دَعِ العَبَرَاتِ تَنهَمِرُ انْهِمَارَا، | و نارَ الوجدِ تستعرُ استعارا |
أتطفأُ حسرتي ، وتقرُّ عيني ، | و لمْ أوقدْ ، معَ الغازينَ ، نارا؟ |
رأيتُ الصبرَ أبعدَ ما يرجَّى ، | إذَا ما الجَيْشُ بِالغَازِينَ سَارَا |
وَأعْدَدْتُ الكَتَائِبَ مُعْلَماتٍ | تنادي ، كلَّ آنٍ ، بي : سعارا |
وَقَدْ ثَقّفْتُ للهَيْجَاءِ رُمْحي، | وَأضْمَرْتُ المَهَارِي والمِهَارَا |
و كانَ إذا دعانا الأمرُ حفَّتْ | بِنَا الفِتْيَانُ، تَبتَدِرُ ابْتِدَارَا |
بخيلٍ لاَ تعاندُ منْ عليها ، | وَقَوْمٍ لا يَرَوْنَ المَوْتَ عَارَا |
وراءَ القافلينَ بكلِّ أرضٍ ، | وَأَوَّلُ مَنْ يُغِيرُ، إذَا أغَارَا |
ستذكرني ، إذا طردتْ ، رجالٌ ، | دفقتُ الرمحَ بينهمُ مرارا |
و أرضٌ ، كنتُ أملؤها خيولاً ، | و جوٍّ ، كنتُ أرهقهُ غبارا |
لَعَلّ الله يُعْقِبُني صَلاحاً | قويماً ، أو يقليني العثارا |
فأشفي منْ طعانِ الخيلِ صدراً | وَأُدرِكُ من صُرُوفِ الدّهرِ ثَارَا |
أقمتُ على ” الأميرِ ” ، وكنتُ ممنْ | يعزُّ عليهِ فرقتهُ ، اختيارا |
إذا سارَ ” الأميرُ ” ، فلا هدوا | لنفسي أو يؤوبَ ، ولا قرارا |
أكابدُ بعدهُ همَّـا ، وغمَّـا ، | و نوماً ، لا ألذُّ به غرارا |
وَكُنْتُ بِهِ أشَدّ ذَوِيّ بَطشاً، | وَأبْعَدَهُم، إذا رَكِبُوا، مَغَارَا |
أشُقّ، وَرَاءهُ، الجَيشَ المُعَبّا، | و أخرقُ ، بعدهُ ، الرهجَ المثارا |
إذَا بَقِيَ الأمِيرُ قَرِيرَ عَيْنٍ | فديناهُ ، اختياراً ، لا اضطرار |
أبٌ برٌّ ، ومولى ، وابنُ عمٍ ، | و مستندٌ ، إذا ما الخطبُ جارا |
يَمُدّ عَلى أكَابِرِنَا جَنَاحاً، | و يكفلُ ، في مواطننا ، الصغارا |
أراني اللهُ طلعتهُ ، سريعاً ، | وَأصْحَبَهُ السّلامَة َ، حَيثُ سَارَا |
وَبَلّغَهُ أمَانِيَهُ جَمِيعاً، | و كانَ لهُ منَ الحدثانِ جارا |
قصائد العصر العباسي
مجموعة من أروع قصائد العصر العباسي شعراء العصر العباسي وقصائدهم الرائعة هنا.
إنْ لمْ تجافِ عنِ الذنو
إنْ لمْ تجافِ عنِ الذنو | بِ ، وجدتها فينا كثيره |
لَكِنّ عَادَتَكَ الجَمِيـ | ـلَة َ أنْ تَغُضّ عَلى بَصِيرَهْ |
لقدْ نافسني الدهرُ
لقدْ نافسني الدهرُ | بتأخيرِي عنِ الحَضْرَة |
فَمَا ألْقَى مِنَ العِلّـ | ـة ِ ما ألقى من الحَسْرَة ْ |
وَجُلّنَارٍ مُشْرِقٍ
وَجُلّنَارٍ مُشْرِقٍ، | عَلَى أعَالي شَجَرَهْ |
كأنَّ في رؤوسهِ ، | أصْفَرَهُ، وَأحْمَرَهْ |
قُرَاضَة ً مِنْ ذَهَبٍ | في خرقٍ معصفره |
و قوفكَ في الديارِ عليكَ عارٌ
و قوفكَ في الديارِ عليكَ عارٌ ، | و قدْ ردَّ الشبابُ المستعارُ |
أبعدَ الأربعينَ محرماتٌ : | تمادٍ في الصبابة ِ ، واغترارُ ؟ ! .. |
نزعتُ عنِ الصبا ، إلاَّ بقايا ، | يحفدها ، على الشيبِ ، العقارُ |
وَقَالَ الغَانِيَاتُ: «سَلا، غُلاماً، | فكيفَ بهِ ، وقدْ شابَ العذارُ؟ “ |
و ما أنسى الزيارة َ منكِ ، وهناً ، | و موعدنا ” معانٌ” و” الحيارُ “ |
