| قَدْ عَلّمَ البَينُ مِنّا البَينَ أجْفانَا | تَدْمَى وألّفَ في ذا القَلبِ أحزانَا |
| أمّلْتُ ساعةَ ساروا كَشفَ مِعصَمِها | ليَلْبَثَ الحَيُّ دونَ السّيرِ حَيرانَا |
| ولوْ بَدَتْ لأتاهَتْهُمْ فَحَجّبَهَا | صَوْنٌ عُقُولَهُمُ من لحظِها صانَا |
| بالواخِداتِ وحاديها وبي قَمَرٌ | يَظَلُّ من وَخْدِها في الخِدرِ خَشيانَا |
| أمّا الثّيابُ فَتَعْرَى مِنْ مَحاسِنِهِ | إذا نَضاها ويَكسَى الحُسنَ عُرْيانَا |
| يَضُمّهُ المِسكُ ضَمَّ المُسْتَهامِ بهِ | حتى يَصيرَ على الأعكانِ أعكانَا |
| قد كنتُ أُشفِقُ من دَمعي على بصري | فاليَوْمَ كلُّ عزيزٍ بَعدَكمْ هَانَا |
| تُهدي البَوارِقُ أخلافَ المِياهِ لكُمْ | وللمُحِبّ مِنَ التّذكارِ نِيرانَا |
| إذا قَدِمْتُ على الأهوالِ شَيّعَني | قَلْبٌ إذا شِئْتُ أنْ أسلاكمُ خانَا |
| أبدو فيَسجُدُ مَنْ بالسّوءِ يذكُرُني | فَلا أُعاتِبُهُ صَفْحاً وإهْوَانَا |
| وهكَذا كُنتُ في أهْلي وفي وَطَني | إنّ النّفِيسَ غَريبٌ حَيثُمَا كَانَا |
| مُحَسَّدُ الفَضْلِ مكذوبٌ على أثَري | ألقَى الكَميَّ ويَلقاني إذا حَانَا |
| لا أشرَئِبّ إلى ما لم يَفُتْ طَمَعاً | ولا أبيتُ على ما فاتَ حَسرَانَا |
| ولا أُسَرّ بمَا غَيري الحَميدُ بهِ | ولَوْ حَمَلْتَ إليّ الدّهْرَ مَلآنَا |
| لا يَجْذِبَنّ رِكَابي نَحْوَهُ أحَدٌ | ما دُمتُ حَيّاً وما قَلقَلنَ كِيرانَا |
| لوِ استَطَعْتُ رَكبتُ النّاسَ كلّهمُ | إلى سَعيدِ بنِ عَبْدِالله بُعْرَانَا |
| فالعِيسُ أعْقَلُ مِنْ قَوْمٍ رَأيْتُهُمُ | عَمّا يَراهُ منَ الإحسانِ عُمْيانَا |
| ذاكَ الجَوادُ وإنْ قَلّ الجَوادُ لَهُ | ذاكَ الشّجاعُ وإنْ لم يرْضَ أقرانَا |
| ذاكَ المُعِدّ الذي تَقْنُو يَداهُ لَنَا | فَلَوْ أُصِيبَ بشيءٍ منهُ عَزّانَا |
| خَفّ الزّمانُ على أطْرافِ أُنْمُلِهِ | حتى تُوُهِّمنَ للأزْمانِ أزْمانَا |
| يَلْقَى الوَغَى والقَنَا والنّازِلاتِ بهِ | والسّيفَ والضّيفَ رَحبَ البال جذلانَا |
| تَخالُهُ من ذكاءِ القَلْبِ مُحْتَمِياً | ومن تَكَرّمِهِ والبِشْرِ نَشْوانَا |
| وتَسْحَبُ الحِبَرَ القَيْناتُ رافِلَةً | من جُودِهِ وتَجُرّ الخَيلُ أرْسَانَا |
| يُعْطي المُبَشِّرَ بالقُصّادِ قَبْلَهُمُ | كَمَنْ يُبَشّرُهُ بالمَاءِ عَطْشانَا |
| جَزَتْ بني الحَسَنِ الحُسنى فإنّهُمُ | في قَوْمِهِمْ مثلُهُمْ في الغُرّ عَدْنانَا |
| ما شَيّدَ الله مِنْ مَجْدٍ لسالِفِهِمْ | إلاّ ونَحْنُ نَراهُ فيهِمِ الآنَا |
| إنْ كوتبوا أوْ لُقوا أو حورِبوا وُجدوا | في الخَطّ واللّفظِ والهَيجاءِ فُرْسانَا |
| كأنّ ألسُنَهُمْ في النّطقِ قد جُعلَتْ | على رِماحِهِمِ في الطّعنِ خِرْصانَا |
| كأنّهُمْ يَرِدونَ المَوْتَ مِنْ ظَمَإٍ | أو يَنْشَقُونَ منَ الخطّيّ رَيحَانَا |
