لا تَلُومَنّ اليَهُودِيَّ عَلى | أنْ يَرى الشّمسَ فلا يُنكِرُهَا |
إنّما اللّوْمُ على حاسِبِهَا | ظُلْمَةً مِنْ بَعدِ ما يُبصِرُهَا |
قصائد المتنبي
مجموعة مختارة من قصائد الشاعر أبو الطيب المتنبي في هذه الصفحة.
إنّما أحْفَظُ المَديحَ بعَيْني
إنّما أحْفَظُ المَديحَ بعَيْني | لا بِقَلْبي لِمَا أرَى في الأمِيرِ |
مِنْ خِصالٍ إذا نَظَرْتُ إلَيها | نَظَمَتْ لي غَرائبَ المَنْثُورِ |
تَرْكُ مَدحيكَ كالهِجاءِ لنَفسِي
تَرْكُ مَدحيكَ كالهِجاءِ لنَفسِي | وقَليلٌ لَكَ المَديحُ الكَثيرُ |
غيرَ أنّي ترَكْتُ مُقْتَضَبَ الشّعْـ | ـرِ لأمْرٍ مِثْلي بهِ مَعْذُورُ |
وسَجاياكَ مادِحاتُكَ لا لَفْـ | ـظي وَجُودٌ على كَلامي يُغِيرُ |
فَسَقَى الله مَنْ أُحبُّ بكَفّيْـ | ـكَ وأسْقاكَ أيّهذا الأمِيرُ |
بُسَيْطَةُ مَهْلاً سُقِيتِ القِطارَا
بُسَيْطَةُ مَهْلاً سُقِيتِ القِطارَا | تَرَكْتِ عُيُونَ عَبيدي حَيَارَى |
فَظَنّوا النَّعَامَ عَلَيْكِ النّخِيلَ | وَظَنّوا الصِّوَارَ عَلَيْكِ المَنَارَا |
فَأمْسَكَ صَحْبي بِأكْوَارِهِمْ | وَقد قَصَدَ الضّحكُ فِيهِمْ وَجارَا |
أُطاعِنُ خَيْلاً مِنْ فَوارِسِها الدّهْرُ
أُطاعِنُ خَيْلاً مِنْ فَوارِسِها الدّهْرُ | وَحيداً وما قَوْلي كذا ومَعي الصّبرُ |
وأشْجَعُ مني كلَّ يوْمٍ سَلامَتي | وما ثَبَتَتْ إلاّ وفي نَفْسِها أمْرُ |
تَمَرّسْتُ بالآفاتِ حتى ترَكْتُهَا | تَقولُ أماتَ المَوْتُ أم ذُعِرَ الذُّعْرُ |
وأقْدَمْتُ إقْدامَ الأتيّ كأنّ لي | سوَى مُهجَتي أو كان لي عندها وِتْرُ |
ذَرِ النّفْسَ تأخذْ وُسعَها قبلَ بَينِها | فمُفْتَرِقٌ جارانِ دارُهُما العُمْرُ |
ولا تَحْسَبَنّ المَجْدَ زِقّاً وقَيْنَةً | فما المَجدُ إلاّ السّيفُ والفتكةُ البِكرُ |
وتَضريبُ أعناقِ المُلوكِ وأن تُرَى | لكَ الهَبَواتُ السّودُ والعسكرُ المَجْرُ |
وترْكُكَ في الدّنْيا دَوِيّاً كأنّما | تَداوَلَ سَمْعَ المَرْءِ أنْمُلُهُ العَشرُ |
إذا الفضْلُ لم يَرْفَعكَ عن شكرِ ناقصٍ | على هِبَةٍ فالفَضْلُ فيمَن له الشّكْرُ |
ومَنْ يُنفِقِ السّاعاتِ في جمعِ مالِهِ | مَخافَةَ فَقْرٍ فالذي فَعَلَ الفَقْرُ |
عَليّ لأهْلِ الجَوْرِ كُلُّ طِمِرّةٍ | عَلَيْها غُلامٌ مِلْءُ حَيزُومِهِ غِمرُ |
يُديرُ بأطْرافِ الرّماحِ عَلَيْهِمُ | كُؤوسَ المَنَايا حيثُ لا تُشتهَى الخمرُ |
وكم من جِبالٍ جُبتُ تَشهَدُ أنّني الـ | ـجِبالُ وبَحْرٍ شاهِدٍ أنّني البَحْرُ |
