| المَجْلِسانِ على التّمْييزِ بَيْنَهُمَا | مُقَابِلانِ ولَكِنْ أحْسَنا الأدَبَا |
| إذا صَعِدْتَ إلى ذا مَالَ ذا رَهَباً | وإنْ صَعِدْتَ إلى ذا مالَ ذا رَهَبَا |
| فَلِمْ يَهابُكَ ما لا حِسّ يَرْدَعُهُ | إنّي لأُبْصِرُ مِنْ فِعْلَيْهِمَا عَجَبَا |
قصائد المتنبي
مجموعة مختارة من قصائد الشاعر أبو الطيب المتنبي في هذه الصفحة.
تعرض لي السحاب وقد قفلنا
| تَعَرّضَ لي السّحابُ وقد قَفَلْنا | فقُلتُ إليكَ إنّ مَعي السّحابَا |
| فَشِمْ في القُبّةِ المَلِكَ المُرَجّى | فأمْسَكَ بَعدمَا عَزَمَ انسِكابَا |
الطيب مما غنيت عنه
| الطّيبُ مِمّا غَنيتُ عَنْهُ | كَفَى بقُربِ الأميرِ طِيبَا |
| يَبْني بهِ رَبُّنَا المَعَالي | كمَا بِكُمْ يَغْفِرُ الذّنُوبا |
أيا ما أحيسنها مقلة
| أيا ما أُحَيْسِنَها مُقْلَةً | ولَوْلا المَلاحَةُ لم أعْجَبِ |
| خَلُوقِيّةٌ في خَلُوقيّها | سُوَيداءُ من عِنَبِ الثّعلَبِ |
| إذا نَظَرَ البازُ في عِطْفِهِ | كَسَتهُ شُعاعاً على المَنكِبِ |
أعيدوا صباحي فهو عند الكواعب
| أعِيدوا صَباحي فَهوَ عندَ الكَواعبِ | ورُدّوا رُقادي فَهوَ لحظُ الحبائِبِ |
| فإنّ نَهاري لَيْلَةٌ مُدْلَهِمّةٌ | على مُقْلَةٍ مِنْ بَعدِكمْ في غياهبِ |
| بَعيدَةِ ما بَينَ الجُفُونِ كأنّمَا | عَقَدْتُمْ أعالي كلِّ هُدْبٍ بحاجِبِ |
| وأحْسَبُ أنّي لوْ هَوِيتُ فِراقَكُمْ | لَفارَقْتُهُ والدّهرُ أخبثُ صاحِبِ |
| فَيا لَيتَ ما بَيْني وبَينَ أحِبّتي | مِنَ البُعْدِ ما بَيني وبَينَ المَصائِبِ |
| أُراكِ ظَنَنْتِ السّلكَ جِسمي فعُقْتِه | عَلَيْكِ بدُرٍّ عن لِقاءِ التّرائِبِ |
| ولَوْ قَلَمٌ أُلقيتُ في شَقّ رأسِهِ | من السّقمِ ما غيّرْتُ من خطّ كاتِبِ |
| تُخَوّفُني دونَ الذي أمَرَتْ بِهِ | ولم تَدْرِ أنّ العارَ شرُّ العَواقِبِ |
| ولا بُدّ مِنْ يَوْمٍ أغَرّ مُحَجَّلٍ | يَطولُ استِماعي بَعدَهُ للنّوادِبِ |
| يَهُونُ على مِثْلي إذا رامَ حاجَةً | وُقوعُ العَوالي دونَها والقَواضِبِ |
| كَثيرُ حَيَاةِ المَرْءِ مِثْلُ قَليلِهَا | يَزولُ وباقي عَيْشِهِ مِثْلُ ذاهِبِ |
| إلَيْكِ فإنّي لَسْتُ ممّنْ إذا اتّقَى | عِضاضَ الأفاعي نامَ فوقَ العقارِبِ |
| أتاني وَعيدُ الأدْعِياءِ وأنّهُمْ | أعَدّوا ليَ السّودانَ في كَفْرَ عاقِبِ |
