أثرت بنا من الشوق القديم

أثرتَ بنا مِنَ الشَّوقِ القديمِ وذِكرَى ذلكَ العيشِ الرَّخيمِ
وأيّامٍ كَسَوناها جَمَالاً وأرقَصنا لها فَلَكَ النَّعيمِ
مَلأناها بنا حُسناً فكانت بجِيدٍ الدَّهرِ كالعِقِدِ النَّظِيمِ
وفِتيانٍ مَساميحٍ عليهم جلابيبٌ منَ الذَّوقِ السَّليمِ
لهمْ شيمٌ ألذُّ من الأمانِي وأطربُ منْ معاطاة ِ النَّديمِ
كهمِّكَ في الخَلاعَة ِ والتَّصابِي وإنْ كانوا على خُلُقٍ عَظيمِ
ودعوتهم إلى أنسٍ فوافَوا موافاة َ الكريمِ إلَى الكريمِ
وَجَاءُوا كَالْقَطا وَرَدَتْ نَميراً عَلى ظمَإٍ وهَبُّوا كالنَّسِيمِ
وكانَ اللَّيْلُ يمرحُ في شبابٍ ويَلهُو بالمَجَرَّة ِ والنُّجُومِ
فواصَلنا كُؤوسَ الرّاحِ حتى بَدَتْ للعينِ أنوارُ الصَّريمِ
وأعملنَا بهَا رأيَابنِ هاني فألحِقْنا بأصحابِ الرَّقيمِ
وظَبْيٍ مِنْ بنِي مِصْرٍ غَرِيرٍ شَهِيَّ اللَّفظِ ذي خَدٍّ مَشيمِ
ولّحْظٍ بابليٍّ ذِي انكسارِ كأنَّ بطرفهِ سيما اليتيمِ
سقانَا في مُنادَمَة ٍ حديثاً نَسِينَا عِنْده بِنْتَ الكُرُومِ
سَلامُ اللهِ يا عَهدَ التَّصابي عليكَ وفِتيَة ِ العَهدِ القَديمِ
أحِنُّ لهم ودُونَهُمُ فَلاة ٌ كأنَّ فَسِيحَها صَدرُ الحَليمِ
كأنَ أديمَهَا أحشاءُ صَبٍّ قدْ التهبتْ مِنَ الوجْدِ الأليمِ
كَأنَّ سَرَابَها إِذْ لاَحَ فِيها خِداعٌ لاحَ في وجهِ اللَّئيمِ
تَضِلُّ بليلهِا لِهْبٌ فتَحْكِي بوادي التِّيهِ أقوامَ الكَليمِ
وتَمشي السّافياتُ بها حَيارَى إذا نُقِلَ الههجيرُ عن الجحيمِ
فمَن لي أنْ أرى تلك المَغاني ومافيها من الحُسنِ القَديمِ
فما حَظُّ ابنِ داوُدٍ كحَظِّي ولاَ أُوتيتُ مِنْ عِلْمِ العليمِ
ولا أنا مُطلَقٌ كالفِكرِ أسري فاستَبِقُ الضَّواحِكَ في الغُيُومِ
ولكنّي مُقَيَّدَة ٌ رِحَالِي بقَيدِ العُدمِ في وادي الهُمومِ
نَزَحتُ عن الدّيارِ أرُوَّمُ رِزقي وأضرِبُ في المهامِة ِ والتُّخُومِ
وما غادَرتُ في السُودان قَفراً ولم أصبُغ بتُربَتِه أديمي
وهأَنا بين أنيابِ المَنايا وتحت بَراثِنِ الخَطبِ الجَسيمِ
ولولاَ سَوْرَة ٌ للمجدِ عِندي قَنِعْتُ بعيشتِي قَنَعَ الظَّليمِ
أيابْنَ الأكرَمين أباً وجَدّاً ويا بنَ عُضادَة ِ الدِّنِ القَويمِ
أقامَ لدِيننَا أَهلُوكَ رُكْناً له نَسَبٌ إلى رُكنِ الحَطيمِ
فما طافَ العُفاة ُ به وعادُوا بغيرِ العسجدية ِ واللطِيمِ
أتَيْتُكَ والخُطُوبُ تُزِفُّ رَحلِي ولي حالٌ أرقُّ مِنَ السَّديمِ
وقدْ أصْبَحْتُ مِنْ سَعْيِ وكَدحِي على الأرزاقِ كالثَّوبِ الرَّديمِ
فلاَ تُخْلقْ-فُدِيتَ-أديمَ وجَهِي ولا تَقطَعْ مُواصَلَة َ الحَميمِ