وخَرْقٍ مكانُ العِيسِ منهُ مكانُنَا | من العِيسِ فيهِ واسطُ الكورِ والظّهرُ |
يَخِدْنَ بنَا في جَوْزِهِ وكأنّنَا | على كُرَةٍ أوْ أرْضُهُ مَعنا سَفْرُ |
ويَوْمٍ وَصَلْناهُ بلَيْلٍ كأنّمَا | على أُفْقِهِ من بَرْقِهِ حُلَلٌ حُمْرُ |
ولَيْلٍ وصَلْناهُ بيَوْمٍ كأنّمَا | على مَتنِهِ من دَجنِهِ حُلَلٌ خُضرُ |
وغَيثٍ ظَنَنّا تَحْتَهُ أنّ عامِراً | عَلا لم يَمُتْ أو في السّحابِ لهُ قَبرُ |
أوِ ابنَ ابنِهِ الباقي عَليَّ بنَ أحْمَدٍ | يَجُودُ بهِ لوْ لم أجُزْ ويدي صِفْرُ |
وإنّ سَحاباً جَوْدُهُ مِثْلُ جُودِهِ | سَحابٌ على كلّ السّحابِ له فَخرُ |
فَتًى لا يضُمّ القلبُ هِمّاتِ قَلبِهِ | ولَوْ ضَمّها قَلْبٌ لمَا ضَمّهُ صَدرُ |
ولا يَنْفَعُ الإمكانُ لَوْلا سَخاؤهُ | وهل نافعٌ لوْلا الأكفُّ القنا السُّمْرُ |
قِرانٌ تَلاقَى الصَّلْتُ فيهِ وعامِرٌ | كمَا يَتَلاقَى الهِنْدُوَانيُّ والنّصرُ |
فَجاءَ بهِ صَلْتَ الجَبينِ مُعَظَّماً | ترَى النّاسَ قُلاًّ حَوْلَهُ وهُمُ كُثْرُ |
مُفَدًّى بآباءِ الرّجالِ سَمَيْذَعاً | هُوَ الكرَمُ المَدُّ الذي ما لهُ جَزْرُ |
وما زِلْتُ حتى قادَني الشّوْقُ نحوَهُ | يُسايرُني في كُلّ رَكْبٍ لهُ ذِكْرُ |
وأستَكْبِرُ الأخبارَ قَبلَ لِقائِهِ | فلَمّا التَقَيْنَا صَغّرَ الخَبَرَ الخُبرُ |
إليكَ طَعَنّا في مَدَى كلّ صَفْصَفٍ | بكُلّ وَآةٍ، كلُّ ما لَقِيَتْ نَحْرُ |
إذا وَرِمَتْ من لَسعَةٍ مَرِحَتْ لهَا | كأنّ نَوالاً صَرّ في جِلدِها النِّبرُ |
فجئناكَ دونَ الشّمسِ والبدرِ في النّوَى | ودونَكَ في أحوالِكَ الشّمسُ والبدرُ |
كأنّكَ بَرْدُ الماءِ لا عَيشَ دونَهُ | ولوْ كنتَ بَرْدَ الماءِ لم يكُنِ العِشرُ |
دَعاني إلَيكَ العِلمُ والحِلمُ والحِجَى | وهذا الكلامُ النّظمُ والنّائلُ النّثرُ |
وما قُلتُ من شِعْرٍ تكادُ بُيُوتُهُ | إذا كُتِبَتْ يَبْيَضّ من نورِها الحبرُ |
كأنّ المَعاني في فَصاحَةِ لَفْظِهَا | نُجُومُ الثّرَيّا أو خلائقُكَ الزُّهرُ |
وجَنّبَني قُرْبَ السّلاطِينِ مَقْتُهَا | وما يَقْتضِيني مِن جَماجِمِها النَّسرُ |
وإنّي رأيتُ الضُّرّ أحسَنَ مَنظراً | وأهْوَنَ مِنْ مَرْأى صَغيرٍ بهِ كِبْرُ |
لِساني وعَيْني والفُؤادُ وهِمّتي | أوُدُّ اللّواتي ذا اسمُها منكَ والشَّطرُ |
وما أنا وَحدي قلتُ ذا الشّعرَ كُلّهُ | ولكنْ لشعري فيكَ من نَفسه شعرُ |