| ولَوْ صَدَقوا في جَدّهمْ لَحَذِرْتُهمْ | فَهَلْ فيّ وَحدي قَوْلُهم غيرُ كاذِبِ |
| إليّ لَعَمري قَصْدُ كُلّ عَجيبَةٍ | كأنّي عَجيبٌ في عُيُونِ العَجائِبِ |
| بأيَّ بِلادٍ لم أجُرَّ ذُؤابَتي | وأيُّ مَكانٍ لم تَطأْهُ رَكائبِي |
| كأنّ رَحيلي كانَ منْ كَفّ طاهرٍ | فأثْبَتَ كُوري في ظهورِ المَواهِبِ |
| فَلَمْ يَبْقَ خَلْقٌ لم يَرِدْنَ فِناءَهُ | وهُنّ لَهُ شِرْبٌ وُرُودَ المَشارِبِ |
| فَتًى عَلّمَتْهُ نَفْسُهُ وجُدودُهُ | قِراعَ العَوالي وابتِذالَ الرّغائبِ |
| فقَدْ غَيّبَ الشُّهّادَ عن كلّ مَوْطِنٍ | ورَدّ إلى أوطانِهِ كلَّ غائِبِ |
| كَذا الفاطِمِيّونَ النّدى في بَنانِهِمْ | أعَزُّ امّحاءً مِنْ خُطوطِ الرَّواجِبِ |
| أُناسٌ إذا لاقَوْا عِدًى فكأنّما | سِلاحُ الذي لاقَوْا غُبارُ السّلاهِبِ |
| رَمَوْا بنَواصِيها القِسِيَّ فجِئْنَها | دَوَامي الهَوادي سالماتِ الجَوانِبِ |
| أُولَئِكَ أحْلى مِنْ حَياةٍ مُعادَةٍ | وأكْثَرُ ذِكْراً مِنْ دُهورِ الشّبائِبِ |
| نَصَرْتَ عَلِيّاً يا ابْنَهُ ببَواتِرٍ | من الفِعْلِ لا فَلٌّ لها في المَضارِبِ |
| وأبْهَرُ آياتِ التّهاميّ أنّهُ | أبوكَ وأجدى ما لكُمْ من منَاقِبِ |
| إذا لم تكُنْ نَفْسُ النّسيبِ كأصْلِهِ | فماذا الذي تُغني كرامُ المَناصِبِ |
| وما قَرُبَتْ أشْباهُ قَوْمٍ أباعِدٍ | ولا بَعُدَتْ أشْباهُ قَوْمٍ أقارِبِ |
| إذا عَلَوِيٌّ لم يكنْ مِثْلَ طاهِرٍ | فَما هُوَ إلاّ حُجّةٌ للنّواصِبِ |
| يَقولونَ تأثِيرُ الكَواكِبِ في الوَرَى | فَما بالُهُ تأثِيرُهُ في الكَواكِبِ |
| عَلا كَتَدَ الدّنْيا إلى كُلّ غايَةٍ | تَسيرُ بهِ سَيْرَ الذَّلُولِ براكِبِ |
| وحُقّ لَهُ أن يَسْبِقَ النّاسَ جالِساً | ويُدْرِكَ ما لم يُدرِكُوا غيرَ طالِبِ |
| ويُحْذَى عَرانِينَ المُلوكِ وإنّها | لَمِنْ قَدَمَيْهِ في أجَلّ المَراتِبِ |
| يَدٌ للزّمانِه الجَمْعُ بَيْني وبَيْنَهُ | لتَفْريقِهِ بَيْني وبَينَ النّوائِبِ |
| هُوَ ابنُ رَسولِ الله وابنُ وَصِيّهِ | وشِبْهُهُما شَبّهْتُ بعدَ التّجارِبِ |
| يَرَى أنّ ما ما بانَ مِنكَ لضارِبٍ | بأقْتَلَ مِمّا بانَ منكَ لعائِبِ |
| ألا أيّها المالُ الذي قد أبادَهُ | تَعَزَّ فَهَذا فِعْلُهُ بالكَتائِبِ |
| لَعَلّكَ في وَقْتٍ شَغَلْتَ فُؤادَهُ | عنِ الجُودِ أوْ كَثّرْتَ جيشَ مُحارِبِ |