أخي والله قد ملىء الوطاب

أخي واللهِ قد مُلِىء الوِطابُ وداخَلَنِي بصُحبتِكَ ارتيابُ
رَجَوتُكَ مَرّة ً وعَتَبتُ أُخرى فلاَ أجْدَى الرَّجاءُ ولا العِتابُ
نَبَذْتَ مَوَدّتي فاهْنَأْ ببُعدي فآخِرُ عَهدِنَا هذَا الكتابُ

سور عندي له مكتوبة

سُوَرٌ عِندِي لهُ مكتوبَة ٌ ودَّ لوْ يسرِي بهَا الرُّوحُ الأَمينْ
إنّني لا آمَنُ الرُّسلَ ولا آمَنُ الكُتْبَ علَى ما تَحْتَوِينْ
مُستَهينٌ بالذي كابَدْتُهُ وهو لا يدري بماذا يَستَهينْ
أنا في هَمٍّ ويَأْسٍ وأسى ً حاضِرُ اللَّوعَة ِ مَوصُولُ الأنينْ

يا سيدي وإمامي

يا سَيِّدي وإِمامي وياأديبَ الزَّمانِ
قد عاقنِي سُوءُ حظِّي عنْ حفلة ِ المهرجانِ
وكنتُ أوّلَ ساعٍ إلَى رِحابِ ابنِ هاني
لكنْ مرضتُ لنحْسِي في يومِ ذاكَ القرانِ
وقد كفاني عِقاباً ماكانَ من حِرماني
حُرِمتُ رُؤْيَة َ شوقي ولَثمَ تلكَ البَنانِ
فاصفحْ فأنتَ خليقٌ بالصَّفحِ عن كلِّ جاني
وعِشْ لعرشِ المعانِي و دُمْ لتاجِ البيانِ
إنْ فَاتَني أنْ أُوَفِّي بالأّمسِ حقَّ التَّهانِي
فاقبلهُ منِّي قضاءً وكُن كَريمَ الجَنانِ
واللهُ يَقبَلُ مِنَّا الصَّـ صَّلاة َ بعدَ الأوانِ

لي ولد سميته حافظا

لي وَلَدٌ سَمَّيْتُهُ حافِظاً تَيَمُّناً بحافِظِ الشَّاعِرِ
كحافظِ ابراهيمَ لكنّه أجمَلُ خَلقاً منه في الظَّاهِرِ
فلَعنَة ُ اللهِ على حافِظٍ إنْ لم يَكُنْ بالشّاعِرِ الماهِرِ
لَعَلَّ أرضَ الشامِ تُزهى به على بلادِ الأدَبِ الزّاهِرِ
على بلادِ النِّيلِ تلك التي تاهت باصحابِ الذكَا النادرِ
شوقيومطرانَوصبرِي ومنْ سَمَّبتُه في مَطلَعي الباهِرِ
يُنسِي اباهُ حِكمة َ الناثرِ
شِعرٌ نظمناهُ ولولاَ الذي رُزِقتُه ما مرَّ بالخاطرِ
وابدَأْ بهَجْوِ الوالِدِ الآمِرِ
فالذَّنبُ ذَنبي وأنا المُعتَدى هلْ يسلمُ الشَّاعرُ منْ شاعرِ

يارئيس الشعر قل لي

يارَئيسَ الشِّعرِ قُل لي مَا الذّي يَقْضِي الرَّئِيسُ
أَنْتَ فيْ الجِيزَة ِ خَافٍ مِثْلَما تَخْفَى الشُّمُوسُ
قابعٌ في كِسرِ بَيتٍ قَدْ أَظَلَّتْه الغُرُوسُ
زاهِدٌ في كلِّ شَيءٍ مُطرِقٌ ساهٍ عَبُوسُ
أين شعرٌ منكَ نَضرٌ فَلَنَا فيه مَسِيسُ
وحَدِيثٌ منكَ حُلْوٌ يتَشَهّاه الجُلُوسُ
وفُكاهاتٌ عِذابٌ تَتَمَنّاها النُّفُوسُ
قد جَفَوتَ الشِّعر حتى حَدَّثَت عنك الطُّرُوسُ
وهَجَرْتَ الناسَ حتّى ساءَلُوا أين الأنيسُ