وما ذا الذي فيهِ منَ الحُسنِ رَوْنَقاً | ولكنْ بَدا في وجهِهِ نحوَكَ البِشْرُ |
وإنّي ولوْ نِلْتَ السّماءَ لَعالِمٌ | بأنّكَ ما نِلتَ الذي يوجبُ القَدْرُ |
أزالَتْ بكَ الأيّامُ عَتْبي كأنّمَا | بَنُوها لهَا ذَنْبٌ وأنتَ لهَا عُذْرُ |
بَادٍ هَوَاكَ صَبَرْتَ أمْ لم تَصْبِرَا
بَادٍ هَوَاكَ صَبَرْتَ أمْ لم تَصْبِرَا | وَبُكاكَ إن لم يَجْرِ دمعُكَ أو جَرَى |
كمْ غَرّ صَبرُكَ وَابتسامُكَ صَاحِباً | لمّا رَآهُ وَفي الحَشَا مَا لا يُرَى |
أمَرَ الفُؤادُ لِسَانَهُ وَجُفُونَهُ | فَكَتَمْنَهُ وَكَفَى بجِسْمِكَ مُخبِرَا |
تَعِسَ المَهَاري غَيرَ مَهْرِيٍّ غَدَا | بمُصَوَّرٍ لَبِسَ الحَرِيرَ مُصَوَّرا |
نَافَسْتُ فِيهِ صُورَةً في سِتْرِهِ | لَوْ كُنْتُهَا لخَفيتُ حتى يَظْهَرَا |
لا تَترَبِ الأيْدي المُقيمَةُ فَوْقَهُ | كِسرَى مُقامَ الحاجِبَينِ وَقَيصَرَا |
يَقِيَانِ في أحَدِ الهَوَادِجِ مُقْلَةً | رَحَلَتْ وَكانَ لها فُؤادي مَحْجِرَا |
قد كُنتُ أحْذَرُ بَيْنَهُمْ من قَبْلِهِ | لَوْ كانَ يَنْفَعُ خائِفاً أنْ يَحذَرَا |
وَلَوِ استَطَعتُ إذِ اغْتَدَتْ رُوّادُهمْ | لمَنَعْتُ كُلَّ سَحَابَةٍ أنْ تَقْطُرَا |
فإذا السّحابُ أخو غُرابِ فِراقِهِمْ | جَعَلَ الصّياحَ بِبَيْنِهِمْ أن يَمطُرَا |
وَإذا الحَمَائِلُ ما يَخِدْنَ بنَفْنَفٍ | إلاّ شَقَقْنَ عَلَيهِ ثَوْباً أخضَرَا |
يَحْمِلْنَ مِثْلَ الرّوْضِ إلاّ أنّها | أسْبَى مَهَاةً للقُلُوبِ وَجُؤذُرَا |
فَبِلَحْظِهَا نَكِرَتْ قَنَاتي رَاحَتي | ضُعْفاً وَأنْكَرَ خاتَمايَ الخِنْصِرَا |
أعطَى الزّمانُ فَمَا قَبِلْتُ عَطَاءَهُ | وَأرَادَ لي فأرَدْتُ أنْ أتَخَيّرَا |
أرَجَانَ أيّتُهَا الجِيَادُ فإنّهُ | عَزْمي الذي يَذَرُ الوَشيجَ مُكَسَّرَا |
لوْ كُنتُ أفعَلُ ما اشتَهَيتِ فَعَالَهُ | ما شَقّ كَوْكَبُكِ العَجاجَ الأكدَرَا |
أُمّي أبَا الفَضْلِ المُبِرَّ ألِيّتي | لأُيَمّمَنّ أجَلّ بَحْرٍ جَوْهَرَا |
أفْتَى برُؤيَتِهِ الأنَامُ وَحَاشَ لي | مِنْ أنْ أكونَ مُقصّراً أوْ مُقصِرَا |
صُغْتُ السّوَارَ لأيّ كَفٍّ بَشّرَتْ | بابنِ العَميدِ وَأيّ عَبْدٍ كَبّرَا |
إنْ لمْ تُغِثْني خَيْلُهُ وَسِلاحُهُ | فمَتى أقُودُ إلى الأعادي عَسكَرَا |
بأبي وَأُمّي نَاطِقٌ في لَفْظِهِ | ثَمَنٌ تُبَاعُ بهِ القُلُوبُ وَتُشترَى |
مَنْ لا تُرِيهِ الحَرْبُ خَلقاً مُقْبِلاً | فيها وَلا خَلْقٌ يَرَاهُ مُدْبِرا |