| حَمَلْتُ إلَيْهِ مِنْ لِسَاني حَديقَةً | سقاها الحجى سقيَ الرّياضِ السّحائِبِ |
| فَحُيّيتَ خيرَ ابنٍ لخَيرِ أبٍ بهَا | لأشرَفِ بَيْتٍ في لُؤيّ بنِ غالِبِ |
من الجاذر في زي الأعاريب
| مَنِ الجآذِرُ في زِيّ الأعَارِيبِ | حُمْرَ الحِلَى وَالمَطَايَا وَالجَلابيبِ |
| إنْ كُنتَ تَسألُ شَكّاً في مَعارِفِها | فمَنْ بَلاكَ بتَسهيدٍ وَتَعذيبِ |
| لا تَجْزِني بضَنًى بي بَعْدَهَا بَقَرٌ | تَجزي دُموعيَ مَسكوباً بمسكُوبِ |
| سَوَائِرٌ رُبّمَا سارَتْ هَوَادِجُهَا | مَنيعَةً بَينَ مَطْعُونٍ وَمَضرُوبِ |
| وَرُبّمَا وَخَدَتْ أيْدي المَطيّ بهَا | على نَجيعٍ مِنَ الفُرْسانِ مَصْبوبِ |
| كمْ زَوْرَةٍ لَكَ في الأعرابِ خافِيَةٍ | أدهى وَقَد رَقَدوا مِن زَوْرَةِ الذيبِ |
| أزُورُهُمْ وَسَوَادُ اللّيْلِ يَشفَعُ لي | وَأنثَني وَبَيَاضُ الصّبحِ يُغري بي |
| قد وَافقوا الوَحشَ في سُكنى مَراتِعِها | وَخالَفُوها بتَقْوِيضٍ وَتَطنيبِ |
| جِيرانُها وَهُمُ شَرُّ الجِوارِ لهَا | وَصَحبُهَا وَهُمُ شَرُّ الأصاحيبِ |
| فُؤادُ كُلّ مُحِبٍّ في بُيُوتِهِمِ | وَمَالُ كُلِّ أخيذِ المَالِ مَحرُوبِ |
| ما أوْجُهُ الحَضَرِ المُسْتَحسَناتُ بهِ | كأوْجُهِ البَدَوِيّاتِ الرّعَابيبِ |
| حُسْنُ الحِضارَةِ مَجلُوبٌ بتَطْرِيَةٍ | وَفي البِداوَةِ حُسنٌ غيرُ مَجلوبِ |
| أينَ المَعيزُ مِنَ الآرَامِ نَاظِرَةً | وَغَيرَ ناظِرَةٍ في الحُسنِ وَالطّيبِ |
| أفدِي ظِبَاءَ فَلاةٍ مَا عَرَفْنَ بِهَا | مَضْغَ الكلامِ وَلا صَبغَ الحَواجيبِ |
| وَلا بَرَزْنَ مِنَ الحَمّامِ مَاثِلَةً | أوراكُهُنَّ صَقيلاتِ العَرَاقيبِ |
| وَمِنْ هَوَى كلّ مَن ليستْ مُمَوِّهَةً | ترَكْتُ لَوْنَ مَشيبي غيرَ مَخضُوبِ |
| وَمِن هَوَى الصّدقِ في قَوْلي وَعادَتِهِ | رَغِبْتُ عن شَعَرٍ في الرّأس مكذوبِ |
| لَيتَ الحَوَادِثَ باعَتني الذي أخذَتْ | مني بحِلمي الذي أعطَتْ وَتَجرِيبي |
| فَمَا الحَداثَةُ من حِلْمٍ بمَانِعَةٍ | قد يُوجَدُ الحِلمُ في الشبّانِ وَالشِّيبِ |
| تَرَعْرَعَ المَلِكُ الأستاذُ مُكْتَهِلاً | قَبلَ اكتِهالٍ أديباً قَبلَ تأديبِ |
| مُجَرَّباً فَهَماً من قَبْلِ تَجْرِبَةٍ | مُهَذَّباً كَرَماً مِنْ غيرِ تَهذيبِ |
| حتى أصَابَ منَ الدّنْيا نِهايَتَهَا | وَهَمُّهُ في ابْتِداءاتٍ وَتَشبيبِ |