وَطَالَ اللّيلُ بي، وَلَرُبّ دَهْرٍ | نعمتُ بهِ ، لياليهِ قصارُ |
و ندماني : السريعُ إلى لقائي ، | على عجلٍ ، وأقداحي الكبارُ |
عشقتُ بها عواريَّ الليالي | ” أحقُّ الخيلِ بالركضِ المعارُ |
وَكَمْ مِنْ لَيْلَة ٍ لمْ أُرْوَ مِنْهَا | حننتُ لها ، وأرقني ادكارُ ! |
قَضَاني الدَّينَ مَاطِلُهُ، وَوَافى ، | إليَّ بها ، الفؤادُ المستطارُ |
فبتُّ أعلُّ خمراً منْ رضابٍ | لها سكرٌ وليسَ لها خمارُ |
إلى أنْ رقَّ ثوبُ الليلِ عنَّـا | وقالتْ : ” قمْ ! فقدْ بردَ السوارُ ! |
وَوَلّتْ تَسْرُقُ اللّحَظَاتِ نحوِي | عَلى فَرَقٍ كَمَا التَفَتَ الصُّوَارُ |
دنا ذاكَ الصباحُ ، فلستُ أدري | أشَوْقٌ كَانَ مِنْهُ؟ أمْ ضِرَارُ؟ |
وَقَد عَادَيتُ ضَوْءَ الصّبحِ حتى | لِطَرْفي، عَنْ مَطَالِعِهِ، ازْوِرَارُ |
و مضطغنٍ يراودُ فيَّ عيباً | سَيَلْقَاهُ، إذا سُكِنَتْ وَبَارُ |
وَأحْسِبُ أنّهُ سَيَجُرّ حَرْباً | عَلى قَوْمٍ ذُنُوبُهُمُ صِغَارُ |
كما خزيتْ بـ “راعيها ” ” نميرٌ ” ، | وجرَّ على “بني أسدٍ” ” يسارُ “ |
وَكَمْ يَوْمٍ وَصَلْتُ بفَجْرِ لَيْلٍ | كأنَّ الركبَ تحتهما صدارُ ؟ |
إذا انْحَسَرَ الظّلامُ امْتَدّ آلٌ | كأنا درهُ ، وهوَ البحارُ |
يَمُوجُ عَلى النّوَاظِرِ، فَهْوَ مَاءٌ | و يلفحُ بالهواجرِ فهو نارُ |
إذَا مَا العِزّ أصْبَحَ في مَكَانٍ | سموتُ لهُ، وإنْ بعدَ المزارُ |
مقامي ، حيثُ لا أهوى ، قليلٌ | ونومي ، عندَ منْ أقلي غرارُ |
أبَتْ لي هِمّتي، وَغِرَارُ سَيْفي، | وَعَزْمي، وَالمَطِيّة ُ، وَالقِفَارُ |
وَنَفْسٌ، لا تُجَاوِرُهَا الدّنَايَا، | وَعِرْضٌ، لا يَرِفّ عَلَيْهِ عَارُ |
وَقَوْمٌ، مِثلُ مَن صَحِبوا، كِرَامٌ | وَخَيلٌ، مِثلُ من حَملتْ، خيارُ |
و كمْ بلدٍِ شتتناهنَّ فيهِ | ضُحى ً، وَعَلا مَنَابِرَهُ الغُبَارُ |
وَخَيلٍ، خَفّ جَانِبُهَا، فَلَمّا | ذُكِرْنَا بَيْنَهَا نُسِيَ الفِرَارُ |
و كمْ ملكٍ ، نزعنا الملكَ عنهُ ، | و جبارٍ ، بها دمهُ جبارُ ؟ |
وَكُنّ إذَا أغَرْنَا عَلَى دِيَارٍ | رجعنَ ، ومنْ طرائدها الديارُ |
فَقَدْ أصْبَحْنَ وَالدّنْيَا جَمِيعاً | لنا دارٌ ، ومنْ تحويهِ جارُ |
إذَا أمْسَتْ نِزَارُ لَنَا عَبِيداً | فإنَّ الناسَ كلهمُ ” نزارُ “ |
وَيَدٍ يَرَاهَا الدّهْرُ غَيْرَ ذَمِيمَة ٍ
وَيَدٍ يَرَاهَا الدّهْرُ غَيْرَ ذَمِيمَة ٍ، | تمحو إساءتهُ إليَّ وتغفرُ |
أهدتْ إليَّ مودة ً منْ صاحبٍ | تزكو المودة ُ في ثراهُ ، وتثمرُ |
علقتْ يدي منهُ بعلقِ مضنة ٍ | مِمّا يُصَانُ عَلى الزّمَانِ وَيُدْخَرُ |
إني عليكَ ” أبا حصينٍ “، عاتبٌ | و الحرُّ يحتملُ الصديقَ ، ويصبرُ |
وَإذا وَجَدْتُ عَلى الصّدِيقِ شكَوْتُهُ | سِرَّاً إلَيْهِ وَفي المَحَافِلِ أشْكُرُ |
مَا بَالُ شِعْرِي لا تَرُدّ جَوَابَهُ؟ | سَحْبَانُ عِنْدَكَ بَاقِلٌ، لا أعذُرُ |