بلا كلمات

لأن كلام القواميس مات
لأن كلام المكاتيب مات
لأن كلام الروايات مات
أريد اكتشاف طريقة عشقٍ
أحبك فيها بلا كلمات

بلادي

من لثغة الشحرور .. من
بحة نايٍ محزنه ..
من رجفة الموال .. من
تنهدات المئذنه ..
من غيمةٍ تحبكها
عند الغروب المدخنه
وجرح قرميد القرى
المنشورة المزينه ..
من وشوشات نجمةٍ
في شرقنا مستوطنه
من قصة تدور
بين وردةٍ .. وسوسنه
ومن شذا فلاحةٍ
تعبق منها (الميجنه)
ومن لهاث حاطبٍ
عاد بفأسٍ موهنه ..
جبالنا .. مروحةٌ
للشرق .. غرقى ، لينه
توزع الخير على الدنيا
ذرانا المحسنه
يطيب للعصفور أن
يبني لدينا مسكنه ..
ويغزل الصفصاف ..
في حضن السواقي موطنه
حدودنا بالياسمين
والندى محصنه
ووردنا مفتحٌ
كالفكر الملونه ..
وعندنا الصخور تهوى
والدوالي مدمنه
وإن غضبنا .. نزرع
الشمس سيوفاً مؤمنه ..
***
بلادنا كانت .. وكانت
بعد هذا الأزمنه ..

بلادي ترفض الحب

اليوميات
بلادي ترفض الحبا
تصادره كأي مخدرٍ خطرٍ
تطارده ..
تطارد ذلك الطفل الرقيق الحالم العذبا
تقص له جناحيه ..
وتملأ قلبه رعبا …
بلادي تقتل الرب الذي أهدى لها الخصبا
وحول صخرها ذهباً
وغطى أرضها عشبا ..
وأعطاها كواكبها
وأجرى ماءها العذبا
بلادي . لم يزرها الرب
منذ اغتالت الربا ..
وأجرى ماءها العبا
بلادي . لم يزرها الرب
منذ اغتالت الربا ..

