لقد كِدتُ لَوْلا الحِلمُ تُدرِكُ حِفظتي | على الوَقَبَى يَوْماً مَقَالَةُ دَيْسَمِ |
وَنَهنَهتُ نفِسي عَن مُعاذٍ وَقد بَدَتْ | مَقاتلُ مَجْهُورِ الرّكِيّةِ مُسَلمِ |
وَلوْلا بَنُو هِنْدٍ لَنالَتْ عُقُوبَتي | قُدامَةَ أوْلى ذا الفَمِ المُتَثَلِّمِ |
ولَكِنّني اسْتَبْقَيْتُ أعَراضَ مازِنٍ | لأيّامِهَا مِنْ مُسْتَنِيرٍ وَمُظْلِمِ |
أُنَاسٌ بِثَغْرٍ مَا تَزَالُ رِمَاحُهُمْ | شَوَارِعَ مِنْ غَيرِ العَشيرَةِ في الدّمِ |
لَعَصّبْتُهُ مِمّا أقُولُ عِصَابَةً | طَوِيلاً أذاها مِنْ عِصَابَةِ قَيِّمِ |
عَلامَ بَنَتْ أُخْتُ اليَرَابيعِ بَيْتَهَا | عَليّ، وَقَالَتْ لي بِلَيْلٍ تَعَمَّمِ |
إذا أنَا لمْ أجْعَلْ مَكانَ لَبُونِهَا | لَبُوناً وَأفْقَأْ نَاظِرَ المُتَظَلِّمِ |
وَنَابُ اليَرَابيعِ التي حَنَّ سَقْبُهَا | إلى أُمّهِ مِنْ ضَيْعَةٍ عِندَ دَهشَمِ |
تَجاوَزْتُما أنْعامَ بَكرِ بنِ وائِلٍ | إلى لِقْحَتَيْ رَاعي نُعَيمِ بنِ دِرْهَمِ |
فَلَوْلا ابنُ مَسْعُودٍ سَعيدٌ رَمَيْتُهُ | بِنافِذَةٍ تَسْتَكْرِهُ الجِلدَ بِالدّمِ |
الفرزدق
الفرزدق هو همام بن غالب بن صعصعة التميمي البصري ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وغلظته, من شعراء العصر الأموي. ولد في بادية بني تميم و توفي في البصرة.
أمنزلتي مي سلام عليكما
أمَنْزِلَتَيْ مَيٍّ سَلامٌ عَلَيْكُمَا | عَلى النّأيِ وَالنّائي يَوَدُّ وينصَحُ |
وَدَوّيّةٍ لَوْ ذو الرّمَيْمَةِ رَامَها | وَصَيْدَحُ أوْدى ذو الرميمِ وَصَيْدَحُ |
قَطَعْتُ إلى مَعْرُوفِها مُنْكِرَاتِهَا | إذا خَبّ آلٌ دُونَهَا يُتَوَضّحُ |
أصبحت قد نزلت بحمزة حاجتي
أصْبَحَتُ قَدْ نَزَلَتْ بحَمزَةَ حَاجَتي | إنّ المُنَوَّهَ بِاسْمِهِ المَوْثُوقُ |
بِأبي عُمارَةَ خَيرِ مَنْ وَطىءَ الحَصَى | زَخَرَتْ لَهُ في الصّالِحينَ عُرُوقُ |
بَينَ الحَوارِيّ الأغَرّ وَهاشِمٍ | ثُمّ الخَلِيفَةُ بَعْدُ وَالصّدِّيقُ |
رأيت جريرا لم يضع عن حماره
رَأيْتُ جَرِيراً لمْ يَضَعْ عَنْ حِمارِهِ – عَلَيِهِ مِن الثّقلِ الّذي هوَ حامِلُهْ |
أتَى الشأمَ يَرْجُو أنْ يَبِيعَ حِمَارَهُ – وفَارِسَهُ، إذْ لمْ يَجِدْ مَن يُبادِلُهْ |