| يُدَبّرُ المُلْكَ منْ مِصرٍ إلى عَدَنٍ | إلى العِراقِ فأرْضِ الرّومِ فالنُّوبِ |
| إذا أتَتْهَا الرّياحُ النُّكْبُ منْ بَلَدٍ | فَمَا تَهُبُّ بِهَا إلاّ بتَرْتِيبِ |
| وَلا تُجاوِزُها شَمسٌ إذا شَرَقَتْ | إلاّ وَمِنْهُ لهَا إذْنٌ بتَغْرِيبِ |
| يُصَرّفُ الأمْرَ فيها طِينُ خاتَمِهِ | وَلَوْ تَطَلّسَ مِنهُ كلُّ مكتُوبِ |
| يَحُطّ كُلَّ طَوِيلِ الرّمْحِ حامِلُهُ | من سرْجِ كلّ طَوِيلِ الباعِ يَعبوبِ |
| كَأنّ كُلّ سُؤالٍ في مَسَامِعِهِ | قَميصُ يوسُفَ في أجفانِ يَعقوبِ |
| إذا غَزَتْهُ أعادِيهِ بِمَسْألَةٍ | فقد غَزَتْهُ بجَيْشٍ غَيرِ مَغْلُوبِ |
| أوْ حارَبَتْهُ فَمَا تَنْجُو بتَقْدِمَةٍ | ممّا أرَادَ وَلا تَنْجُو بتَجْبِيبِ |
| أضرَتْ شَجاعَتُهُ أقصَى كتائِبِهِ | على الحِمَامِ فَمَا مَوْتٌ بمَرْهوبِ |
| قالُوا هَجَرْتَ إلَيْهِ الغَيثَ قلتُ لهمْ | إلى غُيُوثِ يَدَيْهِ وَالشّآبِيبِ |
| إلى الذي تَهَبُ الدّوْلاتِ رَاحَتُهُ | وَلا يَمُنُّ على آثَارِ مَوْهُوبِ |
| وَلا يَرُوعُ بمَغْدورٍ بِهِ أحَداً | وَلا يُفَزِّعُ مَوْفُوراً بمَنْكُوبِ |
| بَلى يَرُوعُ بذي جَيْشٍ يُجَدّلُهُ | ذا مِثْلِهِ في أحَمّ النّقْعِ غِرْبِيبِ |
| وَجَدْتُ أنْفَعَ مَالٍ كُنتُ أذخَرُهُ | مَا في السّوَابِقِ مِنْ جَرْيٍ وَتَقرِيبِ |
| لمّا رَأينَ صُرُوفَ الدّهرِ تَغدُرُ بي | وَفَينَ لي وَوَفَتْ صُمُّ الأنابيبِ |
| فُتْنَ المَهَالِكَ حتى قالَ قائِلُهَا | ماذا لَقينَا منَ الجُرْدِ السّراحِيبِ |
| تَهْوِي بمُنْجَرِدٍ لَيسَتْ مَذاهِبُهُ | لِلُبْسِ ثَوْبٍ وَمأكولٍ وَمَشرُوبِ |
| يَرَى النّجُومَ بعَيْنَيْ مَنْ يُحاوِلُها | كأنّهَا سَلَبٌ في عَينِ مَسلُوبِ |
| حتى وَصَلْتُ إلى نَفْسٍ مُحَجَّبَةٍ | تَلقَى النّفُوسَ بفَضْلٍ غيرِ محْجوبِ |
| في جِسْمِ أرْوَعَ صَافي العَقل تُضْحكُه | خلائِقُ النّاسِ إضْحاكَ الأعاجيبِ |
| فَالحَمْدُ قَبْلُ لَهُ وَالحَمْدُ بَعدُ لها | وَلِلقَنَا وَلإدْلاجي وَتأوِيبي |
| وَكَيْفَ أكْفُرُ يا كافُورُ نِعْمَتَهَا | وَقَدْ بَلَغْنَكَ بي يا كُلّ مَطلُوبي |
| يا أيّهَا المَلِكُ الغَاني بتَسْمِيَةٍ | في الشّرْقِ وَالغرْبِ عن وَصْفٍ وتلقيبِ |
| أنتَ الحَبيبُ وَلَكِنّي أعُوذُ بِهِ | من أنْ أكُونَ مُحِبّاً غَيرَ محْبوبِب |