تجليات صوفيه

1
عندما تسطع عيناك كقنديل نحاسي،
على باب ولي من دمشق
أفرش السجادة التبريز في الأرض وأدعو للصلاه..
وأنادي، ودموعي فوق خدي: مدد
يا وحيدا.. يا أحد..
أعطني القوة كي أفنى بمحبوبي،
وخذ كل حياتي..
2
عندما يمتزج الأخضر، بالأسود، بالأزرق،
بالزيتي، بالوردي، في عينيك، يا سيدتي
تعتريني حالة نادره..
هي بين الصحو والإغماء، بين الوحي والإسراء،
بين الكشف والإيماء، بين الموت والميلاد،
بين الورق المشتاق للحب.. وبين الكلمات..
وتناديني البساتين التي من خلفها أيضاً بساتين،
الفراديس التي من خلفها أيضا فراديس،
الفوانيس التي من خلفها أيضا فوانيس..
التي من خلفها أيضا زوايا، وتكايا، ومريدون
وأطفال يغنون.. وشمع .. وموالد ..
وأرى نفسي طيور من ذهب..
وسماء من ذهب
ونوافير يثرثرن بصوت من ذهب
وأرى، فيما يرى النائم، شباكين مفتوحين..
من خلفهما تجري ألوف المعجزات..
3
عندما يبدأ في الليل، احتفال الصوت والضوء..
بعينيك .. وتمشي فرحا كل المآذن..
يبدأ العرس الخرافي الذي ما قبله عرس..
وتأتي سفن من جزر الهند، لتهديك عطورا وشموسا.
عندها..
يخطفني الوجد إلى سبع سماوات..
لها سبعة أبواب..
لها سبعة حراس..
بها سبع مقاصير.
بها سبع وصيفات..
يقدمن شرابا في كؤوس قمريه..
ويقدمن لمن مات على العشق،
مفاتيح الحياة السرمدية..
وإذا بالشام تأتيني .. نهورا.. ومياها..
وعيونا عسليه..
وإذا بي بين أمي، ورفاقي،
وفروضي المدرسيه..
فأنادي، ودموعي فوق خدي:
مدد!
يا وحيدا، يا أحد
أعطني القدرة كي أصبح في علم الهوى..
واحدا من أولياء ” الصالحيه “…
4
عندما يرتفع البحر بعينيك كسيف أخضر في الظلمات
تعتريني رغبة للموت مذبوحا على سطح المراكب
وتناديني مسافات..
تناديني بحيرات…
تناديني كواكب..
عندما يشطرني البحر إلى نصفين..
حتى تصبح اللحظة في الحب، جميع اللحظات..
ويجيء الماء كالمجنون من كل الجهات..
هادما كل جسوري..
ماحيا كل تفاصيل حياتي..
يتولاني حنين للرحيل
حيث خلف البحر بحر..
ووراء الجزر مد .. ووراء المد جزر..
ووراء الرمل جنات لكل المؤمنين
ومنارات..
ونجم غير معروف..
وعشق غير مألوف ..
وشعر غير مكتوب..
ونهد .. لم تمزقه سيوف الفاتحين.
5
عندما أدخل في مملكة الإيقاع، والنعناع، والماء،
فلا تسعجليني..
فلقد تأخذني الحال، فأهتز كدرويش على قرع الطبول
مستجيرا بضريح السيد الخضر . وأسماء الرسول ..
عندما يحدث هذا..
فبحق الله، يا سيدتي، لا توقظيني.
واتركيني..
نائما بين البساتين التي أسكرها الشعر، وماء الياسمين
علني أحلم في الليل بأني..
صرت قنديلا على باب ولي من دمشق..
6
عندما تبدأ في عينيك آلاف المرايا بالكلام
ينتهي كل كلام..
وأراني صامتا في حضرة العشق،
ومن في حضرة العشق يجاوب؟
فإذا شاهدتني منخطف اللون، غريب النظرات..
وإذا شاهدتني أقرأ كالطفل صلاتي..
وعلى رأسي فراشات. وأسراب حمام..
فأحبيني، كما كنت، بعنف وجنون..
واعصري قلبي، كالتفاحة الحمراء، حتى تقتليني..
وعلى الدنيا السلام…

ثقافتنا

فقاقيع من الصابون والوحل
فمازالت بداخلنا
“رواسب من ” أبي جهل
ومازلنا
نعيش بمنطق المفتاح والقفل
نلف نساءنا بالقطن
ندفنهن في الرمل
ونملكهن كالسجاد
كالأبقار في الحقل
ونهذا من قوارير
بلا دين ولا عقل
ونرجع أخر الليل
نمارس حقنا الزوجي كالثيران والخيل
نمارسه خلال دقائق خمسه
بلا شوق … ولا ذوق
ولا ميل
نمارسه .. كالات
تؤدي الفعل للفعل
ونرقد بعدها موتى
ونتركهن وسط النار
وسط الطين والوحل
قتيلات بلا قتل
بنصف الدرب نتركهن
يا لفظاظة الخيل
قضينا العمر في المخدع
وجيش حريمنا معنا
وصك زواجنا معنا
وقلنا : الله قد شرع
ليالينا موزعه
على زوجاتنا الأربع
هنا شفه
هنا ساق
هنا ظفر
هنا إصبع
كأن الدين حانوت
فتحناه لكي نشبع
تمتعنا ” بما أيماننا ملكت “
وعشنا من غرائزنا بمستنقع
وزورنا كلام الله
بالشكل الذي ينفع
ولم نخجل بما نصنع
عبثنا في قداسته
نسينا نبل غايته
ولم نذكر
سوى المضجع
ولم نأخذ سوى
زوجاتنا الأربع

