إن الأنوثة من علم ربي

1
يذوب الحنان بعينيك مثل دوائر ماء
يذوب الزمان، المكان، الحقول، البيوت،
البحار، المراكب،
يسقط وجهي على الأرض مثل الإناء
وأحمل وجهي المكسر بين يدي..
وأحلم بامرأةٍ تشتريه..
ولكن من يشترون الأواني القديمة، قد أخبروني
بأن الوجوه الحزينة لا تشتريها النساء
***
2
وصلنا إلى نقطة الصفر..
ماذا أقول؟ وماذا تقولين؟
كل المواضيع صارت سواء..
وصار الوراء أماماً..
وصار الأمام وراء..
وصلنا إلى ذروة اليأس.. حيث السماء رصاصٌ..
وحيث العناق قصاصٌ..
وحيث ممارسة الجنس، أقسى جزاء..
***
3
تحبين.. أو لا تحبين..
إن القضية تعنيك أنت على أيٍ حال
فلست أجيد القراءة في شفتيك..
لكي أتنبأ في أي وقتٍ..
سينفجر الماء تحت الرمال
وفي أي شهرٍ تكونين أكثر عشباً..
وأكثر خصباً..
وفي أي يومٍ تكونين قابلةً للوصال
***
4
تريدين.. أو لا تريدين..
إن الأنوثة من علم ربي..
ولو كنت أملك خارطة الطقس،
كنت قرأتك سطراً.. فسطراً
وبراً.. وبحراً..
ونهداً.. وخصراً..
وكنت تأكدت من أي صوبٍ.
تهب رياح الجنوب،
ومن أي صوبٍ، تهب رياح الشمال
وكنت اكتشفت طريقي
إلى جزر التبغ، والشاي، والبرتقال..
***
تحبين.. أو لا تحبين..
إن السنين، الشهور، الأسابيع،
تمرق كالرمل من راحتينا..
أحاول تفسير هذا التشابه في الحزن في نظرتينا.
أحاول تفسير هذا الخراب..
الذي يتراكم شيئاً.. فشيئاً على شفتينا..
أحاول أن أتذكر عصر الكلام الجميل
وعصر المياه وعصر النخيل
أحاول ترميم حبك.. رغم اقتناعي
بأن التصاق الزجاج المكسر ضربٌ من المستحيل..
***
تجيئين .. أو لا تجيئين..
إن القضية لا تستحق الوقوف لديها طويلاً..
ولا تستحق الغضب..
لقد أصبح الماء مثل الخشب
لقد أصبح الماء مثل الخشب
وكل النساء اللواتي دخلن حياتي
أتين.. ورحن.. بغير سبب!!

