| ياابنَ زيدونَ ، مرحبا | قد أطلتَ التغيُّبا |
| إن ديوانَكَ الذي | ظلَّ سرًّ محجبَّا ، |
| يشتكي اليتيم درُّه | ويقاسي التَّغرُّبا. . . |
| . . . صار في كل بلدة ٍ | للأَلِبَّاءِ مَطْلبا |
| جاءنا كاملٌ به | عربيًّا مهذَّبا |
| تجدُ النَّصَّ معجبا | وترى الشَّرح أعجبا |
| أنتَ في القول كلِّه | أَجْملُ الناسِ مَذهبا |
| بأبي أنتَ هيكلاً | مِن فنونٍ مُركَّبا |
| شاعِراً أَم مُصَوِّراً | كنتَ ، أم كنتَ مطربا ؟ |
| ترسل اللحنَ كلَّه | مبدعاً فيه ، مربا |
| أحسنَ الناس هاتفاً | بالغواني مشبِّبا |
| ونزيلَ المتوَّج | ـينَ، النديمَ المُقرَّبا |
| كم سقاهم بشعره | مِدْحَة ً أَو تَعَتُّبا |
| ومن المدحِ ما جزى | وأَذاعَ المناقِبا |
| وإذا الهجرُ هاجهُ | لمُعَاناته أبى |
| ورآه رذيلهً | لا تماشي التأدُّبا |
| ما رأَى الناسُ شاعِراً | فاضل الخُلْقِ طيِّبا |
| دَسَّ للناشقين في | زَنبَقِ الشعرِ عَقربا |
| جُلتَ في الخُلد جوْلة ً | هل عن الخلد مِنْ نَبا؟ |
| صف لنا ما وراءه | من عيونٍ، ومن رُبَى |
| ونعيمٍ ونَضرة ٍ | وظلالٍ من الصِّبا |
| وصِفِ الحور موجزاً | |
| قم ترى الأرضَ مثلما | كنتمو أمسِ ملعبا |
| وترى العيشَ لم يزلْ | لبني الموتِ مأربا |
| وترى ذَاكَ بالذي | عند هذا مُعَذَّبا |
| إنَّ مروانَ عصبة ٌ | يَصنعونَ العجائبَا |
| طوَّفوا الأَرض مَشرِقاً | بالأيادي ومغربا |
| هالة ٌ أَطلعتْكَ في | ذِروة المجدِ كوكبا |
| أَنت للفتحِ تنتمي | وكفى الفتحُ منصبا |
| لستُ أَرْضَى بغيره | لك جدًّا ولا أبا |
قصائد أحمد شوقي
هنا تجدون مجموعة مميزة لأمير الشعراء الشاعر المصري أحمد شوقي.
وعصابة ٍ بالخيرِ ألِّف شملهم
| وعصابة ٍ بالخيرِ ألِّف شملهم | والخيرُ أفضلُ عصبة ً ورفاقا |
| جعلوا التَّعاونَ والبناية َ هَمَّهم | واستنهضوا الآدابَ والأَخلاقا |
| ولقد يُداوُون الجِراح بِبرِّهم | ويقاتلون البؤسَ والإملاقا |
| يسمونَ بالأدب الجديدِ ، وتارة ً | يَبْنُون للأَدبِ القديمِ رِواقا |
| عَرَضَ القُعودُ فكان دون نُبوغِهِ | قَيداً، ودونَ خُطَى الشباب وِثاقا |
| البلبلُ الغردُ الذي هزَّ الرُّبى | وشجى الغصونَ ، وحرَّكَ الأوراقا |
| خَلَفَ البَهاءَ على القريض وكأْسِهِ | فسَقَى بعَذبِ نسيبِه العُشَّاقا |
| في القيد مُمتنِعُ الخُطى ، وخياله | يَطوِي البلادَ ويَنشُر الآفاقا |
| سبَّاقُ غاياتِ البيانِ جَرى بلا | ساقٍ ، فكيف إذا استرادَّ الساقا ؟ ! |
| لو يطعمُ الطِّبُّ الصناعُ بيانه | أو لو يسسغُ لما يقولُ مذاقا . . . |
| . . . غالي بقيمته ، فلم يصنعُ له | إلا الجَناحَ مُحلِّقاً خفَّاقا! |
لبنانُ ، مجدكَ في المشارق أوَّلُ
| لبنانُ ، مجدكَ في المشارق أوَّلُ | والأَرضُ رابية ٌ وأَنتَ سَنامُ |
