| أَتى نبيَّ الله يوماً ثعلبُ | فقال: يا مولايَ، إني مذنبْ | 
| قد سوَّدتْ صحيفتي الذنوبُ | وإن وجدْتُ شافعاً أَتوب | 
| فاسألْ إلهي عفوهُ الجليلا | لتائبٍ قد جاءهُ ذليلا | 
| وإنني وإن أسأتُ السيرا | عملتُ شرَّا، وعملتُ خيرا | 
| فقد أتاني ذاتَ يومٍ أرنبُ | يرتَعُ تحتَ منزلي ويَلعَبُ | 
| ولم يكن مراقِبٌ هُنالكا | لكنَّني تَركتُهُ معْ ذلكا | 
| إذ عفتُ في افتراسهِ الدناءهْ | فلم يصلهُ من يدي مساءهْ | 
| وكان في المجلس ذاكَ الأرنبُ | يسمعُ ما يبدي هناكَ الثعلبُ | 
| فقال لمَّا انقطعَ الحديثُ: | قد كان ذاكَ الزهدُ يا خبيث | 
| وأنت بينَ الموتِ والحياة ِ | من تُخمة ٍ أَلقتْك في الفلاة ِ! | 
امير الشعراء
هو لقب للشاعر الكبير أحمد شوقي وهو شاعر مصري من شعراء العصر الحديث.
قد حَمَلَتْ إحدى نِسا الأَرانِبِ
| قد حَمَلَتْ إحدى نِسا الأَرانِبِ | وحلَّ يومُ وضعها في المركبِ | 
| فقلقَ الرُّكابُ من بكائها | وبينما الفتاة ُ في عَنائها | 
| جاءت عجوزٌ من بناتِ عرسٍ | تقولُ: أَفدِي جارَتي بنفسي | 
| أنا التي أرجى لهذي الغايهْ | لأَنني كنتُ قديماً دَأيَهْ | 
| فقالتِ الأَرنبُ: لا يا جارَه | فإن بعدَ الألفة ِ الزياره | 
| ما لي وثوقٌ ببناتِ عرسِ | إني أريدُ داية ً من جنسي! | 
سَقط الحِمارُ منَ السَّفينة ِ في الدُّجَى
| سَقط الحِمارُ منَ السَّفينة ِ في الدُّجَى | فبكى الرِّفاقُ لِفَقدِهِ، وتَرَحَّمُوا | 
| حتى إذا طلعَ النهارُ أتت به | نحوَ السفينة ِ موجة ٌ تتقدمُ | 
| قالتْ: خذوهُ كما أتاني سالماً | لم أبتلعهُ، لأنه لا يهضمُ! | 
إنفعْ بِما أُعطِيتَ من قدرَة ٍ
| إنفعْ بِما أُعطِيتَ من قدرَة ٍ | واشفع لذي الذنبِ لَدَى المجمعِ | 
| إذ كيفَ تسمو للعلا يا فتى | إن أنتَ لم تنفع ولم تشفعِ؟ | 
| عندي لهذا نبأ صادقٌ | يُعجِبُ أَهلَ الفضل فاسمع، وعِ | 
| قالوا: استَوى الليثُ على عرشِهِ | فجِيءَ في المجلِسِ بالضِّفدَعِ | 
| وقيل للسُّلطانِ: هذِي التي | بالأمس آذتْ عاليَ المسمعِ | 
| تنقنقُ الدهرَ بلا علة ٍ | وتَدّعى في الماءِ ما تَدّعِي | 
| فانظر ـ إليك الأَمرُ ـ في ذنبِها | ومرْ نعلقها من الأربعِ | 
| فنهضَ الفيلُ وزيرُ العلا | وقال: يا ذا الشَّرَفِ الأَرفعِ | 
| لا خيْرَ في الملكِ وفي عِزِّهِ | إنْ ضاقَ جاهُ الليثِ بالضفدعِ | 
| فكتبَ الليثُ أماناً لها | وزاد أَنْ جاد بمُستنْقَعِ! | 
سعي الفتى في عيشه عباده
| سعْيُ الفَتى في عَيْشِهِ عِبادَة | وقائِدٌ يَهديهِ للسعادة | 
| لأَنّ بالسَّعي يقومُ الكوْنُ | والله للسَّاعِينَ نِعْمَ العَونُ | 
| فإن تشأ فهذه حكاية | تعدُّ في هذا المقامِ غاية | 
| كانت بأرضِ نملة ٌ تنبالهْ | لم تسلُ يوماً لذة َ البطالة | 
| واشتهرتْ في النمل بالتقشُّف | واتَّصفَتْ بالزُّهْدِ والتَّصَوُّفِ | 
| لكن يقومُ الليْلَ مَن يَقتاتُ | فالبطْنُ لا تَملؤُه الصلاة ُ | 
| والنملُ لا يَسعَى إليهِ الحبُّ | ونملتي شقَّ عليها الدأبُ | 
| فخرجَتْ إلى التِماسِ القوتِ | وجعلتْ تطوفُ بالبيوتِ | 
| تقولُ: هل من نَملة ٍ تَقِيَّهْ | تنعمُ بالقوتِ لذي الوليهْ | 
| لقد عَيِيتُ بالطِّوى المُبَرِّحِ | ومُنذ ليْلتيْن لم أُسَبِّحِ | 
| فصاحتِ الجاراتُ يا للعارِ | لم تتركِ النملة ُ للصرصارِ | 
| متى رضينا مثلَ هذي الحالِ | متى مددنا الكفَّ للسؤالِ | 
| ونحن في عين الوجودِ أمَّة | ذاتُ اشتِهارٍ بعُلوِّ الهمّة | 
| نحملُ ما لا يصبرُ الجمالُ | عن بعضِه لو أَنها نِمالُ | 
| أَلم يقلْ من قولُه الصوابُ | ما عِندنا لسائلٍ جَوابُ | 
| فامضي، فإنَّا يا عجوزَ الشُّومِ | نرى كمالَ الزهدِ أن تصومي | 
يمامة كانت بأعلى الشجرة
| يمامة ٌ كانت بأَعلى الشَّجرة | آمنة ً في عشِّها مستترة | 
| فأَقبلَ الصَّيّادُ ذات يَومِ | وحامَ حولَ الروضِ أيَّ حومِ | 
| فلم يجِدْ للطَّيْر فيه ظِلاَّ | وهمَّ بالرحيلِ حينَ مَلاَّ | 
| فبرزتْ من عشِّها الحمقاءُ | والحمقُ داءٌ ما له دواءُ | 
| تقولُ جهلا بالذي سيحدثُ | يا أيُّها الإنسانُ، عَمَّ تبحث | 
| فالتَفَتَ الصيادُ صوبَ الصوتِ | ونَحوهَ سدَّدَ سهْمَ الموتِ | 
| فسَقَطَت من عرشِها المَكينِ | ووقعت في قبضة ِ السكينِ | 
| تقول قولَ عارف محقق | مَلكْتُ نفْسِي لو مَلكْتُ مَنْطِقي |