| الكائِنِينَ لِمَنْ أبْغي عَداوَتَهُ | أعدَى العِدى ولمن آخيتُ إخوانَا |
| خَلائِقٌ لوْ حَواها الزِّنْجُ لانْقَلَبوا | ظُمْيَ الشّفاهِ جِعادَ الشَّعرِ غُرّانَا |
| وأنْفُسٌ يَلْمَعِيّاتٌ تُحِبّهُمُ | لها اضطِراراً ولَوْ أقْصَوْكَ شَنآنَا |
| ألواضِحينَ أُبُوّاتٍ وأجْبِنَةً | ووالداتٍ وألْباباً وأذْهانَا |
| يا صائِدَ الجَحْفَلِ المَرْهوبِ جانِبُهُ | إنّ اللّيوثَ تَصيدُ النّاسَ أُحْدانَا |
| وواهِباً، كلُّ وَقْتٍ وقْتُ نَائِلِهِ | وإنّما يَهَبُ الوُهّابُ أحْيَانَا |
| أنتَ الذي سَبَكَ الأموالَ مَكْرُمَةً | ثمّ اتّخَذْتَ لها السُّؤَّالَ خُزّانَا |
| عَلَيْكَ منكَ إذا أُخليتَ مُرْتَقِبٌ | لم تأتِ في السّرّ ما لم تأتِ إعْلانَا |
| لا أسْتَزيدُكَ فيما فيكَ من كَرَمٍ | أنا الذي نامَ إنْ نَبّهْتُ يَقْظَانَا |
| فإنّ مِثْلَكَ باهَيْتُ الكِرامَ بِهِ | ورَدّ سُخْطاً على الأيّامِ رِضْوانَا |
| وأنْتَ أبعَدُهُمْ ذِكراً وأكْبَرُهُمْ | قَدْراً وأرْفَعُهُمْ في المَجدِ بُنْيَانَا |
| قد شَرّفَ الله أرْضاً أنْتَ ساكِنُها | وشَرّفَ النّاسَ إذْ سَوّاكَ إنْسانَا |
زال النهار ونور منك يوهمنا
| زالَ النّهارُ ونورٌ مِنْكَ يُوهِمُنا | أنْ لم يزُل ولجِنْحِ اللّيلِ إجْنَانُ |
| فإنْ يكُنْ طَلَبُ البُسْتانِ يُمسِكُنا | فَرُحْ فكُلُّ مَكانٍ مِنْكَ بُسْتانُ |
ما أنا والخمر وبطيخة
| ما أنا والخَمرَ وبِطّيخَةً | سَوْداءَ في قِشرٍ منَ الخَيْزُرانْ |
| يَشغَلُني عَنها وعَنْ غَيْرِهَا | تَوْطينيَ النّفسَ ليَوْمِ الطِّعانْ |
| وكُلِّ نَجْلاءَ لهَا صائِكٌ | َخضِبُ ما بينَ يَدي والسِّنانْ |
صحب الناس قبلنا ذا الزمانا
| صَحِبَ النّاسُ قَبلَنا ذا الزّمَانَا | وَعَنَاهُمْ مِن شأنِهِ مَا عَنَانَا |
| وَتَوَلّوْا بِغُصّةٍ كُلّهُمْ مِنْــهُ | وَإنْ سَرّ بَعْضَهُمْ أحْيَانَا |
| رُبّمَا تُحسِنُ الصّنيعَ لَيَالِيــهِ | وَلَكِنْ تُكَدّرُ الإحْسَانَا |
| وَكَأنّا لم يَرْضَ فينَا برَيْبِ الــدّهْرِ | حتى أعَانَهُ مَنْ أعَانَا |
| كُلّمَا أنْبَتَ الزّمَانُ قَنَاةً | رَكّبَ المَرْءُ في القَنَاةِ سِنَانَا |
| وَمُرَادُ النّفُوسِ أصْغَرُ من أنْ | تَتَعَادَى فيهِ وَأنْ تَتَفَانَى |
| غَيرَ أنّ الفَتى يُلاقي المَنَايَا | كالِحَاتٍ وَلا يُلاقي الهَوَانَا |
| وَلَوَ أنّ الحَيَاةَ تَبْقَى لِحَيٍّ | لَعَدَدْنَا أضَلّنَا الشّجْعَانَا |
| وَإذا لم يَكُنْ مِنَ المَوْتِ بُدٌّ | فَمِنَ العَجْزِ أنْ تكُونَ جَبَانَا |
| كلّ ما لم يكُنْ من الصّعبِ في الأنــفُسِ | سَهْلٌ فيها إذا هوَ كانَا |
عدوك مذموم بكل لسان
| عَدُوُّكَ مَذْمُومٌ بِكُلّ لِسَانِ | وَلَوْ كانَ مِنْ أعدائِكَ القَمَرَانِ |
