأُجيبُ
وَلَقَد عَجِبتُ لِطولِ أَمنِ مَنِيَّتيوَلَها إِلَيَّ تَوَثُّبٌ وَدَبيبُ
لِلَّهِ عَقلي ما يَزالُ يَخونَنيوَلَقَد أَراهُ وَإِنَّهُ لَصَليبُ
لِلَّهِ أَيّامٌ نَعِمتُ بِلينِهاأَيّامَ لي غُصنُ الشَبابِ رَطيبُ
إِنَّ الشَبابَ لَنافِقٌ عِندَ النِساما لِلمَشيبِ مِنَ النِساءِ حَبيبُ
قصائد أبو العتاهية

ألا هل إلى طول الحياة سبيل

أَلا هَل إِلى طولِ الحَياةِ سَبيلُوَأَنّي وَهَذا المَوتُ لَيسَ يُقيلُ
وَإِنّي وَإِن أَصبَحتُ بِالمَوتِ موقِناًفَلي أَمَلٌ دونَ اليَقينِ طَويلُ
وَلِلدَهرِ أَلوانٌ تَروحُ وَتَغتَديوَإِنَّ نُفوساً بَينَهُنَّ تَسيلُ
وَمَنزِلِ حَقٍّ لا مُعَرَّجَ دونَهُلِكُلِّ امرِئٍ يَوماً إِلَيهِ رَحيلُ
أَرى عِلَلَ الدُنيا عَلَيَّ كَثيرَةًوَصاحِبُها حَتّى المَماتِ عَليلُ
إِذا انقَطَعَت عَنّي مِنَ العَيشِ مُدَّتيفَإِنَّ غناءَ الباكِياتِ قَليلُ
سَيُعرَضُ عَن ذِكري وَتُنسى مَوَدَّتيوَيَحدُثُ بَعدي لِلخَليلِ خَليلُ
وَفي الحَقِّ أَحياناً لَعَمري مَرارَةٌوَثِقلٌ عَلى بَعضِ الرِجالِ ثَقيلُ
وَلَم أَرَ إِنساناً يَرى عَيبَ نَفسِهِوَإِن كانَ لا يَخفى عَلَيهِ جَميلُ
وَمَن ذا الَّذي يَنجو مِنَ الناسِ سالِماًوَلِلناسِ قالٌ بِالظُنونِ وَقيلُ
أَجَلَّكَ قَومٌ حينَ صِرتَ إِلى الغِنىوَكُلُّ غَنِيٍّ في العُيونِ جَليلُ
وَلَيسَ الغِنى إِلّا غِناً زَيَّنَ الفَتىعَشِيَّةَ يَقري أَو غَداةَ يُنيلُ
وَلَم يَفتَقِر يَوماً وَإِن كانَ مُعدَماًجَوادٌ وَلَم يَستَغنِ قَطُّ بَخيلُ
إِذا مالَتِ الدُنيا إِلى المَرءِ رَغَّبَتإِلَيهِ وَمالَ الناسُ حَيثُ يَميلُ
قصائد أبو العتاهية

نأتي إلى الدنيا

نأتي إلى الدنيا و نحن سواسيةطفل الملوك كطفل الحاشية
و نغادر الدنيا و نحن كما ترىمتشابهون على قبور حافية
أعمالنا تعلي و تخفض شأننا و حسابنا بالحق يوم الغاشية
حور، وأنهار، قصور عاليةو جهنم تصلى، و نار حامية
فاختر لنفسك ما تحب و تبتغيما دام يومُك و الليالي باقية
و غدا مصيرك لا تراجع بعدهإما جنان الخلد و إما الهاوية
أبو العتاهية

اقبل معاذير من يأتيك معتذرا

اِقبَل مَعاذيرَ مَن يَأتيكَ مُعتَذِراًإِن بَرَّ عِندَكَ فيما قالَ أَو فَجَرا
فَقَد أَطاعَكَ مَن أَرضاكَ ظاهِرُهُوَقَد أَضَلَّكَ مَن يَعصيكَ مُستَتِرا
خَيرُ الخَليلَينِ مَن أَغضى لِصاحِبِهِوَلَو أَرادَ اِنتِصاراً مِنهُ لَانتَصَرا
البحتري

ما أقطع الآجال للآمال

ما أَقطَعَ الآجالَ لِلآمالِوَ أَسرَعَ الآمالَ في الآجالِ
يُعجِبُني حالي وَ أَيُّ حالِيَبقى عَلى الأَيّامِ وَ اللَيالي
وَ كُلُّ شَيءٍ فَإِلى زَوالِيا عَجَباً مِنّي بِما اشتِغالي
وَالمَوتُ لا يَخطُرُ لي بِبالِوَنُبلُهُ مُسرِعَةٌ حِيالي
قصائد أبو العتاهية