حب بلا حدود

1
يا سيدتي:
كنت أهم امرأةٍ في تاريخي
قبل رحيل العام.
أنت الآن.. أهم امرأةٍ
بعد ولادة هذا العام..
أنت امرأةٌ لا أحسبها بالساعات وبالأيام.
أنت امرأةٌ..
صنعت من فاكهة الشعر..
ومن ذهب الأحلام..
أنت امرأةٌ.. كانت تسكن جسدي
قبل ملايين الأعوام..
2
يا سيدتي:
يالمغزولة من قطنٍ وغمام.
يا أمطاراً من ياقوتٍ..
يا أنهاراً من نهوندٍ..
يا غابات رخام..
يا من تسبح كالأسماك بماء القلب..
وتسكن في العينين كسرب حمام.
لن يتغير شيءٌ في عاطفتي..
في إحساسي..
في وجداني.. في إيماني..
فأنا سوف أظل على دين الإسلام..
3
يا سيدتي:
لا تهتمي في إيقاع الوقت وأسماء السنوات.
أنت امرأةٌ تبقى امرأةً.. في كل الأوقات.
سوف أحبك..
عند دخول القرن الواحد والعشرين..
وعند دخول القرن الخامس والعشرين..
وعند دخول القرن التاسع والعشرين..
و سوف أحبك..
حين تجف مياه البحر..
وتحترق الغابات..
4
يا سيدتي:
أنت خلاصة كل الشعر..
ووردة كل الحريات.
يكفي أن أتهجى إسمك..
حتى أصبح ملك الشعر..
وفرعون الكلمات..
يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلك..
حتى أدخل في كتب التاريخ..
وترفع من أجلي الرايات..
5
يا سيدتي
لا تضطربي مثل الطائر في زمن الأعياد.
لن يتغير شيءٌ مني.
لن يتوقف نهر الحب عن الجريان.
لن يتوقف نبض القلب عن الخفقان.
لن يتوقف حجل الشعر عن الطيران.
حين يكون الحب كبيراً..
والمحبوبة قمراً..
لن يتحول هذا الحب
لحزمة قشٍ تأكلها النيران…
6
يا سيدتي:
ليس هنالك شيءٌ يملأ عيني
لا الأضواء..
ولا الزينات..
ولا أجراس العيد..
ولا شجر الميلاد.
لا يعني لي الشارع شيئاً.
لا تعني لي الحانة شيئاً.
لا يعنيني أي كلامٍ
يكتب فوق بطاقات الأعياد.
7
يا سيدتي:
لا أتذكر إلا صوتك
حين تدق نواقيس الآحاد.
لا أتذكر إلا عطرك
حين أنام على ورق الأعشاب.
لا أتذكر إلا وجهك..
حين يهرهر فوق ثيابي الثلج..
وأسمع طقطقة الأحطاب..
8
ما يفرحني يا سيدتي
أن أتكوم كالعصفور الخائف
بين بساتين الأهداب…
9
ما يبهرني يا سيدتي
أن تهديني قلماً من أقلام الحبر..
أعانقه..
وأنام سعيداً كالأولاد…
10
يا سيدتي:
ما أسعدني في منفاي
أقطر ماء الشعر..
وأشرب من خمر الرهبان
ما أقواني..
حين أكون صديقاً
للحرية.. والإنسان…
11
يا سيدتي:
كم أتمنى لو أحببتك في عصر التنوير..
وفي عصر التصوير..
وفي عصر الرواد
كم أتمنى لو قابلتك يوماً
في فلورنسا.
أو قرطبةٍ.
أو في الكوفة
أو في حلبٍ.
أو في بيتٍ من حارات الشام…
12
يا سيدتي:
كم أتمنى لو سافرنا
نحو بلادٍ يحكمها الغيتار
حيث الحب بلا أسوار
والكلمات بلا أسوار
والأحلام بلا أسوار
13
يا سيدتي:
لا تنشغلي بالمستقبل، يا سيدتي
سوف يظل حنيني أقوى مما كان..
وأعنف مما كان..
أنت امرأةٌ لا تتكرر.. في تاريخ الورد..
وفي تاريخ الشعر..
وفي ذاكرة الزنبق والريحان…
14
يا سيدة العالم
لا يشغلني إلا حبك في آتي الأيام
أنت امرأتي الأولى.
أمي الأولى
رحمي الأول
شغفي الأول
شبقي الأول
طوق نجاتي في زمن الطوفان…
15
يا سيدتي:
يا سيدة الشعر الأولى
هاتي يدك اليمنى كي أتخبأ فيها..
هاتي يدك اليسرى..
كي أستوطن فيها..
قولي أي عبارة حبٍ
حتى تبتدئ الأعياد