خَنْثى الفُحُولِ من الكُماةِ بصَبْغِهِ | مَا يَلْبَسُونَ منَ الحديدِ مُعَصْفَرا |
يَتَكَسّبُ القَصَبُ الضَّعيف بكَفّهِ | شَرَفاً على صُمِّ الرّمَاحِ وَمَفْخَرَا |
وَيَبِينُ فِيمَا مَسّ مِنْهُ بَنَانُهُ | تِيهُ المُدِلِّ فَلَوْ مَشَى لَتَبَخْتَرا |
يا مَنْ إذا وَرَدَ البِلادَ كِتابُهُ | قبلَ الجُيُوشِ ثَنى الجُيوشَ تحَيُّرَا |
أنتَ الوَحيدُ إذا رَكِبْتَ طَرِيقَةً | وَمَنِ الرّديفُ وقد ركبتَ غضَنْفَرَا |
قَطَفَ الرّجالُ القَوْلَ وَقتَ نَبَاتِهِ | وَقَطَفْتَ أنْتَ القَوْلَ لمّا نَوّرَا |
فَهُوَ المُتَبَّعُ بالمَسامِعِ إنْ مضَى | وَهوَ المُضَاعَفُ حُسنُهُ إنْ كُرِّرَا |
وَإذا سَكَتَّ فإنّ أبْلَغَ خَاطِبٍ | قَلَمٌ لكَ اتّخَذَ الأنَامِلَ مِنْبَرَا |
وَرَسائِلٌ قَطَعَ العُداةُ سِحاءَهَا | فَرَأوْا قَناً وَأسِنَّةً وَسَنَوّرا |
فدَعاكَ حُسَّدُكَ الرّئيسَ وَأمسكُوا | وَدَعاكَ خالِقُكَ الرّئيسَ الأكْبَرَا |
خَلَفَتْ صِفاتُكَ في العُيونِ كلامَهُ | كالخَطِّ يَمْلأُ مِسْمَعَيْ مَن أبصَرا |
أرَأيْتَ هِمّةَ نَاقَتي في نَاقَةٍ | نَقَلَتْ يداً سُرُحاً وَخُفّاً مُجمَرَا |
تَرَكَتْ دُخانَ الرِّمْثِ في أوْطانِهَا | طَلَباً لِقَوْمٍ يُوقِدونَ العَنْبَرَا |
وَتَكَرّمَتْ رُكَبَاتُهَا عَن مَبرَكٍ | تَقَعَانِ فيهِ وَلَيسَ مِسكاً أذفَرَا |
فأتَتْكَ دامِيَةَ الأظَلّ كأنّمَا | حُذِيتْ قَوَائِمُها العَقيقَ الأحْمَرَا |
بَدَرَتْ إلَيْكَ يَدَ الزّمانِ كَأنّهَا | وَجَدَتْهُ مَشغُولَ اليَدَينِ مُفكّرَا |
مَنْ مُبلِغُ الأعرابِ أنّي بَعْدَها | جالَستُ رِسطالِيسَ وَالإسكَندَرَا |
وَمَلِلْتُ نَحْرَ عِشارِهَا فأضَافَني | مَنْ يَنحَرُ البِدَرَ النُّضَارَ لِمَنْ قرَى |
وَسَمِعْتُ بَطليموسَ دارِسَ كُتبِهِ | مُتَمَلّكاً مُتَبَدّياً مُتَحَضّرَا |
وَلَقيتُ كُلّ الفَاضِلِينَ كأنّمَا | رَدّ الإل?هُ نُفُوسَهُمْ وَالأعْصُرَا |
نُسِقُوا لَنَا نَسَقَ الحِسابِ مُقَدَّماً | وَأتَى فذلِكَ إذْ أتَيْتَ مُؤخَّرَا |
يَا لَيْتَ باكِيَةً شَجَاني دَمْعُهَا | نَظَرَتْ إلَيكَ كَما نَظَرْتُ فتَعذِرَا |
وَتَرَى الفَضيلَةَ لا تَرُدّ فَضِيلَةً | ألشّمسَ تُشرِقُ وَالسحابَ كنَهْوَرَا |
أنَا من جَميعِ النّاسِ أطيَبُ مَنزِلاً | وَأسَرُّ رَاحِلَةً وَأرْبَحُ مَتْجَرَا |
زُحَلٌ على أنّ الكَوَاكبَ قَوْمُهُ | لَوْ كانَ منكَ لكانَ أكْرَمَ مَعْشَرَا_ |