| وبنوك أَلطفُ مِن نسيمِكَ ظلُّهُمْ | وأَشمُّ مِن هَضَبَاتِك الأَحلام |
| أَخرجتَهم للعالمين جَحاجِحاً | عرباً ، وأبناءُ الكريم كرامُ |
| بين الرياض وبين أفقٍ زاهرٍ | طلع المسيحُ عليه والإسلام |
| هذا أديبك يحتفى بوسامهِ | وبيانُه للمَشْرقَيْنِ وِسامُ |
| ويُجَلُّ قدْرُ قِلادة ٍ في صدره | وله القلائدُ سمطها الإلهام |
| صدرٌ حَوالَيْه الجلالُ، ومِلؤهُ | كرمٌ ، وخشية ُ مومنٍ ، وذمام |
| حلاَّهُ لإحسانُ الخديو ، وطالما | حلاَّه فضلُ اللهِ والإنعام |
| لِعُلاك يا مُطرانُ، أَم لنهاك، أَم | لخلالك التّشرفُ والإكرام ؟ ! |
| أَم للمواقف لم يَقِفْها ضَيْغَمٌ | لولاك لا ضطربت له الأهرام ؟ ! |
| هذا مقامُ القولِ فيك ، ولم يزلْ | لك في الضمائر محفلٌ ومقام |
| غالي بقيمتك الأمير محمد | وسعى إليك يحفه الإعظام |
| في مجمعٍ هزّ البيانُ لواءه | بك فيه، واعتزَّتْ بك الأَقلامُ |
| ابنُ الملوكِ تلا الثناءَ مخلَّداً | هيهات يذهبُ للملوكِ كلام |
| فمنِ البشِير لبعْلَبَكَّ وبينَها | نسبٌ تضيءُ بنوره الأيام ؟ |
| يبْلَى المكينُ الفخْمُ من آثارها | يوماً ، وآثارُ الخليل قيام ! |
بني مصرَ ، ارفعوا الغار
| بني مصرَ ، ارفعوا الغار | وحيُّوا بطلَ الهندِ |
| وأدُّوا واجباً ، واقضوا | حقوقَ العلمِ الفرد |
| أخوكم في المقاساة ِ | وعركِ الموقفِ النكدِ |
| وفي التَّضْحِية ِ الكبرى | وفي المَطلبِ، والجُهد |
| وفي الجرح، وفي الدمع | وفي النَّفْي من المهدِ |
| وفي الرحلة للحقِّ | وفي مرحَلة ِ الوفد |
| قِفوا حيُّوه من قرْبٍ | على الفلْكِ، ومن بُعد |
| وغَطُّوا البَرَّ بالآس | وغَطُّوا البحرَ بالورد |
| على إفريزِ راجيوتا | نَ تمثالٌ من المجد |
| نبيٌّ مثلُ كونفشيو | س ، أو من ذلك العهد |
| قريبُ القوْلِ والفعلِ | من المنتظَرِ المهدي |
| شبيه الرسْل في الذَّوْدِ | عن الحقِّ ، وفي الزهد |
| لقد عَلَّم بالحقِّ | وبالصبر ، وبالقصد |
| ونادي المشرقَ الأقصى | فلبَّاه من اللحد |
| وجاءَ الأَنفسَ المرْضَى | فداوَاها من الحِقد |
| دعا الهندوسَ والإسلا | م للألفة ِ والوردِّ |
| سحرٍ من قوى الروحِ | حَوَى السَّيْفَيْنِ في غِمد |
| وسلطانٍ من النفسِ | يُقوِّي رائِض الأُسْدِ |
| وتوفيقٍ منَ الله | وتيسيرٍ من السَّعد |
| وحظٍّ ليس يُعطاهُ | سِوَى المخلوقِ للخلدِ |
| ولا يُؤخَذ بالحَوْل | ولا الصَّولِ ، ولا الجند |
| ولا بالنسل والمالِ | ولا بالكدحِ والكدِّ |
| ولكن هِبة ُ المولى | – تعالى الله – للعبد |
| سلامُ النيل يا غنْدِي | وهذا الزهرُ من عندي |
| وإجلالٌ من الأهرا | مِ، والكرْنكِ، والبَرْدِي |
| ومن مشيخة ِ الوادي | ومن أشبالهِ المردِ |
| سلامٌ حالِبَ الشَّاة ِ | سلامٌ غازلَ البردِ |
| ومن صدَّ عن الملح | ولم يقبل على الشُّهد |