إنهم يخطفون اللغة إنهم يخطفون القصيدة

1
لا أدري ماذا أكتب إليك؟
وفي زمن اللاحوار..
لا أعرف كيف أحاور يديك الجميلتين.
وفي زمن الحب البلاستيكي
لا أجد في كل لغات الدنيا
جملةً مفيده
أزين بها شعرك الطري..
كصوف الكشمير…
فالأشجار ترتدي الملابس المرقطة
والقمر..
يلبس خوذته كل ليلة
ويقوم بدورية الحراسة
خلف شبابيكنا..
2
مخفر بوليسٍ كبير
لكي نثبت:
أننا لا نقرب النساء..
ولا نتعاطى إلا العلف والماء..
ولا نعرف شيئاً عن زرقة البحر
وتوركواز السماء.
وأننا لا نقرأ الكتب المقدسة
وليس في بيوتنا
مكتبةٌ.. ولا دفاتر.. ولا أقلام رصاص
وأننا لا نزال
(أمواتاً عند ربهم يرزقون).
3
في هذا الزمن الذي باع كل أنبيائه
ليشتري مكيفاً للهواء
ليقتني جهاز فيديو..
وقصيدة الشعر.. بحذاء.
في هذا الزمن المدجج بموسيقى الجاز
وسراويل الجينز..
وشيكات (الأميركان إكسبرس).
في هذا الزمن الذي يعتبر سيلفستر ستالوني
أعظم من الإسكندر المقدوني..
ويصبح فيه مايكل جاكسون
أكثر شعبيةً من السيد المسيح..
أشعر بحاجةٍ للبكاء على كتفيك
قبل أن يفترسنا عصر الفورمايكا
وعصر تأجير الأرحام..
أشعر بحاجةٍ، يا حبيبتي،
لقراءة آخر قصيدة حبٍٍ، كتبتها
قبل أن تصبحي آخر النساء..
وأصبح أنا..
آخر حيوانٍ يقرض الشعر…
4
في زمن الميليشيات المثقفه..
والكتابات المفخخه..
والنقد المسلح..
في زمن الأيديولوجيات الكاتمة للصوت
والفتاوى الكاتمة للصوت
بسبب أنوثتها..
وخطف المرأة
بسبب شموخ نهديها..
وخطف اللغة
بسبب أسفارها الكثيرة إلى أوربا
وخطف الشاعر..
بسبب علاقاته المشبوهه
مع رامبو.. وفيرلين.. وبول ايلور.. ورينه شار
وغيرهم من الشعراء الصليبيين
في زمن المسدس الذي لا يقرأ.. ولا يكتب.
أقرأ في كتاب عينيك السوداوين
كما يقرأ المعتقل السياسي
كتاباً ممنوعاً عن الحريه..
وكما يفرح المسجون
بعلبة سجائرٍ مهربه…
5
في زمن هذا الإيدز الثقافي
الذي أكل نصف أصابعنا.. ونصف دفاترنا
ونصف ضمائرنا..
في زمن التلوث الذي لم يترك لنا غصناً أخضر
ولا حرفاً أخضر..
في زمن الكتبة الخارجين من رحم النفط
والبقية تأتي…
صار فيه (وو ستريت)
أهم من سوق عكاظ
وسلطان بن بروناي
أهم من أبي الطيب المتنبي..
كما تلتجئ الحمامة إلى برج كاتدرائيه
وكما تتخبأ غزالةٌ بين القصب
من بواريد الصيادين…
6
في عصر أدب الأنابيب..
والأدباء.. الذين تربيهم السلطة في الأنابيب.
في زمنٍ صار فيه الغزل بالكومبيوتر..
واللواط الفكري بالكومبيوتر..
وهز الأرداف.. بالكومبيوتر..
وهز الأقلام.. بالكومبيوتر..
في هذا الزمن الذي تساوت فيه تسعيرة الكاتب
وتسعيرة المومس…
حيث السباحة لا تزال ممكنه..
7
في زمنٍ يخاف فيه القلم من الكلام مع الورقه.
ويخاف فيه الرضيع من الاقتراب من ثدي أمه..
ويخاف فيه الليل أن يمشي وحده في الشارع
وتخاف فيه الوردة من رائحتها..
والنهدان من حلمتيهما..
والكتب من عناوينها..
في زمنٍ.. لا فضل فيه لعربيٍ على عربي
إلا بالقدرة على الخوف..
والقدرة عل البكاء..
أنادي عليك..
والتي كتبتها على دفترٍ مدرسيٍ صغير
حتى لا يسقط بين أنياب المتوحشين…
8
في زمنٍ..
سافر فيه الله.. دون أن يترك عنوانه.
أتوسل إليك..
أن تظلي معي.
حتى تظل السنابل بخير
والجداول بخير…
والحرية بخير…
وجمهورية الحب.. رافعةً أعلامها…
بكل الكلمات التي أحفظها من زمن الطفوله
والتي كتبتها على دفترٍ مدرسيٍ صغير
طمرته في حديقة البيت..
حتى لا يسقط بين أنياب المتوحشين…
8
في زمنٍ..
سافر فيه الله.. دون أن يترك عنوانه.
أتوسل إليك..
أن تظلي معي.
حتى تظل السنابل بخير
والجداول بخير…
والحرية بخير…
وجمهورية الحب.. رافعةً أعلامها…