| وَلله سِرٌّ في عُلاكَ وَإنّمَا | كَلامُ العِدَى ضَرْبٌ منَ الهَذَيَانِ |
| أتَلْتَمِسُ الأعداءُ بَعدَ الذي رَأتْ | قِيَامَ دَليلٍ أوْ وُضُوحَ بَيَانِ |
| رَأتْ كلَّ مَنْ يَنْوِي لكَ الغدرَ يُبتلى | بغَدْرِ حَيَاةٍ أوْ بغَدْرِ زَمَانِ |
| برَغْمِ شَبيبٍ فَارَقَ السّيفُ كَفَّهُ | وَكانَا على العِلاّتِ يَصْطَحِبانِ |
| كأنّ رِقَابَ النّاسِ قالَتْ لسَيْفِهِ | رَفيقُكَ قَيْسِيٌّ وَأنْتَ يَمَانِ |
| فإنْ يَكُ إنْساناً مَضَى لسَبيلِهِ | فإنّ المَنَايَا غَايَةُ الحَيَوَانِ |
| وَمَا كانَ إلاّ النّارَ في كُلّ مَوْضعٍ | تُثِيرُ غُباراً في مكانِ دُخَانِ |
| فَنَالَ حَيَاةً يَشْتَهيها عَدُوُّهُ | وَمَوْتاً يُشَهّي المَوْتَ كلَّ جَبَانِ |
| نَفَى وَقْعَ أطْرَافِ الرّمَاحِ برُمْحِهِ | وَلم يَخْشَ وَقْعَ النّجمِ وَالدَّبَرَانِ |
| وَلم يَدْرِ أنّ المَوْتَ فَوْقَ شَوَاتِهِ | مُعَارَ جَنَاحٍ مُحسِنَ الطّيَرَانِ |
| وَقَدْ قَتَلَ الأقرانَ حتى قَتَلْتَهُ | بأضْعَفِ قِرْنٍ في أذَلّ مَكانِ |
| أتَتْهُ المَنَايَا في طَرِيقٍ خَفِيّةٍ | عَلى كلّ سَمْعٍ حَوْلَهُ وَعِيَانِ |
| وَلَوْ سَلَكَتْ طُرْقَ السّلاحِ لرَدّها | بطُولِ يَمِينٍ وَاتّسَاعِ جَنَانِ |
| تَقَصّدَهُ المِقْدارُ بَينَ صِحابِهِ | على ثِقَةٍ مِنْ دَهْرِهِ وَأمَانِ |
| وَهَلْ يَنفَعُ الجَيشُ الكَثيرُ الْتِفَافُهُ | على غَيرِ مَنصُورٍ وَغَيرِ مُعَانِ |
| وَدَى ما جَنى قَبلَ المَبيتِ بنَفْسِهِ | وَلم يَدِهِ بالجَامِلِ العَكَنَانِ |
| أتُمْسِكُ ما أوْلَيْتَهُ يَدُ عَاقِلٍ | وَتُمْسِكُ في كُفْرَانِهِ بِعِنَانِ |
| وَيَرْكَبُ ما أرْكَبْتَهُ مِنْ كَرَامَةٍ | وَيَرْكَبُ للعِصْيانِ ظَهرَ حِصانِ |
| ثَنى يَدَهُ الإحسانُ حتى كأنّهَا | وَقَدْ قُبِضَتْ كانَتْ بغَيرِ بَنَانِ |
| وَعِنْدَ مَنِ اليَوْمَ الوَفَاءُ لصَاحِبٍ | شَبيبٌ وَأوْفَى مَنْ تَرَى أخَوَانِ |
| قَضَى الله يا كافُورُ أنّكَ أوّلٌ | وَلَيسَ بقَاضٍ أنْ يُرَى لكَ ثَانِ |
| فَمَا لكَ تَخْتَارُ القِسِيَّ وَإنّمَا | عَنِ السّعْدِ يُرْمَى دونَكَ الثّقَلانِ |
| وَمَا لكَ تُعْنى بالأسِنّةِ وَالقَنَا | وَجَدُّكَ طَعّانٌ بِغَيرِ سِنَانِ |
| وَلِمْ تَحْمِلُ السّيفَ الطّوِيلَ نجادُه | وَأنْتَ غَنيٌّ عَنْهُ بالحَدَثَانِ |
| أرِدْ لي جَميلاً جُدْتَ أوْ لمْ تَجُدْ به | فإنّكَ ما أحبَبْتَ فيَّ أتَاني |
| لَوِ الفَلَكَ الدّوّارَ أبغَضْتَ سَعْيَهُ | لَعَوّقَهُ شَيْءٌ عَنِ الدّوَرَانِ |
لو كان ذا الآكل أزوادنا
| لَوْ كانَ ذا الآكِلُ أزْوَادَنَا | ضَيْفاً لأوْسَعْنَاهُ إحْسَانَا |
| لَكِنّنَا في العَينِ أضْيَافُهُ | يُوسِعُنَا زُوراً وَبُهْتَانَا |
| فَلَيْتَهُ خَلّى لَنَا طُرْقَنَا | أعَانَهُ الله وَإيّانَا |