وَجَاء بَعِدَلَيْهِ اللّذَينِ هُمَا لَهُ – مِنَ اللّؤمِ كانَتْ أوْرَثَتْهُ أوَائِلُهُ |
أتَشْتُمُ قَوْماً أنْتَ تَزْعُمُ مِنْهُمُ – عَل مَطْعَمٍ من مَطعَمٍ أنتَ آكِلُهْ |
يَظَلَ بِأسْوَاقِ اليَمَامَةِ عَاجِزاً – إذا قال بَيْتاً بالطّعَامِ يُكَايِلُهْ |
ألَمْ تَرَ أنَّ اللّؤمَ حَلّتْ رِكَابُهُ – إلى الخَطَفَى، جاءتْ بذاكَ حَوَامِلُهْ |
أنَاخَ إلى بَيْتٍ عَطِيّةُ تَحْتَهُ – إلَيهِ ذُرَى اللّؤمِ استَقَرّتْ مسايلُهْ |
أظَنّ بِنَا زَوْجُ المَرَاغَةِ أنّهُ – مِنَ الفَقْرِ لاقِيهِ الخِزَالُ فَقاتِلُهْ |
وَقَدْ كان في الدّنْيا مَرَادٌ لقَعْبِهِ – وفي هَجَرٍ تَمْرٌ ثِقَالٌ جَلائِلُهْ |
وَكانَتْ تَميممٌ مُطْعِمِيهِ وَنَابِتاً – بِهْمّ رِيشُهُ حَتى تَوَازَى نَوَاصِلُهْ |
فأصْبَحَ في العَجْلانِ حَوّلَ رَحْلَهُ – إلى اللّؤمِ من قَيسِ بن عَيلان قابلُهْ |
عجبت لحادينا المقحم سيره
عَجِبْتُ لحادِينا المُقَحِّمِ سَيْرُهُ – بِنا مُزْحِفاتٍ مِنْ كَلالٍ وَظُلَّعا |
لِيُدْنِينَنا مِمّنْ إلَيْنَا لِقاؤهُ – حَبِيبٌ وَمِنْ دارٍ أرَدْنا لِتَجْمَعا |
وَلَوْ نَعْلَمُ العِلْمَ الّذِي من أمامِنا – لَكَرّ بِنا الحادي الرّكابَ فأسْرَعا |
لَقُلْتُ ارْجعَنْها إنّ لي من وَرَائِها – خَذُولَيْ صِوَارٍ بَينَ قُفٍّ وَأجْرَعا |
مِنَ العُوجِ أعْناقاً، عِقالٌ أبوهُما – تَكونانِ للعَيْنَينِ وَالقَلبِ مَقْنَعا |
نَوارُ لها يَوْمَانِ يَوْمٌ غَرِيرَةٌ – وَيَوْمٌ كغَرْثَى جِرْوُها قَدْ تَيَفَّعا |
يقولون زُرْ حَدْرَاءَ، والتُّرْبُ دونَها – وَكَيْفَ بِشَيْءٍ وَصْلُهُ قَدْ تَقطّعا |
وَلَستُ، وَإنْ عَزّت عَلَيّ، بِزَائِرٍ – تُرَاباً على مَرْسُومَةٍ قد تَضَعضَعا |
وَأهْوَنُ مَفْقُودٍ، إذا المَوْتُ نَالَهُ – على المَرْءِ مِنْ أصْحابهِ مَنْ تَقَنّعا |
يَقولُ ابنُ خِنزِيرٍ بكَيتَ، وَلمْ تكنْ – على امرَأةٍ عَيْني، إخالُ، لِتَدْمَعا |
وَأهْوَنُ رُزْءٍ لامْرِىءٍ غَيرِ عاجِزٍ – رَزيّةُ مُرْتَجّ الرّوَادِفِ أفْرَعا |
وَما ماتَ عِنْدَ ابنِ المَراغَةِ مِثْلُها – وَلا تَبِعَتْهُ ظاعِناً حَيْثُ دَعْدَعا |