إنها تثلج نساء

1
إنها تثلج نساءً..
أنزع معطف المطر الذي أرتديه،
وأقفل مظلتي،
وأتركهن يتساقطن على جسدي
واحدةً .. واحده
ثماراً من النار
وعصافير من الذهب.
إنها تثلج نساءً..
أفتح جميع أزرار قميصي
وأتركهن يتزحلقن على هضابي
ويغتسلن بمياهي
ويرقصن في غاباتي
وينمن في آخر الليل كالطيور فوق أشجاري..
3
أخرج كالطفل إلى الحديقه
وأتركهن يكرجن كاللآليء على جبيني
إمرأةً .. إمرأه
ولؤلؤةً .. لؤلؤه..
أحملهن كالثلج على راحة يدي
وأخاف عليهن أن يذبن كالثلج بين أصابعي
من حرارة العشق.
4
إنها تثلج نساءً..
البوادي تخرج .. والحواضر تخرج
الأغنياء يخرجون .. والفقراء يخرجون
واحدٌ يحمل بارودة صيد
وواحدٌ يحمل صنارة سمك
وواحدٌ يحمل بطحة عرق
وواحدٌ يحمل مخدةً وسريرا..
5
إنها تثلج نساءً..
والوطن كله مستنفرٌ للهجوم على اللون الأبيض
وواحدٌ يريد أن يتزوج الثلج..
وواحدٌ يريد أن يأكله..
وواحدٌ يريد أن يأخذه لبيت الطاعه..
وواحدٌ يسحب دفتر شيكاته من جيبه
ليشتري أي نهدٍ أشقر يسقط من السماء
كي يجعله ديكوراً في حجرة نومه….
6
يسمع الثلج قرع الطبول ، وخشخشة السلاسل
ويرى بريق الخناجر ، والتماع الأنياب
يخاف الثلج على عذريته..
ويقرر أن يسقط في بلادٍ أخرى…
يسمع الثلج قرع الطبول ، وخشخشة السلاسل
ويرى بريق الخناجر ، والتماع الأنياب
يخاف الثلج على عذريته..
فيحزم حقيبته،
ويقرر أن يسقط في بلادٍ أخرى…

استراتيجية

القتال معك.. بين الحين والحين
والإشتباك مع نهديك
بالسلاح الأبيض…
ضرورةٌ ستراتيجية..
حتى تظل شرايين الحب مفتوحة
وحتى لا يصاب القلب
بجلطةٍ عاطفية….

اسمها

هناك .. بعض أحرف
تصحبني كمصحفي
أهذه جنينةٌ؟
تورق تحت معطفي
ففي الضحى .. وفي الدجى
وفي الأصابيح.. وفي..
ما صيحة العصفور .. ما
تنهدات المعزف ..
يا سحبةً من نغمٍ
تومض ثم تختفي
يمر ، نيساناً ، على
شوقي .. على تلهفي
ويلتوي سلك حريرٍ
بارع التعطف
ينقلني من رفرفٍ
مخضوضرٍ .. لرفرف ..
أنا الذي يعوم في
جرح هوىً لم ينشف
***
إسمك .. لا .. عفوك
أنت فوق أن تعرفي ..

أرسم الوطن

كأس 1
عندما أشرب الكأس الأولى
أرسم الوطن دمعةً خضراء
وأقلع ثيابي..
وأستحم فيها…
كأس 2
عندما أشرب الكأس الثانيه
أرسم الوطن على شكل امرأةٍ جميله..
وأشنق نفسي بين نهديها…
كأس 3
عندما أشرب الكأس الثالثه
أرسم الوطن على شكل سجنٍ..
أقضي به عقوبة (الأشعار) الشاقة المؤبده..
كأس 4
عندما تفقد الزجاجة ذاكرتها
أرسم الوطن على شكل مشنقه
تتدلى منها قصائد في احتفالٍ مهيب
يحضره الباب العالي…
وكلبه السلوقي
ومستشاره السلوقي
ورئيس مصلحة دفن الموتى
ووزير التعليم العالي
ورئيس اتحاد الكتاب
ورئيس الكهنة.. وقاضي القضاة..
وجميع وزراء الدولة الذين عينوا بمراسيم مستعجله
ليقتلوا الشاعر.. ويمشوا في جنازته..