| ومَنْ يَرْكبُ ساقيْه | من الهندِ إلى السِّندِ |
| سلامٌ كلَّما صلَّي | تَ عرياناً ، وفي اللِّبد |
| وفي زاوية ِ السجن | وفي سلسلة ِ القيدِ |
| من المائدة ِ الخضرا | ءِ خُذْ حِذْرَكَ يا غنْدِي |
| ولاحظْ وَرَقَ السِّيرِ | وما في ورق اللوردِ |
| وكنْ أَبرَعَ مَن يَلعَـ | ـبُ بالشَّطْرَنْجِ والنّرْد |
| ولاقي العبقريِّينَ | لِقاءَ النّدِّ للنِّدّ |
| وقل : هاتوا أفاعيكم | أتى الحاوي من الهند ! |
| وعُدْ لم تحفِل الذَّامَ | ولم تغترَّ بالحمد |
| فهذا النجمُ لا ترقى | إليه هِمَّة ُ النقدِ |
| وردَّ الهندَ للأم | ـة ِ من حدٍّ إلى حَدِّ |
أَبولُّو، مَرحَباً بك يا أَبولُّو
| أَبولُّو، مَرحَباً بك يا أَبولُّو | فإنك من عكاظِ الشعرِ ظل |
| عكاظُ وأنتِ للبلغاءِ سوقٌ | على جَنَباتِها رحَلوا وحلُّوا |
| وبنبوعٌ من الإنشادِ صافِ | صدى المتأَدِّبين به يُقَلُّ |
| ومضمارٌ يسوقُ إلى القوافي | سوابقها إذا الشعراءُ قلُّوا |
| يقول الشِّعرَ قائلُهم رصيناً | ويُحسِنُ حين يُكثِرُ أَو يُقِلُّ |
| ولولا المحسنونَ بكلِّ أرضِ | لما ساد الشُّعُوبُ ولا استقلُّوا |
| عسى تأتيننا بمعلَّقاتً | نروحُ على القديمِ بها ندلُّ |
| لعلَّ مواهباً خفيتْ وضاعت | تذاعُ على يديكِ وتستغلُّ |
| صحائِفُكِ المدبَّجَة ُ الحواشي | ربى الوردِ المفتَّح أو أجلُّ |
| رياحينُ الرِّياضِ يملُّ منها | وريحانُ القرائحِ لا يملُّ |
| يمهِّدُ عبقريُّ الشِّعر فيها | لكلِّ ذخيرة ٍ فيها محلُّ |
| وليس الحقُّ بالمنقوصِ فيها | ولا الأعراضُ فيها تستحلُّ |
| وليستْ بالمجالِ لنقدِ باغٍ | وراءَ يَراعِهِ حَسَدٌ وغِلُّ |
بي مثلُ ما بكِ ياقمريَّة َ الوادي
| بي مثلُ ما بكِ ياقمريَّة َ الوادي | ناديتُ ليلى ، فقومي في الدُّجى نادي |
| وأرسلي الشَّجوَ أسجاعاً مفصَّلة ً | أَو رَدّدِي من وراءِ الأَيْكِ إنشادي |
| لاتكتمي الوجدَ ، فالجرحانِ من شجنٍ | ولا الصببابة َ ، فالدمعان من وادِ |
| تذكري : هل تلاقينا على ظمإٍ ؟ | وكيف بلَّ الصَّدى ذو الغلَّة ِ الصادي |
| وأَنتِ في مجلِسِ الرَّيحان لاهية ٌ | ما سِرْتِ من سامرٍ إلا إلى نادي |
| تذكري قبلة ً في الشَّعرِ حائرة ً | أضلَّها فمشتْ في فرقكِ الهادي |
| وقُبلة ً فوقَ خدٍّ ناعمٍ عَطِرٍ | أَبهى من الوردِ في ظلِّ النّدَى الغادي |
| تذكري منظرَ الوادي ، ومجلسنا | على الغديرِ، كعُصفورَيْنِ في الوادي |
| والغُصنُ يحنو علينا رِقَّة ً وجَوى ً | والماءُ في قدمينا رائحٌ غادِ |
| تذكري نعماتٍ ههنا وهنا | من لحنِ شادية ٍ في الدَّوحِ أَو شادي |
| تذكري موعداً جادَ الزمان به | هل طِرتُ شوقاً؟ وهل سابقتُ مِيعادي؟ |
| فنلتُ ما نلتُ من سؤلٍ ، ومن أملٍ | ورحتُ لم أحصِ أفراحي وأعيادي ؟ |